الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْحَلِفَ.
ــ
4700 - مسألة: (ولا يُسْتَحَبُّ تَكْرارُ الحَلِفِ)
باللهِ، ولا الإِفْراطُ (1) فيه؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} (2). وهذا ذَمٌّ له يَقْتَضِي كَراهَةَ فِعْلِه. فإن لم يخرُجْ إلى حَدِّ الإِكْثارِ، فليس بمَكْرُوهٍ، إلَّا أن يَقْتَرِنَ به ما يُوجِبُ كراهَتَه. ومن الناسِ مَن قال: الأَيمانُ كُلُّها مَكْروهَةٌ؛ لقولِ اللهِ تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيمَانِكُمْ} (3). ولَنا، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَحْلِفُ كثيرًا، وقد كان يَحْلِفُ في الحديثِ الواحِدِ أيمانًا كثيرةً، ورُبَّما كرَّرَ اليمينَ الواحِدةَ ثلاثًا، فإنَّه قال في خُطْبةِ الكُسوفِ: «وَاللهِ يا أُمَّةَ
(1) في ر 3: «إفراط» . وغير واضحة في الأصل.
(2)
سورة القلم 10.
(3)
سورة البقرة 224.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
محمَّدٍ، مَا مِنْ أحَدٍ أغْيَرُ مِنَ الله أنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أو تَزْنِيَ أَمتُهُ، يَا أَمَّةَ محمّدٍ، واللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعلَمُ، لَضَحِكْتُم قَلِيلًا، ولَبَكَيتُمْ كَثيرًا» (1). ولَقِيَتْه امرأةٌ من الأنْصارِ، معها أولادُها، فقال:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنَّكُم لأحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ» . ثَلاثَ مَرَّاتٍ (2). وقال: «وَاللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيشًا، واللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيشًا، وَاللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيشًا» (3). ولو كان هذا مكروهًا، لَكانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَبْعدَ الناسِ منه. ولأنَّ الحَلِفَ بالله تعالى تعظيمٌ له، وربَّما ضَمَّ إلى يَمِينِه وَصْفَ الله تعالى بتعظِيمِه وتَوْحِيدِه، فيكونُ مُثابًا على ذلك. فقد رُوِيَ أنَّ رجُلًا حَلَفَ على شيءٍ، فقال: واللهِ الَّذي لا إلهَ إلَّا هو، ما فَعَلْتُ كذا. فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أمَّا إنَّه، (4) قد كَذَبَ، وَلَكِنْ غفَرَ اللهُ له بتَوْحِيدِه» (5). وأمَّا الإفْراطُ في الحَلِفِ، فإنَّه إنَّما كُرِهَ، لأنَّه لا يَكادُ يَخْلُو من الكَذِبِ. واللَّهُ أعلمُ. وأمَّا قولُه تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ
(1) تقدم تخريجه في 5/ 397.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار: «أنتم أحب الناس إلي» ، من كتاب مناقب الأنصار، وفي: باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس، من كتاب النِّكَاح، وفي: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الأيمان والنذور. صحيح البخاري 5/ 40، 7/ 48، 8/ 164. ومسلم، في: باب فضائل الأنصار، رضي الله تعالى عنهم، من كتاب فضائل الصحابة. صحيح مسلم 4/ 1948، 1949. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 129، 258.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 490.
(4)
إلى هنا ينتهي السقط.
(5)
أخرجه بنحوه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 68، 4/ 3.