الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ. وَلَا يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ، إلا ما يُنْقَضُ مِنْ حُكْمِ غَيرِهِ.
ــ
4571 - مسألة: (وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ)
لأنَّهم أخْطَأُوا في [فرعٍ مِن](1) فُروعِ الإِسْلامِ باجْتِهادِهم، فأشْبَهَ المُجْتَهِدينَ (2) مِن الفُقَهاءِ في الأحْكامِ، وإذا لم يكُونوا مِن أهلِ البِدَعِ، قُبِلَتْ شَهادَتُهم، كأهلِ العَدْلِ. وهو قولُ الشافعيِّ، ولا نعلمُ فيه خِلافًا.
4572 - مسألة: (ولا يُنْقَضُ مِن حُكْمِ حَاكمِهمْ، إلَّا مَا يُنْقَضُ مِن حُكْمِ غيرِه)
إذا نَصَب أهْلُ البَغْي قاضِيًا يَصْلُحُ للقَضاءِ، فهو كقاضِي أهْلِ العَدْلِ، (يَنْفُذُ مِن أحْكامِه ما يَنْفُذُ مِن أحكامِ قاضِي أهْلِ العَدْلِ)(3)، ويُرَدُّ منه ما يُرَدُّ. فإن كان (4) ممَّن يَسْتَحِلُّ دِماءَ أهلِ العَدْلِ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «المختلفين» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأمْوالهم، لم يَجُزْ قَضاؤُه، لأنَّه ليس بعَدْلٍ. وهذا قولُ الشافعيِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يجوزُ قَضاؤُه بحالٍ، لأنَّ أهْلَ البَغْي يُفَسَّقُونَ بِبَغْيِهم، والفِسْقُ يُنافِي القَضاءَ. ولَنا، أنَّه اخْتِلافٌ في الفُروعِ بتَأْويلٍ سائغٍ، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ القَضاءِ، ولم يُفَسَّقْ به، كاخْتِلافِ الفقَهاءِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه إذا حَكَم بما لا يُخالِفُ نَصًّا ولا إجْماعًا، نَفَذ حُكْمُه، وإن خالفَ ذلك، نُقِضَ حُكْمُه، كقاضي أهْلِ العَدْلِ. فإن حَكَم بسُقُوطِ الضَّمانِ على أهْلِ البَغْي فيما أتْلَفُوه حال الحَرْبِ، جازَ حُكْمُه؛ لأنَّه مَوْضِعُ اجْتِهادٍ. وإن كان حُكْمُه فيما أتْلَفُوه قبلَ قيامِ الحَرْبِ، لم يَنْفُذْ؛ لأنَّه مُخالِفٌ للإِجْماعِ. وإن حَكَم على أهْلِ العَدْلِ بوُجُوبِ الضَّمانِ فيما أتْلَفُوه حال الحَرْبِ، لم يَنْفُذْ حُكْمُهُ؛ لمخَالفَتِه الإِجْماعَ. وإن حَكَم بوُجُوبِ ضَمانِ ما أتْلَفُوه في غيرِ حالِ الحربِ، نَفَذ حُكْمُه. وإن كَتَب قاضِيهِم إلى قاضِي أهْلِ العَدْلِ، جازَ قَبُولُ كتابِه؛ لأنَّه قاضٍ ثابِتُ القَضايا، نافِذُ الأحْكامِ. والأوْلَى أنَّه لا يَقْبَلُه، كَسْرًا لقُلُوبِهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال أصحابُ الرَّأْي: لا يجوزُ. وقد سَبَق الكَلامُ في هذا. فأمَّا الخَوارِجُ إذا وَلَّوا قَاضِيًا، لم يَجُزْ قَضاوه؛ لأنَّ أقَلَّ أحْوالِهم الفِسْقُ، وهو يَمْنَعُ القَضاءَ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ قَضاؤُه، وتَنْفُذ أحْكامُه؛ لأنَّ هذا ممَّا يَتَطاوَلُ، وفي القَضاءِ بفَسادِ قَضاياه وعقودِه الأنْكِحَةَ وغيرَها ضَرَرٌ كثيرٌ، فجازَ دَفْعًا للضَّرَرِ، كما لو أقامَ الحُدُود، وأخَذَ الجِزْيَةَ والخَراجَ والزَّكاةَ.
فصل: وإنِ ارْتَكَبَ أهْلُ البَغْي في حالِ امْتِناعِهم ما يُوجِبُ الحَدَّ، ثم قُدِرَ عليهم، أُقِيمَتْ فيهم حُدُودُ الله تعالى، ولا تَسْقُطُ باخْتِلافِ الدَّارِ. وبهذا قال مالكٌ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ: إذا امْتَنَعُوا بدَارٍ، لم يَجِبِ الحَدُّ على أحَدٍ منهم، ولا على مَن تاجَرَ أو أُسِرَ؛ لأنَّهم خارِجُون عن دارِ الإِمامِ، فأشْبَهُوا مَن في دارِ الحَرْبِ. ولَنا، عمُومُ الآياتِ والأخْبارِ؛ ولأنَّ كَلَّ مَوْضِع تَجِبُ فيه العِبادَاتُ في أوقاتِها، تجبُ الحُدُودُ فيه عندَ وُجُودِ أسْبابِها، كدارِ أهلِ العَدْلِ؛ ولأنَّه زَانٍ أو سارِقٌ، ولا شُبْهَةَ في زِنَاهُ وسَرِقَتِه، فوَجَبَ عليه الحَدُّ، كالذي في دارِ العَدْلِ. وهكذا نقولُ (1) في مَن أتَى حَدًّا في دارِ الحَرْبِ، فإنَّه يجبُ عليه، لكنْ لا يُقامُ إلَّا في دارِ الإسْلامِ، على ما ذَكَرْناه في مَوْضِعِه.
(1) في م: «القول» .