الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أسْلَمَ ثُمَّ قَال: لَمْ أَدرِ مَا قُلْتُ. لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِ، وَأُجْبِرَ
ــ
عِبادَتِهم، فيكونُ حَدًّا لصِحَّةِ إسْلامِهم. وقال ابنُ أبي شَيبَةَ: إذا أسْلَمَ وهو ابنُ خَمْسِ سِنِينَ، جُعِلَ إسْلامُه إسْلامًا. ولعلَّه يقولُ: إن عليًّا أسْلَمَ (1) وهوٍ ابنُ خَمسٍ؛ لأنَّه قد قِيلَ: إنَّه قد ماتَ وهو ابنُ ثمانٍ وخمسينَ سنةً. فعلى هذا يكونُ إسْلامُه، وهو ابنُ خَمسٍ؛ لأنَّ مُدَّةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم منذُ بُعِثَ إلى أن ماتَ ثلاثٌ وعشرونَ سَنَةً، وعاشَ عليٌّ بعدَه ثلاثين سنةً؛ فذلك ثلاثٌ وخمسونَ سنةً (2)، فإذا ضَمَمْنا إليها خَمْسًا، كانت ثمانيًا وخمْسين. وقال أبو أيُّوبَ: أُجِيزَ إسْلامُ ابنِ ثلاثِ سِنِينَ، مَن أصابَ الحقَّ من صَغِيرٍ أو (3) كبِيرٍ أجَزْناه. وهذا لا يَكادُ يَعْقِلُ الإِسْلامَ، ولا يَدْرِي ما يقولُ، ولا يَثْبُتُ لقولِه حُكْمٌ، فإن وُجِدَ ذلك منه ودَلَّتْ أحْوالُه وأقوالُه على مَعرِفَةِ الإِسْلامِ، وعَقْلِه إيَّاهُ، صَحَّ منه كغيرِه.
4587 - مسألة: (وإن أسْلَمَ، ثم قال: لم أدْرِ ما قُلْتُ. لم يُلْتَفَتْ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «و» .
عَلَى الإسْلَامِ.
ــ
إلى قولِه، وأُجْبِرَ على الإِسْلامِ) متى حَكَمْنا بصِحَّةِ إسْلامِ الصَّبِيِّ، لمعرِفَتِنا بعَقْلِه (1) بأدِلَّتِه، فرَجَعَ، وقال: لم أدْرِ ما قلتُ. لم يُقْبَلْ قولُه، ولم يَبْطُلْ إسْلامُه الأوَّلُ. ورُوِيَ عن أحمدَ، أنَّه يُقْبَلُ منه، ولا يُجْبَرُ على الإِسْلام. قال أبو بكرٍ: هذا قولٌ مُحْتَمِلٌ؛ لأنَّ الصَّبِيَّ في مَظِنَّةِ النَّقْصِ، فيجوزُ أن يكونَ صادِقًا. قال: والعملُ على الأوَّلِ؛ لأنَّه قد ثَبَت عَقْلُه للإِسْلامِ، ومعرفتُه به بإفْعالِه أفعال العُقَلاءِ، وتَصرُّفاتِه تَصَرُّفاتِهم، وتَكَلُّمِه بكلامِهم، وهذا يَحْصُلُ به معرِفَةُ عَقْلِه؛ ولهذا اعْتَبَرْنا رُشْدَه بعدَ بُلُوغِه بأفْعالِه وتَصرُّفاتِه، وعَرَفْنا جُنونَ المجْنُونِ وعَقْلَ العاقلِ بما يَصْدُرُ عنه من أقْوالِه وأفْعالِه وأحْوالِه، فلا يَزولُ ما عَرَفْناه بمُجَرَّدِ دَعْوَاه. وهكذا كلُّ مَن تَلَفَّظَ بالإِسْلامِ، أو أخْبَرَ عن نفْسِه، ثم أنْكَرَ معرفتَه بما قال، لم يُقْبَلْ إنْكارُه، وكان مُرْتَدًّا. نَصَّ عليه أحمدُ في مَواضِعَ.
(1) في م: «بفعله» .