الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثُّلُثُ. فأمَّا إن حَمَلَهُ الثُّلُث، فاشْتَرَاه وأعْتَقَه، ثم ظَهَرَ على المَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ المالَ، فالوَصِيَّةُ باطِلَةٌ، ويُرَدُّ العَبْدُ إلى الرِّقِّ إن كان اشْتَرَاه بعَيْنِ المالِ؛ لأنَّنا تَبَيَّنَّا أنَّ الشِّرَاءَ باطِلٌ بكَوْنِه اشْتَرَى بمالٍ مُسْتَحَقٍّ لِلْغُرَماءِ بغيرِ إذْنِهِم، وإن كان الشِّراءُ في الذِّمَّةِ، صَحَّ الشِّرَاءُ، ونَفَذَ العِتْقُ، وعلى المُشْتَرِى غَرَامةُ ثَمَنِه، ولا يَرْجِعُ به على أحَدٍ؛ لأنَّ البائِعَ ما غَرَّهُ، إنَّما غَرَّهُ المُوصِى، ولا تَرِكَةَ له فيَرْجعُ عليها. وهذا مذهبُ الشافِعِىِّ. ويَحْتَمِلُ أن يُشَارِكَ الغُرَماءَ في التَّرِكَةِ، ويَضْرِبَ معهم بِقَدْرِ دَيْنِه؛ لأنَّ الدَّيْنَ لَزِمَهُ بِتَغْرِيرِ المُوصِى، فيَرْجِعُ به عليه، فإذا كان مَيِّتًا لَزِمَه في تَرِكَتِه، كأَرْشِ جِنَايَتِه.
فصل:
وإن وَصَّى بشِرَاءِ عَبْدٍ وأطْلَقَ، أو وَصَّى بِبَيْعِ عَبْدِه وأطْلَقَ، فالوَصِيَّةُ باطِلَةٌ؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ لا بُدَّ لها من مُسْتَحِقٍّ، ولا مُسْتَحِقَّ ههُنا. وإن وَصَّى بِبَيْعهِ بِشَرْطِ العِتْقِ، صَحَّتِ الوَصِيّةُ، وبِيعَ كذلك؛ لأنَّ في البَيْعِ ههُنا نَفْعًا لِلْعَبْدِ بالعِتْقِ. فإن لم يُوجَدْ من يَشْتَرِيه كذلك، بَطَلَتِ الوَصِيَّةُ؛ لِتَعَذُّرِها، كما لو وَصَّى بشِرَاءِ عَبْدٍ لِيُعْتَقَ، فلم يَبِعْهُ سَيِّدُه. وإن وَصَّى بِبَيْعِه لِرَجُلٍ بِعَيْنِه بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، بِيعَ به؛ لأنَّه قد قَصَدَ إرْفاقَه بذلك في الغالِبِ. وإن لم يُسَمِّ ثَمَنًا، بِيعَ بِقيمَتِه، وتَصِحُّ الوَصِيّةُ؛ لِكَوْنِه قَصَدَ إيصالَ العَبْدِ بِعَيْنِه إلى رَجُلٍ بِعَيْنِه، فيَحْتَمِلُ أن يَتَعَلَّقَ الغَرَضُ بإرْفاقِ العَبْدِ بإِيصَالِه إلى مَن هو مَعْرُوفٌ بحُسْنِ المَلْكةِ، وإعْتَاقِ الرِّقابِ. ويَحْتَمِلُ أن يُرِيدَ إرْفاقَ المُشْتَرِى لِمَعْنًى يَحْصُلُ له من العَبْدِ. فإن تَعَذَّرَ بَيْعُه لذلك الرَّجُلِ، أو أبَى أن يَشْتَرِيَهُ بالثّمنِ، أو بِقِيمَتِه إن لم يُعَيِّنِ الثَّمنَ، بَطَلَتِ الوَصِيّةُ؛ لما ذَكَرْنا.
