الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْأَيْمَانِ
ــ
كتابُ الأيمان
والأصْلُ في مَشْرُوعِيَّتِها وثُبوتِ حُكْمِها، الكتابُ والسُّنَّةُ والإِجْماعُ؛ أمَّا الكِتابُ، فقولُه تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيمَانَ} (1). الآية. وقال تعالى: {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (2). وأمَرَ نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم بالحَلِفِ في ثَلاثةِ مَواضِعَ، فقال:{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} (3). وقال سبحانَه: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} (4). وقال: {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} (5). وأمَّا السُّنَّةُ، فقولُ النبي صلى الله عليه وسلم: «إنِّي وَاللهِ، إنْ شَاءَ اللهُ، لَا أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيرَهَا خَيرًا مِنْهَا، إلَّا أَتَيتُ الَّذِي هُوَ
(1) سورة المائدة 89.
(2)
سورة النحل 91.
(3)
سورة يونس 53.
(4)
سورة سبأ 3.
(5)
سورة التغابن 7.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خَيرٌ وتَحَلَّلْتُهَا». مُتَّفَقٌ عليه (1). وكان أكثرُ قَسَمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَمُصَرِّفِ القُلُوبِ» (2). «وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ» (3). ثَبَت هذا عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، في آيٍ وأخْبارٍ سِوَى هذَين كثيرٍ. وأجْمَعَتِ الأُمَّةُ على مَشْرُوعِيَّةِ اليَمِينِ، وثُبوتِ أحْكامِها. ووَضْعُها في الأصْلِ لتَوْكيدِ (4) المَحْلوفِ عليه.
فصل: وتَصِحُّ مِن كلِّ مُكَلَّفٍ مُخْتارٍ قاصِدٍ إلى اليمينِ، ولا تَصِحُّ مِن غيرِ مُكَلَّفٍ، كالصَّبِيِّ والمجنونِ والنائمَ؛ [لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ» (5). ولأنَّه قولٌ (6) يَتَعَلَّقُ به وجوبُ حَقٍّ، فلم يَصِحَّ من غيرِ مُكَلَّفٍ] (7)، كالإِقْرارِ. وفي السَّكْرانِ وَجْهان، بِناءً على [أنَّه هل هو](8)
(1) تقدم تخريجه في 23/ 207، 208.
(2)
أخرجه النسائي، في: باب الحلف بمصرف القلوب، من كتاب الأيمان والنذور. المجتبى 7/ 3. وابن ماجه، في: باب يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه 1/ 677.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب يحول بين المرء وقلبه، من كتاب القدر، وفي: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، من كتاب الأيمان، وفي: باب مقلب القلوب، من كتاب التوحيد. صحيح البخاري 8/ 157، 160، 9/ 145. وأبو داود، في: باب ما جاء في يمين النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبي داود 2/ 202. والترمذي، في: باب كيف كان يمين النبي صلى الله عليه وسلم، من أبواب النذور. عارضة الأحوذي 7/ 24. والنسائي، في: أول كتاب الأيمان والنذور. المجتبى 7/ 3. والدارمي، في: باب بأي أسماء الله حلفت لزمك، من كتاب النذور. سنن الدارمي 2/ 187. والإمام مالك بلاغًا، في: باب جامع الأيمان، من كتاب النذور. الموطأ 2/ 480. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 26، 67، 68، 127.
(4)
في الأصل: «كتوكيد» .
(5)
تقدم تخريجه في 3/ 15. وانظر طرق الحديث في: الإرواء 2/ 4 - 7.
(6)
في الأصل، م:«حق» .
(7)
سقط من: ق، م.
(8)
في م: «أن هذا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُكَلَّفٌ، [أو غيرُ مُكَلَّفٍ](1)؟ ولا تَنْعَقِدُ يَمِينُ مُكْرَهٍ. وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: تَنْعَقِدُ؛ لأنَّها يَمِينُ مُكَلَّفٍ، فانْعَقَدَتْ، كيَمِينِ المُخْتارِ. ولَنا، ما روَى أبو أُمامَةَ، وواثِلَةُ بنُ الأسْقَعِ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«لَيسَ عَلَى مَقْهُورٍ يَمِينٌ» (2). ولأنَّه قولٌ حُمِلَ عليه بغيرِ حَقٍّ، فلم يَصِحَّ، ككلمَةِ الكُفْرِ.
