الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ رَمَى صَيدًا، فَغَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا لَا أَثَرَ بِهِ غَيرَ سَهْمِهِ، حَلَّ. وَعَنْهُ، إِنْ كَانَتِ الْجِرَاحُ مُوحِيَةً، حَلَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَعَنْهُ، إنْ وَجَدَهُ في يَوْمِهِ، حَلَّ، وَإلَّا فَلَا. وَإنْ وَجَدَ بِهِ غَيرَ أَثَرِ سَهْمِهِ مِمَّا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أعَانَ عَلَى قَتْلِهِ، لَمْ يُبَحْ.
ــ
الاحْتِرازُ عن سُقُوطِه عليه، فوجَبَ أن يَحِلَّ، كما لو أصابَ الصَّيدَ فوقَع على جَنْبِه. ويُخالِفُ ما ذكروه، فإنَّ الماءَ يُمْكِنُ التَّحَوُّزُ عنه، بخلافِ الأرضِ.
4659 - مسألة: (وإن رَمَى صَيدًا، فغابَ، ثم وجَدَه مَيِّتًا لا أثَرَ به غَيرَ سَهْمِه، حَلَّ. وعنه، إن كانتِ الجِراحُ مُوحِيَةً، حَلَّ، وإلَّا فلا. وعنه، إن وَجَدَه في يومِه، حَلَّ، وإلَّا فلا. وإن وَجَدَ به غيرَ أثَرِ سَهْمِه ممّا يَحْتَمِلُ أنَّه أعانَ على قَتْلِه، لم يُبَحْ)
متى رَمَى صَيدًا، فغابَ عن عَينِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوَجَدَه مَيِّتًا، وسَهْمُه فيه، لا أثَرَ بهْ غيرَه، حَلَّ أكْلُه. هذا المشهورُ عن أحمدَ، وكذلك لو أرْسَلَ كلْبَه على صَيدٍ، فغابَ عن عَينِه، ثم وَجَدَه ميِّتًا ومعه كَلْبُه، حَلَّ. وهذا قولُ الحسنِ، وقَتادَةَ. وعنٍ أحمدَ، إن كانتِ الجِراحَةُ مُوحِيَةً، حَلَّ، وإلَّا فلا؛ لأنَّها إذا كانت مُوحِيَةً، لم يتَأخَّرِ الموتُ عنها، ولم تَجُزْ نِسْبَة الوتِ إلى غيرِها إلَّا بوُجُودِ مِثْلِها أو أوْحَى، بخِلافِ غيرِها. وعنه، إن وجَدَه في يومِه، حَلَّ، وإلَّا فلَا. قال أحمدُ: إن غابَ نهارًا، فلا بأْسَ، وإن غابَ ليلًا، لم يأْكلْه. وعن مالِكٍ كالرِّوايَتَينٍ. وعن أحمدَ ما يَدُلُّ على أنَّه إن غابَ مُدَّةً طويلةً، لم يُبَحْ، وإن كانت يَسِيرَةً، أُبِيحَ. قيل له: إن غابَ يومًا؟ قال: يومٌ كثيرٌ. ووَجْهُ ذلك قولُ ابنِ عباسٍ: إذا رَمَيتَ فأقْعَصْتَ، فكُلْ، وإن رَمَيتَ فوَجَدْتَ فيه سَهْمَك مِن يومِكَ أو ليلتِكَ، فكُلْ، وإن غابَ عنك ليلةً، فلا تأْكُلْ؛ فإنَّك لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَدْرِي ما حَدَث فيه (1) بعدَك. وكرِهَ عطاءٌ والثَّوْرِيُّ أكْلَ ما غابَ. وعن أحمدَ مثل ذلك. وللشافعيِّ فيه قولان؛ لأنَّ ابنَ عباسٍ قال: كُلْ ما أصْمَيتَ، وما أنْمَيتَ فلا تأْكُلْ (2). قال الحَكَمُ: الإصْماءُ: الإِقْعاصُ -يعني أنَّه يمُوتُ في أكْلِ- والإِنْماءُ أن يَغِيبَ عنك. يعني أنَّه لا يمُوتُ في الحالِ. قال الشاعِرُ (3):
فَهْوَ لا تَنْمِي رَمِيَّتُه
…
ما له لا عُدَّ مِن نَفَرِهْ
وقال أبو حنيفةَ: يُباحُ إن لم يكُنْ تَرَك. طَلَبَه، وإن تشاغَلَ عنه ثم وَجَدَه، لم يُبَحْ. ولَنا، ما رَوَى عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:«إذَا رَمَيتَ الصَّيدَ، فَوَجَدْتَه بَعْدَ يَوْم أو يَوْمَينِ، لَيسَ بِهِ إلا أثَرُ سَهْمِكَ، فَكُلْ، وإن وجَدْتَه غَرِيقًا فِي الماءِ، فَلَا تَأْكُلْ» . مُتَّفَقٌ عليه (4). وعن
(1) في م: «به» .
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب الصيد يغيب مقتله، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 460. وابن أبي شيبة، في: باب الرجل يرمي الصيد. . . .، من كتاب الصيد. المصنف 5/ 371. والبيهقي. في: باب الإِرسال على الصيد. . . .، من كتاب الصيد والذبائح. السنن الكبرى 9/ 241.
