الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ رَمَى صَيدًا فَأَثْبَتَهُ، ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ، لَمْ يَحِلَّ، وَلِمَن أَثْبَتَهُ
ــ
كالمُتَرَدِّيَةِ في بئرٍ. وحُكِيَ عن القاضي، أنَّه قال في هذا: يتْرُكُه حتى يموتَ، فيحلَّ؛ لأنَّه صَيدٌ تعَذَّرَتْ تَذْكِيَتُه، فأُبِيحَ بمَوْتِه مِن غيرِ عَقِرِ الصّائِدِ له، كالذي تَعَذَّرَتْ تَذْكِيَتُه لقِلَّةِ لُبْثِه (1). والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّه حيوانٌ لا يُباحُ بغيرِ التَّذْكِيَةِ إذا كان معه آلةُ الذَّكاةِ، فلم يُبَحْ بغيرِها إذا لم تكُنْ آلةٌ، كسائِرِ المقْدُورِ على تَذْكِيَتِه.
فصل (2): مسألةُ الخِرَقِيِّ مَحْمُولَةٌ على ما يُخافُ موتُه إن لم يَقْتُلْه الحيوانُ أو يُذَكَّى. فإن كان به حَياةٌ يُمْكِنُ بَقاءُه إلى أن يأْتِيَ به منزلَه، فليس فيه اخْتِلافٌ؛ لأنَّه لا يُباحُ إلَّا بالذَّكاةِ.
4647 - مسألة: (وإن رَمَى صَيدًا فَأثْبَتَه، ثُمَّ رَمَاه آخَرُ فَقَتَله
،
(1) في الأصل: «لبته» .
(2)
سقط من: الأصل، وفي م:«و» .
قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا عَلَى قَاتِلِه، إلا أنْ يُصِيبَ الْأوَّلُ مَقْتَلَهُ دُونَ الثَّانِي، أوْ يُصِيبَ الثَّانِي مَذْبَحَهُ، فَيَحِلُّ، وَعَلَى الثَّانِي مَا خَرَقَ مِنْ جِلْدِهِ.
ــ
لم يَحِلَّ، ولِمَن أثْبَتَه قِيمَتُه مَجْرُوحًا على قَاتِلِه، إلَّا أن يُصِيبَ الأوَّلُ مَقْتَلَه دونَ الثانِي، أو يَصِيبَ الثّانِي مَذْبَحَه، فيَحِلُّ، وعلى الثّانِي ما خرَقَ مِن جِلْدِه) إذا رَمَى صَيدًا فأثْبَتَه، ثم رَماه آخَرُ فأصابَه، لم تَخْلُ رَمْيَةُ الأوَّلِ مِن قِسْمَين؛ أحَدُهما، أن تكون مُوحِيَةً (1)، مِثْلَ أن يَنْحَرَه، أو يَذْبَحَه، أو تَقَعَ في خاصِرَتِه أو قَلْبِه، فيُنْظَرُ في رَمْيَةِ الثانِي، فإن كانت غيرَ مُوحِيَةٍ (1)، فهو حَلالٌ، ولا ضَمانَ على الثاني، إلَّا أن يَنْقُصَه برَمْيِه شيئًا، فيضْمَنُ ما نَقَصَه، وبالرَّمْيَةِ الأُولَى صار مَذْبُوحًا. وإن كانت رَمْيَةُ الثانِي (2) مُوحِيَةً (1)، فقال القاضِي وأصحابُه: يَحِلُّ، كالتي قبلَها. وهو مذهبُ الشافعيِّ. ويَجِئُ على قولِ الخِرَقِيِّ أن يكونَ حَرامًا، كما لو ذُبِحَ حيوانٌ، فغَرِقَ في ماءٍ، أو وَطِئَ عليه شيءٌ (3) فقَتَلَه، وقد ذكَرْناه.
(1) في م: «موجئة» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في الأصل: «بشيء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القسمُ الثاني، أن يكونَ جُرْحُ الأوَّلِ غيرَ مُوحٍ (1)، فيُنْظَرُ في رَمْيَةِ الثاني؛ فإن كَانت مُوحِيَةً (2)، فهو مُحَرَّمٌ؛ لِما ذكَرْنا، إلَّا أن تكونَ رَمْيَةُ الثانِي ذَبَحَتْه أو نحَرَتْه.
