الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ ذَبَحَهَا مِنْ قَفَاهَأ وَهُوَ مُخْطِئٌ، فَأَتَتِ السِّكِّينُ عَلَى
ــ
فذُكِّيَ مِن قِبَلِ شاكِلَتِه (1)، فبِيعَ بعِشْرِين دِرْهَمًا، فأخَذَ ابنُ عمرَ عُشْرَهُ بدِرْهَمَين (2). ولأنَّ الاعْتِبارَ في الذَّكاةِ بحالِ الحيوانِ وقْتَ ذَبْحِه، لا بأصْلِها، بدَلِيلِ الوَحْشِيِّ إذا قُدِرَ عليه، وجَبَتْ تَذْكِيَتُه في الحَلْقِ واللَّبَّةِ، فكذلك الأهْلِيُّ إذا تَوَحَّشَ اعْتُبِرَ بحالِه. وبهذا فارَقَ ما ذَكَرُوه (3)، فإذا تَرَدَّى فلم يُقْدَرْ على تَذْكِيَته، فهو مَعْجُوزٌ عن تَذْكِيَته، فأَشْبَهَ الوَحْشِيَّ، فأمّا إن كان رأسُ المُتَرَدِّي في الماءِ، لم يُبَحْ؛ لأنَّ الماءَ يُعِينُ على قَتْلِه، فيحْصُلُ قَتْلُه بمُبِيحٍ وحاظِرٍ، فيَحْرُمُ، كما لو جَرَحَه مسلمٌ ومَجُوسِيٌّ.
4633 - مسألة: (وإن ذَبَحَها مِن قَفَاها وهو مُخْطِئٌ، فأتَتِ
= وعلق البخاري نحوه عن ابن مسعود في قصة حمار وحشي، في: باب صيد القوس، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخاري 7/ 111. ووصله ابن أبي شيبة، في: المصنف 5/ 373. وانظر مصنف عبد الرزاق 4/ 464، 465.
وانظر آثارا عن علي بنحو ذلك في مصنف عبد الرزاق 4/ 465. ومصنف ابن أبي شيبة 5/ 386. والسنن الكبرى 9/ 246.
(1)
شاكلته: أي خاصرته.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من قال: تكون الذكاة في غير الحلق واللبة، من كتاب الصيد. المصنف 5/ 394. والبيهقي، في: باب ما جاء في ذكاة ما لا يقدر على ذبحه. . . .، من كتاب الصيد والذبائح. السنن الكبرى 9/ 246.
وأصل الحديث في الصحيحين دون هذه الزيادة. انظر 9/ 341.
(3)
في م: «ذكره» .
مَوْضِعِ ذَبْحِهَا وَهِيَ في الْحَيَاةِ، أُكِلَتْ، وَإنْ فَعَلَهُ عَمْدًا، فَعَلَى وَجْهَين.
ــ
السِّكِّينُ على مَوْضِعِ ذَبْحِها وهي في الحياةِ، أُكِلَتْ، وإن فَعَلَهُ عَمْدًا، فعلى وَجْهَينِ) قال القاضي: معنى الخطأ أن تَلْتَوىَ الذَّبِيحَةُ عليه، فتَأْتِيَ السِّكِّينُ على القَفَا؛ لأنَّها مع الْتِوائِها مَعْجُوزٌ عن ذَبْحِها في محَلِّ الذَّبْحِ، فسَقَطَ اعْتِبارُ المَحَلِّ، كالمُتَرَدِّيةِ في بئْرِ، فأمّا مع عَدَمِ الْتِوائِها، فلا تُباحُ بذلك؛ لأنَّ الجَرْحَ في القَفا (1) سبَبٌ للزُّهوقِ، وهو في غيرِ مَحَلِّ الذَّبْحِ، فإذا اجْتَمَعَ مع الذَّبْحِ، مَنَعَ حِلَّه، كما لو بَقَرَ بطْنَها. وقد رُوِيَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على هذا المعْنَى، فإنَّ الفَضْلَ بنَ زِيادٍ قال: سألتُ أبا عبدِ اللهِ عمَّن ذَبَحَ في القَفا؟ فقال: عامِدًا أو غيرَ عامِدٍ؟ قلتُ: عامِدًا. قال: لا تُؤكَلُ، فإذا كان غيرَ عامِدٍ، كأنَّه (2) الْتَوَى عليه، فلا بَأسَ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «كأن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن ذَبَحَها مِن قَفاها اخْتِيارًا، فقد ذكَرْنا عن أحمدَ أنَّها لا تُؤكَلُ. وهو مفْهومُ كلامِ الْخِرَقِيِّ. وحُكِيَ هذا عن عليٍّ، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، ومالِكٍ، وإسْحاقَ. قال إبراهيمُ النَّخَعِيُّ: تُسَمَّى هذه الذَّبِيحَةُ القَفِينَةُ. وقال القاضي: إنْ بقِيَت فيها حَياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ قبلَ قَطْعِ الحُلْقُومِ والمَرِئِ حَلَّتْ، وإلَّا فلا، ويُعْتَبَرُ ذلك بالحَرَكَةِ القَويَّةِ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. وهذا أصَحُّ، لأنَّ الذَّبْحَ إذا أتَى على ما فيه حَياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، أحَلَّه، كأكِيلَةِ السَّبُعِ، والمُتَرَدِّيَةِ، والنَّطِيحَةِ. وعنه ما يَدُلُّ على إباحَتِها مُطْلَقًا. ولو ضَرَبَ عُنُقَها (1) بالسَّيفِ فأطارَ رَأسَها، حَلَّتْ بذلك، فإنَّ أحمدَ قال: لو أنَّ رَجُلًا ضَرَبَ رَأسَ بَطَّةٍ أو شَاةٍ بالسَّيفِ، يُرِيدُ بذلك الذَّبِيحَةَ، كان له أن يَأكُلَ (2). ورُوِيَ عن عليٍّ، رضي الله عنه، أنَّه قال: تلك ذَكاةٌ وَحِيَّةٌ (3). وأَفْتَى بأَكْلِها عِمْرانُ بنُ حُصَينٍ. وبه قال الشَّعْبِيُّ، وأبو حنيفةَ، والثَّوْرِيُّ. وقال أبو بكرِ: لأبي عبدِ اللهِ فيها
(1) في م: «عنقا» .
(2)
في م: «يأكله» .
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 308.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلان، الصَّحِيحُ أنَّها مُباحَةٌ، لأنَّه اجْتَمَعَ قَطْعُ ما لا تَبْقَى الحياةُ معه مع الذَّبْحِ، فأُبِيحَ، كما ذكَرْنا، مع قولِ مَن ذكَرْنا قوْلَه مِن الصحابَةِ مِن غيرِ مُخالِفٍ.
فصل: فإن ذَبَحَها مِن قَفاها، فلم يَعْلَمْ هل كانت فيها حَياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ قبلَ قَطْعِ الحُلْقُومِ والمَرِئِ أم لا؟ نَظَرْتَ؛ فإن كان الغالِبُ بقاءَ ذلك، لحِدَّةِ الآلةِ، وسُرْعَةِ القَطْعِ، فالأوْلَى إباحَتُه، لأنَّه بمَنْزِلَةِ ما قُطِعَتْ عُنُقُه بضَرْبَةٍ بالسَّيفِ، وإن كانتِ الآلةُ كالَّةً، وأبْطَأَ قَطْعُه،