فصل: وتَصِحُّ من الكافِرِ، وتَلْزَمُه الكَفَّارَةُ بالحِنْثِ، سَواءٌ حَنِث في كُفْرِه أو بعدَ إسْلامِه. وبه قال الشافِعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، إذا حَنِث بعدَ إسْلامِه. وقال الثَّوْرِيُّ، وأصحابُ الرَّأْي: لا تَنْعَقِدُ يَمِينُه؛ لأنَّه ليس بمُكَلَّفٍ. ولَنا، أنَّ عمرَ نَذَر في الجاهِلِيَّةِ أن يَعْتَكِفَ في المسجدِ الحرامِ، فأمَرَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالوَفاءِ بنَذْرِه (3). ولأنَّه من أهْلِ القَسَمِ، بدليلِ قولِه تعالى:{فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} (4). ولا نُسَلِّمُ أنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، وإنَّما تَسْقُطُ عنه العِباداتُ بإسْلامِه؛ لأنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ ما قبلَه، فأمَّا ما الْتَزَمه بنَذْرِه أو يَمِينِه، فيَنْبَغِي أن يَبْقَى حُكْمُه في حَقِّه؛ لأنَّه من جِهَتِه.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
أخرجه الدارقطني، في: كتاب النذور. سنن الدارقطني 4/ 171. وهو حديث منكر. انظر: تلخيص الحبير 4/ 171.
(3)
تقدم تخريجه في 7/ 563.
(4)
سورة المائدة 106.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والأيمانُ تَنْقَسِمُ خمسةَ أقْسامٍ؛ أحدُها، واجِبٌ، وهي التي يُنْجِي بهِا إنْسانًا مَعْصومًا مِن هَلَكَةٍ، كما رُوِيَ عن سُويَدِ (1) بنِ حَنْظَلَةَ، قال: خرَجْنا نُرِيدُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ومعنا وائلُ بنُ حُجْرٍ، فأَخَذَه عَدُوٌّ له، فتَحَرَّجَ القومُ أن يَحْلِفُوا، وحَلَفَتُ أنا أنَّه أخِي، فذَكَرْتُ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقْتَ، الْمُسْلِمُ أخُو الْمُسْلِمِ» . رَواه أبو داودَ (2). فهذا وأشباهُه واجِبٌ؛ لأنَّ إنْجاءَ المعْصومِ واجِبٌ، وقد تَعَيَّنَ في اليَمِينِ، فيَجِبُ، وكذلك إنْجاءُ نَفْسِه، مثلَ أن تَتَوَجَّهَ أيمانُ القَسامَةِ في دَعْوَى القتلِ عليه، وهو بَرِئٌ. الثاني، مَنْدُوبٌ، وهو الحَلِفُ الذي تَتَعَلَّقُ به مَصْلَحَةٌ؛ مِن إصْلاحٍ بينَ مُتَخاصِمَين، أو إزالةِ حِقْدٍ مِن قلبِ مسلمٍ عن الحالِفِ أو غيرِه، أو في دَفْعِ شَرٍّ، فهذا مَنْدُوبٌ؛ لأنَّ فِعْلَ هذه الأمُورِ مندوبٌ إليه، واليَمِينَ مُفْضِيَةٌ إليه. وإن حَلَفَ على فِعْلِ طاعَةٍ، أو تَرْكِ مَعْصِيَةٍ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، أنَّه مَنْدوبٌ إليه. وهو قولُ بعضِ أصْحابِنا، وأصحابِ الشافِعِيِّ؛ لأنَّ ذلك يَدْعُوه إلى فِعْلِ الطَّاعاتِ؛ وتَرْكِ المَعاصِي. والثاني، ليس بمنْدوبٍ إليه؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصْحابَه لم يكونُوا يَفْعَلُون ذلك في الأكثرِ الأغْلَبِ، ولا حَثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أحدًا عليه، ولا نَدَبَهُم إليه، ولو كان ذلك طاعَةً لم يُخِلُّوا به، ولأن ذلك يَجْرِي مَجْرَى النَّذْرِ، وقد نَهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن النَّذْرِ، وقال: «إنَّهُ لَا
(1) في الأصل: «سعيد» .
