الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الثَّعْلَبِ، وَالْوَبْرِ، وَسِنَّوْرِ الْبَرِّ، وَالْيَرْبُوعِ، رِوَايَتَانِ.
ــ
منه، والمُتَوَلِّدُ مِن شيءٍ له حُكْمُه في التَّحْريمِ. وهكذا إن تَوَلَّدَ بين الوَحْشِيِّ والإِنْسِيِّ وَلَدٌ، فهو مُحَرَّمٌ، تَغْلِيبًا للتَّحْريمِ. والسِّمْعُ المُتَوَلِّدُ بينَ الذِّئْبِ والضَّبُعِ، مُحَرَّم، وكذا العِسْبارُ وَلَدُ الذِّئْبَةِ مِن الذِّيخِ، لذلك (1). قال قَتادَةُ: ما البَغْلُ إلَّا شيءٌ مِن الحمارِ. وعن جابرٍ، قال: ذَبَحْنا يومَ خَيبَرَ الخيلَ والبِغال والحميرَ، فنَهانا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن البِغالِ والحميرِ، ولم يَنْهَنا عنِ الخَيلِ (2).
4608 - مسألة: (وفي الثَّعْلَبِ، والوَبْرِ
(3)، وسِنَّوْرِ البَرِّ، واليَرْبُوعِ، رِوايَتان) اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ في الثَّعْلَبِ، فأكثرُ
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب غزوة خيبر، من كتاب المغازي، وفي: باب لحوم الحمر الإنسية، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخاري 5/ 173، 7/ 123. ومسلم، في: باب في أكل لحوم الخيل، من كتاب الصيد والذبائح. صحيح مسلم 3/ 1541. وأبو داود، في: باب في أكل لحوم الخيل، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود 2/ 316. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية كل ذي ناب وذي مخلب، من أبواب الصيد. عارضة الأحوذي 6/ 271. وابن ماجه، في: باب لحوم البغال، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه 2/ 1066. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 356، 385.
(3)
الوبر: حيوان من ذوات الحوافر، في حجم الأرنب، لونه بين الغبرة والسواد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرِّواياتِ عن أحمدَ تحْرِيمُه. وهذا قولُ أبي هُرَيرَةَ، ومالِكٍ، وأبي حنيفةَ؛ لأنَّه سَبُعٌ، فيَدْخُلُ في عُمومِ النَّهْي. ورُوِيَ عن أحمدَ، رحمه الله، إباحَتُه. اخْتارَه الشريفُ أبو جعفرٍ. ورَخَّصَ فيه عَطاءٌ، وقَتادَةُ، وطاوسٌ، واللَّيثُ، وسفيانُ بنُ عُيَينَةَ، والشافعيُّ؛ لأنَّه يُفْدَى في الإِحْرامِ والحَرَمِ. قال أحمدُ، وعَطاءٌ: كلُّ ما يُودَى إذا أصابَه المُحْرِمُ، فإنَّه يُؤكَلُ. واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في سِنَّوْرِ البَرِّ، كاخْتِلافِها في الثَّعْلَبِ. والقولُ فيه كالقولِ في الثَّعْلَبِ. وللشافعيِّ في سِنَّوْرِ البَرِّ وَجْهان. فأمّا الوَبْرُ فمُباحٌ. وبه قال عَطاءٌ،، وطاوسٌ، ومُجاهِدٌ، وعمرُو بنُ دِينارٍ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وأبو يوسفَ. قال القاضي: هو مُحَرَّمٌ. وهو قول أبي حنيفةَ وأصْحابِه، إلَّا أبا يوسفَ. ولَنا، أنَّه يُفْدَى في الإِحْرامِ والحَرَمِ، وهو كالأرْنَبِ، يأكُلُ النَّباتَ والبُقولَ، وليس له نابٌ يَفْرِسُ به، ولا هو مِن المُسْتَخْبَثاتِ، فكان مُباحًا كالأرْنبِ، ولأنَّ الأصْلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإِباحَةُ، وعُمومُ النَّصِّ يَقْتَضِيها، ولم يَرِدْ فيه تَحْرِيمٌ، فتَجِبُ إباحَتُه. فأَمّا اليَرْبُوعُ، فسُئِلَ أحمدُ عنه، فرَخَّصَ فيه. وهذا قولُ عُرْوَةَ، وعَطاءٍ الخُراسانِيِّ، والشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ. وفيه رِوايَةٌ أُخْرَى، أنَّه مُحَرَّمٌ. ورُوِيَ ذلك عنِ ابنِ سِيرينَ، والحَكَمِ، وحَمَّادٍ، وأصْحابِ الرَّأْيِ؛ لأنَّه يُشْبهُ الفَأْرَ. ولَنا، أنَّ عمرَ، رضي الله عنه، حَكَم فيه بجَفْرَةٍ (1). ولأنَّ الأَصْلَ الإِباحَةُ ما لم يَرِدْ فيه تحْرِيمٌ. وأمّا السِّنْجابُ، فقال القاضي: هو مُحَرَّمٌ؛ لأنَّه يَنْهَشُ بنابِه، فأشْبَهَ الجُرَذَ.
(1) الجَفْرة من أولاد الشاء: ما عظم واستكرش أو ما بلغ أربعة أشهر. وحكم فيه أي في قتله في الإحرام والحرم. وأخرجه عبد الرزاق، في: باب الغزال واليربوع، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 401. والبيهقي، في: باب فدية الغزال، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 184.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويَحْتَمِلُ أنَّه مُباحٌ؛ لأنَّه يُشْبهُ اليَرْبُوعَ، ومتى تَرَدَّدَ بينَ الإِباحَةِ والتَّحْرِيمِ، غُلِّبَتِ الإِباحَةُ؛ لأنَّها الأصْلُ، وعُمومُ النُّصوصِ يقْتَضِيها.
فصل: والفِيلُ مُحَرَّمٌ. قال أحمدُ: ليس هو مِن أطْعِمَةِ المسلمين. وقال الحسنُ: هو مَسْخٌ. وكَرِهَه أبو حنيفةَ، والشافعيُّ. ورَخَّصَ الشَّعْبِيُّ في أكلِه. ولَنا (1)، نَهْيُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن أكْلِ كُلِّ ذِي نابٍ مِن السِّباعِ. وهو مِن أعْظَمِها نابًا، ولأنَّه مُسْتَخْبَثٌ، فيَدْخُلُ في عُمومِ الآيَةِ المُحَرِّمَةِ.
(1) بعده في م: «أن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا الدُّبُّ، فيُنْظَرُ فيه؛ فإن كان ذا نابٍ يَفْرِسُ به، فهو، مُحَرَّمٌ، وإلَّا فهو مُباحٌ. قال أحمدُ: إن لم يَكُنْ له نابٌ، فلا بَأْسَ به. وقال أصْحابُ أبي حنيفةَ: هو سَبُعٌ؛ لأنَّه أشْبَهُ شيءٍ بالسِّباعِ، فلا يُؤْكَلُ. ولَنا، أنَّ الأصْلَ الإِباحَةُ، ولم يتَحَقَّقْ وُجودُ المُحَرِّمِ، فيَبْقَى على الأصْلِ، وشَبَهُه بالسِّباعِ إنَّما يُعْتَبَرُ في وُجودِ العِلَّةِ المُحَرِّمَةِ، وهو كونُه ذا نابٍ يَصِيدُ به ويَفْرِسُ، فإذا لم يُوجَدْ ذلك، كان داخِلًا في عُمومِ النُّصوصِ المُبِيحَةِ.