الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَال: لَعَمْرُ اللهِ. كَانَ يَمِينًا. وَقَال أبُو بَكْرٍ: لَا يَكُونُ يَمِينًا
ــ
القاضي: فيه رِوايتان؛ إحْدَاهما، يكونُ يَمِينًا؛ لأنَّ لامَ التَّعْريفِ إن كانت للعَهْدِ، يَجِبُ أن تُصْرَفَ إلى عَهْدِ اللهِ تعالى؛ لأنَّه الذي عُهِدَتِ اليَمِينُ به، وإن كانت للاسْتِغْراقِ، دَخَل فيه ذلك. والثانيةُ، لا تكونُ يَمِينًا؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ غيرَ ما وَجَبَتْ به الكَفَّارَةُ، ولم يَصْرِفْه إلى ذلك بنِيَّتِه، فلا تَجِبُ الكَفَّارَةُ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُها.
فصل: ويُكْرَهُ الحَلِفُ بالأمانَةِ؛ لِما رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «مَنْ حَلَفَ بالْأَمَانَةِ، فَلَيسَ مِنَّا» . رَواه أبو داودَ (1). ورُوِيَ عن (2) زيادِ بنِ حُدَيرٍ: أنَّ رجلًا حَلَفَ عندَه بالأمانَةِ، فجعلَ يَبْكِي بُكاءً شديدًا، فقال له الرجلُ: هل كان هذا يُكْرَهُ؟ قال: نعم، كان عمرُ يَنْهَى عن الحَلِفِ بالأمانَةِ أشَدَّ النَّهي.
4688 - مسألة: (وإن قال، لَعَمْرُ اللهِ. كان يَمِينًا. وقال أبو
(1) في: باب في كراهية الحلف بالأمانة، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبي داود 2/ 199.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 5/ 352. وهو صحيح، سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/ 132، 133.
(2)
سقط من: م.
إلا أَنْ يَنْويَ.
ــ
بَكْرٍ: لا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أن يَنْويَ) ظاهِرُ المذهب أنَّ ذلك يَمِينٌ مُوجِبَةٌ للكَفَّارَةِ وإن لم يَنْو. وبه قال أبو حنيفةَ. وقال أَبو بكرٍ: إن قَصَدَ اليَمِينَ، فهو يَمِينٌ، وإلَّا فلا. وهو قولُ الشافِعيِّ؛ لأنَّها إنَّما تكونُ يَمِينًا بتَقْدِيرِ خَبَرٍ مَحْذُوفٍ، فكأنَّه قال: لعَمْرُ اللهِ ما أُقْسِمُ به. فيكونُ مَجازًا، والمَجازُ لا يَنْصَرِفُ إليه الإِطْلاقُ. ولَنا، أنَّه أقْسَمَ بصِفَةٍ من صِفَاتِ اللهِ، فكانت يَمِينًا مُوجِبَةً للكَفَّارَةِ، كالحَلِفِ ببَقاءِ اللهِ وحَياتِه. ويُقالُ: العُمْرُ والعَمْرُ واحِدٌ. وقيل: مَعْناه وحَقِّ اللهِ. وقد ثَبَت له عُرْفُ الشَّرْعِ والاسْتِعْمالِ، قال اللهُ تعالى:{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (1).
وقال النَّابِغَةُ (2):
فَلَا لعَمْرُ الذِي [قَدْ زُرْتَه](3) حِجَجًا
…
وما أُرِيقَ على الأنْصابِ مِنْ جَسَدِ
(1) سورة الحجر 72.
(2)
في ديوانه 19. صنعة ابن السكيت. تحقيق د. شكري فيصل.
وقد جاء الشطر الأول برواية أخرى هي:
في طبعة دار المعارف، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، صفحة 25.
(3)
في ق، ر 3:«قدرته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال آخرُ:
إذَا رَضِيَتْ كِرامُ بَنِي قُشَيرٍ
…
لَعَمْرُ اللهِ أعْجَبَنِي رِضَاهَا (1)
وهذا في الشِّعْرِ والكلامِ كثيرٌ. وأمَّا احْتِياجُه إلى التَّقْديرِ، فلا يَضُرُّ، فإنَّ اللَّفْظَ إذا اشْتَهَرَ في العُرْفِ، صارَ من الأسْماءِ العُرْفِيَّةِ، ويجبُ حَمْلُه عليه (2) عندَ الإِطْلاقِ دُونَ مَوْضُوعِه الأصْلِيِّ، على ما عُرِفَ من سائرِ الأسْماءِ العُرْفِيَّةِ، ومتى احْتاجَ اللَّفْظُ إلى التَّقْديرِ، وَجَب التَّقْدِيرُ له، ولم يَجُزِ اطِّراحُه، ولهذا يُفْهَمُ مُرادُ المُتَكَلِّمِ به من غيرِ اطِّلاعٍ على نِيَّةِ قائِلِه وقَصْدِه، كما يُفْهَمُ أنَّ مُرادَ المُتَكَلِّمِ بهذا (3). مِن المتقدِّمِينَ القَسَمُ، ويُفْهَمُ من القَسَمِ بغيرِ حَرْفِ القَسَمِ في أشْعارِهم القَسَمُ (3) في مثلِ قولِه (4):
* فَقُلْتُ يَمِينَ اللهِ أَبْرَحُ قاعِدًا *
ويُفْهَمُ من القَسَمِ الذي حُذِفَ في جَوابِه حَرْفُ [«لا» أنّه](5) مُقَدَّرٌ
(1) الدر الفريد 1/ 322، ونسبه للعامري. والبيت في اللسان (ر ض ى) منسوبا إلى القحيف العقيلي.
(2)
في م: «فيه» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «قولهم» . أي قول امرئ القيس، وهو صدر بيت له عجزه:
* ولو قطَّعوا رأسِي لَديكِ وأوْصالي *
ديوانه 32.
(5)
في م: «لأنه» .