الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الهِبَةِ والعَطِيَّةِ
(1)
931 - مسألة؛ قال: (وَلَا تَصِحُّ الهِبَةُ والصَّدَقَةُ فِيمَا يُكَالُ أوْ يُوزَنُ إلَّا بِقَبْضِهِ)
وجملةُ ذلك أنَّ الهِبَةَ والصَّدَقَةَ والهَدِيَّةَ والعَطِيَّةَ مَعَانِيها مُتَقَارِبَةٌ، وكلُّها تَمْلِيكٌ في الحَياةِ بغيرِ عِوَضٍ، واسْمُ العَطِيّةِ شامِلٌ لِجَمِيعِها، وكذلك الهِبَةُ. والصَّدَقَةُ والهَدِيَّةُ مُتَغَايِرَان؛ فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَأْكُلُ الهَدِيَّةَ، ولا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ (2). وقال في اللَّحْمِ الذي تُصُدِّقَ به على بَرِيرَة:"هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، ولَنَا هَدِيَّةٌ"(3). فالظاهِرُ أن من أعْطَى شَيْئًا [يَنْوِى به التَّقَرُّب](4) إلى اللَّه تَعالى لِلْمُحْتاجِ، فهو صَدَقَةٌ. ومن دَفَعَ
(1) لم يرد هذا العنوان في: الأصل.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب ما يذكر في الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الزكاة، وفى: باب قبول الهبة، من كتاب الهبة. صحيح البخاري 2/ 157، 3/ 203. ومسلم، في: باب قبول النبي الهدية ورده للصدقة، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم 2/ 756. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ومواليه، من كتاب أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى 3/ 157. والنسائي، في: باب الصدقة لا تحل للنبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 81. والإِمام أحمد، في: المسند 2/ 302، 305، 338، 406، 492، 3/ 490.
وانظر ما تقدم تخريجه في حاشية 4/ 115.
(3)
تقدم تخريجه في: 4/ 116.
(4)
في م: "يتقرب به".
إلى إنْسانٍ شيئًا لِلتَّقَرُّبِ إليه، والمَحَبَّةِ له، فهو هَدِيّةٌ. وجَمِيعُ ذلك مَنْدُوبٌ إليه، ومَحْثُوثٌ عليه (5)؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"تَهَادُوا تَحَابُّوا"(6). وأمَّا الصَّدَقَةُ، فما وَرَدَ في فَضْلِها أكْثَرُ من أن يُمْكِنَنا حَصْرُه، وقد قال اللهُ تعالى:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} (7). إذا ثَبَتَ هذا، فإن المَكِيلَ والمَوْزُونَ لا تَلْزَمُ فيه الصَّدَقَةُ والهِبَةُ إلَّا بالقَبْضِ. وهو قولُ أكْثَر الفُقَهاءِ منهم؛ النَّخَعِىُّ، والثَّوْرِىُّ، والحَسَنُ بن صالِحٍ، وأبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ. وقال مالِكٌ، وأبو ثَوْرٍ: يَلْزَمُ ذلك بمُجَرَّدِ العَقْدِ؛ لِعُمُومِ قوله عليه السلام: "الْعائِدُ فِي هِبَتِه، كَالْعائِدِ في قَيْئِهِ"(8). ولأنَّه إزَالةُ مِلْكٍ بغيرِ
(5) في م: "إليه".
(6)
أخرجه الإِمام مالك، في: باب ما جاء في المهاجرة، من كتاب حسن الخلق. الموطأ 2/ 908. والبيهقي، في: باب التحريض على الهبة والهدية. . .، من كتاب الهبات. السنن الكبرى 6/ 169.
(7)
سورة البقرة 271.
(8)
تقدم تخريجه في: 4/ 104، ويضاف إليه: وأخرجه البخاري، في: باب هل يشترى صدقته. . .، من كتاب الزكاة، وفى: باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، من كتاب الهبة، وفى: باب إذا حمل على فرس فرآها تباع، من كتاب الجهاد. صحيح البخاري 2/ 157، 3/ 215، 4/ 71. ومسلم، في: باب كراهة شراء الإِنسان ما تصدق به. . .، من كتاب الهبات. صحيح مسلم 3/ 1239. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة، من أبواب البيوع، وباب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة، من أبواب الولاء. عارضة الأحوذى 5/ 301، 8/ 293. والنسائي، في: باب شراء الصدقة، من كتاب الزكاة. المجتبى 5/ 82. وابن ماجه، في: باب الرجوع في الهبة، من كتاب الهبات. سنن ابن ماجه 2/ 797 والإِمام مالك، في: باب شراء الصدقة والعود فيها، من كتاب الزكاة. الموطأ 1/ 282.