الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَبْطُلُ إِحْصَانُ الْمُسْلِمِ بِرِدَّتِهِ، وَلَا عِبَادَاتُهُ الَّتى فَعَلَهَا في إِسْلَامِهِ إِذَا عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ.
ــ
يَعْتَقِدُ وُجُوبَ الصلاةِ، ويَفْعَلُها (1) مع كُفْرِه، فأشْبَهَ فِعْلُه غيرَها.
4594 - مسألة: (ولا يَبْطُلُ إحْصانُ المُسْلمِ برِدَّتِه، ولا عِباداتُه التي فَعَلَها في إسلامِه، إذا عاد إلى الإِسلامِ)
يعْني إذا كان (2) مُحْصَنًا فارْتَدَّ، ثم أسْلَمَ، لم يَصِرْ غيرَ مُحْصَنٍ، بل متى زَنى رُجِمَ؛ لأنَّه يَثْبُتُ له حُكْمُ الإِحْصانِ، والأصْلُ بقاءُ ما كان على ما كان، ولا تَبْطُلُ عباداتُه التي فَعَلَها في إسلامِه إذا عاد إلى الإِسلامِ؛ لأنَّه فعلَها على وَجْهِها، وبَرِئَتْ
(1) في الأصل، م، ص:«يعتقدها» .
(2)
سقط من: الأصل.
فَصْل: وَمَنِ ارْتَدَّ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ، بَلْ يَكُونُ مَوْقُوفًا، وَتَصَرُّفَاتُهُ مَوْقُوفَةً، فَإنْ أسْلَمَ، ثَبَتَ مِلْكُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ، وَإلَّا بَطَلَتْ.
ــ
ذِمَّتُه منها، فلم تَعُدْ إلى ذِمَّتِه، كدُيُونِ الآدَمِيِّين. وإن كان قد حَجَّ حجَّةَ الإِسلامِ قبلَ رِدَّتِه، لم يَجِبْ عليه إعادَتُها إذا عادَ إلى الإِسلامِ، لِما ذَكَرْنا.
فصل: قال الشيخُ، رحمه الله:(ومَن ارْتَدَّ لم يَزُلْ مِلْكُه، بل يكونُ مَوْقوفًا، وتَصَرُّفاتُه مَوْقوفةً، فإن أسْلَمَ، ثَبَت مِلْكُه وتَصَرُّفاتُه، وإلَّا بَطَلَتْ) لا يُحْكَمُ بزَوالِ مِلْكِ المُرْتَدِّ برِدَّتِه، في قَوْلِ أكثرِ أهلِ العلمِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ على هذا كلُّ مَن نَحْفَظُ عنهم مِن أهلِ العلمِ](1)(2). فعلى هذا، إن قُتِلَ أو ماتَ، زال مِلْكُه بمَوْتِه، وإن راجَعَ الإِسلامَ، فمِلْكُه باقٍ له. فعلى هذا، تَصَرُّفاتُه في رِدَّتِه بالبَيعِ والهِبَةِ والعِتْقِ والتَّدْبيرِ والوَصِيَّةِ ونحو ذلك مَوْقُوفَةٌ، إن أسْلَمَ تَبَيَّنَّا أنَّ تصَرُّفَه كان صَحِيحًا، فإن قُتِلَ أو مات، كان باطِلًا. [وهذا الذي قاله الشَّريفُ أبو جَعْفَرٍ عَن أحمدَ. وهو قولُ أبي حَنيفةَ. وأحدُ قَوْلَي الشافِعيِّ] (3). وقال [أبو بكرٍ] (4): يزولُ مِلْكُه بِرِدَّتِه، فإن راجَعَ الإِسلامَ رُدَّ إليه تَمْلِيكًا مُسْتَأنَفًا، لأنَّ عِصْمَةَ نَفْسِه ومالِه إنَّما تَثْبُتُ بإسْلامِه، فزَوالُ إسلامِه يُزِيلُ عِصْمَتَهما، كما لو لَحِقَ بدارِ الحَرْبِ، ولأنَّ المسلمين مَلَكُوا إراقَةَ دَمِه برِدَّتِه، فوَجَب أن يَمْلِكُوا أمْواله بها (5). وقال أصحابُ أبي حنيفةَ: مالُه مَوْقُوفٌ، إن أسْلَمَ تَبَيَّنَّا بَقاءَ مِلْكِه، وإن ماتَ أو قُتِلَ تَبَيَّنَّا زَواله
(1) سقط من: م.
(2)
انظر: الإشراف 3/ 164، والإجماع 76.
(3)
زيادة من: الأصل.
(4)
في م: «مالك» .
