الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّقدِيرِ أوْلَى. فإن قيل: الصَّحِيحُ من المذهبِ أنَّ مثلَ هذا لا يجوزُ في الإِجَارَةِ، فكيف أَجَزْتُمُوه في الجَعَالةِ؟ قُلْنَا: الفَرْقُ بينهما من وُجُوهٍ؛ أحَدها، أنَّ الجَعَالَةَ يَحْتَمِلُ فيها الغَرَرَ، وتجوزُ مع (6) جَهَالةِ العَمَلِ والمُدَّةٍ، بخِلَافِ الإِجَارَةِ. الثاني، أنَّ الجَعَالةَ عَقْدٌ جائِزٌ، فلا يَلْزَمُهُ بالدُّخُولِ فيها مع الغَرَرِ ضَرَرٌ، بخِلَافِ الإِجَارَةِ، فإنَّها عَقْدٌ لازِمٌ، فإذا دَخَلَ فيها مع الغَرَرِ، لَزِمَهُ ذلك. الثالث، أنَّ الإِجَارَةَ إذا قُدِّرَتْ بمُدّةٍ، لَزِمَه العَمَلُ في جَمِيعِها، ولا يَلْزَمُه العَمَلُ بعدَها، فإذا جَمَعَ بين تَقْدِير المُدَّةِ والعَمَلِ، فربَّما عَمِلَه قبلَ المُدَّةِ، فإن قُلْنا: يَلْزَمُه العَمَلُ في بَقِيَّةِ المُدّةِ. فقد لَزِمَهُ من العَمَلِ أَكْثَرُ من المَعْقُودِ عليه. وإن قُلْنا: لا يَلْزَمُه. فقد خَلَا بعضُ المُدّةِ من العَمَلِ، وإِنْ انْقَضَتِ المُدّةُ قبل عَمَلِه، فأَلْزَمْناه إتْمامَ العَمَلِ، فقد لَزِمَه العَمَلُ في غيرِ المُدّةِ المَعْقُودِ عليها، وإن قُلْنَا: لا يَلْزَمُه العَمَلُ. فما أَتَى بالمَعْقُودِ عليه [من العَمَلِ](7)، بخِلَافِ مَسْأَلَتِنا، فإنَّ العَمَلَ الذي يَسْتَحِقُّ به الجُعَل هو عَمَلٌ مُقَيَّدٌ بمُدَّةٍ، إن أتَى به فيها اسْتَحَقَّ الجُعْلَ، ولا (8) يَلْزَمُه شيءٌ آخَرُ، وإن لم يَفِ به فيها، فلا شيءَ له. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّما يَسْتَحِقُّ الجُعْلَ مَن عَمِلَ العَمَلَ بعدَ أن بَلَغَه ذلك، لأنَّه عِوَضٌ يُسْتَحَقُّ بعَمَلٍ، فلا يَسْتَحِقُّه مَنْ لم يَعْمَلْ، كالأجُرِ في الإِجَارَةِ.
فصل:
ويَجُوزُ أن يَجْعَلَ الجُعْلَ في الجَعَالَةِ لواحدٍ بعَينِهِ، فيقولَ له: إن رَدّدْتَ عَبْدِى فلك دِينَارٌ. فلا يَستَحِقُّ الجُعْلَ من يَرُدُّه (9) سواهُ. ويجوزُ أن يَجْعَلَه لغيرِ مُعَيَّنٍ، فيقولَ: من رَدَّ عَبْدِي فله دِينارٌ. فمن رَدَّه اسْتَحَقَّ الجُعْلَ. ويجوزُ أن يَجْعَلَ لواحدٍ في رَدِّه شيئًا مَعْلُومًا، ولآخَرَ أَكْثَرَ منه أو أَقَلَّ. ويجوزُ أن يُجعَلَ لِلْمُعَيَّنِ (10) عِوَضًا، ولسائِر النَّاس عِوَضًا آخَرَ؛ لأنَّه يجوزُ أن يكونَ الأَجْرُ في الإِجَارَةٍ مُخْتَلِفًا مع
(6) سقط من: م.
(7)
سقط من: الأصل.
(8)
في الأصل: "ولم".
(9)
في الأصل: "رده".
(10)
في م: "للمتعين".