978 -
مسألة؛ قال: (وَإذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، وقِيمَتُهُ مِائَةٌ، ولِآخَرَ بثُلُثِ مَالِهِ، ومِلْكُهُ غَيْرُ العَبْدِ مِائَتَا دِرْهَمٍ، فَأجَازَ الوَرَثَةُ ذلِكَ (1)، فَلِمَنْ أوْصَى له بالثُّلُثِ ثُلُثُ المائتَيْنِ ورُبْعُ العَبْدِ، ولِمَن أوْصَى لَهُ بالعَبْدِ ثلَاثَةُ أرْباعِهِ. وَإنْ
(1) سقط من: الأصل، أ.
لَمْ يُجِزِ الوَرَثةُ ذلِكَ، فَلِمَنْ أوْصَى لَهُ بالثُّلُثِ سُدُسُ الْمائَتَيْنِ وسُدُسُ العَبْدِ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَه فِي الجَمِيعِ، ولِمَنْ أوْصَى لَهُ بالعَبْدِ نِصْفُه؛ لأنَّ وَصِيَّتَه، في الْعَبْدِ)
وجملتُه أنَّه إذا أَوْصَى لرَجُلٍ بمُعَيَّنٍ من مالِه، ولآخَرَ بجُزْءٍ مُشَاعٍ منه، كثُلُثِ المالِ ورُبْعِه، فأُجِيزَ لهما، انْفَرَدَ صاحِبُ المُشَاعِ بوَصِيَّتِه من غيرِ المُعَيَّنِ، ثم شارَكَ صاحِبَ المُعَيَّنِ فيه، فيَقْتَسِمانِه بينهما على قَدْرِ حَقَّيْهِما فيه، ويَدْخُلُ النَّقْصُ على كلِّ واحدٍ منهما بَقَدْرِ مالَه في الوَصِيَّةِ، كمَسائِلِ العَوْلِ، وكما لو أَوْصَى لرَجُلٍ بمالِه، ولآخَرَ بجُزْءٍ منه. فأمَّا في حال الرَّدِّ، فإن كانت وَصِيَّتُهُما لا تُجَاوِزُ الثُّلُثَ، مثل أن يُوصِىَ لرَجُلٍ بِسُدُسِ مالِه، ولآخَرَ بمُعَيَّنٍ قِيمَتُه سُدُسُ المالِ، فهى كحالِ الإِجَازَةِ سواء، إذْ لا أثَرَ لِلرَّدِّ. وإن جاوَزَتْ (2) ثُلُثَه، رَدَدْنَا وَصِيَّتَهُما إلى الثُّلُثِ، وقَسمْناهُ بينهما على قَدْرِ وَصيَّتِهِما، إلَّا أنَّ صاحِبَ المُعَيَّنِ يَأْخُذُ نَصِيبَه من المُعَيَّنِ، والآخَرَ يَأْخُذُ حَقَّه من جَمِيعِ المالِ. هذا (3) قولُ الخِرَقِىِّ، وسائِرِ الأصْحابِ. ويَقْوَى عندى أنَّهما في حالِ الرَّدِّ يَقْتَسِمانِ الثُّلُثَ، على حَسَبِ ما لَهما في الإِجَازَةِ. وهذا قولُ ابنِ أبي لَيْلَى. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ في الرَّدِّ: يَأْخُذُ صاحِبُ المُعَيَّنِ نَصِيبَه منه، ويَضُمُّ الآخَرُ سِهَامَه إلى سِهَامِ الوَرَثةِ، ويَقْتَسِمُونَ الباقِى على خَمْسَةٍ، في مثل مَسْأَلةِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّ له السُّدُسَ، ولِلْوَرَثةِ أرْبَعةَ أسْدَاسٍ. وهو مثلُ قولِ الخِرَقِىِّ، إلَّا أنَّ الخِرَقِىَّ يُعْطِيه السُّدُسَ من جَمِيعِ المالِ، وعندَهما أنَّه يَأْخُذُ خُمْسَ المائَتَيْنِ وعُشْرَ العَبْدِ واتَّفَقُوا على أنَّ كلَّ واحدٍ من الوَصِيَّيْنِ يَرْجِعُ إلى نِصْفِ وَصِيَّتِه؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما قد أوْصَى له بثُلُثِ المالِ، وقد رَجَعَتِ الوَصِيَّتانِ إلى الثُّلُثِ، وهو نِصْفُ الوَصِيَّتَيْنِ، فيَرْجِعُ كلُّ واحدٍ إلى نِصْفِ وَصِيَّتِه، ويَدْخُلُ النَّقْصُ على كلِّ واحدٍ منهما بِقَدْرِ مالَه في الوَصِيَّةِ.