(2)
تقدم تخريجه في 23/ 7.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَأْتِي بِخَيرٍ، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ». مُتَّفَقٌ عليه (1). الثالثُ، المُباحُ، مثل الحَلِفِ على فِعْلٍ مُباحٍ أو تَرْكِه، والحَلِفِ على الخَبَرِ بشيءٍ هو صادِقٌ فيه، أو يَظُنُّ أنَّه فيه صادِقٌ، فإنَّ اللهَ تعالى قال:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيمَانِكُمْ} (2). ومِن صُورِ اللَّغْو أن يَحْلِفَ على شيءٍ يَظُنُّه كما حَلَف، ويَبِينَ بخِلافِه. الرابعُ، المَكْرُوهُ، وهو الحَلِفُ على مَكْرُوهٍ، أو تَرْكِ مندوبٍ، قال اللهُ تعالى:{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَينَ النَّاسِ} (3). ورُوِيَ أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ، رضي الله عنه، حَلَفَ لا يُنْفِقُ على مِسْطَحٍ بعدَ الذي قال لعائِشةَ ما قال، وكان مِن أهلِ الإفْكِ، فأنْزَلَ اللهُ تعالى:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} (4). قيلَ: المرادُ بقولِه: {وَلَا يَأْتَلِ} . أي
(1) أخرجه البخاري، في: باب إلقاء العبد النذر إلى القدر، من كتاب القدر، وفي: باب الوفاء بالنذر، من كتاب الأيمان والنذور. صحيح البخاري 8/ 155، 176. ومسلم، في: باب النهي عن النذر وأنه لا يرد شيئًا، من كتاب النذر. صحيح مسلم 3/ 1261.
كما أخرجه أبو داود، في: باب كراهية النذر، من كتاب الأيمان والنذور. سنن أبي داود 2/ 207. والترمذي، في: باب في كراهية النذر، من أبواب النذور. عارضة الأحوذي 7/ 21، 22. والنسائي، في: باب النهي عن النذر، وباب النذر لا يقدم شيئًا. . . .، وباب النذر يستخرج به من البخيل، من كتاب الأيمان. المجتبى 7/ 15، 16. وابن ماجه، في: باب النهي عن النذر، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه 1/ 686. والدارمي، في: باب النهي عن النذر، من كتاب النذور. سنن الدارمي 2/ 185. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 61، 235، 242، 301، 314، 412، 463.
(2)
من سورة البقرة 225، وسورة المائدة 89.
(3)
سورة البقرة 224.
(4)
سورة النور 22.
والحديث تقدم تخريجه في 25/ 153.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يَمْتَنِعْ. ولأنَّ اليمينَ على ذلك مانِعَةٌ مِن فِعْلِ الطَّاعَةِ، أو (1) حامِلَةٌ على فِعْلِ المَكْرُوهِ، فتكونُ مَكْرُوهَةً. فإن قيلَ: لو كانت مَكْرُوهَةً لأنْكَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الأعْرابِيِّ الذي سَألَه عن الصَّلواتِ، فقال: هل عليَّ غيرُها؟ فقال: «لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ» . فقال: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ لا أَزِيدُ عليها ولا أنْقُضُ منها. ولم يُنْكِرْ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، بل قال:«أفْلَحَ الرَّجُلُ إنْ صَدَقَ» (2). قُلْنا: لا يلزَمُ هذا، فإنَّ اليَمِينَ على تَرْكِها، [لا تَزِيدُ على](3) تَرْكِها، ولو تَرَكَها، لم يُنْكَرْ عليه، ويَكْفِي في ذلك بَيانُ أنَّ ما تَرَكَه تَطَوُّعٌ، وقد بَيَنّهَ له النبيُّ صلى الله عليه وسلم بقَوْلِه:«إلَّا أنْ تَطَوَّعَ» . ولأنَّ هذه اليَمِينَ إن تَضَمَّنَتْ تَرْكَ المنْدوبِ، فقد تَناوَلَتْ فِعْلَ الواجِبِ، والمُحافَظَةَ عليه كلِّه، بحيثُ لا يَنْقُصُ منه شيئًا، وهذا في الفَضْلِ يَزِيدُ على ما قابَلَه مِن تَرْكِ التَّطَوُّعِ، فيَتَرَجَّحُ جانِبُ الإِتْيانِ بها على تَرْكِها، فيكونُ مِن قِبَلِ المندُوبِ، فكيفَ يُنْكَرُ! ولأنَّ في الإِقْرارِ على هذه اليَمِينِ بَيانَ حُكْمٍ يُحْتاجُ إليه، وهو بَيانُ أنَّ تَرْكَ التَّطَوُّعِ غيرُ مُؤاخَذٍ به، ولو أنْكَرَ على الحالِفِ هذا، لحَصَلَ ضِدُّ هذا، وتَوَهَّمَ كثيرٌ مِن الناسِ لُحوقَ الإِثْمِ بتَرْكِه، فيَفُوتُ الغَرَضُ. ومِن قِسْمِ المَكْرُوهِ الحَلِفُ في البَيعِ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الحَلِفُ مُنْفِقٌ للسِّلْعَةِ، مُمْحِقٌ
(1) في الأصل: «و» .
