الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
4548 - مسألة: فإن أُرِدَتْ نَفْسُه، لم يَلْزَمْه الدَّفْعُ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في الفِتْنَةِ:«اجْلِسْ فِي بَيتكَ فَإنْ خِفْتَ أنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيفِ، فَغَطِّ وَجْهَكَ»
(1). وفي لفظٍ: «فَكُنْ عَبْدَ اللهِ المَقْتُولَ، وَلَا تَكُنْ عَبْدَ اللهِ القَاتِلَ» (2). وفي لفظٍ: «كُنْ كَخَيرِ ابْنَيْ آدَمَ» (3). ولأنَّ عثمانَ، رضي الله عنه، لم يَدْفَعْ عن نفْسِه، وتَرَكَ القِتَال مع إمْكانِه. فإن قِيلَ: فلِمَ (4) قُلْتُم في المُضْطَرِّ، إذا وَجَد ما يَدْفَعُ به الضَّرُورَةَ: لَزِمَه الأكْلُ منه. في أحَدِ الوَجْهَين؟ قُلْنا: الأكْلُ تَحْيَى به
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في النهي عن السعي في الفتنة، من كتاب الفتن والملاحم. سنن أبي داود 2/ 417. وابن ماجه، في: باب التثبت في الفتنة، من كتاب الفتن. سنن ابن ماجه 2/ 1308. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 163. وهو حديث صحيح. انظر الإرواء 8/ 100 - 104.
(2)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 5/ 110، 292.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب النهي عن السعي في الفتنة، من كتاب الفتن والملاحم. سنن أبي داود 2/ 416.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نَفْسُه، مِن غيرِ تَفْويتِ غيرِه، فَلَزِمَه، [كالأكْلِ في المَخْمَصَةِ. والثاني، لا يَلْزَمُه؛ لأنَّه دَفْعٌ عن نَفْسِه، فلم يَلْزَمْه، كالدَّفْعِ بالقِتالِ. وفيه رِوايةٌ أُخْرَى، يَلْزَمُه](1) الدَّفْعُ عن نَفْسِه؛ لأنَّه لا يجوزُ إقرارُ المُنْكَرِ مع إمْكانِ دَفْعِه. والأوْلَى إن شاء اللهُ أنَّه يَلْزَمُه الدَّفْعُ عن حُرْمَتِه، ولا يَلْزَمُه الدَّفْعُ عن مالِه؛ لأنَّه يجوزُ له بَذْلُه، فإن أُرِيدَتْ نفْسُه فالأوْلَى في الفِتْنَةِ تَرْكُ الدَّفْعِ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الأحاديثِ والأثرِ في دَفْعِ اللُّصوصِ. وإذا صالتْ عليه بَهِيمَةٌ، ففيه رِوايَتان، أوْلاهُما، وُجُوبُ الدَّفْعِ إذا أمْكَنَه، كما لو خافَ مِن سَيل أو نارٍ، وأمْكَنَه أنَّ يَتَنَحَّى عن ذلك، [وإن أمْكَنَه الهَرَبُ، ففيه وَجْهان؛ أَولاهُما، يَلْزَمُه، كالأكْل في المَخْمَصَةِ. والثاني، لا يَلْزَمُه، كالدَّفْعِ بالقِتالِ](1).
فصل: وإذا صال على إنْسانٍ صائِلٌ، يُريدُ نفسَه أو ماله ظُلْمًا، أو
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يريدُ امرأةً ليَفْجُرَ بها، فلِغيرِ المَصُولِ عليه مَعُونَتُه في الدَّفْعِ. ولو عَرَض اللُّصوصُ لقافِلَةٍ، جازَ لغيرِ أهلِ القافِلَةِ الدَّفْعُ عنهم؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«انْصُرْ أخَاكَ ظَالِمًا، أوْ مَظْلُومًا» (1). وفي حديثٍ: «إِنَّ المُؤْمِنِينَ يَتَعَاوَنُونَ عَلَى الفُتَّانِ» (2). ولأنَّه لولا التَّعاونُ لذَهَبَتْ أمْوالُ النَّاسِ وأنْفُسُهم؛ لأنَّ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ إذا انْفَرَدُوا بأخْذِ مالِ إنْسانٍ ولم يُعِنْه غيرُه، فإنَّهم يَأْخُذُونَ أمْوال الكلِّ، واحِدًا واحِدًا، وكذلك غيرُهم.
فصل: إذا وَجَد رجلًا يَزْنِي بامرأتِه فقَتَلَه، فلا قِصاصَ عليه، [ولا دِيَةَ](3)؛ لِما رُوِيَ أنَّ عمرَ، رضي الله عنه، بينَما هو يَتَغَدَّى يومًا، إذْ أقْبَلَ رجلٌ يَعْدُو، ومعه سَيفٌ مُجَرَّدٌ مُلَطَّخٌ بالدَّمِ، فجاءَ حتى قَعَد مع عمرَ،
(1) أخرجه البخاري، في: باب أعن أخاك ظالما أو مظلومًا، من كتاب المظالم، وفي: باب يمين الرجل لصاحبه أنَّه أخوه، من كتاب الإكراه. صحيح البخاري 3/ 168، 9/ 28، 29. والترمذي، في: باب حدثنا محمد بن حاتم. . . .، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذي 9/ 112، 113. والدارمي، في: انصر أخاك. . . .، من كتاب الرقاق. سنن الدارمي 2/ 311. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 99، 201.