(5)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن حينَ رِدَّتِه. قال الشَّرِيفُ أبو جعفرٍ: هذا ظاهِرُ كلام أحمدَ. وعن الشافعيِّ الأقْوالُ الثَّلاثةُ. ولَنا، أنَّ الرِّدَّةَ سَبَبٌ يُبِيحُ دَمَه [فَلم يَزُلْ مِلْكُه به](1) كزِنَى المُحْصَنِ، وقَتْلِ مَن يُكافِئُه عَمْدًا، لا يَلْزَمُ منه زَوالُ المِلْكِ، بدَليلِ الزَّاني المُحْصَنِ، والقاتِلِ في المُحارَبَةِ، [وأهْلِ الحَرْبِ](1)، فإنَّ مِلْكَهم ثابِتٌ مع عَدَم عِصْمَتِهم، ولو لَحِقَ المُرْتَدُّ بدارِ الحَرْبِ، لم يَزُلْ مِلْكُه، لكنْ يُباحُ لكَلِّ أحَدٍ قَتْلُه بغيرِ اسْتِتابَةٍ، وأخْذُ مالِه لِمَن قَدَر عليه، لأنَّه صارَ حَرْبِيًّا، حُكْمُه حُكْمُ أهْلِ الحَرْبِ. ولو ارْتَدَّ جماعةٌ وامْتَنَعوا في دَارِهم عن طاعةِ الإِمامِ، زالتْ عِصْمَتُهم في أنْفُسِهم وأموالِهم، لأنَّ الكُفَّارَ الأصْليِّينَ لا عِصْمَةَ لهم في دارِهم، فالمُرْتَدُّونَ أَوْلَى.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمَّا على قولِ أبي بكرٍ، فتَصرُّفُ المُرْتَدِّ باطِلٌ؛ لأنَّ مِلْكَه قد زَال برِدَّتِه. وهذا أحَدُ أقوالِ الشافعيِّ. وعن الشافعيِّ قولٌ آخَرُ، أنَّه إن تَصَرَّفَ قبلَ الحَجْرِ عليه، انْبَنَى على الأقْوالِ الثلاثةِ، وإن تَصَرَّفَ بعدَ الحَجْرِ عليه، لم يَصِحَّ تَصَرُّفُه كالسَّفِيهِ. ولَنا، أنَّ مِلْكَه تَعَلَّقَ به حَقُّ غيرِه مع بَقاءِ مِلْكِه فيه، فكان تَصَرُّفُه مَوْقُوفًا، كتَبَرُّعِ (1) المريضِ.
فصل: وإن تَزَوَّجَ، لم يَصِحَّ تَزَوُّجُه؛ لأنَّه لا يُقَرُّ على النِّكاحِ، وما مَنَع الإِقْرارَ على النِّكاحِ، مَنَع انعِقادَه، كنِكاحِ الكافِرِ المُسْلِمَةَ. وإن زَوَّجَ مُولِّيَتَه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ ولَايتَه على مُولِّيَتِه قد زالتْ برِدَّتِه، وكذلك إن زَوَّجَ أمَتَه؛ لأنَّ النِّكاحَ لا يكونُ مَوْقُوفًا، ولأنَّ النِّكاحَ وإن كان في الأمَةِ فلا بُدَّ في عَقْدِه من ولَايةٍ صَحِيحَةٍ، بدَليلِ أنَّ المرأةَ لا يجوزُ أن تُزَوِّجَ
(1) في الأصل: «كتصرف» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أمَتَها، وكذلك الفاسِقُ، والمُرْتَدُّ لا ولايَةَ له، فإنَّه أدْنَى حالًا من الفاسِقِ الكافِرِ (1).
فصل: ويُؤْخَذُ مَالُ المُرْتَدِّ، فيُتْرَكُ عندَ ثِقَةٍ مِن المسلمين، فإن كان له إماءٌ جُعِلْنَ عندَ امْرأةٍ ثِقَةٍ؛ لأنَّهُنَّ مُحَرَّماتٌ عليه، فلا يُمَكَّنُ منهنَّ. وذَكَرَ القاضي أنَّه يُؤْجَرُ عَقارُه، وعَبِيدُه، وإماؤُه. قال شيخُنا (2): والأوْلَى أن لا يُفْعَلَ ذلك؛ لأنَّ مُدَّةَ انْتِظارِه قَريبَةٌ، ليس في انْتِظارِه فيها ضَررٌ، فلا يُفَوَّتُ عليه مَنافِعُ مِلْكِه فيما لا يَرْضَاه من أجْلِها، فإنَّه رُبَّما
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: المغني 12/ 273.