(2) في الأصل، أ:"جاوز".
(3)
في أ، م: زيادة "هو".
وفى قول الخِرَقِىِّ رحمة اللَّه عليه: يَأْخُذُ [كلُّ واحدٍ منهما نِصْفَ وَصيَّتِه من المَحَلِّ الذي وَصَّى له منه، وصاحِبُ الثُّلُثِ يَأْخُذُ سُدُسَ الجَمِيعِ](4)؛ لأنَّه وَصَّى له بثُلُثِ الجَمِيعِ. وأمَّا على قَوْلِنا، فإنَّ وَصِيَّةَ صاحِبِ العَبْدِ دُونَ وَصِيَّةِ صاحِبِ الثُّلُثِ؛ لأنَّه وَصَّى له بشيءٍ أشْرَكَ معه غيرَه فيه كلِّه، وصاحِب الثُّلُثِ أفْرَدَه بشيءٍ لم يُشَارِكْه فيه غيرُه، فوَجَبَ أن يُقْسَمَ بينهما الثُّلُث حالةَ الرَّدِّ على حَسَبِ مالهما في حالِ الإِجَازَةِ، كما في سائِرِ الوَصَايَا، ففى [مسألةِ الْخِرَقِىِّ](5) هذه (6)، لِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ المائتَيْنِ سِتَّة وسِتُّونَ وثُلُثانِ، لا يُزَاحِمُه الآخَرُ فيها، ويَشْتَرِكانِ في العَبْدِ، لهذا ثُلُثُه، وللآخَرِ جَمِيعُه، فابْسُطْهُ (7) من جِنْسِ الكَسْرِ، وهو الثُّلُثُ، يَصِيرُ العَبْدُ ثَلَاثةً، واضْمُمْ إليها الثُّلُثَ الذي لِلآخَرِ، يَصِيرُ أرْبعَةً، ثم (8) اقْسِم العَبْدَ على أرْبَعةِ أسْهُمٍ، يَصِيرُ الثُّلُثُ رُبْعًا، كما في مَسائِلِ العَوْلِ. وفي حالِ الرَّدِّ تُرَدُّ وَصِيَّتُهُما إلى ثُلُثِ المالِ، وهو نِصْفُ وَصيَّتِهِما، فيَرْجِعُ كلُّ واحِدٍ إلى نِصْفِ وَصيَّتِه، فيَرْجِعُ صاحِبُ الثُّلُثِ إلى سُدُسِ الجمِيعِ، ويَرْجِعُ صاحِبُ العَبْدِ إلى نِصْفِه. وفى قَوْلِنا يُضْرَبُ مَخْرَجُ الثُّلُثِ في مَخْرَجِ الرُّبْعِ، يَكُنْ اثْنَا عَشَرَ، ثم في ثَلَاثَةٍ تَكُنْ سِتَّةً وثَلَاثِينَ، فلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ المائتَيْنِ، وهو ثَمَانِية [من أَرْبَعِينَ](9)، ورُبْع العَبْدِ، وهو ثَلَاثَةُ أسْهُمٍ، صارَ له أحَدَ عَشَرَ، ولِصَاحِبِ العَبْدِ ثَلَاثةُ أرْبَاعِه، وذلك تِسْعَةُ أسْهُمٍ، فيَضُمُّها إلى سِهَامِ صاحِبِ الثُّلُثِ، صار الجَمِيعُ عِشْرِينَ سَهْمًا، ففى حالِ الرَّدِّ تَجْعَلُ الثُّلُثَ عِشْرِينَ سَهْمًا (6)، والمالُ كلُّه سِتُّونَ، فلِصَاحِبِ العَبْدِ تِسْعَةٌ من العَبْدِ، وهو رُبْعُه وخُمْسُه، ولِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثَمانيةٌ من الأَرْبَعِينَ، وهى خُمْسُها، وثَلَاثةٌ من العَبْدِ،
(4) هذا مضروب عليه في: الأصل، أ. ومكتوب بدله بقلم مغاير:"سدس جميع المال".
(5)
في م: "مسألتنا".
