الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكُلُّ، مَا وُجِدَ فِيهِ سَبَبُ الْمَوْتِ؛ كَالْمُنْخَنِقَةِ، وَالْمُتَرَدِّيَةِ، وَالنَّطيحَةِ، وَأَكيلَةِ السَّبُعِ، إِذَا أدْرَكَ ذَكَاتَهَا وَفِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ
ــ
وطال تَعْذِيبُه، لم يُبَحْ؛ لأنَّه مَشْكُوكٌ في وُجُودِ ما يُحِلُّه، فيَحْرُمُ، كما لو أرْسَلَ كَلْبَه (1) على الصَّيدِ، فوَجَدَ معه كلْبًا آخَرَ لا يَعْرِفُه.
4634 - مسألة: (وكُلُّ مَا وُجِدَ فيه سَبَبُ المَوْتِ؛ كالمُنْخَنِقَةِ)
والمَوقُوذَةِ (والمُتَرَدِّيَةِ والنَّطِيحَةِ، وأَكِيلَةِ السَّبُعِ، إذا أدركَ ذَكاتَها
(1) في م: «كلبا» .
أكْثَرُ مِنْ حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، حَلَّتْ، وَإنْ صَارَتْ حَرَكَتُها كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، لَمْ تَحِلَّ.
ــ
وفيها حياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ أكْثَرُ مِن حَرَكَةِ المَذْبُوحِ، حَلَّتْ، وإن صارت حَرَكَتُها كحَرَكَةِ المَذْبُوحِ، لَمْ تَحِلَّ) وجملةُ ذلك، أنَّ المُنْخَنِقَةَ، والموْقُوذَةَ، وسائِرَ ما ذُكِرَ في هذه المسألةِ، وما أصابَها مَرَضٌ فماتَتْ بذلك، فهي مُحَرَّمَةٌ، إلَّا أن تُدْرَكَ ذَكاتُها؛ لقولِ اللهِ تعالى:{إلا مَا ذَكَّيتُمْ} . وفي حديثِ جارِيَةِ كَعْبِ [بنِ مالكٍ](1)، أنَّها [كانت تَرْعَى غَنَمًا بسَلْعٍ، فأُصِيبتْ](2) شاةٌ مِن غَنَمِها، فأدركَتْها، فذَبَحَتْها بحَجَرٍ، فسُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:«كُلُوهَا» (3). فإن كانت لم يَبْقَ مِن حَياتِها إلَّا مثلُ حَرَكَةِ المَذْبُوحِ، لم تُبَحِ الذَّكاةُ؛ لأنَّه لو ذَبَحَ ما ذَبَحَه المَجُوسِيُّ، لم يُبَحْ، وإن أدركها وفيها حَياةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، بحيثُ يُمْكِنُه ذَبْحُها، حَلَّتْ؛ لعُموم الآيةِ والخبَرِ. [وسواءٌ كانت قد انْتَهت إلى حالِ يَعْلَمُ أنَّها لا تعيشُ معه أَو تعيشُ؛ لعُمومِ الآيةِ والخبرِ](4)، ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «أصيبت» .
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 306.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يَسألْ، ولم يَسْتَفْصِلْ. وقد قال ابنُ عباسٍ، في ذِئْب عَدَا على شاةٍ، فعَقَرَها، فوَقَعَ (1) قُصْبُها (2) بالأرضِ، فأدركها، فذبَحَها بحَجرٍ، قال: يُلْقِي ما أصابَ الأرْضَ، ويَأْكُلُ سائِرَها (3). قال أحمدُ في بهيمَةٍ عَقَرَتْ بَهِيمَةً، حتى تَبَيَّنَ فيها آثارُ الموتِ، إلَّا أنَّ فيها الرُّوحَ -يعني فذُبِحَتْ- فقال: إذا مَصَعَتْ (4) بذَنَبها، وطَرَفَتْ بعَينِها، وسالَ الدَّمُ، فأرْجُو، إن شاءَ اللهُ، أن لا يكونَ بأكلِها بَأسٌ. ورَوَى ذلك بإسنادِه (5) عن عُبَيدِ (6) بنِ عُمَيرٍ، وطاوُسٍ، وقالا: تَحَرَّكَت. ولم يَقُولا: سال الدَّمُ. وهذا على (7) مذْهبِ أبي حنيفةَ. وقال إسماعيلُ بنُ سعيدٍ:
(1) في م: «فوضع» .
(2)
القُصْبُ: اسم للأمعاء كلها، وقيل: هو ما كان أسفل البطن من الأمعاء.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب ما يقطع من الذبيحة، من كتاب المناسك. المصنف 4/ 494.
(4)
مصعت بذنبها: حركته من غير عدو.
(5)
وأخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 4/ 499، 500. وابن أبي شيبة، في: المصنف 5/ 395، 396.
(6)
في الأصل، ر 3؛ ص:«عبد الله» ، وفي م:«عقيل» ، والمثبت؛ في المصنف، وانظر المغني. 13/ 314.
