الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلا طَعَامًا لَمْ يَبْذُلْهُ مَالِكُهُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إِلَيهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ أَبَى، فَلِلْمُضْطَرِّ أَخْذُهُ قَهْرًا، وَيُعْطِيهِ قِيمَتَه، فَإِن مَنَعَه، فَلَهُ قِتَالُهُ عَلَى مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ، أَوْ قَدْرِ شِبَعِهِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَينِ. فَإِنْ قُتِلَ صَاحِبُ الطَّعَامِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ، وَإِنْ قُتِلَ الْمُضْطَرُّ، فَعَلَيهِ ضَمَانُهُ.
ــ
فصل: فإن لم يَجِدِ المُضْطَرُّ شيئًا، لم يُبَحْ له أكلُ (1) بعضِ أعْضائِه. وقال بعضُ أصْحابِ الشافعيِّ: له ذلك؛ لأنَّ له أن يَحْفَظَ الجُمْلَةَ بقَطْعِ عُضْوٍ، كما لو وقَعَتْ فيه الأكِلَةُ. ولَنا، أنَّ أكْلَه مِن نفْسِه ربَّما قَتَلَه، فيكونُ قاتِلًا لنَفْسِه، ولا يتَيَقَّنُ حُصولَ البَقاءِ بأكلِه. أمّا قَطْعُ الأكِلَةِ فإنَّه يُخافُ الهَلاكُ بذلك، فأُبِيحَ له إبْعادُه، ودَفْعُ الضَّرَرِ المُتَوَجِّهِ منه بتَرْكِه، كما أُبِيحَ قَتْلُ الصّائِلِ عليه، ولم يُبَحْ له قَتْلُه ليأكلَه.
4619 - مسألة: (وإن لم يَجِدْ إلَّا طعامًا لم يَبْذُلْهُ مالِكُه؛ فإن كان صاحِبُه مُضْطَرًّا إليه، فهو أحَقُّ به، وإلَّا لَزِمَهُ بَذْلُهُ، فإن أبَى، فَلِلْمُضْطَرِّ أَخْذُه قَهْرًا، ويُعْطِيهِ قيمَتَه، فإن مَنَعَه، فلهُ قتالُهُ على ما يَسُدُّ رَمَقَه، أو قَدْرِ شِبَعِهِ، على اخْتِلافِ الرِّوايَتَين. فإن قُتِلَ صاحِبُ الطَّعامِ، لم يَجِبْ ضمانُهُ، وإن قُتِلَ المُضْطَرُّ، فعليه ضمانُهُ)
وجملةُ ذلك، أنَّه إذا اضْطُرَّ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى طعامٍ، فلم (1) يَجِدْ إلَّا طعامًا لغيرِه؛ فإن كان صاحِبُه مُضْطَرًّا إليه، فهو أحَقُّ به، ولا يجوزُ لأحَدٍ أخْذُه منه؛ لأنَّه ساواهُ في الضَّرورَةِ، وانْفَرَدَ بالمِلْكِ، فأَشْبَهَ غيرَ حالِ الضَّرورَةِ، وإن أخذَه منه أحَدٌ فماتَ، فعليه ضَمانُه؛ لأنَّه قَتَلَه بغيرِ حَقٍّ، فإن لم يكُنْ صاحِبُه مُضْطَرًّا إليه لَزِمَه بَذْلُه (2) لِلمُضْطَرِّ؛ لأنَّه يتعَلَّقُ به إحْياءُ نَفْسِ آدَمِيٍّ معْصُومٍ، فلَزِمَه بذْلُه، كما يَلْزَمُه بَذْلُ منافِعِه في إنْجائِه مِن الغَرَقِ والحَزْقِ، فإن لم يفْعَلْ فللْمُضْطَر أخْذُه منه؛ لأنَّه يَسْتَحِقُّه دونَ مالِكِه، فجازَ له أخْذُه، كعينِ مالِه، فإنِ احْتيجَ في ذلك إلى قِتالٍ، فله المُقاتَلَةُ عليه على ما يَسُدُّ رَمَقَه؛ لأنَّه الذي اضْطُرَّ إليه. وعنه، له قِتالُه على قَدْرِ الشِّبَعِ. والأوَّلُ أوْلَى. وذكرَ ابنُ أبي مُوسَى في «الإِرْشَادِ» أنَّه لا يجوزُ قِتالُه على شيءٍ منه، كما ذَكَر في دَفْعِ الصّائِلِ.
(1) في م: «فإن لم» .
(2)
في الأصل: «بذلك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن قُتِلَ المُضطَرُّ فهو شهيدٌ، وعلى قاتِلِه ضَمانُه، وإن آلَ أخْذُه إلى قَتْلِ صاحِبه، فهو هَدْرٌ؛ لأنَّه ظالِمٌ بقِتَالِه، فأشْبَهَ الصّائِلَ، إلَّا أن يُمْكِنَ أخْذُه بشِراءٍ أو اسْتِرْضاءٍ، فليس له المُقاتَلَةُ عليه، لإِمْكانِ الوُصولِ إليه دُونَها، فإن لم يَبِعْه إلَّا بأكثرَ مِن [ثَمَنِ مِثْلِه، فذكرَ القاضي أنَّ له قِتاله. والأَوْلَى أنَّه لا يجوزُ ذلك؛ لإمْكانِ الوُصولِ إليه بدُونِها. لكنَّه إنِ اشْتراهُ بأكثرَ مِن ثمنِ](1) مِثْلِه لم يَلْزَمْه إلَّا ثمنُ مِثْلِه، وقد ذكَرْناه. ويَلْزَمُه عِوَضُه في كلِّ مَوْضِعٍ أخَذَه، فإن لم يكنْ معه في الحالِ، لَزِمَه في ذِمَّتِه.
(1) في م: «ثمنه لم يلزمه إلا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يُباحُ للمُضْطَرِّ مِن مالِ أخِيه إلَّا ما يُباحُ مِن المَيتَةِ. قال أبو هُرَيرَةَ، قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، ما يَحِلُّ لأَحَدِنا مِن مالِ أخِيه إذا اضْطُرَّ إليه؟ قال:«يَأْكُلُ وَلَا يَحْمِلُ، ويَشْرَبُ وَلَا يَحْمِلُ» (1).
(1) أخرجه ابن ماجه، في: باب النهي أن يصيب منها شيئًا إلا بإذن صاحبها، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 772. والبيهقي، في: باب ما جاء في من مر بحائط إنسان أو ماشيته، من كتاب الضحايا. السنن الكبرى 9/ 360، 361. وقال: هذا إسناد مجهول لا تقوم بمثله الحجة.