الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقَال أَصْحَابُنَا: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً.
ــ
4694 - مسألة: (وقال أصحابُنا: تَجِبُ الكَفَّارَةُ بالحَلِفِ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً)
ورُويَ عن أحمدَ، أنَّه قال: إذا حَلَف بحَقِّ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فحَنِثَ، فعليه الكَفَّارَةُ، لأنَّه أحَدُ شَرْطَىِ الشَّهادَةِ، فالْحَلِفُ به مُوجِبٌ للكَفَّارَةِ، كالحَلِفِ باللهِ تعالى. والأوَّلُ أوْلَى؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أو لِيَصْمُتْ». ولأنَّه حَلِفٌ بغيرِ اللهِ تعالى، فلم يُوجِبِ الكَفَّارَةَ بالحِنْثِ فيه، كسائِرِ الأنْبِياءِ، ولأنَّه مخلوقٌ، فلم تَجِبِ الكَفَّارَةُ بالحَلِفِ به، كالحَلِفِ بإبراهيمَ عليه السلام،
فَصْلٌ: وَيُشَتَرَطُ لِوجُوب الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدةً، وَهِيَ الًّتى يُمْكِنُ فِيهَا الْبِرُّ وَالْحِنْثُ، وَذَلِكَ الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ.
ــ
ولأنَّه ليس بمَنْصوصٍ عليه، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوصِ، ولا يَصِحُّ قِياسُ اسمِ غيرِ اللهِ على اسْمِه؛ لعَدَمِ الشَّبَهِ، وانْتِفاءِ المُماثَلَةِ. وكلامُ أحمدَ يُحْمَلُ على الاسْتِحْبابِ.
فَصْلٌ: وَيُشَتَرَطُ لِوجُوب الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدةً، وَهِيَ الَّتي يُمْكِنُ فِيهَا الْبِرُّ وَالْحِنْثُ، وَذَلِكَ الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ) قال ابنُ عبدِ البَر (1): اليَمِينُ التي فيها الكَفَّارَةُ بإجْماعِ المسلمين، هي التي على المُسْتَقْبَلِ مِن الأفْعالِ. كمَن حَلَف ليَضْرِبَنَّ غُلامَه أَوْ لا يَضْرِبُه، فإن فَعَل، فعليه الكَفَّارَةُ. وذَهَبَتْ طائِفَةٌ إلى أنَّ الحِنْثَ إذا كان طاعةً، لم يُوجِبْ كَفَّارَةً. وقال قومٌ: مَن حَلَفَ على فِعْلِ مَعْصِيَةٍ، فكَفَّارَتُها تَرْكُها. وقال سعيدُ بنُ جُبَيرٍ: اللَّغْوُ أن
(1) انظر: التمهيد 21/ 247.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يحْلِفَ الرجلُ (1) فيما لا يَنْبَغِي له. يعني فلا كَفَّارَةَ عليه في الحِنْثِ. وقد روَى عَمْرُو بنُ شُعَيبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ، وَلَا في مَعْصِيَةِ اللهِ، ولَا في قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ومَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِين فَرَأَى غَيرَهَا خَيرًا مِنْهَا، فَلْيَدَعْهَا، ولْيَأتِ الَّذِي هُوَ خَير، فإنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَةٌ» . روَاه أبو داودَ (2). ولأنَّ الكَفَّارَةَ إنَّما تَجِبُ لرَفْعِ (3) الإِثْمِ، ولا إثْمَ في الطَّاعَةِ، ولأنَّ اليَمِينَ كالنَّذْرِ، ولا نَذْرَ في مَعْصِيَةِ اللهَ. ولَنا، قولُ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيرَهَا خَيرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خير، ولْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِه» (4). وقال: «إِنِّي وَاللهِ، إنْ شَاءَ اللهُ، لَا أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيرَهَا خَيرًا مِنْهَا، إلَّا أَتَيتُ الَّذِي هُوَ خَيرٌ، وكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي» .
(1) سقط من: م.
(2)
في: باب اليمين في قطيعة الرحم، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبي داود 2/ 204.
كما أخرجه النسائي، في: باب اليمين فيما لا يملك، من كتاب الأيمان والنذور. المجتبى 7/ 12. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 212.
(3)
في م: «لدفع» .
(4)
أخرجه مسلم، في: باب ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرا منها. . . .، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم 3/ 1272، 1273. والترمذي، في: باب ما جاء في الكفارة قبل الحنث، من أبواب النذور والأيمان. عارضة الأحوذي 7/ 11. والإمام مالك، في: باب ما تجب فيه الكفارة من الأيمان، من كتاب النذور والأيمان. الموطأ 2/ 478. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 361. كلهم من حديث أبي هريرة.