الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ نَحَرَهُ، أَجْزَأَ، وَهُوَ أَنْ يَطْعَنَهُ بِمُحَدَّدٍ في لُبَّتِهِ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْحَرَ الْبَعِيرَ، وَيَذْبَحَ مَا سِوَاهُ.
ــ
4631 - مسألة: (وإن نَحَرَه، أجْزَأ، وهو أن يَطْعَنَه بمُحَدَّدٍ فِي لَبَّتِهِ. ويُسْتَحَبُّ أن يَنْحَرَ البَعِيرَ، ويَذْبَحَ مَا سِواهُ)
ولا خِلافَ بينَ أهلِ العلمِ في اسْتِحْبابِ نَحْرِ الإِبِلِ، وذبْحِ ما سِواها، قال اللهُ تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (1). وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (2). قال مُجاهِدٌ: أمَرَنا بالنَّحْرِ، وأَمَر بني إسرائيلَ بالذَّبْحِ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بُعِثَ في قَومٍ ماشِيَتُهم الإِبِلُ، فَسُنَّ النَّحْرُ، وكانت (3) بنو إسْرائِيلَ ماشِيَتُهم البَقَرُ، فأُمِرُوا بالذَّبْحِ (4). وثَبَتَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ بَدَنةً، وضَحَّى بكَبْشَين أَقْرَنين، ذَبَحَهما بيَدِه. مُتَّفَقٌ عليه (5). والنَّحْرُ أن يَطْعَنَها بحَرْبَةٍ أو نحوها في الوَهْدَةِ التي بينَ عُنُقِها وصَدْرِها.
(1) سورة الكوثر 2.
(2)
سورة البقرة 67.
(3)
سقط من: م.
(4)
أخرجه عبد الرزاق مختصرًا، في: المصنف 4/ 488، 489.
(5)
تقدم تخريجه في 9/ 331.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن ذَبَحَ الإِبِلَ، ونَحَرَ ما سِواها، أجْزَأَه. وهذا قولُ أكْثَرِ أهلِ العلمِ؛ منهم عطاءٌ، والزُّهْرِيُّ، وقَتادَةُ، ومالكٌ، واللَّيثُ، وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ. وحُكِيَ عن داودَ، أنَّ الإِبلَ لا تُباحُ إلَّا بالنَّحْرِ، ولا يُباحُ غيرُها إلَّا بالذَّبْحِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} . والأمرُ يَقْتَضِي الوجوبَ. وقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} . ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَحَرَ البُدْنَ، وذَبَحَ الغَنَمَ، وإنَّما نَأْخُذُ الأحْكامَ مِن جِهَتِه. وحُكِيَ عن مالِكٍ، أنَّه لا يُجْزِئُ في الإبِلِ إلَّا النَّحْرُ؛ لأنَّ أعْناقَها طويلَةٌ، فإذا ذُبِحَ تَعَذَّبَ بخُروجِ رُوحِه. وحَكى ابنُ أبي موسَى، عن أحمدَ، أنَّه توَقَّفَ عن أكْلَ البَعِيرِ إذا ذُبحَ ولم يُنْحَرْ. قال ابنُ المُنْذِرِ: إنَّما كَرِهَه ولم يُحَرمْه. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«أمْرِرِ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ» . وقالتْ أسماءُ: نَحَرْنا فرَسًا على عَهْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأكَلْناه ونحنُ بالمدينَةِ. [مُتَّفَقٌ عليه](1). وعن عائشةَ، قالتْ: نَحَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَداعِ بَقَرَةً واحدةً (2). ولأنَّه ذَكَّاهُ في محَلِّ الذَّكاةِ، فجازَ أكْلُه، كالحيوانِ الآخَرِ.
(1) سقط من: الأصل.
والحديث تقدم تخريجه في صفحة 217.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في هدي البقر، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 406. وابن ماجه، في: باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة، من كتاب الأضاحي. سنن ابن ماجه 2/ 1047.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وتَصِحُّ ذَبِيحَةُ المرأةِ، حُرَّةً كانت أو أمَةً، إذا أطاقَتِ الذَّبْحَ، ووُجِدَتِ الشُّرُوطُ. وكذلك ذَبْحُ الصَّبِيِّ العاقِلِ، إذا أطاقَ، حُرًّا كان أو عَبْدًا، لا نَعْلَمُ في هذا خِلافًا. قال ابنُ المُنْذِرِ (1): أجْمَعَ كُلُّ مَن نحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ على إباحَةِ ذَبِيحَةِ المرأةِ والصَّبِيِّ. وقد رُوِيَ أنَّ جارِيَةً لكعبِ بنِ مالكٍ، كانت تَرْعَى غَنَمًا بسَلْعٍ (2)، فأُصِيبَتْ شاةٌ منها، فأدْرَكَتْها، فذَكَّتْها بحَجَرٍ، فسُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال:«كُلُوها (3)» . مُتَّفَقٌ عليه (4). وفي هذا الحديثِ فوائِدُ سبعٌ، أحدُها، إباحَةُ ذَبِيحَةِ المرأةِ. والثانيةُ، إباحَةُ ذَبِيحَةِ الأمَةِ. الثالثةُ، إباحَةُ ذَبِيحَةِ الحائِضِ، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يسْتَفْصِلْ. الرابعةُ، إباحةُ الذَّبْحِ بالحَجَرِ. الخامسةُ، إباحَةُ ذَبْحِ ما خِيفَ عليه الموتُ. السّادِسةُ، حِلُّ ما يذْبَحُه
(1) انظر الإجماع 25.
(2)
سلع: جبل بالمدينة.
(3)
في م: «خذوها» .
(4)
أخرجه البخاري، في: باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت. . . .، من كتاب الوكالة، وفي: باب ما أنهر الدم من القصب والمروة، وباب ذبيحة المرأة والأمة، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخاري 3/ 130، 7/ 119.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ذبيحة المرأة، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه 2/ 1062. والدارمي، في: باب ما يجوز به الذبح، من كتاب الأضاحي. سنن الدارمي 2/ 82. والإمام مالك، في: باب ما يجوز من الذكاة في حال الضرورة، من كتاب الذبائح. الموطأ 2/ 489. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 76، 80، 6/ 386.
ولم نجده عند مسلم.