الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا انْقَضَى الْحَرْبُ، فَمَن وَجَدَ مِنْهُمْ مَالهُ في يَدِ إِنْسَانٍ أَخَذَهُ، وَلَا يَضْمَنُ أَهْلُ الْعَدْلِ مَا أتْلَفُوهُ عَلَيهِمْ حَال الْحَرْبِ، مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ. وَهَلْ يَضْمَنُ الْبُغَاةُ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ في الْحَرْبِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
4564 - مسألة: (وإذا انْقَضَى الحَرْبُ، فمَن وَجَدَ مِنهم مالهُ في يَدِ إنسانٍ أخَذَه)
لِما ذَكَرْنا مِن قولِ عليٍّ: مَن عَرَف شيئًا أخَذَه. ولأنَّه مالٌ معصومٌ بالإِسْلامِ، فأشْبَهَ مال غيرِ البُغاةِ.
4565 - مسألة: (ولا يَضْمَنُ أهْلُ العَدْلِ ما أتْلَفُوه عليهم حال الحَرْبِ، مِن نَفْس أو مالٍ. وهل يَضْمَنُ البُغَاةُ ما أتْلَفُوهُ على أهلِ العَدْلِ في الحربِ؟ على رِوايَتَين)
وجملةُ ذلك، أنَّه إذا لم يُمْكِنْ دَفْعُ أهلِ البَغْي إلَّا بقَتْلِهم، جازَ، ولا شيءَ على مَن قَتَلَهم؛ مِن إثْمٍ، ولا ضَمانٍ، ولا كَفَّارَةٍ؛ لأنَّه فَعَل ما أُمِرَ به، وقَتَل مَن أحَلَّ اللهُ قَتْلَه، وكذلك ما أتْلَفَه أهلُ العَدْلِ على أهْلِ البَغْي حال الحربِ مِن المالِ، لا ضَمانَ فيه؛ لأنَّهم إذا لم يَضْمَنُوا الأنْفُسَ، فالأمْوالُ أوْلَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن قُتِل العادِلُ، كان شَهِيدًا؛ لأنَّه قُتِلَ في قِتالٍ أمَرَ اللهُ تعالى به بقَوْلِه سبحانَه:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} (1). وهل يُغَسَّلُ ويُصَلَّى عليه؟ فيه رِوايَتان؛ إحداهُما، لا يُغَسَّلُ، ولا يُصَلَّى عليه؛ لأنَّه شَهِيدُ مَعْرَكَةٍ أُمِرَ بالقِتالِ فيها، فأشْبَهَ شَهِيدَ معركةِ الكُفَّارِ. والأخْرَى، يُغَسَّلُ ويُصَلَّى عليه. وهو قولُ الأوْزاعِيِّ، وابنَ المُنْذِرِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بالصلاةِ على مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ (2). واسْتَثْنَى قتِيل (3) الكُفَّارِ في المَعْرَكةِ (4)، ففيما عَداهُ يَبْقَى على الأصْلِ، ولأنَّ شَهِيدَ مَعْركةِ الكُفَّارِ أجْرُه أعظمُ، وفَضْلُه أكثرُ، وقد جاءَ أنَّه يُشَفَّعُ في سبعينَ مِن أهل بيتِه (5)، وهذا لا يَلْحَقُ به في فضْلِه، فلا يَثْبُتُ فيه مثلُ حُكْمِه؛ لأن الشيءَ إنَّما يُقاسُ على مثلِه.
(1) سورة الحجرات 9.
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 39.
(3)
في م: «قتال» .
(4)
تقدم تخريجه في 6/ 90.
(5)
أخرجه بلفظه أبو داود، في: باب في الشهد يشفع، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 15. وبمعناه الترمذي، في: باب في ثواب الشهيد، من أبواب فضائل الجهاد. عارضة الأحوذي 7/ 161. وابن ماجه، في: باب فضل الشهادة في سبيل الله، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 935. وهو حديث صحيح. انظر صحيح الجامع 5/ 40، 41.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وليس على أهلِ البَغْي أيضًا ضَمانُ ما أتْلَفُوه حال الحربِ؛ مِن نفس ولا مالٍ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، في أحدِ قَوْلَيه. وعن أحمدَ، رحمه الله، رِوايَة ثانيةٌ، أنَّهم يَضْمَنونَ، وهو القولُ الثاني للشافعيِّ؛ لقولِ أبي بكرٍ، رضي الله عنه، لأهْلِ الرِّدَّةِ: تَدُونَ قَتْلَانا، ولا نَدِي قَتْلاكُم (1). ولأنَّها نفوسٌ وأمْوالٌ مَعْصُومةٌ، أُتْلِفَتْ بغيرِ حَقٍّ ولا ضَرورةِ دَفْعِ مُباحٍ، فوَجَبَ ضَمانُه، كالذي تَلِف في غيرِ حالِ الحربِ. ولَنا، ما روَى الزُّهْرِيُّ، أنَّه قال: كانتِ الفِتْنَةُ العُظْمَى بينَ النَّاسِ، وفيهم البَدْرِيُّونَ، فأجْمَعُوا على أنَّ لا يُقامَ حَدٌّ على رجل ارْتَكَبَ فَرْجًا حَرامًا بتَأْويلِ القُرْآنِ، ولا يَغْرَمَ (2) مالًا أتْلَفَه بتَأْويلِ القُرْآنِ (3). ولأنَّها طائفةٌ مُمْتَنِعَةٌ بالحربِ، بتَأْويل سائغٍ، فلم تَضْمَنْ ما أتْلَفَتْ على الأخْرَى، كأهْلِ العَدْلِ، ولأنَّ تضْمِينَهم يُفْضِي إلى (4) تَنْفِيرِهم عن الرُّجوعِ إلى الطَّاعةِ، فلا يُشْرَعُ، كتَضْمِينِ أهلِ الحربِ.
(1) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب ما قالوا في الرجل يسلم ثم يرتد. . . .، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 264. والبيهقي، في: باب من قال: يتبعون بالدم، من كتاب قتال أهل البغي، وفي: باب قتال أهل الردة وما أصيب في أيديهم من متاع المسلمين، من كتاب الأشربة والحد فيها. السنن الكبرى 8/ 183، 184، 335. وانظر تلخيص الحبير 4/ 47.
(2)
في م: «يلزم» .
(3)
أخرجه البيهقي، في: باب من قال: لا تباعة في الجراح والدماء. . . .، من كتاب قتال أهل البغي. السنن الكبرى 8/ 174، 175. وانظر الإرواء 8/ 116.
(4)
سقط من: الأصل.