الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا مَاتَ الْمُرْتَدُّ، فَأَقامَ وَارِثُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الرِّدَّةِ، حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ.
ــ
4592 - مسألة: وإذا أتَى الكافِرُ بالشَّهَادَتَينِ، ثم قال: لم أُرِدِ الإِسْلامَ. صارَ بذلك مُرْتَدًّا، ويُجْبَرُ على الإِسْلامِ. نصَّ عليه أحمدُ، في رِوايةِ جماعةٍ، ونُقِلَ عن أحمدَ، أنَّه يُقْبَل منه، ولا يُجْبَرُ على الإِسْلامِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ، فلا يُرَاقُ دَمُه بالشُّبْهَةِ
(1)، والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّه قد حُكِمَ بإسْلامِه، فلم يُقْبَلْ إذا رَجَع، كما لو طالتْ مُدَّته.
4593 - مسألة: (وإذا مات المُرْتَدُّ، فأقام وارِثُهَ بَيِّنَةً أنَّه صَلَّى بعدَ الردَّةِ، حُكِمَ بإسْلامِه)
متى صَلَّى الكافِرُ، حُكِمَ بإسْلامِه، أصْلِيًّا كان أو مُرْتَدًّا، جماعةً أو فُرَادَى، في دارِ الحربِ أو في دارِ الإسْلام. وقال الشافعيُّ: يُحْكَمُ بإسْلامِه إذا صَلَّى في دارِ الحرب، ولا نَحْكُمُ بَإسْلامِه [إذا صَلَّى](2) في دارِ الإسْلامِ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنه صَلَّى رِياءً وتَقِيَّةً. ولَنا، أنَّ ما كان إسلامًا في دارِ الحربِ، كان إسلامًا في دارِ الإسلام، كالشَّهَادَتَين، واحْتِمالُ التَّقِيَّةِ والرِّياءِ يَبْطُلُ بالشَّهادَتَين. وأمَّا سائِرُ أرْكانِ
(1) في م: «بالشهادة» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإِسْلامِ، مِن الزَّكاةِ والصِّيامِ والحَجِّ، فلا يُحْكَمُ بإسْلامِه به، فإنَّ المُشْرِكِينَ كانوا يَحُجُّون في عَهْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حتى مَنَعهم، فقال:«لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ» (1). والزَّكاةُ صَدَقَة، وهم يَتَصَدَّقُونَ، وقد فُرِضَ على نَصَارَى بني تَغْلِبَ مِن الزَّكاةِ مِثْلا (2) ما يُؤْخَذ مِن المسلمينَ، فلم يَصِيرُوا بذلك مسلمين، وأمَّا الصِّيامُ فلكلِّ أهْلِ دِينٍ صِيامٌ، ولأنَّ الصِّيامَ ليس بفِعْلٍ، إنَّما هو إمْساكٌ عن (3) أفعالٍ مَخْصوصَةٍ، وقد يَتَّفِقُ هذا مِن الكافرِ، كاتِّفاقِه مِن المسلمِ، ولا عِبْرَةَ بالنِّيَّةِ؛ لأنَّها أمْرٌ باطِنٌ، لا عِلْمَ به، بخِلافِ الصلاةِ، فإنَّها أفْعالٌ تَتَمَيَّزُ عن أفْعالِ الكُفَّارِ، ويَخْتَصُّ بها أهْلُ الإسلامِ، ولا يَثْبُتُ بها الإِسلامُ حتى يَأْتِيَ بصلاةٍ يَتَمَيَّزُ بها عن صلاةِ الكُفَّارِ، مِن اسْتِقْبالِ قِبْلَتِنا والرُّكُوعَ والسُّجُودِ، ولا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ القِيام؛ لأنَّهم يَقُومُونَ في صلاتِهم. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه متى ماتَ المُرْتَدُّ، فأقامَ وارِثُه بَيِّنَةً أنَّه صَلَّى بعدَ رِدَّتِه، حُكِمَ لهم بالمِيرَاثِ، إلَّا أن يَثْبُتَ أنَّه ارْتَدَّ بعدَ صلاته أو تكونَ رِدَّتُهُ بجَحْدِ فَرِيضَةٍ، أو كتابٍ، أو نَبِيٍّ، أو مَلَكٍ، أو نحو ذلك من البِدَعِ التيِ يَنْتَسِبُ (4) أهْلُها إلى الإِسلامِ، فإنَّه لا يُحْكَمُ بإسْلامِه بصلاتِه؛ لأنَّه
(1) تقدم تخريجه في 8/ 50.
(2)
في الأصل: «مثل» .
(3)
في الأصل: «على» .
(4)
في م: «ينسب» .