الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إمْكانِه؛ لأنَّ تَعْرِيفَه في الحَوْلِ سَبَبُ المِلْكِ، والحُكْمُ يَنْتَفِى لِانْتِفاءِ سَبَبِه، سواءٌ انْتَفَى لِعُذْرٍ أو غيرِ عُذْرٍ. والثانى، أنه يُعَرِّفُه في الحَوْلِ الثاني، ويَمْلِكُه؛ لأنَّه لم يُؤَخِّر التَّعْرِيفَ عن وَقْتِ إمْكانِه، فأشْبَهَ ما لو عَرَّفَه في الحَوْلِ الأَوَّلِ.
940 - مسألة؛ قال: (فَإنْ جَاءَ رَبُّهَا، وإلَّا كَانَتْ كَسَائِرِ مَالِهِ)
وجملتُه أنَّه إذا عَرَّفَ اللُّقَطَةَ حَوْلًا، فلم تُعْرَفْ، مَلَكَها مُلْتَقِطُها، وصارَتْ من مالِه، كسائِر أمْوالِه، غَنِيًّا كان المُلْتَقِطُ أو فَقِيرًا. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن عمرَ، وابنِ مسعودٍ، وعائِشَةَ، رَضِىَ اللَّه عنهم. وبه قال عَطَاءٌ، والشافِعِىُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ. ورُوِى ذلك عن عليٍّ، وابنِ عَبَّاسٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، وطاوُسٍ، وعِكْرِمَةَ. وقال مالِكٌ، والحَسَنُ بن صالِحٍ، والثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى: يَتَصَدَّقُ بها، فإذا جاءَ صاحِبُها خَيَّرَهُ بين الأجْرِ والغُرْمِ؛ لما رَوَى أبو هُرَيْرةَ، رَضِىَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه سُئِلَ عن اللُّقَطَةِ، فقال:"عَرِّفْها حَوْلًا". ورُوِى: "ثَلَاثَةَ أحْوالٍ، فَإنْ جَاءَ رَبُّهَا (1)، وإلَّا تَصَدَّقْ بِهَا، فَإذَا جَاءَ رَبُّها، فَرَضِىَ بالأجْرِ، وإلَّا غَرِمَهَا"(2). ولأنها مالٌ لِمَعْصُومٍ، لم يَرْضَ بِزَوَالِ مِلْكِه عنها، ولا وُجِدَ منه سَبَبٌ يَقْتَضِى ذلك، فلم يَزُلْ مِلْكُه عنه، كغيرِها. قالوا: وليس له أن يَتَمَلَّكَها، إلَّا أنَّ أبا حنيفةَ قال: له ذلك إن كان فَقِيرًا من غير ذَوِى القُرْبَى؛ لما رَوَى عِيَاضُ بن حمارٍ المُجَاشِعِىُّ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ عَلَيْها ذا عَدْلٍ، ولا يَكْتُمُ ولَا يُغَيِّبُ، فإن وَجَدَ صَاحِبَها فَليَرْدُدْهَا عَلَيْهِ، وإلَّا فَهِىَ مَالُ اللَّه يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ". رَوَاهُ النَّسَائِىُّ (3). قالوا: وما يُضَافُ إلى اللهِ تعالى، إنَّما يَتَمَلَّكُه مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ. ونَقَلَ حَنْبَلٌ، عن أحمدَ مثلَ هذا القَوْلِ. وأنْكَرَهُ الخَلَّالُ، وقال:
(1) في الأصل: "صاحبها".
(2)
أخرجه الدارقطني، في كتاب الرضاع. سنن الدارقطني 4/ 182. وانظر: مصنف عبد الرزاق 10/ 138، 139، ومصنف ابن أبي شيبة 6/ 452.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 297.