الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَمَّا الْيَمِينُ عَلَى الْمَاضِي، فَلَيسَتْ مُنْعَقِدَةً، وَهِيَ نَوْعَانِ، يَمِينُ الغَمُوسِ، وَهِيَ الَّتي يَحْلِفُ بِهَا كَاذِبًا عَالِمًا
ــ
أخْرَجَه البخاريُّ (1). وحَدِيثُهم لا يُعارِضُ حدِيثَنا؛ لأنَّ حَدِيثَنا أصَحُّ منه وأثْبَتُ. ثم إنَّه يَحْتَمِلُ أنَّ تَرْكَها كَفَّارَةٌ لإثْمِ الحَلِفِ، والكَفَّارَةُ المُخْتلَفُ فيها كَفَّارَةُ المُخالفَةِ. وقولُهم: إنَّ الحِنْثَ طاعةٌ. قُلْنا: فاليَمِينُ غيرُ طاعَةٍ، فتَلْزَمُه الكَفَّارَةُ؛ للمُخالفَةِ، ولتَعْظِيمِ اسْمِ الله عز وجل إذا حَلَف به ولم يَبَرَّ يَمِينَه. إذا ثَبَت ذلك، نَظرنا في يَمِينِه، فإن كانت على تَرْكِ شيءٍ ففَعَلَه، حَنِثَ، ووَجَبَتِ الكَفَّارَةُ. وإن كانت على فِعْلِ شيءٍ فلم يَفْعَلْه، وكانت يَمِينُه مُؤقَّتَةً بلَفْظِه، أو بنِيَّتِه، أو قَرِينَةِ حالِه، ففاتَ الوَقْتُ، حَنِث، [وكَفَّر](2). وإن كانت مُطْلَقَةً، لم يَحْنَثْ إلَّا بفَواتِ وَقْتِ الإِمْكانِ؛ لأنَّه ما دامَ في الوَقْتِ، والفعلُ مُمْكِن، فيَحْتَمِلُ أنَّه يفْعَلُ فلا يَحْنَثُ.
4695 - مسألة: (فَأَمَّا الْيَمِينُ عَلَى الْمَاضِي، فَلَيسَتْ مُنْعَقِدَةً، وَهِيَ نَوْعَانِ، يَمِينُ الغَمُوسِ، وَهِيَ الَّتي يَحْلِفُ بِهَا كَاذِبًا عَالِمًا بكَذِبه
.
(1) تقدم تخريجه في 23/ 207، 208.
(2)
سقط من: ق، م.
بِكَذِبِهِ. وَعَنْهُ، فِيهَا الْكَفَّارَةُ. وَمِثْلُهَا الْحَلِفُ عَلَى مُسْتَحِيلٍ، كَقَتْلِ الْمَيِّتِ وَإِحْيَائِهِ، وَشُرْبِ مَاءِ الْكُوزِ وَلَا مَاء فِيهِ.
ــ
وعنه، فيها الكَفَّارَةُ. ومِثْلُها الحَلِفُ على مُسْتَحِيلٍ، كقَتْلِ المَيِّتِ وإحْيائِه، وشُرْبِ ماءِ الكُوزِ ولا ماءَ فيه) ظاهِرُ المذهب أنَّ يَمِينَ الغَمُوسِ لا كَفَّارَةَ فيها. نَقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. وهو قولُ أكثرِ أَهلِ العلمِ؛ منهم ابنُ مسْعُودٍ، وسعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والحسنُ، ومالكٌ، والأوْزاعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، واللَّيثُ، وأبو عُبَيدٍ، وأصحابُ الحَدِيثِ، وأصْحابُ الرَّأْي مِن أهلِ الكوفَةِ. وإنَّما سُمِّيَتْ هذه يَمِينَ الغَمُوسِ؛ لأنَّها تَغْمِسُ صاحِبَها فِي الإِثْمِ. قال ابنُ مسعودٍ: كُنَّا نَعُدُّ مِن (1) اليَمِينِ التي لا كَفَّارَةَ لها،
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اليَمِينَ الغَمُوسَ (1). وعن سعيدِ بنِ المُسَيَّب، قال: هي مِن الكبائِرِ، وهي أعظمُ مِن أن تُكَفَّرَ. ورُوِيَ عن أحمدَ، أنَّ فيها الكَفَّارَةَ. ورُوِيَ ذلك عن عَطاءٍ، والزُّهْرِيِّ، والحَكَمِ، والبَتِّيِّ. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّه وُجِدَتْ منه اليَمِينُ باللهِ، والمُخالفَةُ مع القَصْدِ، فلَزِمَتْه الكَفَّارَةُ، كالمُسْتَقْبَلَةِ (2). ولَنا، أنَّها يمِينٌ غيرُ مُنْعَقِدَةٍ، فلا تُوجِبُ الكَفَّارَةَ، كاللَّغْو، أو يَمِينٌ على ماضٍ، أشْبَهَتِ اللَّغْوَ، وبَيانُ أنَّها غيرُ مُنْعَقِدَةٍ، كَوْنُها لا (3) تُوجِبُ بِرًّا، ولا يُمْكِنُ فيها، ولأنَّه قارَنَها ما يُنافِيها، فلم تَنْعَقِدْ، كالنِّكاحِ الَّذي قارَنَه الرَّضاعُ. ولأنَّ الكَفَّارَةَ لا تَرْفَعُ إثْمَها، فلا تَسُوغُ (4) فيها، ودليلُ أنَّها كبيرةٌ، ما رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«مِنَ الْكَبَائِرِ الإِشْرَاكُ باللهِ، وعُقُوقُ الْوَالِدَينِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، والْيَمِينُ الغَمُوسُ» . رَواه البخاريُّ (5). ورُوِيَ فيه: «خمْسٌ مِنَ الكَبَائِرِ لَا
(1) أخرجه البيهقي، في: باب في اليمين الغموس، من كتاب الأيمان. السنن الكبرى 10/ 38.
