الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا أَتْلَفَ مِنْ شَيْءٍ، ضَمِنَهُ، وَيَتَخَرَّجُ في الْجَمَاعَةِ الْمُمْتَنِعَةِ أَنْ لَا تَضْمَنَ مَا أَتْلَفَتْهُ. وَقَال أَبُو بَكْرٍ: يَزُولُ مِلْكُهُ بِرِدَّتِهِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَإنْ أَسْلَمَ رُدَّ إِلَيهِ تَمْلِيكًا مُسْتَأْنَفًا.
ــ
كما أُبِيحَ دَمُه، وأمَّا أمْلاكُه ومالُه الذي في دارِ الإِسلامِ، فمِلْكُه ثابِتٌ فيه، ويَتَصرَّفُ فيه الحاكِمُ بما يَرَى المَصْلَحَةَ فيه. وقال أبو حنيفةَ: يُورَثُ مالُه، كما لو ماتَ؛ لأنَّه قد صارَ في حُكْمِ المَوْتَى؛ بدَلِيلِ حِل دَمِه ومالِه الذي معه لكلِّ مَن قَدَر عليه. ولَنا، أنَّه حَيٌّ فلم يُورَثْ، كالحَرْبِيِّ الأصْلِيِّ، وحِلُّ دَمِه لا يُوجِبُ تَوْرِيثَ مالِه؛ بدليلِ الحَرْبِيِّ الأصْلِيِّ، وإنَّما حَلَّ مالُه الذي معه؛ لأنَّه زَال العاصِمُ (1) له، فأشْبَهَ مالَ الحَرْبِيِّ الذي في دارِ الحَرْبِ، وأمَّا الذي في دارِ الإِسلامِ، فهو باقٍ على العِصْمَةِ، كمالِ الحَرْبِيِّ الذي مع مُضارَبِه في دارِ الإِسْلامِ، أو عندَ مُودَعِه.
4596 - مسألة: (وما أتْلَفَ من شيءٍ، ضَمِنَه، ويَتَخَرَّجُ في الجماعَةِ المُمْتَنِعَةِ أن لا تَضْمَنَ ما أَتْلَفَتْه)
إذا ارْتَدَّ قَوْمٌ، فأتْلَفُوا مالًا للمسلمين، لَزِمَهُم ضَمانُ ما أتْلَفُوه، سَواءٌ تَحَيَّزُوا (2) أو صارُوا في
(1) بعده في الأصل: «الذي» .
(2)
في الأصل: «غيروا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَنَعَةٍ، أو لم يَصِيرُوا. ذَكَرَه أبو بكرٍ. قال القاضي: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. وقال الشافعيُّ (1): حُكْمُهم حُكْمُ أهْلِ البَغْي فيما أتْلَفُوه، من الأنْفُسِ والأمْوالِ؛ لأنَّ تَضْمِينَهم يُؤَدِّي إلى تَنْفِيرِهم عن الرُّجُوعِ إلى الإِسلامِ، فأشْبَهُوا أهْلَ البَغْي. ولَنا، ما رُوِيَ عن أبي بكرٍ، رضي الله عنه، أنَّه قال لأهْلِ الرِّدَّةِ حينَ رَجَعُوا: تَرُدُّونَ علينا ما أخَذْتُم منَّا، ولا نَرُدُّ عليكم ما أخَذْنا منكم، وأن تَدُوا قَتْلانَا، ولا نَدِي قَتْلاكُم. قالوا: نعم يا خليفةَ رسولِ اللهِ. قال عمرُ: كُلُّ ما قُلْتَ كما قُلْتَ، إلَّا أن يَدُوا ما قُتِلَ مِنَّا، فَلا؛ لأنَّهم قَوْمٌ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ واسْتُشْهِدُوا (2). ولأنَّهم أتْلَفُوه بغيرِ تَأْويل، فأشْبَهُوا أهْلَ الذِّمَّةِ. فأمَّا القَتْلَى فحُكْمُهم حُكْمُ أهلِ البَغْي؛ لِما ذَكَرْنا من خَبَرِ أبي بكرٍ وعُمرَ، ولأنَّ طُلَيحَةَ (3) الأسَدِيَّ قَتَل عُكَّاشَةَ بنَ مِحْصَنٍ، وثابتَ بنَ أقْرَمَ (4)
(1) سقط من: الأصل.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 83.
(3)
في الأصل: «طلحة» . وانظر القصة في الكامل لابن الأثير 2/ 347.
(4)
في النسخ: «أرقم» . والمثبت من مصدر التخريج.