الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، سَقَطَتْ عَنْهُ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى؛ مِنَ الصَّلْبِ، وَالْقَطْعِ، وَالنَّفْىِ، وَانْحِتَامِ الْقَتْلِ، وَأُخِذَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّيِنَ، مِنَ الْأَنْفُسِ، وَالْجِرَاحِ، وَالْأَمْوَالِ، إِلَّا أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْهَا،
ــ
والإِبْعادُ، والحَبْسُ إمْساكٌ، وهما يَتَنافَيان. فأمَّا نَفْيُهم إلى مكانٍ غيرِ مُعَيَّن؛ فلقولِه تعالى:{أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} . وهذا يَتَناوَلُ نَفْيَه مِن جميعِها. وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بنَفْىِ الزَّانِى، فإنَّه يُنْفَى إلى مكانٍ يَحْتَمِلُ أنَّ يوجدَ فيه الزِّنَى. ولم يَذْكُرْ أصحابُنا قَدْرَ مُدَّةِ نَفْيهِم، فيَحْتَمِلُ أنَّ تَتَقَدَّرَ مُدَّتُه بما يَظْهَرُ فيه تَوْبَتُهُم، وتَحْسُنُ سِيرَتُهُم. ويَحْتَمِلُ أنَّ يُنْفَوْا عامًا، كنَفْىَ الزَّانِى (1).
4545 - مسألة: (ومَن تابَ قبلَ القُدْرَةِ عليه، سَقَطَتْ عنه حُدُودُ اللَّهِ تعالى؛ من الصَّلْبِ والقَطْعِ والنَّفْىِ وانْحِتامِ القَتْلِ، وأُخِذَ بحُقُوقِ الآدَمِيِّينَ؛ من الأنْفُسِ، والجِراحِ، والأمْوالِ، إلَّا أن يُعْفَى لَه عنها)
لا نعلمُ في هذا خِلافًا. وبه قال مالكٌ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى،
(1) في م: «الزنى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأبو ثَوْرٍ. والأَصْلُ في هذا قولُ اللَّهِ تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1). فأمَّا إن تابَ بعدَ القُدْرَةِ عليه، لم يَسْقُطْ عنه شئٌ من الحُدودِ؛ للآيةِ، فأوْجَبَ عليهم الحَدَّ، ثم اسْتَثْنَى التَّائِبينَ قبلَ (2) القُدْرَةِ.، فمَن عَدَاهم يَبْقَى على قَضِيَّةِ العُمومِ، و (3) لأنَّه إذا تابَ قبلَ القُدْرَةِ، فالظَّاهِرُ أنَّها تَوْبَةُ إخْلاصٍ، وبعدَها الظاهِرُ (4) أنَّها تَقِيَّةٌ من إقامَةِ الحَدِّ عليه، ولأَنَّ في قَبُولِ تَوْبَتِه، وإسْقاطِ الحَدِّ عنه قبلَ القُدْرَةِ، تَرْغيبًا في تَوْبَتِه، والرُّجُوعِ عن مُحارَبَتِه وإفْسادِه، فناسبَ ذلك الإِسْقاطُ عنه، وأمَّا بعدَها فلا حاجَةَ إلى تَرْغِيبِه؛ لأنَّه قد عَجَز عن الفَسادِ والمُحارَبَةِ.
فصل: وإن فَعَلَ المُحارِبُ ما يُوجِبُ حَدًّا لا يَخْتَصُّ المُحارَبةَ؛ كالزِّنَىْ، والقَذْفِ، وشُرْبِ الخَمْرِ، والسَّرِقَةِ، فذَكَرَ القاضى أنَّها
(1) سورة المائدة 34.
(2)
في م: «بعد» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل.