الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ الْقَسَمُ بِغَيرِ حَرْفِ الْقَسَمِ، فَيَقُولُ: اللهَ لأَفْعَلَنَّ. بالْجَرِّ والنَّصْبِ، فَإِنْ قَال: اللهُ لأَفْعَلَنَّ. مَرْفُوعًا، كَانَ يَمِينًا، إلا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا يَنْويَ الْيَمِينَ.
ــ
القَسَمِ، [ويَحْتَمِلُ أن يُقْبَلَ منه في قولِه (1): تاللهِ لأقُومَنَّ. إذا قال: أرَدْتُ أنَّ قِيامي بمَعُونَتِه وفَضْلِه. لأنَّه فَسَّرَ كَلامَه بما يَحْتَمِلُه، ولا يُقْبَلُ في الحرفين الآخرَين؛ لعَدَمِ الاحْتِمالِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّه أجابَه بجَوابِ القَسَمَ] (2). فيَمْتَنِعُ صَرْفُه إلى غيرِه.
4691 - مسألة: (وَيَجُوزُ الْقَسَمُ بِغَيرِ حَرْفِ الْقَسَمِ، فَيَقُولُ: اللهَ لأَفْعَلَنَّ. بالْجَرِّ والنَّصْبِ، فَإِنْ قَال: اللهُ لأَفْعَلَنَّ. مَرْفُوعًا، كَانَ يَمِينًا، إلا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا يَنْويَ الْيَمِينَ)
إذا أقْسَمَ بغيرِ حَرْفِ القَسَمِ، فقال: اللهَ لأقُومَنَّ. بالجَرِّ والنَّصْبِ، فهو يمينٌ. وقال الشافعيُّ: لا يكونُ يَمِينًا، إلَّا أن يَنْويَ؛ لأنَّ ذِكْرَ اللهِ تعالى بغيرِ حَرْفِ القَسَمِ ليس بصرِيح في القَسَمِ، فلا يَنْصرِفُ إلَّا بالنِّيَّةِ. ولَنا، أنَّه سائِغٌ في العَرَبِيَّةِ، وقد وَرَد به عُرْفُ الاسْتِعْمالِ في الشَّرْعِ، فرُوىَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ أخْبَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قَتَل أبا جَهْلٍ، فقال:«آللهِ إنَّكَ قَتَلْتَه؟» .
(1) في الأصل: «قولهم» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال: اللهِ إنِّي قَتَلْتُه. ذَكَره البخاريُّ (1). وقال لِرُكَانَةَ بنِ عبدِ يَزِيدَ: «آللهِ ما أرَدْتَ إلَّا وَاحِدَةً؟» . قال: اللهِ ما أرَدْتُ إلَّا واحِدَةً (2). وقال امرؤُ القَيسِ (3):
* فَقُلْتُ يَمِينَ اللهِ أَبْرَحُ قاعِدًا *
وقال أيضًا (4):
* فَقالتْ يَمِينَ اللهِ ما لَكَ حِيلَةٌ *
وقد اقْتَرَنَتْ به قَرِينَتان تَدُلَّان عليه؛ إحْداهُما، الجوابُ بجَوابِ القَسَمِ. والثانيةُ، الجَرُّ والنَّصْبُ [في اسمِ](5) اللهِ تعالى، فوَجَبَ أن يكونَ يَمِينًا، كما لو قال: واللهِ. فإن قال: اللهُ لأفْعَلَنَّ. بالرَّفْعِ، ونَوَى اليَمِينَ، فهو يَمِينٌ، إلَّا أنَّه (6) يكونُ قد لَحَن، كما لو قال: واللهُ.
(1) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 444. والطبراني، في: المعجم الكبير 9/ 81 - 85. والبيهقي، في: السنن الكبرى 9/ 62. ولم نجد هذا اللفظ عند البخاري، وانظر مجمع الزوائد 6/ 79، وتلخيص الحبير 4/ 169. وأصل الحديث تقدم تخريجه في 10/ 156.
(2)
تقدم تخريجه في 22/ 239.
(3)
تقدم في صفحة 343.
(4)
في ديوانه 14، وعجز البيت:
* وما إنْ أرى عنك العَمايةَ تَنْجَلِي *
(5)
في م: «واسم» .
(6)
في م: «أن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالرَّفْعِ. [وإن لم](1) يَنْوِ اليَمِينَ، فقال أبو الخَطَّابِ: تكونُ يَمِينًا؛ لأنَّ قَرِينَةَ الجَوابِ بجَوابِ (2) القَسَمِ كافِيَة، والعامِّيُّ لا يَعْرِفُ الإعْرابَ فيأتِيَ به، إلَّا أن يكونَ مِن أهلِ العَرَبِيَّةِ، فإنَّ عُدولَه عن إعْرابِ القَسَمِ دليل على أنَّه لم يُرِدْه. قال شيخُنا (3): ويَحْتَمِلُ أن لا يكونَ قَسَمًا في حَقِّ العامِّيِّ؛ لأنَّه ليس بقَسَم في حَقِّ أهلِ العَربِيَّةِ، فلم يَكُنْ قَسَمًا في حَقِّ غيرِهم، كما لو لم يُجِبْه بجوابِ القَسَمِ.
فصل: ويُجابُ القَسَمُ بأرْبَعَةِ أحْرُفٍ؛ حرفان للنَّفْي، وهما «ما» و «لا» ، وحَرفان للإِثباتِ، وهما «إنْ» و «اللام» المَفْتُوحَةُ. وتقُومُ «إن» الخفيفةُ المكسورَةُ، مَقامَ «ما» النَّافِيَةِ، مثلَ قولِه:{وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إلا الْحُسْنَى} (4). وإن قال: واللهِ أفْعَلُ. بغيرِ حَرْفٍ، فالمحذوف ههُنا «لا» ، ويكونُ يَمِينُه على النَّفي، لأنَّ
(1) في م: «ولم» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في: المغني 13/ 459.
(4)
سورة التوبة 107.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَوْضُوعَه في العَرَبِيَّةِ لذلك، قال اللهُ تعالى:{تَاللهِ تَفْتَوأ تَذْكُرُ يُوسُفَ} . أي: لا تَفْتَؤُ. وقال الشاعر:
* تَاللهِ يَبْقَى عَلَى الأَيَّامِ ذُو حِيَدٍ *
وقال آخرُ:
* فَقُلْتُ يَمِينَ اللهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا *
أي: لا أَبْرَحُ.
فصل: وإن قال: لاهَا اللهِ. ونَوَى اليَمِينَ، كان يَمِينًا؛ لأنَّ أبا بكرٍ، رضي الله عنه، قال في سَلَبِ قتيلِ أبي قَتادَةَ: لَاها اللهِ، إذًا يَعْمِدُ (1) إلى أسَدٍ مِن أُسْدِ اللهِ، يُقاتِلُ عن اللهِ وعن رسولِه، فيُعْطِيكَ سَلَبَه! فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ» (2). وإن لم يَنْو اليَمِينَ، فالظاهِرُ أنَّه لا يكونُ يَمِينًا؛ لأنَّه لم يَقْتَرِنْ به عُرْفٌ (3) ولا نِيَّةٌ، ولا في جَوأبِه حَرْفٌ يَدُل على القَسَمِ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ.
(1) في م: «تعمد» . وانظر تخريج الحديث.
(2)
تقدم تخريجه في 10/ 152، 153.
(3)
في م: «صرف» .