الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَسْلِيمِها في بعض المدّةِ، أو أجَرَ نَفْسَه أو عَبْدَه لِلخِدْمةِ مُدَّةً، وامْتَنَعَ من إتْمامِها، أو أجَرَ نَفْسَه لِبِنَاءِ حائِطٍ، أو خِيَاطةٍ، أو حَفْرِ بِئْرٍ، أو حَمْلِ شىءٍ إلى مكانٍ، وامْتَنَعَ من إتْمامِ العَمَلِ، كالحُكْمِ في العَقَارِ يَمْتَنِعُ من تَسْلِيمِه، وأنَّه لا يَسْتَحِقُ شَيْئًا؛ لما ذَكَرْنَا.
فصل:
إذا هَرَبَ الأجِيرُ، أو شَرَدَتِ الدّابّةُ، أو أخَذَ المُؤْجِرُ العَيْنَ وهَرَبَ بها، أو مَنَعَهُ اسْتِيفَاءَ المَنْفَعةِ منها من غيرِ هَرَبٍ، لم تَنْفَسِخ الإِجَارَةُ، لَكن يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الفَسْخِ؛ فإن فَسَخَ، فلا كلامَ، وإن لم يفْسَخْ، انْفَسَخَتِ الإِجَارَةُ (5) بمُضىِّ المُدّةِ يومًا فيومًا. فإن عادَتِ العَيْنُ في أثناء المُدّةِ، اسْتَوْفَى ما بَقِىَ منها. فإن انْقَضَتِ المُدّةُ، انْفَسَخَتِ الإِجَارةُ؛ لِفَوَاتِ المَعْقُودِ عليه. وإن كانتِ الإِجَارةُ على مَوْصُوفٍ في الذِّمّةِ، كخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، أو بِنَاءِ حائِطٍ، أو حَمْل إلى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، اسْتُؤْجِرَ من مالِه مَن يَعْمَلُه، كما لو أسْلَمَ إليه في شيءٍ فهَرَبَ، ابْتِيعَ من مالِه. فإنْ لم يُمْكِنْ، ثَبَتَ لِلمُسْتَأْجِرِ الفَسْخُ. فإن فَسَخَ، فلا كَلَامَ، وإن لم يَفْسَخْ، وصَبَرَ إلى أن يَقْدِرَ عليه، فله مُطَالَبَتُه بالعَمَلِ؛ لأنَّ ما في الذِّمّةِ لا يَفُوتُ بِهَرَبِه. وكلُّ مَوْضِعٍ امْتَنَعَ الأجِيرُ من العَمَلِ فيه، أو مَنَعَ المُؤْجِرُ المُسْتَأْجِرَ من الانْتِفاعِ، إذا كان بعدَ عَمَلِ البَعْضِ، فلا أجْرَ له فيه، على ما سَبَقَ، إلَّا أن يَرُدَّ العَيْنَ قبلَ انْقِضاءِ المُدّةِ، أو يُتِمَّ العَمَلَ إن لم يكُنْ على مُدَّةٍ قبلَ فَسْخِ المُسْتَأْجِرِ، فيكون له أجْرُ ما عَمِلَ. فأمَّا إن شَرَدَتِ الدّابةُ، أو تَعَذَّرَ اسْتِيفاءُ المَنْفَعةِ بغير فِعْلِ المُؤجِرِ، فلَه من الأجْرِ بِقَدْرِ ما اسْتَوْفَى بكلِّ حالٍ.
896 - مسألة؛ قال: (فإنْ جَاءَ أمْرٌ غَالِبٌ، يَحْجِزُ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ مَنْفَعَةِ ما وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، لَزِمَهُ مِنَ الْأَجْرِ بمِقْدَارِ مُدّةِ انتِفَاعِهِ)
[وجملتُه أنَّ من اسْتَأْجَرَ عَيْنًا مُدّةً، فحِيلَ بينه وبين الانْتِفاعِ بها، لم يَخْلُ من أقْسامٍ ثلاثةٍ:
أحدها، أن تَتْلَفَ العَيْنُ] (1)، كَدَابَّةٍ تَنْفُقُ، أو عَبْدٍ يَمُوتُ، فذلك على ثلاثةِ
(5) سقط من: الأصل، ب.
(1)
سقط من: الأصل.
أضْرُبٍ: أحدها، أن تَتْلَفَ قبلَ قَبْضِها، فإنَّ الإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ، بغيرِ خِلَافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه تَلِفَ قبلَ قَبْضِه، فأشْبَهَ ما لو تَلِفَ الطَّعَامُ المَبِيعُ قبلَ قَبْضِه. والثانى، أن تَتْلَفَ عَقِيبَ قَبْضِها، فإنَّ الإِجَارةَ تَنْفَسِخُ أيضًا، ويَسْقُطُ الأجْرُ في قولِ عامّةِ الفُقَهاءِ، إلَّا أبا ثَوْرٍ حُكِى عنه أنّه قال: يَسْتَقِرُّ الأجْرُ؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه تَلِفَ (2) بعدَ قَبْضِه، أشْبَهَ المَبِيعَ. وهذا غَلَطٌ؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه المنافِعُ، وقَبْضُها باسْتِيفَائِها، أو التَّمَكُّنِ من اسْتِيفَائِها، ولم يَحْصُلْ ذلك، فأشْبَهَ تَلَفَها قبلَ قَبْضِ العَيْنِ. الثالث، أن تَتْلَفَ بعدَ مُضِىِّ شيءٍ من المدَّةِ، فإنَّ الإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ فيما بَقِىَ من المُدَّةِ دونَ ما مَضَى، ويكونُ لِلْمُؤْجِرِ من الأجْرِ بِقَدْرِ ما اسْتَوْفَى من المَنْفَعةِ. قال أحمدُ، في روَايةِ إبراهيمَ بن الحارِثِ: إذا اكْتَرَى بَعِيرًا بِعَيْنِه، فنَفَقَ البَعِيرُ، يُعْطِيه بحِسَابِ ما رَكِبَ. وذلك لما ذَكَرْنا من أنَّ المَعقُودَ عليه المنافِعُ، وقد تَلِفَ بعضُها قبلَ قَبْضِه، فبَطَلَ العَقْدُ فيما تَلِفَ دونَ ما قُبِضَ، كما لو اشْتَرَى صُبْرَتَيْنِ، فقَبَضَ إحْداهُما، وتَلِفَتِ الأُخْرَى قبلَ قَبْضِها، ثم نَنْظُرُ؛ فإن كان أجْرُ المُدّةِ مُتَساوِيًا، فعليه بِقَدْرِ ما مَضَى، إن كان قد مَضَى النِّصْفُ، فعليه نِصْفُ الأجْرِ، وإن كان [قد مَضَى](3) الثُّلُثُ، فعليه الثُّلُثُ، كما يُقَسَّمُ الثَّمنُ على المَبِيعِ المُتَسَاوِى. وإن كان مُخْتَلِفًا، كدَارٍ أجْرُها في الشِّتَاءِ أكْثَرُ من أجْرِها (4) في الصَّيْفِ، وأرْضٍ أجْرُها في الصَّيْفِ أكْثَرُ من الشِّتاءِ، أو دارٍ لها مَوْسِمٌ كَدُورِ مَكَّةَ، رُجِعَ في تَقْوِيمِه إلى أهْلِ الخِبْرَةِ، ويُقَسَّطُ الأجْرُ المُسَمَّى على حَسَبِ قِيمَةِ المَنْفَعةِ، [كَقِسْمَةِ الثَّمَنِ](5) على الأعْيانِ المخْتَلِفَةِ في البَيْعِ (6). وكذلك لو كان الأجْرُ على قَطْعِ مَسَافةٍ، كبَعِيرٍ استَأْجَرَه على حَمْلِ شيءٍ إلى مكانٍ مُعَيَّنٍ، وكانت مُتَسَاوِيةَ الأجْزاءِ أو مُخْتَلِفةً. وهذا ظاهِرُ مذهبِ الشافِعِىِّ.
(2) في م: "أتلف".
(3)
سقط من: الأصل، ب.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في ب: "كقيمة الأثمان".
(6)
في الأصل: "المبيع".