(7)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سألتُ أحمدَ عن شاةٍ مَرِيضَةٍ، خافُوا عليها الموتَ، فذَبَحُوها، فلم يُعْلَمْ منها أكْثَرُ مِن أنَّها طَرَفَتْ بعَينِها، أو حَرَّكَتْ يَدَها أو رِجْلَها أو ذَنَبَها بضَعْفٍ، فنَهَرَ الدَّمُ؟ قال: لا بَأْسَ. وقال ابنُ أبي مُوسى: إذا انْتَهَتْ إلى حَدٍّ لا تَعِيشُ معه، لم تُبَحْ بالذَّكاةِ. ونصَّ عليه أحمدُ، فقال: إذا شَقَّ الذِّئْبُ بطْنَها، وخَرَجَ قُصْبُها، فذَبَحَها، لا تُؤكَلُ. وقال: إن كان يَعْلَمُ أنَّها تموتُ مِن عَقْرِ السَّبُعِ، فلا تُؤْكَلُ وإن ذَكَّاها، وقد يَخافُ (1) على الشاةِ الموتَ مِن العِلَّةِ والشيءِ يُصِيبُها، [فَيُبادِرُها، فيَذْبَحُها، فيأكُلُها](2)، وليس هذا مثلَ هذه، لا يَدْرِي لعَلَّها تَعِيشُ، والتي قد خَرَجَتْ أمْعاؤُها، يَعْلَمُ أنَّها لا تَعِيشُ. وهذا قولُ أبي يوسفَ. والأوَّلُ أصَحُّ، لأنَّ عمرَ، رضي الله عنه، انْتَهَى به الجُرْحُ إلى حَدٍّ عَلِمَ أنَّه لا يَعِيشُ معه، فوَصَّى، فقُبِلَتْ وَصاياهُ (3)، ووَجَبَتِ العِبادَةُ عليه، وفيما ذكَرْنا مِن عُمُوم الآيةِ والخبرِ، وكونِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لم يَسْتَفْصِلْ في حديثِ (4) جاريَةِ كَعْبٍ ما يَرُدُّ هذا، وتُحْمَلُ نُصوصُ أحمدَ على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شاةٍ خَرَجَت أمْعاؤُها، وبانَتْ منها، فَتِلْك لا تَحِلُّ بالذَّكاةِ؛ لأنَّها في حُكْمِ المَيِّتِ، ولا تَبْقَى حَرَكَتُها إلَّا كحَرَكَةِ المذْبُوحِ، فأمّا ما خَرَجَتْ أمعاؤُها، [ولم تَبِنْ](1) منها، فهي في حُكْمِ الحياةِ تُباحُ بالذَّبْحِ، ولهذا قال الخِرَقِيُّ، في مَن شَقَّ بَطْنَ رَجُلٍ، [فأخْرَجَ حِشْوَتَه، فقَطَعَها فأبانَها، ثم ضَرَبَ عُنُقَه آخَرُ: فالقاتِلُ هو الأوَّلُ، ولو شَقَّ بَطْنَ رَجُلٍ](2)، وضَرَبَ عُنُقَه آخرُ، فالقاتِلُ هو الثانِي. وقال بعضُ أصحابِنا: إذا كانت تَعِيشُ مُعْظَمَ اليومِ، حَلَّتْ بالذَّكاةِ. وهذا التَّحْدِيدُ بَعِيدٌ،
(1) في م: «وبانت» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُخالِفُ ظواهِرَ النُّصوصِ، ولا سَبِيلَ إلى مَعْرِفَتِه. وقولُه في حديثِ جارِيَةِ كَعْبٍ: فذَكَّتْها بحَجَرٍ. يَدُلُّ على أنَّها بادَرَتْها بالذَّكاةِ حينَ خافَتْ مَوْتَها في ساعَتِها. والصَّحِيحُ أنَّها إذا كانت تَعِيشُ زَمَنًا يكونُ الموتُ بالذَّبْحِ أسرعَ منه، حَلَّتْ بالذَّبْحِ، وأنَّها متى كانت ممّا لا يُتَيَقَّنُ مَوْتُها، كالمَرِيضَةِ، أنَّها متى تحَرَّكَتْ، وسال دَمُها، حَلَّتْ. واللهُ أعْلَمُ.
فَصلٌ: الرَّابعُ، أنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ تَعَالى عِنْدَ الذَّبْحِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بِاسْمِ اللهِ. لَا يَقُومُ غَيرُهَا مَقَامَهَا.
ــ
فصل: الشَّرْطُ (الرابعُ، أن يذْكُرَ اسْمَ اللهِ تعالى عندَ الذَّبْحِ، وهو أن يقولَ: باسْمِ اللهِ. لا يقومُ غيرُها مَقامَها) فهذه التَّسْمِيَةُ المُعْتَبَرَةُ عندَ الذَّبْحِ، لأَنَّ إطْلاقَ التَّسْمِيَةِ يَنْصَرِفُ إليها، وقد ثَبَتَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا ذَبَحَ قال:«بِاسْمِ اللهِ، واللهُ أكْبَرُ» (1). وكانَ ابنُ عمرَ يقولُه. ولا خِلافَ أنَّ قولَ (2): بِاسْمِ اللهِ. يُجْزِئُه. وإن قال: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي.
(1) تقدم تخريجه في 9/ 343.
(2)
في الأصل: «يقول» .