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «تشرع» .
(5)
في: باب اليمين الغموس، من كتاب الأيمان، وفي: باب قول الله تعالى: {ومن أحياها} من كتاب الديات، وفي: باب قال الله تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} من كتاب المرتدين. صحيح البخاري 8/ 171، 4/ 9، 17.
كما أخرجه النسائي، في: باب ذكر الكبائر، من كتاب تحريم الدم، وفي: باب ما جاء في كتاب القصاص. . . .، من كتاب القسامة. المجتبى 7/ 82، 8/ 57. والدارمي، في: باب التشديد في قتل النفس المسلمة، من كتاب الديات. سنن الدارمي 2/ 191. والإمام أحمد، في المسند 2/ 201.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كَفَّارَةَ لَهُنَّ، الإِشْرَاكُ باللهِ، والْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وبَهْتُ المُؤْمِنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيرِ حَقٍّ، والحَلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ يُقْتَطَعُ بِهَا مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» (1). ولا يَصِحُّ القياسُ على المُسْتَقْبَيَةِ، لأنَّها يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ، يُمْكِنُ حلُّها والبِرُّ فيها، وهذه غيرُ مُنْعَقِدَةٍ، فلا حَلَّ لها. وقولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِنِهِ، ولْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيرٌ» . يَدُلُّ على أنَّ الكَفَّارَةَ إنَّما تجِبُ على فِعْل يَفْعَلُه فيما يَسْتَقْبِلُه. قاله ابنُ المُنْذِرِ (2).
فصلٌ: والمُسْتَحِيلُ نَوْعان؛ أحدُهما، مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا، كقَتْلِ الميِّتِ وإحْيائِه، وشُرْبِ ماءِ الكُوزِ ولا ماءَ فيه. فقال أبو الخَطَّابِ: لا تَنْعَقِدُ [يَمِينُه، ولا تَجِبُ بها كَفَّارَة. وهذا مذهبُ مالكٌ، لأنَّها يَمِينٌ قارَنَها ما لا يُتَصَوَّرُ، فلم تَنْعَقِدْ](3)، كيَمِينِ الغَمُوسِ، ولأنَّ اليَمِينَ إنَّما تَنْعَقِدُ على مُتَصوَّرٍ، أو مُتَوَهَّمِ التَّصَوُّرِ، وليس ههُنا واحِدٌ منهما. وقال
(1) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 362.
(2)
انظر: الإشراف 2/ 244.
