الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفي الزَّرْعِ وَشُرْبِ لَبَنِ الْمَاشيَةِ رِوَايَتَانِ.
ــ
4621 - مسألة: (وفي الزَّرْعِ وشُرْب لَبَنِ الماشِيَةِ رِوايَتان)
اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ في الزرعِ، فرُوِيَ عنه أَنَّه قال: لا يأكلُ، إنَّما رُخِّصَ في الثِّمارِ، ليس الزرعُ. وقال: ما سَمِعْنا في الزرعِ أن يُمَسَّ منه. ووَجْهُه أنَّ الثِّمارَ خَلَقَها اللهُ تعالى للأكلِ رَطْبَةً، والنُّفُوسُ تَتُوقُ إليها، والزرعُ بخِلافِها. والثانيةُ، قال: يأكلُ مِن الفَرِيكِ؛ لأنَّ العادَةَ جارِيَةٌ بأكلِه رَطبًا، أشْبَهَ الثَّمَرَ. وكذلك الحُكْمُ في الباقِلَّا، والحِمَّصِ، وشِبْهِه ممّا يُؤكَلُ رَطْبًا. فأمّا الشَّعِيرُ، وما لم تَجْرِ العادَه بأكلِه، فلا يجوزُ الأكلُ منه. والأوْلَى في الثِّمارِ وغيرِها، أن لا يأْكلَ منها إلَّا بإذْنٍ؛ لما فيها مِن الخِلافِ والأخْبارِ الدّالَّةِ على التَّحْريمِ.
وكذلك رُوِيَ عن أحمدَ في حَلْبِ لَبَنِ الماشِيَةِ رِوايَتان؛ إحداهُما،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يجوزُ له أن يحلبَ، ويَشْرَبَ، ولا يَحْمِلُ، لِما روَى الحسَنُ، عن سَمُرَةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إذا أتَى أحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ، فإنْ كَان فِيهَا صَاحِبُهَا، فلْيَسْتَأْذِنْهُ، فَإنْ أَذنَ فَلْيَحْلِبْ، ولْيَشْرَبْ، [وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا، فَلْيُصَوِّتْ ثَلَاثًا، فَإنْ أَجَابَهُ أَحَدٌ، فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، وإِنْ لَمْ يُجِبْهُ أحَدٌ، فَلْيَحْلِبْ، ولْيَشْرَبْ] (1)، ولا يَحْمِلْ» . رَواه التِّرْمِذِيُّ (2)، وقال: حديثٌ حسَنٌ صَحِيحٌ، والعَمَلُ عليه عندَ بعضِ أهلِ العلمِ، وهو قولُ إسحاقَ. والرِّوايةُ الثانيةُ، لا يجوزُ له أن يَحْلِبَ ولا يَشْرَبَ؛ لما روَى ابنُ عمرَ، رضي الله عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَحْلِبَنَّ أحَدٌ مَاشِيَةَ أحَدٍ إلَّا بِإذْنِهِ، أيُحِبُّ أحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ، وتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، ويُنْتَقَلَ (3) طَعَامُهُ، فَإنَّما تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أطْعِمَتَهُمْ، فَلَا يَحْلِبَنَّ أحَدٌ مَاشِيَةَ أحَدٍ إلَّا بإذْنِه» . وفي لفظٍ: «فَإنَّ مَا فِي ضُرُوعِ مَوَاشِيهِمْ مِثْلُ مَا في مَشَارِبِهِم» . مُتَّفَقٌ عليه (4).
(1) سقط من: م.
(2)
هو الذي تقدم عن سمرة في صفحة 258.
(3)
في م: «ينقل» .
(4)
أخرجه البخاري، في: باب ما تحتلب ماشية أحد بغير إذن، من كتاب اللقطة. صحيح البخاري 3/ 165. ومسلم، في: باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها، من كتاب اللقطة. صحيح مسلم 3/ 1352.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في من لا يحلب، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود 2/ 38. وابن ماجه، في: باب النهي أن يصيب منها شيئًا إلا. . . .، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 772. والإمام مالك، في: باب ما جاء في أمر الغنم، من كتاب الاستئذان. الموطأ 2/ 971. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 6، 57.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: قال أحمدُ: أكرهُ أكْلَ (1) الطِّينِ، ولا يَصِحُّ فيه حَدِيثٌ، إلَّا أنَّه يَضُرُّ بالبَدَنِ، يقال: إنَّه رَدِئٌ، وتَرْكُه خَيرٌ مِن أكلِه. وإنَّما كَرِهَه أحمدُ مِن أجْلِ مَضَرَّتِه، فإن كان منه ما يُتَداوَى به، كالطِّينِ الأرْمَنِيِّ، فلا يُكْرَهُ، وإن كان ممّا لا مَضَرَّةَ فيه ولا نَفْعٌ، كالشيءِ اليَسِيرِ، جازَ أكلُه؛ لأنَّ الأصْلَ الإِباحَةُ، والمَعْنَى الذي كُرِه لأجْلِه مُنْتَفٍ ههُنا، فلم يُكْرَهْ.
فصل: ويُكْرَهُ أكلُ البَصَلِ، والثُّومِ والكُرّاثِ، والفُجْلِ، وكُلِّ ذِي رِائِحَةٍ كَرِيهَةٍ، مِن أجْلِ رائِحَتِه، سواءٌ أرادَ دُخُولَ المسْجِدِ أو لم يُرِدْ؛ لِما روَى ابنُ ماجه (2). أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ النَّاسُ» . فإن أكَلَه لم يَقرَبِ المسْجِدَ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: باب أكل الثوم والبصل والكراث، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه 2/ 1116.
