الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنِ ارْتَدَّ وَهُوَ سَكْرَانُ، لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يَصْحُوَ، وَتَتِمَّ لَهُ ثَلَاثةُ أيَّامٍ مِنْ وَقْتِ رِدَّتِهِ، فَإِنْ مَاتَ في سُكْرِهِ، مَاتَ كَافِرًا. وَعَنْهُ، لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ.
ــ
إذا ارْتَدَّ، سَواءْ قُلْنا بصِحَّةِ رِدَّتِه أو لا؛ لأنَّ الغُلامَ لا يجبُ عليه عُقُوبَةٌ، بدَليلِ أنَّه لا يَتَعَلَّقُ به حُكمُ الزِّنَى والسَّرِقَةِ وسائرِ الحُدُودِ، ولا يُقْتَلُ قِصاصًا، فإذا بَلَغ، وثَبَت على رِدَّتِه، ثَبَت حُكمُ الرِّدَّةِ حِينَئذٍ، فيُسْتَتابُ ثلاثًا، فإن تابَ، وإلَّا قُتِلَ، سَواءٌ قُلْنا: إنَّه كان مُرْتَدًّا قبلَ بُلُوغِه أو لم نَقُلْ، وسَواءٌ كان مسلمًا أصْلِيًّا فارْتَدَّ، أو كان كافِرًا فأسْلَمَ صَبِيًّا ثم ارْتَدَّ.
4589 - مسألة: (ومَن ارْتَدَّ وهو سَكْرانُ، لم يُقْتَلْ حَتَّى يَصْحُوَ، وتَتِمَّ له ثَلاثَةُ أيَّام مِن وَقْتِ رِدَّتِه، فإن ماتَ في سُكْرِه، ماتَ كَافِرًا. وعنه، لا تَصِحُّ رِدَّتُه)
اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، في رِدَّةِ السَّكْرانِ؛ فرُوىَ عنه أنَّها تصِحُّ. قال أبو الخَطَّابِ: وهو أظهرُ الرِّوايَتَين عنه. وهو مذهبُ الشافعيِّ. وعنه، لا تَصِحُّ رِدَّتُه (1). وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك يتعَلَّقُ بالاعْتِقادِ والقَصْدِ، والسَّكْرانُ لا يَصِحُّ عقدُه، فأشْبَهَ المَعْتُوهَ، ولأنَّه زائِلُ العَقْلِ، فلم تَصِحَّ رِدَّتُه كالنَّائمِ والمَجْنُونِ، ولأنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، فأشْبَهَ المَجْنُونَ. ووَجْهُ الرِّوايةِ الأولَى أنَّ الصحابةَ قالوا في السَّكْرانِ: إذا سَكِرَ هَذَى، وإذا هَذَى افْتَرَى، فَحُدُّوه حَدَّ المُفْتَرِي (1). وأوْجَبُوا عليه حَدَّ الفِرْيَةِ التي يأْتِي بها في سُكْرِه، وأقامُوا مَظِنَّتَهَا مُقَامَها، ولأنَّه يَقَعُ طَلاقُه، فصَحَّتْ رِدَّتُه كالصَّاحِي. وقولُهم: ليس بمُكَلَّفٍ. مَمْنُوعٌ، فإنَّ الصلاةَ واجِبَةٌ عليه، وكذلك سائِرُ أرْكانِ الإِسْلامِ، ويَأْثَمُ بفِعْلِ المُحَرَّماتِ. وهذا معنى التَّكْلِيفِ، ولأنَّ السَّكْرانَ لا يَزُولُ عقلُه بالكُلِّيَّةِ، ولهذا يَتَّقِي المُحْذُورَاتِ، ويَفْرَحُ بما يَسُرُّه، ويُساءُ بما يَضُرُّه، ويزولُ سُكْرُه عن قَرِيبٍ مِن الزَّمانِ، فأشبَهَ النَّاعِسَ، بخِلافِ المجْنُونِ، وأمَّا اسْتِتابَتُه فتُؤَخَّرُ إلى حينِ صَحْوه، فيَكْمُلُ عَقْلُه، ويَفْهَمُ ما يُقالُ له، وتَزُولُ شُبْهَتُه أنْ كان قد قال الكُفْرَ مُعْتَقِدًا له، كما تُؤَخَّرُ اسْتِتابَتُه إلى حينِ زَوالِ شِدَّةِ عَطَشِه وجُوعِه، ويُؤَخَّرُ الصَّبِيُّ إلى حينِ بُلُوغِه وكمالِ عَقْلِه، ولأنَّ القَتْلَ جُعِلَ للزَّجْرِ، ولا يَحْصُلُ الزجرُ
(1) تقدم تخريجه في 26/ 424.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في حالِ سُكْرِه. وإن قَتَلَه قاتِلٌ في حالِ سُكْرِه، لم يَضْمَنْه؛ لأنَّ عِصْمَتَه زالتْ. برِدَّتِه. وإن ماتَ أو قُتِلَ، [مات كافِرًا و](1) لم يَرِثْه ورَثَتُه، ولا يُقْتَلُ حتى يَتِمَّ له ثلاثةُ أيَّامٍ مِن وَقْتِ رِدَّتِه، فإنِ اسْتَمَرَّ سُكْرُه أكثرَ مِن ثلاثٍ، لم يُقْتَلْ حتى يَصْحُوَ، ثم يُسْتَتابَ عَقِيبَ صَحْوه، فإن تابَ، وإلَّا قُتِلَ في الحالِ.
فصل: فإن أسْلَمَ في سُكْرِه، صَحَّ إسْلامُه كما صَحَّتْ رِدَّتُه، ثم يُسْألُ بعدَ صَحْوه، فإن ثَبَت على إسْلامِه، فهو مسلمٌ مِن حينَ أسْلَمَ؛ لأنَّ إسْلامَه صَحَّ، وإنَّما يُسْألُ اسْتِظْهارًا، فإن ماتَ بعدَ إسْلامِه في سُكْرِه، مات مُسْلِمًا. ويَصِحُّ إسْلامُه في سُكْرِه؛ سَواءٌ كان كافِرًا (2) أصْلِيًّا أو مُرْتَدًّا، لأنَّه إذا صَحَّتْ رِدَّتُه مع أنَّها مَحْضُ مَضَرَّةٍ، وقولُ باطلٍ، فلأنْ يَصِحَّ إسْلامُه، الذي هو مَحْضُ مَصْلَحَةٍ، أوْلَى. ويَتَخرَّجُ أن لا يَصِحَّ [إسْلامُه في حالِ سُكْرِه، بِناءً على القولِ بأنَّ رِدَّتَه لا تَصِحُّ](1)، فإنَّ مَن لا تَصِحُّ رِدَّتُه، لا يَصِحُّ إسْلامُه، كالمَجْنُونِ.
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من النسخ، والمثبت من المغني 12/ 296.