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضي: يَنْعَقِدُ مُوجِبًا للكَفَّارَةِ في الحالِ. وهذا قولُ أبي يُوسُفَ، والشافعيِّ؛ لأنَّه حَلَف على فِعْلِ نفْسِه في المُسْتَقْبَلِ ولم يَفْعَلْ، فهو كما لو حَلَف ليطَلِّقَنَّ امرأتَه، فماتَ قبلَ طَلاقِها، وبالقِياسِ (1) على المُسْتَحِيلِ عادةً. ولا فَرْقَ بينَ أنْ يَعْلَمَ اسْتِحالتَه (2) أو لا يَعْلَمَ، مثلَ أن يَحْلِفَ ليَشرَبَنَّ الماءَ الَّذي في الكُوزِ ولا ماءَ فيه، فالحُكْمُ واحدٌ في مَن عَلِمَ أنَّه لا ماءَ فيه ومَن لم يَعْلَمْ. وذَكَر شَيخُنا في الكتابِ المَشْروحِ إحْياءَ المَيِّتِ وقَتْلَه في المُسْتَحِيلِ عقْلًا. وإحْياءُ الميِّتِ مُتَصَوَّرٌ عقْلًا، وإنَّما هو مُسْتَحِيلٌ عادةً، فهو من النَّوْعِ الثاني. فأمَّا قَتْلُ المَيِّتِ،
(1) في الأصل: «القياس» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن أرادَ قَتْلَه حال مَوْتِه، فهو مِن المُسْتَحِيلِ عقْلًا، فيه من الخِلافِ ما ذكَرْنا، وإن حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلانًا، وهو مَيِّت، فهو كالمُسْتَحِيلِ عادةً، فإنَّه يُتَصَوَّرُ أن يُحْيِيَه اللهُ، فيَقْتُلَه، فَتَنْعَقِدَ يَمِينُه، على ما نَذْكُرُ في المُسْتَحِيلِ عادةً. النَّوْعُ الثانِي، المُسْتَحِيلُ عادةً، كصُعودِ السَّماءِ، والطَّيرَانِ، وقَطْعِ المسافَةِ البَعِيدَةِ في المُدَّةِ القَليلَةِ، فإذا حَلَف على فِعْلِه، انْعَقَدَتْ يَمِينُه. ذَكَرَه القاضِي، وأبو الخَطَّابِ؛ لأنَّه يُتَصَوَّرُ وجُودُه، فإذا حَلَف عليه، انْعَقَدَتْ يَمِينُه، ولَزِمَتْه الكَفَّارَةُ في الحالِ، لأنَّه مَأْيُوسٌ من البِرِّ فيها، فوَجَبَتِ الكَفَّارَةُ، كما لو حَلَف لَيُطَلِّقَنَّ امرأتَه فماتتْ.
فصل: إذا قال: واللهِ لَيفَعَلَنَّ فلانٌ كذا، أو لا يَفْعَلَنَّ (1). أو حَلَف على حاضِرٍ، فقال: واللهِ لتَفْعَلَنَّ كذا. فأْحْنَثَه، ولم يَفْعَلْ، فالكَفَّارَةُ على الحالِفِ. كذلك قال ابنُ عمرَ، وأهلُ المدينةِ، وعَطاءٌ، وقَتادَةُ، والأوْزَاعِيُّ، وأهلُ العراقِ، والشافعيُّ، لأنَّ الحالِفَ هو الحانِثُ، فكانتِ
(1) في م: «يفعل كذا» .
الثَّانِي، لَغْوُ الْيَمِينِ، وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيَبِينَ بِخِلَافِهِ، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا.
ــ
الكَفَّارَةُ عليه، كما لو كان هو الفاعِلَ لِما يُحْنِثُه، ولأنَّ سَبَبَ الكَفَّارَةِ إمَّا اليَمِينُ، أو الحِنْثُ، أو هما، وأيُّ ذلك قُدِّرَ، فهو مَوْجُودٌ في الحالِفِ. وإن قال: أسْأَلُكَ باللهِ لتَفْعَلَنَّ. وأرادَ اليَمِينَ، فهي كالتي قبلَها. وإن أرادَ الشَّفاعَةَ إليه باللهِ، فليس بيَمِينٍ، ولا كَفَّارَةَ على واحدٍ منهما. وإن قال: باللهِ لتَفْعَلَنَّ. فهي يَمِينٌ؛ لأنَّه أجابَ بجوابِ القَسَمِ، إلَّا أن يَنْويَ ما يَصْرِفُها. وإن قال: باللهِ أفْعَلُ. فليست يَمِينًا؛ لأنَّه لم يُجِبْها بجَوابِ القَسَمِ، ولذلك لا يَصْلُحُ أن يقولَ: والله أفْعَلُ. ولا: تالله أفْعَلُ. وإنَّما صَلَح ذلك في الباءِ؛ لأنَّها لا تخْتَصُّ القَسَمَ، فيَدُلُّ على أنَّه سُؤالٌ، فلا تَجِبُ به كَفَّارَةٌ.