(6)
سقط من: أ.
(7)
في الأصل، ب:"فأسقطه".
(8)
سقط من: الأصل.
(9)
سقط من: الأصل، أ.
وذلك عُشْرُه ونِصْفُ عُشْرِه. وإن كانت وَصِيَّةُ صاحِبِ المُشَاعِ بالنِّصْفِ، فله في حالِ الإِجَازَةِ مائةٌ وثُلُثُ العَبْدِ، ولِصَاحِبِ العَبْدِ ثُلُثَاه، وفى الرَّدِّ لِصَاحِبِ المُشَاعِ خُمْسُ المائتَيْنِ وخُمْسُ العَبْدِ، ولِصَاحِبِ العَبْدِ خُمْسَاه. وعلى الوَجْهِ الآخَر، لِصَاحِبِ المُشَاعِ رُبْعُ المائتَيْنِ وسُدُسُ العَبْدِ، ولِصَاحِبِ العَبْدِ ثُلُثُه. وطَرِيقُها أن تَنْسُبَ الثُّلُثَ إلى ما حَصَلَ لهما في الإِجَازَةِ، ثم تُعْطِىَ كلَّ واحدٍ ممَّا حَصَل له في الإِجَازَةِ مِثْلَ تلك النِّسْبَةِ. وعلى الوَجْهِ الأَوَّلِ تَنْسُبُ الثُّلُثَ إلى وَصِيَّتِهِما، ثم تُعْطِى كلَّ واحدٍ في الرَّدِّ مثلَ الخارِجِ بالنِّسْبةِ، وبَيَانُه في هذه المَسْأَلةِ، أنَّ نِسْبَةَ الثُّلُثِ إلى وَصِيَّتِهِما بالخُمْسَيْنِ؛ لأنَّ النِّصْفَ والثُّلُثَ خَمْسَةٌ من سِتَّةٍ، فالثُّلُثُ خُمْسَاهَا، فلِصَاحِبِ العَبْدِ خُمْسَا العَبْدِ؛ لأنَّه وَصِيَّتُه، ولِصاحِبِ النِّصْفِ الخُمْسُ؛ لأنَّه خُمْسَا وَصِيَّتِه وعلى الوَجْهِ الآخَر، قد حَصَلَ لهما في الإِجَازَةِ الثُّلُثانِ، ونِسْبَةُ الثُّلُثِ إليهما بالنِّصْفِ، فلكلِّ واحدٍ منهما ممَّا حَصَلَ له في الإِجَازَةِ نِصْفُه، وقد كان لِصَاحِبِ المُشَاعِ من المائتَيْنِ نِصْفُها، فله رُبْعُها، وكان له من العَبْدِ ثُلُثُه، فصارَ له سُدُسُه، وكان لِصَاحِبِ العَبْدِ ثُلُثَاه، فصارَ له ثُلُثُه. وإن كانت المَسْأَلَةُ بحالِها، ومِلْكُه غيرُ العَبْدِ ثَلَاثُمائةٍ، ففى الإِجَازَةِ لِصَاحِبِ المُشَاعِ مائةٌ وخَمْسُونَ وثُلُثُ العَبْدِ، ولِصَاحِبِ العَبْدِ ثُلُثَاه. وفى الرَّدِّ، لِصَاحِبِ المُشَاعِ تُسْعَا المالِ كلِّه، ولِصَاحِبِ العَبْدِ أرْبَعةُ أتْساعِه، على الوَجْهِ الأوَّلِ. وعلى الوَجْهِ الثاني، لِصَاحِبِ العَبْدِ رُبُعُه (10) وسُدُسُه، وللآخَرِ ثُمْنُه ونِصْفُ سُدُسِه (11)، ومن المالِ ثَمانُونَ، وهى رُبْعُها وسُدُسُ عُشْرِها. وإن وَصَّى لِرجُلٍ بجَمِيعِ مالِه، ولآخَرَ بالعَبْدِ، ففى الإِجَارةِ لِصَاحِبِ العَبْدِ نِصْفُه، والباقِى كلُّه للآخَرِ. وفى الرَّدِّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بينهما على خَمْسَةٍ، لِصَاحِبِ العَبْدِ خُمْسُه، وهو رُبْعُ العَبْدِ وسُدْسُ عُشْرِه، وللآخَرِ أرْبَعةُ أخْماسِه، فله من العَبْدِ مثلُ ما حَصَلَ لِصَاحِبِه،
(10) في م: "أربعة".
