الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَحْمُولةٌ على السَّلَامةِ، وإن وَقَعَ من بعضِهم فِعْلُ ما لا يجوزُ، لم يَحْرُمِ الأجْرُ المَأْخُوذُ منه، كما لو اكْتَرَى دارًا لِيَسْكُنَها، فشَرِبَ فيها خَمْرًا.
894 - مسألة؛ قال: (وَلَا يَتَصَرَّفُ مَالِكُ الْعَقَارِ فِيهِ إلَّا عِنْدَ تَقَضِّى المُدَّةِ)
وحملتُه أنَّ المُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ المَنافِعَ بالعَقْدِ، كما يَمْلِكُ المُشْتَرِى المَبِيعَ بالبَيْعِ، ويَزُولُ مِلْكُ المُؤْجِرِ عنها، كما يَزُولُ مِلْكُ البائِعِ عن المَبِيعِ، [فلا يجوزُ له التَّصَرُّفُ فيها؛ لأنَّها صارتْ مَمْلُوكةً لغيرِه، كما لا يَمْلِكُ البائِعُ التَّصَرُّفَ في المَبِيعِ](1)، فإنْ تَصَرَّفَ فيها نَظَرْنا؛ فإن كان ذلك في حالٍ بَدَا لِلْمُسْتَأْجِرِ (2) قبلَ تَقَضِّى المُدَّةِ مثل أن يَكْتَرِىَ دارًا سَنَةً فيَسْكُنُها شَهْرًا ويَتْرُكُها، فيَسْكُنُها المالِكُ بَقِيّةَ السَّنةِ، أو يُؤْجِرُها لغيرِه، احْتَمَلَ أن يَنْفَسِخَ العَقْدُ فيما اسْتَوْفاهُ المالِكُ؛ لأنَّه يَتَصَرَّفُ (3) فيه قبلَ قَبْضِ المُكْتَرِى له، فأَشْبهَ ما لو تَلِفَ المَكِيلُ قبلَ تَسْلِيمِه، وسَلَّمَ باقِيه. فعلى هذا، إن تَصَرَّفَ المالِكُ في بعضِ المُدّةِ دونَ بعضٍ، انْفَسَخَ العَقْدُ في قَدْرِ ما تَصَرَّفَ فيه دونَ ما لم يَتَصَرَّفْ فيه، ويكونُ على المُسْتَأْجِرِ ما بَقِىَ، فلو سَكَنَ المُسْتَأْجِرُ شَهْرًا، وتَرَكَها شَهْرًا، وسَكَنَ المالِكُ عَشرَةَ أشْهُرٍ، لَزِمَ المُسْتَأْجِرَ أجْرُ شَهْرَيْنِ. وإن سَكَنها شَهْرًا، وسَكَنَ المالِكُ شَهْرَيْنِ، ثم تَرَكَها، فعلى الَمُسْتَأْجِرِ أجْرُ عَشرَةِ أشْهُرٍ. ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَ المُسْتَأْجِرَ أجْرُ جَمِيعِ المُدّةِ، وله على المالِكِ أجْرُ المِثْلِ لِمَا سَكَنَ أو تَصَرَّفَ فيه بقِسْطِ (4) ذلك ممَّا على المُسْتَأْجِرِ من الأجْرِ، ويَلْزَمُه الباقِى؛ لأنَّه تَصَرَّفَ فيما مَلَكَه المُسْتَأْجِرُ عليه بغيرِ إذْنِه، فأشْبَهَ ما لو تَصَرَّفَ في المَبِيعِ بعدَ قَبْضِ المُشتَرِى له، وقَبْضُ الدّارِ ههُنا قامَ مَقَامَ قَبْضِ المنافِعِ، بِدَلِيلِ أنَّه يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ في المَنافِعِ بالسُّكْنَى والإِجَارَةِ وغيرِها. فعلَى هذا، لو كان أجْرُ المِثْلِ الواجِبُ على
(1) سقط من: ب.
(2)
في الأصل: "المستأجر".
(3)
في الأصل: "تصرف".
(4)
في الأصل: "يقسط".
المالِكِ بِقَدْرِ المُسَمَّى في العَقْدِ، لم يَجِبْ على المُسْتَأْجِرِ شيءٌ، وإن فَضَلَتْ منه فَضْلةٌ، لَزِمَ المالِكَ أداؤُها إلى المُسْتَأْجِرِ، والأَوَّلُ أَوْلَى، وهو ظاهِرُ مذهبِ الشافِعِىِّ، وإن تَصَرَّفَ المالِكُ قبل تَسْلِيمِ (5) العَيْنِ، أو امْتَنَعَ من تَسْلِيمِها حتى انْقَضَتْ مُدّةُ الإِجَارةِ، انْفَسَخَتِ الإِجَارَةُ، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّ العاقِدَ قد (6) أتْلَفَ المَعْقُودَ عليه قبلَ تَسْلِيمهِ، فانْفَسَخَ العَقْدُ، كما لو باعَهُ طَعامًا فأتْلَفَه قبلَ تَسْلِيمِه. وإن سَلَّمَها إليه في أثْناء المُدّةِ، انْفَسَخَتْ فيما مَضَى، ويَجِبُ أجْرُ الباقِى بالحِصَّةِ، كالمَبِيعِ إذا سَلَّمَ بعضَه وأتْلَفَ بعضًا.
895 -
مسألة؛ قال: (فَإنْ حَوَّلَهُ الْمَالِكُ قَبْلَ تَقَضِّى المُدّةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أجْرٌ (1) لِمَا سَكَنَ)
يَعْنِى إذا اسْتَأْجَرَ عَقَارًا مُدّةً، فسَكَنَه بعضَ المُدّةِ، ثم أخْرَجَهُ المالِكُ، ومَنَعَه تَمامَ السُّكْنَى، فلا شىءَ له من الأُجْرَةِ. وقال أكثرُ الفُقَهاءِ: له أجْرُ ما سَكَنَ؛ لأنَّه اسْتَوْفَى مِلْكَ غيره على سَبِيلِ المُعَاوَضةِ، فلَزِمَه عِوَضُه كالمَبِيعِ إذا اسْتَوْفَى بعضَه، ومَنَعَه المالِكُ بَقِيَّتَه، وكما (2) لو تَعَذَّرَ اسْتِيفاءُ الباقِى لأمْرٍ غالِبٍ. ولَنا، أنَّه لم يُسَلِّمْ إليه ما عَقَدَ الإِجارَةَ عليه، فلم يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، كما لو اسْتَأْجَرَه لِيَحْمِلَ له (3) كِتابًا [إلى مَوْضِعٍ](4)، فحَمَلَه بعضَ الطرَّيقِ، أو اسْتَأْجَرَه لِيَحْفِرَ له عِشْرِينَ ذِرَاعًا. فحَفَرَ له عَشْرًا، وامْتَنَعَ من حَفْرِ الباقِى. وقِياسُ الإِجَارةِ على الإِجَارَةِ أَوْلَى مِن قِيَاسِها على البَيْعِ. ويُفَارِقُ ما إذا امْتَنَعَ لأمْرٍ غالبٍ؛ لأنَّ له عُذْرًا. والحُكْمُ في مَن اكْتَرَى دَابّةً، فامْتَنَعَ المُكْرِى من
(5) في ب، م:"تسلم".
(6)
سقط من: الأصل.
(1)
في الأصل: "أجره".
(2)
في ب، م:"كما".
(3)
سقط من: ب، م.
(4)
سقط من: م.