كما أخرجه مسلم، في: باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوهما من دخول المسجد، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 394، 395. والنسائي، في: باب من يمنع من المسجد، من كتاب المساجد. المجتبى 2/ 34. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 374.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«مَنْ أَكَلَ مِنْ هَاتَينِ الشَّجَرَتَينِ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» . وفي رِوايَةٍ: «فَلَا يَقْرَبْنَا فِي مَسَاجدِنَا» . روَاه التِّرْمِذِيُّ (1)، وقال: حَدِيثٌ حسَنٌ صَحِيحٌ. وليس أكْلُهَا مُحَرَّمًا؛ لِما روَى أبو أيُّوبَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إليه بطعامٍ فلم يأكلْ منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فذكَرْتُ له ذلك، فقال:«فِيهِ الثُّومُ» . فقال: يا رسولَ اللهِ، أحَرامٌ هو؟ قال:«لَا، وَلَكِنِّي أكْرَهُه مِنْ أجْلِ رِيحِهِ» . رواه التِّرْمِذِيُّ (2)، وقال: حديثٌ حَسَنٌ. ورُوِيَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لعليٍّ: «كُلِ الثُّومَ، فَلَوْلَا أنَّ [المَلَكَ يَأْتِينِي] (3) لأكلْتُهُ» (4). وإنَّما (5) مَنَعَ أكْلَها لئلَّا يُؤْذِيَ الناسَ برائِحَتِه، ولذلك نُهِيَ عن قُرْبانِ المسْجِدِ. فإن أتَى المسْجِدَ كُرِهَ له ذلك، ولم يَحْرُمْ؛ لِما روَى المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، قال: أكَلْتُ ثُومًا، وأتَيتُ مُصلَّى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
(1) في: باب ما جاء في كراهية أكل الثوم والبصل، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذي 7/ 312.
كما أخرجه البخاري، في: باب ما جاء في الثوم، من كتاب الأذان، وفي: باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، من كتاب الاعتصام. صحيح البخاري 1/ 216، 217، 9/ 135. ومسلم، في: باب نهي من أكل ثومًا أو بصلًا ونحوهما من حضور المسجد، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 393 - 395. وأبو داود، في: باب في أكل الثوم، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود 2/ 324، 325. والنسائي، في: باب من يمنع من المسجد، من كتاب المساجد. المجتبى 2/ 34. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 12.
(2)
في: باب ما جاء في كراهية أكل الثوم والبصل، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذي 7/ 312، 313.
كما أخرجه مسلم، في: باب إباحة أكل الثوم. . . .، من كتاب الأطعمة. صحيح مسلم 3/ 1623، 1624. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 95، 416، 417.
(3)
في الأصل: «الملائكة تأتيني» .
(4)
أخرجه أبو نعيم، في الحلية 8/ 357، 358. وعزاه السيوطي في الجامع الكبير 1/ 628 لأبي بكر في الغيلانيات.
(5)
في الأصل: «أما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد سُبِقْتُ برَكْعَةٍ، فلمَّا دخَلْتُ المسجدَ، وَجَدَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رِيحَ الثُّومِ، فلمّا قَضَى صلاتَه، قال:«مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَلَا يَقْرَبْنَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا» . فجِئْتُ، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ: لِتُعْطِنِي يَدَكَ. قال: فأدْخَلْتُ يَدَه في كُمِّ قَمِيصِ إلى صَدْرِي، فإذا أنا معْصُوبُ الصَّدْرِ، فقال:«إنَّ لَكَ عُذْرًا» . رواه أبو داودَ (1). وقد رُوِيَ عن أحمدَ، أنَّه يَأْثَمُ؛ لأنَّ ظاهِرَ النَّهْي التَّحْرِيمُ، ولأنَّ أذَى المسلمينَ حَرامٌ، وهذا فيه أذاهُم.
فصل: ويُكْرَهُ أكلُ الغُدَّةِ (2)، وأُذُنِ القلبِ (3)؛ لِما رُوِيَ عن مُجاهِدٍ، قال: كَرِهَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن الشَّاةِ سِتًّا. وذكَرَ هذَين (4). ولأنَّ النَّفْسَ تَعافُهما وتَسْتَخْبِثُهُما. قال الشيخُ (5): ولا أظُنُّ أحمدَ كِرَهَهُما إلَّا لذلك، لا للخَبَرِ؛ لأنَّه قال فيه: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. ولأنَّ في
(1) في: باب في أكل الثوم، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود 2/ 324، 325.
كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 4/ 252.
(2)
الغدة: عضو مفرز مكون من خلايا بشرية (نسبة إلى البَشَرة).
(3)
أذنا القلب: زنمتان في أعلاه.
(4)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب ما يكره من الشاة، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 535. وأبو داود، في: المراسيل 226. والبيهقي، في: باب ما يكره من الشاة إذا ذبحت، من كتاب الضحايا. السنن الكبرى 10/ 7. وعندهم أنها سبع، وليس فيها: أذن القلب.
وحديث أذن القلب أخرجه ابن عدي في: الكامل 4/ 1531. وقال الألباني: منكر. الإرواء 8/ 152 - 154.
(5)
في: المغني 13/ 352.