فصل: فإن لم تكُنْ جِراحَةُ الثاني مُوحِيَةً، فله ثلاثُ صُوَرٍ؛ إحداها، أن يُذَكَّى بعدَ ذلك، فيَحِلُّ. الثانِيةُ، لم يُذَكَّ حتى ماتَ، فهو حَرامٌ؛ لأنَّه مات مِن جُرْحَينِ؛ مُبِيحٍ ومُحَرمٍ، فحَرُمَ، كما لو مات مِن جَرْحِ مسلمٍ ومَجُوسِيٍّ، وعلى الثاني ضَمانُ جَمِيعِه؛ لأنَّ جُرْحَه هو الذي حَرَّمَه، فكان جَمِيعُ الضَّمانِ عليه. الثالثةُ، قَدَر على ذَكاتِه فلم يُذَكِّه حتى مات، فمحْرُمُ لِمَعْنَيَين؛ أحدُهما، أنَّه تَرَك ذَكاتَه مع إمْكانِه. الثاني، أنَّه مات مِن جُرْحَين؛ مُبِيحٍ ومُحَرِّمٍ، ويلزمُ الثانيَ الضَّمانُ، وفي قَدْرِه
(1) في م: «موجئ» .
(2)
في م: «موجئة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
احْتِمالان؛ أحدُهما، يضْمَنُ جميعَه، كالتي قبلَها. الاحتمالُ الثانِي، [أنَّ الثانيَ](1) يضْمَنُ بقِسْطِ (2) جُرْحِه؛ لأنَّ الأوَّلَ إذا تَرَك الذَّبْحَ مع إمْكانِه، صار (3) جُرْحُه حاظِرًا أيضًا، بدليلِ ما لو انْفَرَدَ وقَتَل الصَّيدَ، فيكونُ الضَّمانُ مُنْقَسِمًا عليهما. وذكَر القاضِي في قَسْمِه عليهما، أنَّه (4) يَسْقُطُ أرْشُ جُرْحِ الأوَّلِ، وعلى الثاني أرْشُ جِراحَتِه، ثُمَّ يُقْسَمُ ما بَقِيَ مِن القِيمَةِ بينَهما نِصْفَين. وفَرَضَ المسألةَ في صَيدٍ قِيمَتُه عشَرةُ دراهِمَ، نقَصَه جُرْحُ الأوَّلِ درهمًا، ونقَصَه جُرْحُ الثاني درهمًا، فعليه درهمٌ، ويُقْسَمُ الباقي وهو ثمانيةٌ بينَهما نِصْفَين، فيكونُ على الثانِي خَمْسَةُ دراهمَ؛ درهمٌ بالمُباشَرَةِ، وأربعةٌ بالسِّرَايَةِ، وتَسْقُطُ حِصَّةُ الأوَّلِ وهي خَمْسَةٌ.
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «سقط» .
(3)
في م: «كان» .
(4)
في م: «أن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن كان أرْشُ جُرْحِ الثاني درهمَين، لَزِماهُ، ويَلْزَمُه نِصْفُ السبعةِ الباقِيَةِ، ثلاثةٌ ونِصْفٌ، وذلك خَمْسَةٌ ونِصْفٌ، وتسْقُطُ حِصَّةُ الأوَّلِ أربعةٌ ونِصْفٌ. فإن كانت جِنايَتُهُما [على حيوانٍ](1) مَمْلُوكٍ (2) لغيرِهما، قُسِمَ الضَّمانُ عليهما كذلك. قال شيخُنا (3): ويتَوَجَّهُ على هذه الطريقَةِ، أنَّه سَوَّى بينَ الجِنايَتَين، مع أنَّ الثانيَ جَنَى عليه وقيمَتُه دونَ قِيمَتِه يومَ جَنَى عليه الأوَّلُ، فإنَّه (4) لم يَدْخُلْ أرْشُ الجِنايَةِ في بَدَلِ النَّفْسِ، كما يدْخُلُ في الجِنايَةِ على الآدَمِي. قال شيخُنا (5): والجوابُ عن هذا، أنَّ كُلَّ واحدٍ منهما انْفَرَدَ بإتْلافِ ما قِيمَتُه درهمٌ، وتَساوَيا في إتْلافِ الباقي بالسِّرَايَةِ، وتَساوَيا في الضَّمانِ، وإنَّما يدْخُلُ أرْشُ الجنايَةِ في (6) بَدَلِ النَّفْسِ التي لا يَنْقُصُ بَدَلُها بإتْلافِ بعْضِها، وهو (7) الآدَمِيُّ، أمّا البَهائِمُ، فإذا جَنَى عليها جنايَةً أَرْشُها درهَمٌ، نَقَصَ ذلك بِن قِيمَتِها، فإذا سَرَى إلى النَّفْسِ، أوْجَبْنا ما بَقِيَ مِن قِيمَةِ النَّفْسِ، ولم يَدْخُلِ الأَرْشُ فيها. وذكرَ أصحاب الشافعيِّ في قِسْمَةِ الضَّمانِ طُرُقًا سِتَّةً؛ أصَحُّها
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «مملوكة» .