(11)
في حاشية م: "صوابه ثلثه وخمس تسعه وللآخر تسعه وثلث خمسه".
ومن كلِّ مائةٍ مثلُ ذلك، وهو ثَمانُونَ دِينَارًا. ولو خَلَّفَ عَبْدًا قِيمَتُه مائةٌ ومائتَيْنِ، ووَصَّى لِرَجُلٍ بمائةٍ وبالعَبْدِ كلِّه، وَوَصَّى بالعَبْدِ لآخَرَ، ففى حالِ الإِجَازَةِ يُقَسَّمُ العَبْدُ بينهما نِصْفَيْنِ، ويَنْفَرِدُ صاحِبُ الثُّلُثِ بثُلُثِ الباقِى (12). وفى الرَّدِّ، لِلْمُوصَى له بالعَبْدِ ثُلُثُه، وللآخَرِ ثُلُثُه وثُلُثُ المائةِ. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ، لِصَاحِبِ العَبْدِ رُبْعُه، وللآخَرِ رُبْعُه ونِصْفُ المائة، يَرْجِعُ كلُّ واحدٍ منهما إلى نِصْفِ وَصِيَّتِه. فإن لم تَزِد الوَصِيَّتانِ على الثُّلُثِ، كرَجُلٍ خَلَّفَ خَمْسَمائةٍ وعَبْدًا قِيمَتُه مائةٌ، ووَصَّى لِرَجُلٍ بِسُدُسِ مالِه، ولآخَرَ بالعَبْدِ، فلا أثَرَ لِلرَّدِّ ههُنا، ويَأْخُذُ صاحِبُ المُشَاعِ سُدُسَ المالِ وسُبعَ العَبْدِ، والآخَرُ سِتَّةَ أسْبَاعِه. وإن وَصَّى لِصَاحِبِ المُشَاعِ بخُمْسِ المالِ، فله مائةٌ وسُدُسُ العَبْدِ، ولِصَاحِب العَبْدِ خَمْسَةُ أسْدَاسِه. ولا أثَرَ لِلرَّدِّ أيضًا؛ لأنَّ الوَصِيَّتَيْنِ لم يَخْرُجْ بهما من المالِ أكْثَرُ من ثُلُثِه.
979 -
مسألة؛ قال: (وَمَنْ أوْصَى لِقَرَابَتِهِ، فَهُوَ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِالسَّوِيةِ، ولا يُجَاوِزُ بِهَا (1) أَرْبعَةَ آبَاءٍ؛ لِأَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجَاوِزْ بَنِى هَاشِمٍ بِسَهْمِ ذِى الْقُرْبَى)
وجملتُه أنَّ الرَّجُلَ إذا أَوْصَى لِقَرَابَتِه، أو لِقَرَابةِ فُلَانٍ، كانت الوَصِيَّةُ لأَوْلَادِه، ولأَوْلَادِ (2) أَبيه، وأَوْلَادِ جَدِّه، وأوْلَادِ جَدِّ أَبِيه، ويَسْتَوِى فيه (3) الذَّكَرُ والأُنْثَى، ولا يُعْطِى مَنْ هو أبْعَدُ منهم شَيْئًا، فلو وَصَّى لِقَرَابةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أعْطى أوْلَادَه وأوْلَادَ عَبْدِ المُطَّلِبِ وأوْلَادَ هاشِمٍ، ولم يُعْطِ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ ولا بَنِى نَوْفَلٍ شَيْئًا؛ لأنَّ اللهَ تعالى لمَّا قال:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (4). يعني قُرَباءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أعْطَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم هؤلاء الذين ذَكَرْنَاهُم، ولم يُعْطِ مَنْ هو أبْعَدُ منهم، كبَنِى عَبْدِ شَمْسٍ ونَوْفَلٍ شَيْئًا، إلَّا أنَّه أعْطَى بَنِى المُطَّلِبِ،
(12) في حاشية م: "صوابه بنصف الباقى".
(1)
في الأصل: "به".