(2)
تقدم تخريجه في 3/ 126. ويضاف إليه: والإمام أحمد، في: المسند 1/ 162.
(3)
في الأصل: «تزيد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للبَرَكَةِ». رَواه ابنُ ماجَه (1). القِسمُ الخامِسُ، المُحَرَّمُ، وهو الحَلِفُ الكاذِبُ، فإنَّ اللهَ تعالى ذَمَّه بقَوْلِه سبحانَه:{وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (2). ولأنَّ الكَذِبَ حَرامٌ، فإذا كان مَحْلُوفًا عليه، كان أشَدَّ في التَّحْريمِ. وإن أبْطَلَ به حَقًّا، واقْتَطَعَ به مال مَعْصُومٍ، كان أشَدَّ، فإنَّه رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَال مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيهِ غَضْبانُ» مُتَّفَقٌ على مَعْناه (3). وأنْزَلَ اللهُ تعالى في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِمْ يَوْمَ
(1) في: باب ما جاء في كراهية الأيمان في البيع والشراء، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 745.
كما أخرجه البخاري، في: باب يمحق الله الربا. . . .، من كتاب البيوع. صحيح البخاري 3/ 78. ومسلم، في: باب النهي عن الحلف في البيع، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1228. وأبو داود، في: باب في كراهية اليمين في البيع، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 219، 220. والنسائي، في: باب المنفق سلعته بالحلف الكاذب، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 216.
(2)
سورة المجادلة 14.
(3)
أخرجه البخاري، في: باب كلام الخصوم بعضهم في بعض، من كتاب الخصومات، وفي: باب سؤال الحاكم المدعى هل لك بينة. . . .؟ وباب حدثنا عثمان بن أبي شيبة، من كتاب الشهادات، وفي: باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} من كتاب التفسير، وفي: باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} من كتاب الأيمان، وفي: باب الحكم في البئر ونحوها، من كتاب الأحكام. صحيح البخاري 1/ 159، 160، 232، 233، 6/ 42، 8/ 171، 9/ 90. ومسلم، في: باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم 1/ 122، 123.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في من حلف يمينا ليقتطع بها مالا لأحد، من كتاب الأيمان. سنن أبي داود 2/ 197. والترمذي، في: باب ما جاء في اليمين الفاجرة. . . .، من أبواب البيوع. وفي: باب سورة آل عمران، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذي 5/ 271، 11/ 122. وابن ماجه، في: باب من حلف على يمين فاجرة. . . .، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه 2/ 778. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 377، 379، 426، 442، 460، 5/ 25، 211، 212.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1). ومِن هذا القِسْمِ الحَلِفُ على مَعْصِيَةٍ، أو تَرْكِ واجِبٍ، فإنَّ المَحْلُوفَ عليه حَرامٌ، فكان الحَلِفُ حَرامًا؛ لأنَّه وَسِيلَةٌ إليه، والوَسِيلَةُ تَأْخُذُ حُكْمَ المُتَوَسَّلِ إليه.
فصل: ومتى كانتِ اليَمِينُ على فِعْلِ واجِبٍ، أو تَرْكِ مُحَرَّمٍ، كان حَلُّها مُحَرَّمًا؛ لأنَّ حَلَّها بفعلِ المُحَرَّمِ، وهو مُحَرَّمٌ. وإن كانت على منْدوبٍ، أو تَرْكِ مَكْرُوهٍ، فحَلُّها مَكْرُوهٌ، وإن كما نت على مُباحٍ، فحَلُّها مُباحٌ. فإن قيلَ: فكيف يكونُ حَلُّها مُباحًا، وقد قال اللهُ سبحانه وتعالى:{وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (2). [قُلْنا: هذا في الأيمانِ في العُهودِ والمواثيقِ، بدليلِ قولِه تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}](3). إلى قولِه: {تَتَّخِذُونَ أَيمَانَكُمْ دَخَلًا بَينَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} (4). والعَهْدُ يجبُ الوَفاءُ به بغيرِ يَمِينٍ، فمع اليَمِينِ أوْلَى، فإنَّ اللهَ تعالى قال:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} . وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (5). ولهذا نَهى عن نَقْضِ اليَمِينِ، والنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وذَمَّهم عليه، وضَرَب لهم مَثَلَ التي نَقَضتْ غَزْلَها مِن بعدِ قُوَّةٍ
(1) سورة آل عمران 77.
(2)
سورة النحل 91.
(3)
سقط من: م.
(4)
سورة النحل 12.
(5)
سورة المائدة 1.