الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّهْمِ السُّبُعَ كامِلًا، كأنَّه أَوْصَى له به (11) من غيرِ وَصِيَّةٍ أخرى، فيكونُ له سِتَّةٌ، ويَبْقَى تِسْعةٌ وعِشْرُونَ على سِتَّةٍ لا تَنْقَسِمُ، فنَضْرِبُها في اثْنَيْنِ وأربَعِينَ، تكونُ مائتَيْنِ واثْنَيْنِ وخَمْسِينَ.
فصل:
وإن أَوْصَى بِجُزْءٍ أو حظٍّ أو نَصِيبٍ أو شيءٍ من مالِه، أعْطاه الوَرَثةُ ما شَاءُوا. لا أعْلَمُ فيه خِلَافًا. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وغيرُهم؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ جُزْءٌ ونَصِيبٌ وحَظٌّ وشىءٌ. وكذلك إن قال: أعْطُوا فُلَانًا من مالِى، أو ارْزُقُوه. لأنَّ ذلك لا حَدَّ له في اللُّغةِ، ولا في الشَّرْعِ، فكان على إطْلَاقِه.
962 - مسألة؛ قال: (وَإذَا أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ، ولَمْ يُسَمِّه، كَانَ لَهُ مِثْلُ مَا لأَقَلِّهِم نَصِيبًا كَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أحَدِ وَرَثَتِهِ. وَهُمْ ابْنٌ وأرْبَعُ زَوْجاتٍ، فَتَكُونُ صَحِيحَةً مِنَ اثْنَيْنِ وثَلَاثِينَ سَهْمًا، لِلزَّوْجَاتِ الثُّمنُ، وَهُوَ أرْبَعةٌ، وَمَا بَقِىَ فلِلابْنِ، فَزِدْ في سِهَامِ الْفَريضَةِ مِثْلَ حَظِّ امْرَأةٍ مِنْ نِسَائِهِ، فَتَصِيرُ الْفَرِيضَةُ مِن ثَلَاثَةٍ وثَلَاثِينَ سَهْمًا، لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ، ولِكُلِّ امْرأةٍ سَهْمٌ، ومَا بَقِىَ فَلِلابْنِ)
وجملةُ ذلك أنَّه إذا أَوْصَى بمثْلِ نَصِيبِ أحَدِ وَرَثَتِه، غيرَ مُسَمًّى، فإن كان الوَرَثَةُ يَتَسَاوَوْنَ في المِيرَاثِ كالبَنِين، فله مثلُ نَصِيبِ أحَدِهِم، مُزَادًا على الفَرِيضَةِ، ويُجْعَلُ كواحِدٍ منهم زَادَ فيهم. وإن كانوا يَتَفاضَلُونَ، كمَسْأَلةِ الخِرَقِىِّ، فلَه مثلُ نَصِيبِ أقَلِّهِم مِيرَاثًا، يُزَادُ على فَرِيضَتِهِم. وإن أَوْصَى بِنَصِيبِ وارِثٍ مُعَيَّنٍ، فله مثلُ نَصِيبِه مُزَادًا على الفَرِيضةِ. هذا قول الجُمْهُورِ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ. وقال مالِكٌ، وابنُ أبي لَيْلَى، وزُفَرُ، ودَاوُدُ: يُعْطَى مثلَ نَصِيبِ المُعَيَّنِ، ومثلَ نَصِيبِ أحَدِهِم، إذا كانوا يَتَسَاوونَ من أصْلِ المالِ، غيرَ مَزِيدٍ، ويُقْسَمُ الباقِى بين الوَرَثةِ؛ لأنَّ نَصِيبَ
(11) سقط من: م.
الوارِثِ قبلَ الوَصيَّةِ من أصْلِ المالِ. فلو أَوْصَى بمثلِ نَصِيبِ ابْنِه، وله ابْنٌ واحدٌ، فالوَصِيَّةُ بجَمِيعِ المالِ. وإن كان له ابْنانِ، فالوَصِيّةُ بالنِّصْفِ. وإن كانوا ثَلَاثَةً، [فالوَصِيّةُ بالثُّلُثِ] (1). وقال مالِكٌ: إن كانوا يَتَفاضَلُونَ، نُظِرَ إلى [عَدَدِ رُءُوسِهم](2)، فأُعْطِىَ سَهْمًا من عَدَدِهِم؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ اعْتِبارُ أنْصِبَائِهِم لِتَفَاضُلِهِم، فاعْتُبِرَ عَدَدُ رُءُوسِهم. ولَنا، أنَّه جَعَلَ وارِثَه أصْلًا وقاعِدَةً، حَمَلَ عليه نَصِيبَ المُوصَى له، وجَعَلَه مثلًا له. وهذا يَقْتَضِى أن لا يُزَادَ أحَدُهُما على صاحِبِه. ومتى أُعْطِىَ من أصْلِ المالِ، فما أُعْطِىَ مثلَ نَصِيبِه، ولا حَصَلَتْ (3) التَّسْوِيةُ، والعِبارَةُ تَقْتَضِى التَّسْوِيَةَ. وإنَّما جَعَلَ له (4) مثلَ أقَلِّهِم نَصِيبًا؛ لأنَّه اليَقِينُ، وما زادَ فمَشْكُوكٌ فيه، فلا يَثْبُتُ مع الشّكِّ، وقوله:"يُعْطى سَهْمًا من عَدَدِهِم". خِلَافُ ما يَقْتَضِيه لَفْظُ المُوصِى؛ فإنَّ هذا ليس بِنَصِيبٍ لأحدِ وَرَثَتِه، ولَفْظُه إنَّما اقْتَضَى نَصِيبَ أحَدِهِم، وتَفَاضُلُهُم لا يَمْنَعُ كَوْنَ نَصِيبِ الأقَلِّ نَصِيبَ أحَدِهِم، فيَصْرِفُه إلى الوَصِىِّ، لقولِ المُوصِى، وعَمَلًا بمُقْتَضَى وَصِيّتِه. وذلك أَوْلَى من اخْتِرَاعِ شيءٍ لا يَقْتَضِيه قولُ المُوصِى أَصْلًا. وقوله: تَعَذَّرَ العَمَلُ بقولِ المُوصِى. غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّه أمْكَنَ العَمَلُ به بما قُلْناه، ثم لو تَعَذَّرَ العَمَلُ به، لَما جازَ أن يُوجِبَ في مالِه (5) حَقًّا لم يَأْذَنْ فيه ولم يَأْمُرْ به. وقد مَثَّلَ الخِرَقِىُّ في هذه المَسْأَلةِ بما أغْنَى عن تَمْثِيلِها. ولو قال: أَوْصَيْتُ بمِثْلِ نَصِيبِ أقَلِّهِم مِيرَاثًا. كان كما لو أطْلَقَ، وكان ذلك تَأْكِيدًا. وإن قال: أوْصَيْتُ بمثلِ نَصِيبِ أكْثَرِهِم مِيرَاثا. فله ذلك، مُضَافًا إلى المَسْألةِ، فيكونُ له في مَسْأَلةِ الخِرَقِىِّ ثمانِيَةٌ وعِشْرُونَ، تُضَمُّ إلى الفَرِيضَةِ، فيكونُ الجَمِيعُ سِتِّينَ سَهْمًا.
(1) في الأصل، أ:"فله الثلث".
(2)
في م: "عددهم".
(3)
في م زيادة: "له".
(4)
في الأصل: "لهم".
(5)
في م: "مال".