الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالظَّاهِرُ أَنَّها إِنْ كَانَتْ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ
ــ
ولَنا، أنَّه حِنْثٌ واحدٌ أوْجَبَ جِنْسًا واحدًا من الكَفَّاراتِ، فلم يَجِبْ به أكثرُ مِن كَفَّارَةٍ، كما لو قَصَد التَّأْكِيدَ. قولُهم: إنَّها أسْبابٌ تَكَرَّرَتْ. مَمْنُوعٌ، فإنَّ السَّبَبَ الحِنْثُ، وهو واحِدٌ، وإن سَلَّمْنا، فيَنْتَقِضُ بما إذا كَرَّرَ الوَطْءَ في رمضانَ في أيَّامٍ، وبالحُدودِ إذا تَكَرَّرَتْ أسْبابُها، ولا يَصِحُّ القياسُ على الصَّيدِ الحَرَمِيِّ؛ لأنَّ الكَفَّارَةَ بَدَلٌ، ولذلك تَزْدادُ بكِبَرِ الصَّيدِ، وتُقَدَّرُ بقَدْره، فهي كدِيَةِ القتلِ، ولا على كَفَّارَةِ قَتْلِ الآدَمِي؛ لأنَّها أُجرِيَتْ مُجْرَى البَدَلِ أيضًا لحَقِّ اللهِ تعالى؛ لأنَّه لمّا أتْلَفَ آدَمِيًّا عابدًا للهِ تعالى، ناسَبَ أن يُوجِدَ عبدًا يَقُومُ مَقامَه في العِبادَةِ، فلمَّا عَجَز عن الإِيجادِ، لَزِمَه إعْتاقُ رَقَبَةٍ؛ لأنَّ العِتْقَ إيجاد للعَبْدِ بتَخْلِيصِه من رِقِّ العُبُودِيَّةِ وشُغْلِها، إلى فَراغِ البالِ للعِبادَةِ بالحُرِّيَّةِ التي حَصَلَت بالإِعْتاقِ، ثم الفَرْقُ ظاهِرٌ، لأنَّ السَّبَبَ ههُنا تَكَرَّرَ بكَمالِه وشُروطِه، وفي مَحَل النِّزاعِ لم يُوجَدْ ذلك، لأنَّ الحِنْثَ إمَّا أن يكونَ هو السَّبَبَ، أو جُزْءًا منه، أو شَرْطًا له، بدليلَ تَوَقُّفِ الحُكْمَ على وجُودِه، وأَيًّا ما كان، فلم يَتَكَرَّرْ، فلم يَجُزِ الإِلْحاقُ (1)، وإن صَحَّ القِياسُ، فقِياسُ كَفَّارَةِ اليَمِينِ على مِثْلِها أوْلَى من قِياسِها على القَتْلِ؛ لبُعْدِ ما بينَهما.
4713 - مسألة: (والظَّاهِرُ)
فيما إذا كَرَّرَ الأيمَانَ (أنَّها إن كانت
(1) سقط من: م.
كَانَتْ عَلَى أَفْعَالٍ، فَعَلَيهِ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ.
ــ
على فِعْلٍ واحِدٍ، فكَفَّارَةٌ واحِدَةٌ، وإن كانت على أفْعَالٍ، فعليهِ لِكلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ) لأنَّها إذا كانت على فِعْلٍ واحدٍ، كان سَبَبُها واحدًا، فالظَّاهِرُ أنَّه أرادَ التَّوْكِيدَ لذلك، كقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«وَاللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيشًا» . كَرَّرَها (1) ثلاثًا، وإن كانت على أفْعالٍ، فعليه لكلِّ يَمِين كَفَّارَةٌ. وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِيِّ. ورَواه المَرُّوذِيُّ عن أحمدَ. وهو قولُ أكثرِ أهلِ العِلْمِ. وقال أبو بَكْرٍ: تجْزِئُه كَفَّارَةٌ واحدةٌ، رَواها ابنُ مَنْصُورٍ عن أحمدَ. قال القاضي: هي الصَّحِيحَةُ. وقال أبو بكرٍ: ما نَقَلَه المَرُّوذِيُّ عن أحمدَ قولٌ لأبي عبدِ اللهِ، ومذهَبُه أنَّ كَفَّارَةً واحِدَةً تُجْزِئه.
(1) في ق، م:«قالها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو قولُ إسحاقَ؛ لأنَّها كَفَّارات من جِنْس واحدٍ، فتَداخَلَتْ، كالحُدودِ مِن جِنْسٍ واحدٍ، وإنِ اخْتَلَفَتْ محالُّها، بأن سَرَقَ من جماعَةٍ، أو زَنَى بنِساءٍ. ولَنا، أنَّهُنَّ أيمانٌ لا يَحْنَثُ في إحْداهُنَّ بالحِنْثِ في الأُخْرَى، فلم تَتَكَفَّرْ (1) إحْداهما بكَفَّارَةِ الأُخْرَى، كما لو كَفَّرَ عن إحْداهما قبلَ الحِنْثِ في الأُخْرَى، وكالأيمانِ المُخْتَلِفَةِ الكَفَّارَةِ. وبهذا فارَقَ الأيمانَ على شيءٍ واحدٍ؛ فإنَّه متى حَنِثَ في إحْداهما كان حانِثًا في الأُخْرَى، فلمَّا كان الحِنْثُ واحِدًا، كانتِ الكَفَّارَةُ واحِدَةً، وههُنا تَعَدَّدَ (2) الحِنْثُ، فتَعَدَّدَتِ (3) الكَفَّاراتُ، وفارَقَ الحُدودَ، فإنَّها وَجَبَت للزَّجْرِ، وتَنْدَرِئُ بالشُّبُهاتِ، بخلافِ مسألتنا، ولأنَّ الحُدودَ عُقُوبَةٌ بَدَنِيَّةٌ، فالمُوالاةُ بينَها رُبَّما أفْضتْ إلى التَّلَفَ، فاجْتُزِئَ بإحَداها (4)، وههُنا الواجِبُ (5) إخْراجُ مالٍ يَسِيرٍ، أو صيامُ ثلاثَةِ إيَّامٍ، فلا يَلْزَمُ الضَّرَرُ الكبيرُ بالمُوالاةِ فيه، ولا يُخْشَى منه التَّلَفُ.
فصل: إذا حَلَف يَمِينًا واحِدَةً على أجْناسٍ مُخْتَلِفَةٍ، فقال: واللهِ لا
(1) في م: «تكفر» .
(2)
في م: «تعذر» .
(3)
في م: «تعذرت» .
(4)
في الأصل، ق، ص:«بإحداها» .
(5)
سقط من: م.