الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا بالإِجَازَةِ من الوَرَثةِ. وإن أوْصَى أحَدُهُما للآخَرِ، ثم طَلَّقَها، جازَتِ الوَصِيَّةُ، لأنَّه صارَ غيرَ وارِثٍ، إلَّا أنَّه إن طَلَّقَها في مَرَضِ مَوْتِه، فقِيَاسُ المَذْهَبِ أنَّها لا تُعْطَى أكْثَرَ من مِيرَاثِها؛ لأنَّه يُتَّهَمُ في أنَّه طَلَّقَها لِيُوصِلَ إليها مالَه بالوَصِيَّةِ، فلم يُنَفَّذْ لها ذلك، كما لو طَلَّقَها في مَرَضِ مَوْتِه أو أوْصَى لها بأكْثَرَ ممَّا كانت تَرِثُ.
فصل:
وإن أعْتَقَ أمَتَه في صِحَّتِه، ثم تَزَوَّجَها في مَرَضِه، صَحَّ، ووَرِثَتْه بغيرِ خِلَافٍ نَعْلَمُه. وإن أعْتَقَها في مَرَضِه، ثم تَزَوَّجَها، وكانت تَخْرُجُ من ثُلُثِه، فنَقَلَ المَرُّوذِىُّ عن أحمدَ، أنَّها تَعْتِقُ وتَرِثُ. وهذا اخْتِيارُ أصْحابِنا. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّها امْرأةٌ نِكَاحُها صَحِيحٌ، ولم يُوجَدْ في حَقِّها مانِعٌ من موانِعِ الإِرْثِ، وهى الرِّقُّ والقَتْلُ واخْتِلَافُ الدِّينِ، فتَرِثُ، كما لو كان أعْتَقَها في صِحَّتِه (3). وقال الشافِعِىُّ: تَعْتِقُ ولا تَرِثُ؛ لأنَّها لو وَرِثَتْ لَكان إعْتَاقُها وَصِيَّةً لِوَارِثٍ، فيُؤَدِّى تَوْرِيثُها إلى إسْقاطِ تَوْرِيثِها؛ لأنَّ ذلك يَقْتَضِى إبْطالَ عِتْقِها، فيَبْطُلُ نِكَاحُها ثم يَبْطُلُ إرْثُها، فكان إبْطَالُ الإِرْثِ وحدَه وتَصْحِيحُ العَتْقِ والنِّكَاحِ أَوْلَى.
فصل: وإن أعْتَقَ أمَةً لا يَمْلِكُ غيرَها، ثم تَزَوَّجَها، فالنِّكَاحُ صَحِيحٌّ في الظاهِرِ. فإن ماتَ، ولم يَمْلِكْ شَيْئًا آخَرَ، تَبَيَّنَ أنَّ نِكَاحَها باطِلٌ، ويَسْقُطُ مَهْرُهَا إن كان لم يَدْخُلْ بها. وهذا قولُ أبى حنيفَةَ، والشَّافِعِىِّ. ويَعْتِقُ منها ثُلُثُها، ويَرِقُّ ثُلُثَاها. فإن كان قد دَخَلَ بها ومَهْرُها نِصْفُ قِيمَتِها، عَتَقَ منها ثَلَاثَةُ أسْباعِها، ويَرِقُّ أرْبَعةُ أسْباعِها. وحِسَابُ ذلك أن تقول: عَتَقَ منها شيءٌ، ولها بِصَدَاقِها نِصْفُ شيءٍ، ولِلوَرَثةِ شَيْئانِ، فيُجْمَعُ ذلك فيكونُ ثَلَاثَةَ أشْياءٍ ونِصْفًا، نَبْسُطُها فتكونُ سَبْعَةً، لها منها ثَلَاثَةٌ، ولهم أرْبَعَةٌ، ولا شىءَ للمَيِّتِ سِوَاها، فنَجْعَلُ لِنَفْسِها منها ثَلَاثَةَ أسْباعِها يكون حُرًّا والباقى لِلوَرَثةِ. وإن أحَبَّ الوَرَثةُ أن يَدْفَعُوا إليها حِصَّتَها من مَهْرِها، وهو سُبْعَاه، ويُعْتَقُ منها سُبْعَاها
(3) في م: "صحتها".
