الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصَيدُ الطَّيرِ بِالشِّبَاشِ.
وَإِذَا أَرْسَلَ صَيدًا، وَقَال: أَعْتَقْتُكَ. لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَزُولَ؛ وَيَمْلِكَهُ مَنْ أَخَذَهُ.
ــ
4678 - مسألة: (و) يُكْرَهُ (صَيدُ الطَّيرِ بالشِّباشِ)
وهو طَائرٌ يَخِيطُ عينَيه أو يَرْبِطُه (1). وكَرِهَ أحمدُ الصَّيدَ بالخراطِيمِ (2)، وكلِّ شيءٍ فيه رُوحٌ، [لِمَا فيه](3) مِن تَعْذيبِ الحيوانِ، فإنْ صادَه، فالصَّيدُ مُباحٌ. ولم يَرَ بَأْسًا بالصَّيدِ بالشَّبَكَةِ، والشَّرَكِ، وبالدِّبْقِ الذي يَمْنَعُ الحيوانَ مِن الطَّيَرانِ، وأن يطْعَمَ شيئًا إذا أكلَه سَكِرَ وأُخِذَ.
4679 - مسألة: (وإن أرْسَلَ صَيدًا، وقال: أعْتَقْتُكَ. لم يَزُلْ مِلْكُه عنه. ويَحْتَمِلُ أن يَزُولَ)
وهو لِمَن أخَذَه. ظاهِرُ المذهبِ أنَّه لا يزُولُ مِلْكُه عنه بالإِرْسالِ والإِعْتاقِ. قاله أصْحابُنا. كما لو أرْسَلَ البَعِيرَ والبقرَةَ.
(1) انظر 11/ 32.
(2)
الخراطيم: جمع الخرطوم، وهو الخمر السريع الإسكار.
(3)
سقط من: الأصل.
فَصْلٌ: الرَّابعُ، التَّسْمِيَةُ عِنْدَ إِرْسَالِ السَّهْمِ أَو الْجَارِحَةِ، فَإِنْ
ــ
ويَحْتَمِلُ أنْ يزولَ المِلْكُ؛ لأنَّ الأصْلَ الإِباحَةُ، والإِرْسالُ يَرُدُّه إلى أصْلِه. ويُفارِقُ بهِيمَةَ الأنْعامِ مِن وجْهَين؛ أحدُهما، أنَّ الأصْلَ ههُنا الإِباحَةُ، وبهيمَةُ الأنْعامِ بخلافِه. الثاني، أنَّ الإِرْسال ههُنا يُفيدُ، وهو رَدُّ الصَّيدِ إلى الخلاص. مِن أيدِي الآدَمِيِّين وحبْسِهم، ولهذا رُوِيَ عن أبي الدَّرْداءِ أنَّه اشْتَرَى عُصْفُورًا مِن صَبِيٍّ فأرْسَلَه، ولأنَّه يَجِبُ إرْسالُ الصَّيدِ على المُحْرِمِ إذا أحْرَمَ، بخلافِ بهيمَةِ الأنْعامِ، فإنَّ إرْساله تَضْيِيعٌ له، ورُبَّما هلَكَ إذا لم يكُنْ له مَن يَقُومُ به.
فصل: قال، رحمه الله: (الرابعُ التَّسْمِيَةُ عندَ إرْسالِ السَّهْمِ أو
تَرَكَهَا، لَمْ يُبَحْ، سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ، إِنْ نَسِيَهَا عَلَى السَّهْمِ، أُبِيحَ، وَإِنْ نَسِيَهَا عَلَى الْجَارِحَةِ، لَمْ يُبَحْ.
ــ
الجارِحَةِ، فإن تَرَكَها، لم يُبَحْ، سواءٌ تَرَكَها عَمْدًا أو سَهْوًا، في ظاهرِ المذْهَبِ. وعنه، إن نَسِيَها على السَّهْمِ أُبِيحَ، وإن نَسِيَها على الجارِحَةِ لم يُبَحْ) ظاهِرُ المذهب أنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ لإِباحَةِ الصَّيدِ، وأنَّها لا تسْقُطُ بالسَّهْو. وهو قولُ الشَّعْبِيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وداودَ. ورَوَى حَنْبَلٌ عن أحمدَ، أنَّ التَّسْمِيَةَ تسْقُطُ بالنِّسْيانِ. قال الخَلَّالُ: سَها حَنْبَلٌ (1) في نَقْلِه. وممَّن أباحَ مَتْروكَ التَّسْمِيَةِ في النِّسْيانِ دونَ العَمْدِ أبو حنيفةَ، ومالِكٌ؛ لقوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«عُفِيَ لأُمَّتِي عن الخَطَأ والنِّسْيَانِ» (2). ولأنَّ إرْسال الجارِحَةِ جَرَى مَجْرَى التَّذْكِيَةِ، فعُفِيَ عن النِّسْيانِ فيه، كالذَّكاةِ. وعن أحمدَ، أنَّ التَّسْمِيَةَ تُشْتَرَطُ على إرْسالِ الكَلْبِ في (3) العَمْدِ والنِّسْيانِ بخلافِ السَّهْمِ، فإنَّ السَّهْمَ آلةٌ حقيقَةً (4)، وليس له اخْتِيارٌ، فهو بمَنزِلَةِ
(1) في م: «أحمد» .