(الثاني، لَغْوُ اليَمِينِ، وهو أن يَحْلِفَ على شيءٍ يَظُنُّه فيَبِينَ بخِلافِه، فلا كَفَّارَةَ فيها) أكثرُ أهلِ العلمِ على أنَّ هذه اليَمِينَ لا كَفَّارَةَ فيها. قاله ابنُ المُنْذِرِ (1). يُرْوَى هذا عن ابنِ عباس، وأبي هُرَيرَةَ، وأبي مالكٍ،
(1) انظر الإشراف 2/ 250.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وزُرَارَةَ (1) بنِ أوْفَى، والحسنِ، والنَّخَعِيِّ، ومالكٍ، وأبي حنيفةَ، والثَّوْرِيِّ. وممَّن قال: هذا لَغْوُ اليَمِينِ. مُجاهِدٌ، وسُليمانُ بنُ يَسارٍ، والأوْزَاعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ وأصْحابُه. وأكثرُ أهلِ العِلْمِ على أنَّ لَغْوَ اليَمِينِ لا كَفَّارَةَ فيه. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ (2): أجْمَع المسلمون على هذا. وقد حُكِيَ عن النَّخَعِيِّ في اليَمِينِ على شيءٍ يَظُنُّه حَقًّا، فيَبِينُ بخِلافِه، أنَّه من لَغْو اليَمِينِ، وفيه الكَفَّارَةُ. وهو أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. ورُوِيَ عن أحمدَ، أنَّ فيه الكَفَّارَةَ، وليس هو مِن لَغْو اليَمِينِ، لأنَّ اليَمِينَ باللهِ وُجِدَتْ مع المُخالفَةِ، فأوْجَبَتِ الكَفَّارَةَ، كاليَمِينِ على مُسْتَقْبَل. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{لَا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْو فِي أَيمَانِكُمْ} (3). [وهذا منه](4)، ولأنَّها يَمِين غيرُ مُنْعَقِدَةٍ، فلم تَجِبْ فيها كفَّارَةٌ، كيَمِينِ الغَمُوسِ، ولأنَّه غيرُ قاصِدٍ للمُخالفَةِ، فأشْبَهَ ما لو
(1) في الأصل: «ورواه» .
وهو زرارة بن أوفى أبو حاجب، العامري الإمام الكبير، قاضي البصرة، أحد الأعلام، تابعي ثقة، توفى سنة ثلاث وتسعين. سير أعلام النبلاء 4/ 516، تهذيب التهذيب 3/ 322، 323.
(2)
انظر: التمهيد 21/ 247.
(3)
سورة البقرة 225، وسورة المائدة 89.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حَنِثَ (1) ناسِيًا. وفي الجُمْلَةِ، لا كَفَّارَةَ في يَمِينٍ على ماضٍ؛ لأنَّها تَنْقَسِمُ ثلاثَةَ أقْسامٍ؛ ما هو صادِقٌ فيه، فلا كَفَّارَةَ فيه إجْماعًا. وما تَعَمَّدَ
(1) في م: «حلف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكَذِبَ فيه، فهو يَمِينُ الغَمُوسِ، لا كَفَّارَةَ فيها؛ لأنَّها أعْظَمُ مِن أن تكِونَ فيها كَفَّارَةٌ. وقد ذَكَرْنا الخِلافَ فيها. وما يَظُنُّه حَقًّا، فيَبِينُ بخِلافِه، فلا كَفَّارةَ فيها؛ لأنَّها من لَغْو اليَمِينِ.
فَصْلٌ: الثَّانِي، أَنْ يَحْلِفَ مُخْتَارًا، فَإِنْ حَلَفَ مُكْرَهًا، لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ.
ــ
فصل: الشَّرْطُ (الثاني، أن يَحْلِفَ مُخْتارًا، فإن، حَلَف مُكْرَهًا، لم تَنْعَقِدْ يَمِينُه) وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ. وذَكَر فيها أبو الخَطَّابِ رِوَايَتَين؛ إحْدَاهما، تَنْعَقِدُ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّها يَمِينُ مُكَلَّفٍ، فانْعَقَدَتْ، كيَمِينِ المُخْتارِ، ولأنَّ هذه الكَفَّارَةَ لا تَسْقُطُ بالشُّبْهَةِ، فوَجَبَتْ مع الإِكْراهِ، ككَفَّارَةِ الصَّيدِ. ولَنا، ما روَى أبو أُمامَةَ، ووَاثِلَةُ بنُ الأسْقَعِ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيسَ عَلَى مَقْهُورٍ يَمِينٌ» (1). ولأنَّه قولٌ حُمِلَ عليه بغيرِ حَقٍّ، فلم يَصِحَّ مع الإِكْراهِ، ككَلِمَةِ الكُفْرِ، وأمَّا كَفَّارَةُ الصَّيدِ فلا تجِبُ مع الإِكْراهِ، فهي كمَسْأَلَتِنا.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 423.