الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَبَها إِيّاه، فَقبْلَ انتِزَاعِها لا يَصِحُّ تَصَرُّفُه؛ لأنَّه يَتَصَرَّفُ في مِلْكِ غيره بغيرِ وِلَايةٍ. وإن كان الابْنُ صَغِيرًا، لم يَصِحَّ أيضًا؛ لأنَّه لا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بما لا حَظَّ لِلصَّغِيرِ فيه، وليس من الحَظِّ إسْقَاطُ دَيْنِه، وعِتْقُ عَبْدِه، وهِبَةُ مالِه.
فصل:
قال أحمدُ: بين الرَّجُلِ وبين وَلَدِه رِبًا. لما ذَكَرْناه من أن مِلْكَ الابْنِ على مالِه تامٌّ. وقال: لا يَطَأُ جارِيَةَ الابْنِ، إلَّا أن يَقْبِضَها. يعني يَتَمَلَّكُها. وذلك لأنَّه إذا وَطِئَها قبلَ تَمَلُّكِها، فقد وَطِئَها وليستْ زَوْجةً ولا مِلْكَ يَمينٍ، وإن تَمَلَّكَها، لم يَحِلَّ له وَطْؤُها حتى يَسْتَبْرِئَها؛ لأنه ابْتِداءُ مِلْكٍ، فوَجَبَ الاسْتِبْراءُ فيه، كما لو اشْتَراها. وإن كان الابْنُ قد وَطِئَها، لم تَحِلَّ له بحالٍ. وإن وَطِئَها قبلَ تَمَلُّكِها (33)، كان مُحَرَّمًا من وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أنَّه وَطِئَها قبلَ مِلْكِها. والثاني، أنَّه وَطِئَها قبل استْبْرائِها. وإن كان الابنُ وَطِئَها، حُرِّمَتْ بِوَجْهٍ ثالِثٍ، وهى أنَّها صارَتْ بمَنْزِلَةِ حَلِيلَةِ ابْنِه، فإن فَعَلَ، فلا حَدَّ عليه؛ لِشُبْهةِ المِلْكِ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أضَافَ مالَ الوَلَدِ إلى أبِيه، فقال:"أنْتَ ومَالُكَ لأَبِيكَ". وإن وَلَدَتْ منه، صارَتْ أُمَّ وَلَدٍ له، ووَلَدُه حُرٌّ؛ لأنَّه من وَطْءٍ انْتَفَى عنه الحَدُّ لِلشُّبْهةِ، وتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ له (34)، وليس لِلابْنِ مُطَالَبَتُه بشيءٍ من قِيمَتِها، ولا قِيمَةِ وَلَدِها ولا مَهْرِها. وهل يُعَزَّرُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، يُعَزَّرُ؛ لأنَّه وَطِئَ وَطْأَ مُحَرَّمًا، أشْبَهَ ما لو وَطِئَ جارِيةً مُشْتَرَكَةً بينَه وبينَ غيرِه. والثاني، لا يُعَزَّرُ؛ لأنَّه لا يُقْتَصُّ منه بالجِنَايةِ على وَلَدِه، فلا يُعَزَّرُ بالتَّصَرُّفِ في مالِه.
فصل: وليس لغير الأبِ الأخْذُ من مالِ غيره بغيرِ إذْنِه؛ لأنَّ الخَبَرَ وَرَدَ في الأبِ، بقوله:"أنْتَ ومالُكَ لأبِيكَ". ولا يَصِحُّ قِيَاسُ غيرِ الأبِ [عليه، لأنَّ للأبِ](35) وِلَايةً على وَلَدِه ومالِه إذا كان صَغِيرًا، وله شَفقَةٌ تامّةٌ (36)، وحَقٌّ مُتَأَكِّدٌ، ولا يَسْقُطُ
(33) في م: "تملكه".
(34)
سقط من: م.
(35)
سقط من: م.
(36)
سقط من: الأصل.