(3)
في: المغني 13/ 285.
(4)
في م: «وإن» .
(5)
في: الموضع السابق.
(6)
في الأصل: «و» .
(7)
في الأصل: «هي» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عنْدَهم أن يُقال: إنَّ الأوَّلَ أتْلَفَ نِصْفَ قِيمَتُها [عشَرةٌ، فيَلْزَمُه خمسةٌ، والثاني أتْلَفَ نصفَ قيمَتُها](1) تسعةٌ، فيَلْزَمُه أربعةٌ ونصفٌ، فيكونُ الجْمُوعُ تِسْعةً ونِصْفًا، وهي أقلُّ مِن قِيمَتِه، لأنَّها عشَرةٌ، فتُقْسَمُ العشَرةُ على تِسْعَةٍ ونِصْفٍ، فيسْقُطُ عن الأوَّلِ ما يُقابِلُ أرْبَعَةً ونِصْفًا. ويتَوَجَّهُ على هذا، أنَّ كُلَّ واحدٍ منهما يلزَمُه أكْثَرُ مِن قِيمَةِ نِصْفِ الصَّيدِ حينَ جَنَى عليه. وإن كانتِ الجِراحَاتُ مِن ثلاثةٍ، فإن كان الأوَّلُ هو (2) أثْبَتَه، فعلى طَرِيقَةِ القاضِي، على كُلِّ واحدٍ أرْشُ جَرْحِه، وتُقْسَمُ السِّرَايَةُ عليهم أثلاثًا، وإن كان المُثْبِتُ له الثانِيَ، فجِراحَةُ الأوَّلِ هَدْرٌ لا عِبْرَةَ بها، والحكمُ في جَرْحَيِ الآخَرَين كما ذكَرْنا. وعلى الطرِيقَةِ الأُخْرَى، الأوَّلُ أتْلَفَ ثُلُثَ قيمتُها عشرةٌ، فيَلْزَمُه ثلاثَةٌ وثُلُثٌ،
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثاني أتْلَفَ ثُلُثَها وقيمَتُها تسعةٌ، فيَلْزَمُه ثلاثَةٌ، والثالثُ أتْلَفَ ثُلُثَها وقِيمَتُها ثمانيةٌ، فيَلْزَمُه دِرْهَمان وثُلُثان، فمجموعُ ذلك تِسْعَةٌ، تُقْسَمُ عليها العشَرةُ، حِصَّةُ كلِّ واحدٍ منهم ما يُقابِلُ ما أتْلَفَه. وإن أتْلَفُوا شاةً مَمْلُوكَةً لغيرِهم (1) ضَمِنُوها كذلك.
فصل: فإن رَمَياهُ معًا فَقَتَلاه، كان حلالًا، ومَلَكاهُ؛ لأنَّهما اشْتَرَكا في سَبَبِ المِلْكِ والحِلِّ، تَساوَى الجُرْحان أو تَفاوَتا؛ لأنَّ موتَه كان بهما (2)، فإن كان أحدُهما مُوحِيًا (3)، والآخَرُ غيرَ مُوحٍ (4)، ولا يُثْبِتُه مِثْلُه، فهو لِصاحبِ الجُرْحِ المُوحِي؛ لأنَّه الذي أثْبَتَه وقَتَلَه، ولا شَيءَ على الآخرِ؛ لأنَّ جُرْحَه كان قبلَ ثُبُوتِ مِلْكِ الآخَرِ فيه. وإن أصابَه أحَدُهما بعدَ صاحِبِه، فوَجَدْناه مَيِّتًا، و (5) لم يُعْلَمْ هل صارَ بالأوَّلِ مُمْتَنِعًا (6) أو لَا؟ حَلَّ؛ لأنَّ الأصلَ الامْتِناعُ، ويكونُ بينَهما؛ لأنَّ
(1) في م: «لغيره» .
(2)
في الأصل: «بينهما» .
(3)
في م: «موجئا» .
(4)
في م: «موجئ» .
(5)
سقط من: م.
(6)
أي: هل صار قادرا على الفرار أو لا؟