الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَخَذَ قِطْعَةً مِنْ حُوتٍ، وَأَفْلَتَ حَيًّا، أُبِيحَ مَا أَخذَ مِنْهُ. وَأَمَّا مَا لَيسَ بِمُحَدَّدٍ؛ كَالْبُنْدُقِ، وَالْحَجَرِ، وَالْعَصَا، وَالشَّبَكَةِ، وَالْفَخِّ، فَلَا يُبَاحُ مَا قْتِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقِيذٌ.
ــ
4661 - مسألة: (وإن أخَذَ قِطْعَةً مِن حُوتٍ، وأفْلَتَ حَيًّا، أُبِيحَ ما أخَذَ منه)
لأنَّ أقْصَى ما فيه أنَّه مَيِّتٌ، ومَيتَتُه حلالٌ؛ لقولِه عليه الصلاة والسلام في البحرِ:«هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيتَتُهُ» (1).
4662 - مسألة: (وأمّا ما ليس بمُحَدَّدٍ؛ كالبُنْدُقِ والعَصَا والحَجَرِ والشَّبَكَةِ والفَخِّ، فلا يُباحُ ما قُتِلَ بِهِ؛ لأنَّه وَقِيذٌ)
أمّا ما قَتَلَتْه الشَّبَكَةُ والحَبْلُ، فهو مُحَرَّمٌ. لا نعلَمُ فيه خِلافًا، إلَّا عن الحسنِ، أنَّه [يُباحُ ما](2) قَتَلَه الحَبْلُ إذا سَمَّى، فدَخَل فيه وجَرَحَه. وهذا قول شاذٌّ، يُخالِفُ عَوامَّ أهْلِ العلمِ، ولأنَّه قُتِلَ بما ليس له حَدٌّ، أشْبَهَ ما قَتَلَه بالبُنْدُقِ.
فصل: فأمّا ما قَتَل البُنْدُقُ أو الحَجَرُ الذي لا حَدَّ له، فلا يُؤْكَلُ. وهذا قولُ عامَّةِ الفُقَهاءِ -[وأرادَ الحَجَرَ الذي لا حدَّ له](3) - فأمّا
(1) تقدم تخريجه في 1/ 34.
(2)
في م: «مباح إذا» .
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَجَرُ (1) المُحَدَّدُ كالصَّوّانِ، فهو كالمِعْرَاضِ، إن قُتِلَ بحَدِّه أُبِيحَ، وإن قُتِلَ بعَرْضِه أو ثِقْلِه فهو وَقِيذٌ لا يُباحُ. قال ابنُ عمرَ، في المقتولَةِ بالبُنْدُقِ: تلك الموْقُوذَةُ (2). وكَرِهَ ذلك سالِمٌ، والقاسِمُ، ومُجاهِدٌ، وعطاءٌ، والحسنُ، وإبراهيمُ، ومالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ. ورَخَّصَ فيما قُتِلَ بها ابنُ المُسَيَّبِ. [ورُوي أيضًا عن](3) عَمَّارٍ، وعبدِ الرحمنِ بنِ أبي لَيلَى. ولَنا، قولُه تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ} إلى قولِه: {وَالْمَوْقُوذَةُ} (4). ورَوَى سَعِيدٌ، بإسْنادِه عن إبراهيمَ، عن عَدِيٍّ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَلَا تَأْكُلْ مِنَ البُنْدُقَةِ إلَّا مَا ذَكَيتَ» (5). وقال عمرُ، رضي الله عنه: لِيَتَّقِ أحدُكم أن يحْذِفَ الأرْنَبَ بالعَصا والحجَرِ. ثم قال: ولْيُذَكِّ لكم الأسَلُ؛ الرِّماحُ والنَّبْل (6). إذا ثَبَت هذا، فسواء شَدَخَه أو لم يَشْدَخه، حتى لو رَماه ببُنْدُقَةٍ فقَطَعَتْ حُلْقُومَ طائِرٍ ومَرِيئَه، أو أطارَتْ رأْسَه، لم يَحِلَّ. ومِثْلُه لو فعلَ ذلك بحَجَرٍ غيرِ مُحَدَّدٍ.
فصل: أجْمَعَ أهلُ العِلْمِ على تحريمِ صَيدِ المَجُوسِيِّ، إذا لم يُذَكِّه
(1) سقط من: الأصل.
(2)
انظر ما تقدم تخريجه في صفحة 367.
(3)
في م: «أيضًا و» .
(4)
سورة المائدة 3.
(5)
وأخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 380.
(6)
أخرجه البيهقي، في: السنن الكبرى 9/ 248.