(3)
هو امرؤ القيس، والبيت في ديوانه 125.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 373.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، أنَّ رَجُلًا أتَى (1) النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، أفْتِنِي في سَهْمِي. قال:«مَا رَدَّ عَلَيكَ سَهْمُكَ، فَكُلْ» . قال: وإنْ تَغَيَّبَ عَنِّي؟ قال: «وإنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ، مَا لَمْ تَجدْ فيه أثَرًا غيرَ سَهْمِكَ، أو تَجِدْه قد صَلَّ (2)» . رَواه أبو داودَ (3). وعن أبي ثَعْلَبَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«إذَا رَمَيتَ الصيدَ، فَأدْرَكْتَه بَعْدَ ثَلَاثٍ وسَهْمُكَ فِيهِ، فَكُلْهُ، ما لَمْ يُنْتِنْ» (4). ولأنَّ جُرْحَه سَبَبُ إباحَتِه، وقد وُجدَ يَقِينًا، والمُعارِضُ له مَشْكوكٌ فيه، فلا نَزُولُ عن اليقينِ بالشَّكِّ، ولَأنَّه وجَدَه وسَهْمُه فيه، ولم يَجِدْ به أثَرًا آخَرَ، فأشْبَهَ ما لو لم يَتْرُكْ طَلَبَه عندَ أبي حنيفةَ، أو كما لو غابَ نهارًا، أو مُدَّةً يَسِيرةً، أو كما لو لم يَغِبْ.
(1) في الأصل: «لقى» .
(2)
في الأصل، ق:«ضل» . وصلَّ اللحم: أنتن. وضل: غاب ومات.
(3)
في: باب في الصيد، من كتاب الصيد. سنن أبي داود 2/ 99، 100.
كما أخرجه النسائي، في: باب الرخصة في ثمن كلب الصيد، من كتاب الصيد والذبائح. المجتبى 7/ 168.
(4)
أخرجه مسلم، في: باب إذا غاب عنه الصيد ثم وجده، من كتاب الصيد والذبائح. صحيح مسلم 3/ 1532. وأبو داود، في: باب في اتباع الصيد، من كتاب الصيد. سنن أبي داود 2/ 100. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 194.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يُشْتَرطُ لحِلِّه شَرْطان؛ أحدُهما، أن يَجِدَ سَهْمَه فيه، أو أثَرَه ويَعْلَمَ أنَّه أثَرُ سَهْمِه؛ لأنَّه إذا لم يكُنْ كذلك، فهو شَاكُّ في وُجودِ المُبِيحِ، فلا يثْبُتُ بالشَّكِّ. والثاني، أن لا يجدَ به أثَرًا غيرَ أثَرِ سَهْمِه، ممّا يَحْتَمِلُ أنَّه أعانَ على قَتْلِه؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«ما لَمْ تَجِدْ فِيهِ أثَرًا غَيرَ سَهْمِكَ» . وفي لفظٍ: «إنْ وَجَدْتَ فِيهِ أثَرًا غَيرَ سَهْمِكَ، فَلَا تَأْكُلْه، فإنَّكَ لَا تَدْرِي، أقَتَلْتَهُ أنْتَ أو غيرُك» . رَواه الدّارَقُطْنِيُّ (1). وفي لفْظٍ: «إذَا وَجَدْتَ فِيهِ سَهْمَكَ، ولَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ سَبُعٌ، فكُلْ مِنْهُ» . رَواه النَّسائِي (2). وفي حديثِ عَدِيِّ بنِ حاتمٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«فإنْ رَمَيتَ الصَّيدَ، فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْم أو يَوْمَينِ، لَيسَ بِهِ إلَّا أثَرُ سَهْمِكَ، فكُلْ، وإنْ وَقَعَ في الماءِ، فَلَا تَأْكُلْ» . رَواه البخارِيُّ. ولأنَّه إذا وجَدَ به أثَرًا يصلُحُ أن يكونَ قد قَتَلَه، أو أعان على قَتْلِه، فقد تحَقَّقَ المُعارِضُ، فلم يُبَحْ، كما لو وجد مع كَلْبِه كلْبًا سِواهُ، فأمّا إن كان الأثَرُ ممّا لا يقْتُلُ مثلُه، مِثْلَ أكْلِ حَيَوانٍ ضَعِيفٍ، كالسِّنَّوْرِ والثَّعْلَبِ، مِن حيوانٍ قَويٍّ، فهو مُباحٌ؛ لأنَّ هذا يُعْلَمُ أنَّه لم يَقْتُلْه، فهو كما لو تَهَشَّمَ مِن وَقْعَتِه.
(1) في: كتاب الصيد والذبائح والأطعمة. . . . سنن الدارقطني 4/ 294.
(2)
في: باب الذي يرمي الصيد فيغيب عنه، من كتاب الصيد والذبائح. المجتبى 7/ 170.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الرجل ورمى الصيد فيغيب عنه، من أبواب الصيد. عارضة الأحوذي 6/ 256. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 377. كلهم من حديث عدي بن حاتم.