(2)
في أ، م:"وأولاد".
(3)
سقط في: الأصل.
(4)
سورة الحشر 7.
وعَلَّل عَطِيَّتَهُم بأنَّهم "لم يُفَارِقُوا بَنِى هاشِمٍ، في جَاهِليَّةٍ ولَا إسْلَامٍ"(5). ولم يُعْطِ قَرَابَةَ أُمِّه، وهم بنو زُهْرَةَ شَيئًا، ولم يُعْطِ منهم (6) إلا مُسْلِمًا، فحُمِلَ مُطْلَقُ كَلَامِ المُوصِى على ما حُمِلَ عليه المُطْلَقُ من كَلَامِ اللَّه تعالى، وفُسِّرَ بما فُسِّرَ به. ويُسَوَّى بين قَرِيبِهِم وبَعِيدِهم، وذَكَرِهِم وأُنْثَاهُم؛ لأنَّ الوَصِيَّةَ لهم سَوَاءٌ، ويَدْخُلُ في الوَصِيَّةِ الكَبِيرُ والصَّغِيرُ، والغَنِىُّ والفَقيرُ، ولا يَدْخُلُ الكُفَّارُ؛ لأنَّهم لم يَدْخُلُوا في المُسْتَحقِّ من قُرْبَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وقد نَقَلَ عبدُ اللَّه، وصالِحٌ، عن أبِيهِما رِوَايةً أُخْرَى، أنَّه يُصْرَفُ إلى قَرَابةِ أُمِّه، إن كان يَصِلُهُم في حَيَاتِه، كأَخْوَالِه، وخَالاتِه، وإخْوَتِه (7) من أُمِّه، وإن كان لا يَصِلُهُم، لم يُعْطَوْا شَيْئًا؛ لأنَّ عَطِيَّتَه لهم في حَيَاتِه قَرِينَةٌ دالَّةٌ على صِلَتِه لهم بعد مَمَاتِه، وإلَّا فلا. وعنه رِوَايةٌ أُخْرَى، أنَّه يُجَاوِزُ بها أرْبَعةَ آباءٍ. ذَكَرَها ابنُ أبي موسى، في "الإِرْشَادِ". وهذه الرِّوَايةُ تَدُلُّ على أن لَفْظَه لا يَتَقَيَّدُ بالقَيْدِ الذي ذَكَرْناه، فعلى هذا يعْطَى كلُّ مَن يُعْرَفُ بِقَرَابَتِه من قِبَلِ أَبِيه وأُمِّه، الذين يُنْسَبُونَ إلى الأَبِ الأَدْنَى الذي يُنْسَبُ إليه. وهذا مذهبُ الشافِعِيِّ؛ لأنَّهم قَرَابَةٌ، فيَتَناوَلُهُم الاسْمُ، ويَدْخُلُونَ في عُمُومِه. وإعْطاءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لبعضِ قَرَابَتِه، تَخْصيِصٌ لا يَمْنَعُ من [العَمَلِ بالعُمُومِ] (8) في غيرِ ذلك المَوْضِعِ. قال (9) أبو حنيفةَ: قَرَابَتُه كلُّ ذِى رَحمٍ مَحْرَمٍ، فيُعْطَى مِن أدْنَاهُم اثْنانِ فصَاعِدًا، فإذا كان له عَمَّانِ وخَالانِ، فالوَصِيَّةُ لِعَمَّيْه، وإن كان له عَمٌّ وخَالَانِ، فلِعَمِّه النِّصْفُ ولِخَالَيْه النِّصْفُ. وقال قَتَادَةُ: للأَعْمامِ الثُّلُثانِ، وللأَخْوالِ الثُّلُثُ. وبه قال الحَسَنُ، قال: ويُزَادُ الأَقْرَبُ بعضَ الزِّيَادَةِ. وقال مالِكٌ: يُقَسَّمُ على الأَقْرَبِ فالأَقْرَبِ، بالاجْتِهَادِ. ولَنا، أنَّ هذا الاسْمَ له
(5) تقدم تخريجه في: 4/ 111.
(6)
في الأصل: "منه".
(7)
في أ، م:"وأخواته".
(8)
في م: "العموم".
(9)
في أ، م:"وقد قال".