ويَسْتَرِقُّوا خَمْسَةَ أسْباعِها، فلهم ذلك. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. وقال أبو حنيفةَ: يُحسَبُ مَهْرُها من قِيمَتِها، ولها ثُلُثُ الباقِى، وتَسْعَى فيما بَقِىَ وهو ثُلُثُ قِيمَتِها. فإن كان يَمْلِكُ مع الجارِيَةِ قَدْرَ نِصْفِ قِيمَتِها، ولم يَدْخُلْ بها، عَتَقَ منها نِصْفُها، ورَقَّ نِصْفُها؛ لأنَّ نِصْفَها هو ثُلُثُ المالِ، وإن دَخَلَ بها، عَتَقَ منها ثَلاثَةُ أسْباعِها، ولها ثَلَاثَةُ أسْباعِ مَهْرِها، وإنَّما قلَّ العِتْقُ فيها لأنَّها لمّا أخَذَتْ ثَلَاثةَ أسْباعِ مَهْرِها، نَقَصَ المالُ به، فيَعْتِقُ منها ثُلُثُ الباقِى، وهو ثَلَاثَةُ أسْباعِها. وحِسَابُها أن تقولَ: عَتَقَ منها شيءٌ، ولها بمَهْرِها نِصْفُ شيءٍ، وللوَرَثةِ شَيْئانِ، يَعْدِلُ ذلك الجارِيَةَ ونِصْفَ قِيمَتِها، فالشىءُ سُبْعاها وسُبْعَا نِصْفِ قِيمَتِها وهو ثَلَاثةُ أسْباعِه، فهو الذي عَتَقَ منها، وتَأْخُذُ نِصْفَ ذلك من المالِ بمَهرِها، وهو ثَلَاثةُ أسباعِه. فإن كان يَمْلِكُ معها مثلَ قِيمَتِها، ولم يَدْخُلْ بها، عَتَقَ ثُلُثَاها، ورَقَّ ثُلُثُها، وبَطَلَ نِكَاحُها. وإن كان دَخَلَ بها عَتَقَ أرْبَعةُ أسْباعِها، ولها أرْبَعةُ أسْباعِ مَهْرِها، ويَبْقَى لِلوَرَثةِ ثَلاثَةُ أسْباعِها وخَمْسَةُ أسْباعِ قِيمَتِها، وذلك يَعْدِلُ مِثْلَى ما عَتَقَ منها. وحِسَابُها أن تَجْعَلَ السَّبْعَةَ الأشْياءَ مُعَادِلَةً لها ولِقِيمَتِها، فيَعْتِقَ منها بِقَدْرِ سُبْعَىِ الجَمِيعِ، وهو أرْبَعةُ أسْباعِها، وتَسْتَحِقُّ سُبْعَ الجَمِيعِ بمَهْرِها، وهو أرْبَعةُ أسْباعِ مَهْرِها. وإن كان يَمْلِكُ معها مِثْلَىْ قِيمَتِها، عَتَقَتْ كلها، وَصحَّ نِكَاحُها؛ لأنَّها تَخْرُجُ من الثُّلُثِ إن أسْقَطَتْ مَهْرَها، وإن أبَتْ أن تُسْقِطَه، لم يَنْفُذْ عِتْقُها، وبَطَلَ (4) نِكَاحُها، فإن كان لم يَدْخُلْ بها، فيَنْبَغِى أن يُقْضَى بعَتْقِها ونِكَاحِها، ولا مَهْرَ لها؛ لأنَّ إيجَابَه يُفْضِى إلى إسْقاطِه وإسْقاطِ عِتْقِها ونِكَاحِها، فإسْقاطُه وحدَه أَوْلَى. وإن كان قد دَخَلَ بها، عَمِلْنا فيها على ما تَقَدَّمَ، فيَعْتِقُ سِتَّةُ أسْباعِها، ولها سِتَّةُ أسْباعِ مَهْرِها، ويَبْطُل عِتْقُ سُبْعِها ونِكَاحُها. ولو أعْتَقَها، ولم يَتَزَوَّجْها، ووَطِئَها، كان العَمَلُ فيها في هذه الموَاضِع كما لو تَزَوَّجَها. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. وذَكَرَ القاضي في مثلِ هذه المَسْألَةِ التي قبلَ الأخِيرَةِ، ما يَقْتَضِى صِحّةَ عِتْقِها ونِكَاحِها، مع وُجُوبِ مَهْرِها، فإنَّه قال في مَن أعْتَقَ في مَرَضِه أمَةً قِيمَتُها
(4) في م: "ويبطل".