(2)
في الأصل، م:«القتال» . والحديث أخرجه أبو داود بمعناه، في: باب في إقطاع الأرضين، من كتاب الخراج والفئ والإمارة. سنن أبي داود 2/ 157. وإسناده ضعيف. انظر ضعيف سنن أبي داود 309.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَجَعَلَ يأكُلُ، وأقبلَ جماعَةٌ من النَّاسِ، فقالوا: يا أميرَ المؤمِنِين، إنَّ هذا قَتَل صاحِبَنَا مع امرأتِه. فقال عمرُ: ما يقولُ هؤلاء؟ قال: ضَرَب الآخَرُ فَخِذَي (1) امرأتِه بالسَّيفِ، فإن كان بينَهما أحَدٌ فقد قتَلَه (2). فقال لهم عمرُ: ما يقولُ؟ قالوا: ضَرَب بسَيفِه، فَقَطَعَ فَخِذَيِ امرأتِه، فأصابَ وَسَطَ الرَّجُلِ، فقَطَعَه اثْنَين. فقال عمرُ: إن عادُوا فَعُدْ (3). رَواه هُشَيمٌ، عن مُغِيرَةَ، عن إبراهيمَ. أخْرَجَه سعيدٌ (4). فإن كانتِ المرأةُ مُطاوعَةً، فلا ضَمانَ عليه فيها، وإن كانت مُكْرَهَةً، فعليه القِصاصُ. فأمَّا إن قَتَل رجلًا، وادَّعَى أنَّه وَجَدَه مع امرأتِه، فقَتَلَها أو قَتَلَه. فقال عليٌّ: إن جاءُوا بأرْبعهِ شُهَداءَ، وإلَّا فَلْيُعْطَ بُرمَّتِه (5). فعلى هذا، يَفْتَقِرُ إلى أربعةِ شُهُودٍ، لحديثِ عليٍّ. ورُوِيَ أنَّها يَكْفِي شاهدان؛ لأنَّ البَيَّنَةَ تَشْهَدُ على وُجُودِه مع المرأةِ، وهذا يَثْبُتُ بشاهِدَين، وإنَّما
(1) في م: «فخذ» .
(2)
في الأصل: «قتلته» .
(3)
في الأصل: «فافعل» .
(4)
تقدم تخريجه في 25/ 136.
(5)
في النسخ: «برقبته» . والمثبت من مصادر التخريج. وتقدم تخريجه في 25/ 134.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذي يَحْتاجُ إلى أربعةٍ الزِّنَى، وهذا لا يَحْتاجُ إلى إثْباتِ الزِّنَى. فإن قِيلَ: فحديثُ عمرَ في الذي وجَد مع امرأتِه رجلًا ليس فيه بَيِّنَةٌ، وكذلك رُوِيَ أنَّ رجلًا مِن المسلمين خرَج غازِيًا، وأوْصَى بأهْلِه رجلًا، فبَلَغَ الرجلَ أنَّ يَهُودِيًّا يَخْتَلِفُ إلى امرأتِه، فكَمَنَ له حتى جاءَ، فجعلَ يُنْشِدُ:
وأشْعَثَ غَرَّهُ الإِسْلامُ مِنِّي
…
خَلَوْت بعِرْسِه ليلَ التَّمامِ
أبِيتُ على تَرائِبِها ويُضْحِي
…
على جَرْداءَ لاحِقَةِ الْحِزَامِ
كأنَّ مَواضِعَ الرَّبَلَاتِ منها
…
فِئَامٌ يَنْهَضُونَ إلى فِئَامِ (1)
فقام إليه الرجلُ (2) فقَتَلَه، فرُفِعَ ذلك إلى عمرَ، فأهْدَرَ دَمَه (3). فالجَوابُ أنَّ ذلك ثَبَت عندَه بإقْرارِ الوَلِيِّ. وإن لم تَكُنْ بَيَنة، فادَّعَى عِلْمَ الوَلِيِّ بذلك، فالقولُ قولُ الوَلِيِّ مع يَمِينه.
(1) في م: «الرتلات» . والربلة: باطن الفخذ. وامرأة ربلة وربلاء: عظيمة الربلات. والفئام: الجماعة.
(2)
سقط من: م.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب الرجل يجد على امرأته رجلًا، من كتاب العقول. المصنف 9/ 435. وابن أبي شيبة، في: باب الرجل يجد مع امرأته رجلا فيقتله، من كتاب الديات. المصنف 9/ 404.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن قَتَل رجلٌ رجلًا، وادَّعَى أنَّه قد هَجَم مَنْزِلَه، فلم يُمْكِنْه دَفْعُه إلَّا بالقَتْلِ، لم يُقْبَلْ قولُه إلَّا ببَيِّنَةٍ، وعليه القَوَدُ سَواءٌ كان المقتولُ يُعْرَفُ بسَوقةٍ، أو عِيَارَةٍ، أو لا يُعْرَفُ بذلك، فإن شَهِدَتِ البَيِّنَةُ أنَّهم رَأوْا هذا مُقْبلًا إلى هذا بسِلاحٍ مَشْهورٍ، فضَرَبَه هذا، فقد هَدَر دَمَه، وإن شَهِدُوا أَنَّهم رَأوْه داخِلًا دارَه، ولم يَذْكُرُوا سِلاحًا، أو ذَكَروا سِلاحًا غيرَ مَشْهُورٍ، لم يَسْقُطِ القَوَدُ بذلك؛ لأنَّه قد يَدْخُلُ لحاجَةٍ، ومُجَرَّدُ الدُّخُولِ المشْهودِ به لا يُوجِبُ إهْدارَ دَمِه.