الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا، لَمْ تُبَحْ، وَإنْ تَرَكَهَا سَاهِيًا، أُبِيحَتْ. وَعَنْهُ، تُبَاحُ في الْحَالينِ. وَعَنْهُ، لَا تُبَاحُ فِيهمَا.
ــ
بإيمانِها بإشارَتِها إلى السَّماءِ، تُرِيدُ أنَّ اللهَ سبحانَه فيها، فأَوْلَى أن يُكْتَفَى بذلك عَلَمًا على التَّسْمِيَةِ. ولو أنَّه أشارَ إشارَةً تدُلُّ على التَّسْمِيَةِ، وعُلِمَ ذلك، كان ذلك (1) كافِيًا.
فصل: وإن كان المُذَكِّي جُنُبًا، جازَتْ له التَّسْمِيَةُ؛ لأنَّه إنَّما مُنِعَ مِن (4) القُرْآنِ، لا مِن الذِّكْرِ، ولهذا تُشْرَعُ له (2) التَّسْمِيَةُ عندَ الاغْتِسالِ، وليستِ الجنابَةُ أعْظَمَ مِن الكُفْرِ، والكافِرُ يَذْبَحُ ويُسَمِّي. وممَّن رَخَّصَ في ذَبْحِ الجُنُبِ؛ الحسنُ، واللَّيث، والحَكَمُ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأبو ثوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْي. قال ابنُ المُنْذِرِ: لا أعْلَمُ أحَدًا كَرِهَ ذلك، ولا مَنَعَ منه. وتباحُ ذَبِيحَةُ الحائِضِ؛ لأنَّها في مَعْنَى الجُنُبِ.
4636 - مسألة: (فإن تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا، لم تُبَحْ، وإن تَرَكَها ساهِيًا، أُبِيحَتْ. وعنه، تباحُ فِي الحالينِ. وعنه، لَا تباحُ فيهما)
المشْهُورُ مِن مذهبِ أحمدَ أنَّ التَّسْمِيَةَ على الذَّبِيحَةِ شَرْطٌ في إباحَةِ أكلِها مع الذِّكْرِ، وتَسْقط بالسَّهْو. ورُوِيَ ذلك عن ابنِ عباسٍ. وبه قال مالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ. وممَّن أباحَ ما نُسِيَتِ التَّسْمِيَةُ
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه؛ عَطاءٌ، وطاوسٌ، وسعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعبدُ الرحمنِ بنُ أبي لَيلَى، وجعفرُ بنُ محمدٍ (1)، ورَبِيعَةُ. وعن أحمدَ أنَّها مُسْتَحَبَّةٌ، وليست شَرْطًا في عَمْدٍ ولا سَهْوٍ. وبه قال الشافعيُّ؛ لأنَّ البَراءَ رَوَى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«المُسْلِمُ يَذْبَحُ عَلَى اسْمِ اللهِ، سَمَّى أوْ لَمْ يُسَمِّ» (2). وعن أبي هُرَيرَةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ، فقيل. أرَأيتَ الرَّجُلَ منّا يَذْبَحُ، ويَنْسَى أن يُسَمِّيَ (3) اللهَ؟ فقال:«اسْمُ اللهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ» (4). قال الإِمامُ أحمدُ: إنَّما قال اللهُ تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيهِ} (5). يعني المَيتَةَ. وذُكِرَ ذلك عن ابنِ عباسٍ. وعن أحمدَ رِوايَةٌ
(1) جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله القرشي الهاشمي، العلوي، الإمام الصادق، شيخ بني هاشم، رأى بعض الصحابة، ثقة صدوق، توفي سنة ثمان وأربعين ومائة. سير أعلام النبلاء 6/ 255 - 270.
(2)
قال العراقي: لا يعرف بهذا اللفظ فضلا عن صحته. وقال ابن السبكي: لم أجد له إسنادا. وقال ابن حجر: لم أره من حديث البراء. تخريج أحاديث إحياء علوم الدين 2/ 1069، 1070. تلخيص الحبير 4/ 137. وأخرج أبو داود عن الصلت قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله أو لم يذكر، إن ذكر لم يذكر إلا اسم الله» المراسيل 197. وانظر الكلام عليه في المواضع السابقة.
(3)
في م: «يذكر اسم» .
(4)
أخرجه الدارقطني، في: كتاب الصيد والذبائح. سنن الدارقطني 4/ 295. والبيهقي، في: باب من ترك التسمية وهو ممن تحل ذبيحته، من كتاب الصيد والذبائح. السنن الكبرى 9/ 240.
