الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَا أخَذَ الْمَالَ، نُفِىَ وَشُرِّدَ، فَلَا يُتْرَكُ يَأْوِى إِلَى
ــ
قُطِعَتْ رِجْلُه اليُسْرى، كما لو كانت يُمْناهُ مَوجُودَةً، وكذلك إن كانتْ يَدُه اليُمْنَى مَوْجُودَةً، ورِجْلُه اليُسْرَى مَعْدُومَةً، فإنَّا نَقْطَعُ الموْجُودَ منهما حَسْبُ، ويَسْقُطُ القطعُ (1) في المعْدُومِ؛ لأَنَّ ما تَعَلَّقَ به الغَرَضُ مَعْدُومٌ، فسَقَطَ كالغُسْلِ في الوُضوءِ، وهل تُقْطَعُ يُسْرَى يَدَيْه؟ يَنْبَنِى على الروايَتَيْن في قَطْعِ يُسْرَى السَّارِقِ في المرَّةِ الثالثةِ، فإن قُلْنا: تُقْطَعُ ثَمَّ. قُطِعَتْ ههنا، وإن قُلْنا: لا تُقْطَعُ. وهو المُخْتَارُ، سَقَط قَطْعُها؛ لأَنَّ قَطْعَهَا يُفْضِى إلى تَفْوِيتِ مَنْفَعَةِ البَطْشِ. وإن كان ما وَجَب قَطْعُه أشَلَّ، فذَكَرَ أهلُ الطِّبِّ أنَّ قَطْعَه يُفْضِى إلى تَلَفِه، لم يُقْطَعْ، وكان حُكْمُه حُكْمَ المَعْدومِ. وإن قالوا: لا يُفْضِى إلى تَلَفِه. ففى قَطْعِه رِوايَتان، ذَكَرْناهما في قَطْعِ السَّارِقِ.
4544 - مسألة: (ومَن لم يَقْتُلْ ولا أخَذَ المالَ، نُفِىَ وشُرِّدَ، فلا
(1) سقط من: م.
بَلَدٍ. وَعَنْهُ، أنَّ نَفْيَهُ تَعْزِيرُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ.
ــ
يُتْرَكُ يَأْوِى إلى بَلَدٍ. وعنه، أنَّ نَفْيَه تَعْزِيرُه بما يَرْدَعُه) وجلتُه، أنَّ المُحارِبينَ إذا أخافُوا (1) السَّبِيلَ، ولم يَقْتُلُوا، ولا أخَذُوا المالَ، فإنَّهم يُنْفَوْنَ مِن الأرْضِ؟ لقولِه سُبحانَه:{أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (2). يُرْوَى عن ابنِ عباسٍ، أنَّ النَّفْىَ يكونُ في هذه الحالةِ، وهو قولُ النَّخَعِىُّ، وقَتادَةَ، وعَطَاءٍ الخُراسَانِىِّ. والنَّفْىُ هو تَشْرِيدُهم عن الأمْصارِ والبُلْدانِ، فلا يُتْرَكُونَ يَأْوُونَ بلدًا. يُرْوَى نحوُ هذا عن الحسنِ، والزُّهْرِىِّ. وفى ابنِ عباسٍ، أنَّه يُنْفَى من بلدِه إلى غيرِه، كنَفْىِ الزَّانِى. وبه قال طَائفةٌ من أهلِ العلمِ. قال أبو الزِّنادِ: كان مَنْفَى النَّاسِ إلى باضِعٍ (3)، من أرْضِ الحَبَشَةِ، ودَهْلك (4) أقْصَى تِهامَةِ اليَمَنِ. وقال مالكٌ: يُحْبَسُ في البلدِ الذى يُنْفَى (5) إليه، كقولِه في الزَّانِى. وقال أبو حنيفةَ:[نَفْيُه حَبْسُه](6) حتى يُحْدِثَ تَوْبَةً. ونحوَ هذا قال الشافعىُّ، فإنَّه قال في هذه
(1) في الأصل: «خافوا» .
(2)
سورة المائدة 33.
(3)
باضع: جزيرة في بحر اليمن. معجم البلدان 1/ 471.
(4)
في الأصل، م:«وذلك» . ودهلك: جزيرة في بحر اليمن، مرسى بين بلاد اليمن والحبشة، بلدة ضقة حرجة حارة، كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها. معجم البلدان 2/ 634.
(5)
في م: «نفى» .
(6)
في م: «يحبس» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحالِ: يُعَزِّرُهم الإِمامُ، وإن رأى أنَّ يحْبِسَهُم حَبَسَهم. وقيلَ عنه: النَّفْىُ طلبُ الإِمامِ لهم ليُقِيمَ فيهم حُدودَ اللَّهِ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عباسٍ. وقال ابنُ شُرَيْحٍ: يَحْبِسُهمِ في غيرِ بلدِهم. وهذا مثلُ قولِ مالكٍ. [قالوا: وهذا أوْلَى](1)؛ لأَنَّ تشْرِيدَهم إخْراجٌ لهم إلى مَكانٍ يَقْطَعُونَ فيه الطَّريقَ، ويُؤْذُونَ به النَّاسَ، فكان حَبْسُهم أوْلَى. وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى، حَكَاها أبو الخَطَّابِ، مَعْناها أنَّ نَفْيَهم طَلَبُ الإِمامِ لهم، فإذا ظَفَرَ بهم عَزَّرَهم بما يَرْدَعُهم. ولَنا، ظاهرُ الآيةِ، فإنَّ النَّفْىَ الطَّرْدُ
(1) سقط من: م.