(2)
تقدم تخريجه في 1/ 256.
(3)
في م: «و» .
(4)
في م: «خفيفة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
السِّكِّينِ، بخلافِ الحيوانِ، فإنَّه يفْعَلُ باخْتِيارِه. وقال الشافِعِيُّ: يُباحُ مَتْروكُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا وسَهْوًا؛ لأنَّ البَراءَ روَى، أنَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«الْمُسْلِمُ يَذْبَحُ على اسْمِ اللهِ، سَمَّى أو لم يُسَمِّ» (1). وعن أبي هُرَيرَةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قيلَ له: أرأيتَ الرَّجُلَ منَّا يَذْبَحُ ويَنْسَى أن يُسَمِّيَ اللهَ؟ فقال: «اسْمُ اللهِ في قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ» (2). وقد رُوِيَ عن أحمدَ مثلُ ذلك. ولَنا، قولُه تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيهِ} (3). وقال: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيهِ} . وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إذا أرْسَلْتَ كَلْبَكَ، وذَكَرْتَ [اسْمَ اللهِ عَلَيهِ] (4)، فَكُلْ» . قلتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي فأجدُ معه كَلْبًا آخَرَ؟ قال: «لا تَأْكُلْ، فإنَّكَ إنَّما سَمَّيتَ على كَلْبِكَ، ولم تُسَمِّ على الآخَرِ» . مُتَّفَقٌ عليه (5). وفي لفْظٍ: «إذا خَالطَ كِلَابًا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيهَا،
(1) تقدم الكلام عليه في صفحة 323.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 325.
(3)
سورة الأنعام 121.
(4)
في الأصل: «وسميت» .
(5)
تقدم تخريجه في 11/ 85.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فأمْسَكْنَ وقَتَلْنَ، فلا تَأْكُلْ». وفي حديثِ أبي ثَعْلَبَةَ:«ومَا صِدْتَ بقَوْسِكَ، وذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ عليه، فكُلْ» (1). وهذه نصوصٌ صَحِيحَةٌ، فلا يُعَرَّجُ على ما خالفَها. وقولُه:«عُفِيَ لأُمَّتِي عَنِ الخَطَأ والنِّسْيَانِ» . يَقْتَضِي نَفْيَ الإِثْمِ، لا جَعْلَ الشَّرْطِ [المعْدُومِ كالموجُودِ](2)، بدليلِ ما لو نَسِيَ شَرْطَ الصَّلاةِ. والفَرْقُ بينَ الصَّيدِ والذَّبِيحَةِ، أنَّ الذَّبْحَ وَقَعَ في مَحَلِّه، فجازَ أن يُتَسامَحَ فيه، بخلافِ الصَّيدِ. وأحَادِيثُ أصْحابِ الشافعيِّ، لم يذْكُرْها أصْحابُ السُّنَنِ المشْهُورَةِ، وإن صَحّتْ فهي في الذَّبِيحَةِ، ولا يصحُّ قياسُ الصَّيدِ على الذَّبِيحَةِ؛ لِمَا ذكَرْنا، مع ما في الصَّيدِ مِن النُّصوصِ الخاصَّةِ. واللهُ أعلمُ.
(1) تقدم تخريجه في 1/ 157.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا سَمَّى الصائِدُ على صَيدٍ فأصابَ غيرَه، حَلَّ، وإن سَمَّى على سَهْمٍ، ثم ألْقاه وأخَذَ غيرَه، فرَمَى به، لم يُبَحْ ما صادَ به؛ لأنَّه لمَّا لم يُمْكِنِ اعْتِبارُ التَّسْمِيَةِ على صَيدٍ بعَينِه، اعْتُبِرَتْ على الآلةِ التي يَصِيدُ بها، بخلافِ الذَّبِيحَةِ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُباحَ، قياسًا على ما لو سمَّى على سِكِّينٍ ثم ألْقاها وأخَذَ غيرَها، وسُقُوطُ اعْتِبارِ تعْيِينِ الصَّيدِ لمَشَقَّتِه، لا يَقْتَضِي اعْتِبارَ تَعْيينِ الآلةِ، فلا يُعْتَبَرُ.