النَّوْعُ الثَّانِي؛ الْجَارِحَةُ، فَيُبَاحُ مَا قَتَلَتْهُ إِذَا كَانَتْ مُعَلَّمَةً، إلا الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ، فَلَا يُبَاحُ صَيدُهُ.
ــ
مَن هو مِن أهلِ الذَّكاةِ، إلَّا ما لا ذَكاةَ له، كالسَّمَكِ والجَرادِ، إلَّا أنَّ مالِكًا، واللَّيثَ، وأبا ثَوْرٍ، شَذُّوا عن الجماعَةِ، وأفْرَطُوا؛ فأمّا مالِكٌ واللَّيثُ فقالا: لا نرَى أن (1) يُؤْكَلَ الجرادُ إذا صادَه المجُوسِيُّ. ورَخَّصَا في السَّمَكِ. وأبو (2) ثَوْرٍ أباحَ صَيدَه؛ لقولِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سُنُّوا بِهِم سُنَّةَ أهْلِ الكتابِ» (3). وهذا قولٌ يُخالِفُ الإِجْماعَ، فلا عِبْرَةَ به. والحدِيثُ إنَّما أُرِيدَ به قَبولُ الجِزْيَةِ منهم، لا تحليلُ ذَبائِحِهم ونِسائِهم، لمُخالفَتِه الإِجْماعَ.
(النوعُ الثاني، الجارِحَةُ، فيُباحُ ما قَتَلَتْه إذا كانت مُعَلَّمَةً، إلَّا الكلبَ الأسْودَ البهيمَ، فلا يُباحُ صَيدُه) ولا خلافَ في اعْتِبارِ شَرْطِ التَّعْليمِ في
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل، ر 3، ق، م:«أبا» .
(3)
تقدم تخريجه في 10/ 127.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجارِحَةِ؛ لقولِه تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيكُمْ} (1). فأمّا الكلبُ الأسْوَدُ البهيمُ، فلا يُباحُ صَيدُه. والبَهِيمُ: الذي لا يُخالِطُ لَوْنَه لَوْنٌ سِوَاهُ. قال أحمدُ: الذي ليس فيه بَياضٌ. قال ثعلبٌ، وإبراهيمُ الحَرْبِيُّ: كُلُّ لَونٍ لم يُخالِطْه لَوْنٌ آخرُ، فهو بهيمٌ. قيل لهما: مِن كُلِّ لَوْنٍ؟ قالا: نعم. وممَّن كَرِهَ صَيدَه الحسنُ، والنَّخَعِيُّ، وقَتادَةُ، وإسحاقُ. قال أحمدُ: ما أعْرِفُ أحدًا يُرَخِّصُ فيه. يَعْنِي مِن السَّلَفِ. وأباحَ صَيدَه أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشافعيُّ، لعُمومِ الآيَةِ والخَبَرِ، والقياسِ على غيرِه مِن الكلابِ. ولَنا، أنَّه كلبٌ مُحَرَّمٌ اقْتِناؤُه، فلم يُبَحْ صَيدُه، كغيرِ المُعَلَّمِ، ودليلُ تحْرِيمِ اقْتِنائِه قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«فَاقْتُلُوا مِنْها كُلَّ أسْوَدَ بَهِيمٍ» . رَواه سعيدٌ، وغيرُه (2). وروَى مسلمٌ، في «صَحِيحِه» (3)،
(1) سورة المائدة 4.
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 653.
(3)
تقدم تخريجه في 3/ 652. واللفظ المرفوع من حديث جابر بن عبد الله.
والذي عند مسلم عن عبد الله بن المغفل قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب. ثم قال: «ما بالهم وبال الكلاب؟» . ثم رخص في كلب الصيد والغنم. صحيح مسلم 2/ 1201.
كما أخرجه النسائي، في: باب تعفير الإناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه، من كتاب المياه. المجتبى 1/ 47.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بإسنادِه عن عبدِ اللهِ بنِ المُغَفَّلِ، قال: أمَرَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بقَتْلِ الكلابِ، ثم نَهَى عن قَتْلِها، فقال:«عَلَيكُم بالأسْوَدِ الْبَهِيمِ، ذِي النُّكْتَتَينِ (1)، فإنَّه شَيطَانٌ» . فأمَرَ بقَتْلِه، وما وَجَب قَتْلُه حَرُمَ اقْتناؤُه وتَعْليمُه، فلم يُبَحْ صَيدُه، كغيرِ المُعَلَّمِ، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سَمّاه شَيطانًا،
(1) عند مسلم: «ذي النقطتين» .