الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحُكْمُ الرِّدْءِ حُكْمُ الْمُبَاشِرِ.
ــ
الجِراحُ؛ لأَنَّ الحُدودَ إذا اجْتَمَعَتْ وفيها قتلٌ، سَقَط ما سِوَى القَتْلِ. ولَنا، أنَّها جِنايَةٌ يجبُ بها القِصاصُ في غيرِ المحارَبَةِ، فيجبُ بها في المُحارَبَةِ، كالقَتْلِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ القِصاصَ في الجِراحِ حَدٌّ، إنَّما هو قِصاصٌ مُتَمَحِّضٌ، فأشْبَهَ ما لو كان الجُرْحُ في غيرِ المُحارَبَةِ، وإن سَلَّمْنا أنَّه حَدٌّ، فإنَّه مَشْرُوعٌ مع القتلِ، فلم يَسْقُطْ به، كالصَّلْبِ، وقَطْعِ اليَدِ والرِّجْلِ عندَهم.
4539 - مسألة: (وحُكْمُ الرِّدْءِ
(1) حُكْمُ المُبَاشِرِ) وبهذا قال مالكٌ، وأبو حنيفةَ. وقال الشافعىُّ: ليس على الرِّدْءِ إلَّا التَّعْزِيرُ؛ لأن (2) الحَدَّ يجبُ بارْتِكابِ المَعْصِيَةِ، فلا يَتَعَلَّقُ بالمُعِينِ، كسائرِ الحُدودِ. ولَنا، أنَّه حُكْم يتعلَّقُ بالمُحارَبَةِ، فاسْتَوَى فيه الرِّدْءُ والمُباشِرُ،
(1) الردء: المعين والناصر.
(2)
في م: «ولأن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كاسْتِحْقاقِ الغنيمةِ؛ وذلك (1) لأَنَّ المُحارَبَةَ مَبْنِيَّةٌ على حُصولِ المَنَعَةِ (2) والمُعاضَدَةِ والمُناصَرَةِ، فلا يَتَمَكَّنُ المُباشِرُ من فِعْلِه إلَّا بقُوَّةِ الرِّدْءِ، بخِلافِ سائرِ الحُدُودِ. فعلى هذا، إذا قَتَل واحدٌ منهم، ثَبَت حُكْمُ القتْلِ في حَقِّ جميعِهم، فيجبُ قتلُ الكلِّ. وإن قَتَلَ بعضُهم، وأخذَ بعضُهم المالَ، جازَ قتلُهم وصَلْبُهم، كما لو فَعَل الأَمْرَيْن كلُّ واحدٍ منهم.
فصل: وإن كان فيهم صَبِىٌّ، أو مجْنُونٌ، أو ذُو رَحِمٍ من المقْطُوعِ عليه، لم يَسْقُطِ الحَدُّ عن غيرِه، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. وقال أبو حنيفة:. يَسْقُطُ عن جميعِهم، ويصيرُ القتلُ للأوْلياءِ، إن شاءوا قَتَلُوا، وإن شاعوا عَفَوْا؛ لأَنَّ حُكْمَ الجميعِ واحِد، فالشُّبْهَةُ في فعْلِ واحدٍ شُبْهَةٌ في حَقِّ الجميعِ. ولَنا، أنَّها شُبْهَةٌ اخْتَصَّ بها واحِدٌ، فلم يَسْقُطِ الحَدُّ عن الباقِين، كما لو اشْتَرَكُوا في وَطْءِ امرأةٍ. وما ذَكَرُوه لا أصْلَ له. فعلى هذا، لا حَدَّ على الصَّبِىِّ والمجْنونِ وإن باشَرَا (3) القتلَ وأخَذَا (4) المالَ؛ لأنَّهما ليسا من أهلِ الحدودِ، وعليهما ضَمانُ ما أَخَذَا (4) من المالِ في
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «المنفعة» .
(3)
في الأصل، ر 3:«باشر» .
(4)
في الأصل، ر 3:«أخذ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمْوالِهما، ودِيَةُ قَتِيلهما (1) على عاقِلَتِهما، ولا شئَ على الرِّدْءِ لهما؛ لأنَّه إذا لم يَثْبُتْ [ذلك للمُباشِرِ، لم يَثْبُتْ لمَن هو تَبَعٌ له بطَرِيقِ الأُوْلَى. وإن كان المُباشِرُ غيرَهما، لم يَلْزَمْهُما شئٌ؛ لأنَّهما لم يَثْبُتْ](2) في حَقِّهِما حكمُ المُحارَبَةِ، [وثُبوتُ الحُكمِ في حَقِّ الرِّدْءِ ثَبَت بالمُحارَبَةِ](3).
فصل: فإن كان فيهم امرأةٌ، ثَبَت لها حكمُ المُحارَبَةِ، فمتى قَتَلَتْ، أو أخَذَتِ المالَ، فحكْمُها حكمُ قُطّاعِ الطَّرِيقِ. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يجبُ عليها الحَدُّ، ولا على مَن معها، لأنَّها ليستْ من أهلِ المُحارَبَةِ، فأشْبَهَتِ الصَّبِىَّ: المَجْنونَ. ولَنا، أنَّها تُحَدُّ في السَّرِقَةِ، فيَلْزَمُها [حُكمُ المُحارَبَةِ](4)، كالرجلِ، [وتُخالِفُ الصَّبِىَّ والمجنونَ؛ لأنَّها مُكَلَّفَة يَلْزَمُها (5) القِصاصُ وسائِرُ الحدودِ، فيَلْزَمُها هذا الحَدُّ، كالرجلِ](2). إذا ثَبَت هذا، فإنَّها إن باشَرَتِ القَتْلَ، أو (6) أخْذَ المالِ، ثَبَت حُكْمُ المُحارَبَةِ في حَقِّ مَن معها؛ لأنَّهم رِدْءٌ لها. وإن فَعَل ذلك غيرُها، ثَبَت حُكْمُه في حَقِّها؛ لأنَّها رِدْءٌ له، كالرجلِ سَواءً. وإن قَطَع أهلُ الذِّمَّةِ الطَّرِيقَ، أو كان مع المحاربين المسلمِين ذِمِّىٌّ، فهل يَنْتَقِضُ
(1) في م: «قتلهما» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
(4)
في الأصل: «هذا الحد» .
(5)
بعده في م: «سائر» .
(6)
في الأصل: «و» .