وقال البيهقي: هذا الحديث منكر بهذا الإسناد.
(5)
سورة الأنعام 121.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثالثةٌ، أنَّها تَجبُ في العَمْدِ والسَّهْو؛ لقولِه تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيهِ} . وهو عامٌّ في العَمْدِ والسَّهْو. ودَلِيلُ الرِّوايةِ الأُولىَ، ما روَى راشِدُ بنُ سعدٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ذَبِيحَةُ المُسْلِمِ حَلَال وإنْ لَمْ يُسَمِّ، إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ» . أخْرَجَه سعيدٌ (1). فأمّا الآيةُ فمَحْمُولَةٌ على ما إذا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا، بدليلِ قولِه تعالى:{وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (2). والأكْلُ ممّا نُسِيَتِ التَّسْمِيَةُ عليه ليس بفِسْقٍ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «عُفِيَ لأُمَّتِي عَنِ الخَطَأ والنِّسْيَانِ» (3). إذا ثَبَتَ هذا، فالتَّسْمِيَةُ مع العَمْدِ شَرْطٌ، سواء كان الذَّابِحُ مُسْلِمًا أو كِتابِيًّا، فإن تَرَكَ الكِتابِيُّ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا، وذَكَرَ اسْمَ غيرِ اللهِ، لم تُبَحْ ذَبِيحَتُه. رُوِيَ ذلك عن (4) عليٍّ. وبه قال الشافعيُّ، والنَّخَعِيُّ، وحَمَّاد، وإسحاقُ،
(1) وأخرجه الحارث ابن أبي أسامة، انظر: باب التسمية على الذبح، من كتاب الصيد والذبائح. زوائد مسند الحارث 135. وقال البوصيري: رواه الحارث مرسلًا. انظر المطالب العالية 2/ 301. وضعفه في: الإرواء 8/ 169، 170.
(2)
سورة الأنعام 121.
(3)
تقدم تخريجه في 1/ 276، 2/ 381.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأصْحابُ الرَّأْي. وقال عَطاءٌ، ومَكْحُولٌ: إذا ذَبَحَ الكِتابِيُّ باسْمِ المسيحِ حَلَّ؛ لَأنَّ اللهَ تعالى أحَلَّ لنا ذَبِيحَتَهُم، وقد عَلِمَ أنَّهم يقُولُون ذلك. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيهِ} . وقولُه: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ} (1). والآيَةُ أُرِيدَ بها ما ذَبَحُوه بشَرْطِه كالمُسْلِمِ. وإن لم يُعْلَمْ أسَمَّى (2) الذَّابِحُ أم لا؟ أو ذَكَر اسْمَ غيرِ اللهِ أو لا؟ فَذَبِيحَتُه حَلالٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالى أباحَ لنا أكلَ ما ذَبَحَه المسلمُ والكِتابِيُّ، وقد عَلِم أنَّنا لا نَقِفُ على كُل ذابِحٍ. وقد رُوِيَ عن عائشةَ، أنَّهم قالُوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ قَوْمًا حَدِيثَ (3) عَهْدٍ بشِرْكٍ، يَأْتُونَنا بلَحْم لا نَدْرِي أذَكَرُوا اسْمَ اللهِ أم لم يذْكُرُوا؟ قال:«سَمُّوا أنْتُمْ وكُلُوا» . أخْرَجَه البُخَارِيُّ (4).
(1) سورة المائدة 3.
(2)
في الأصل: «اسم» .
(3)
في م: «حديثو» .
(4)
في: باب من لم ير الوساوس ونحوها من المشبهات، من كتاب البيوع، وفي: باب ذبيحة الأعراب ونحوها، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخاري 3/ 71، 7/ 120.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب التسمية عند الذبح، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه 2/ 1059، 1060. والدارمي، في: باب اللحم يوجد فلا يُدرَى أذكر اسم الله عليه أم لا، من كتاب الذبائح. سنن الدارمي 2/ 83.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والتَّسْمِيَةُ على الذَّبيحَةِ مُعْتبرَةٌ حال الذَّبْحِ، أو قَرِيبًا منه، كما تُعْتَبَرُ على (1) الطَّهارَةِ. وإن سَمَّى على شاةٍ، ثم أخَذَ أُخْرَى فَذَبَحَها بتلك التَّسْمِيَةِ، لم يَجُزْ، سواءٌ أرْسَلَ الأُولَى أو ذَبَحَها، لأنَّه لم يقْصِدِ الثانيةَ بهذه التَّسْمِيَةِ. فإن رأى قَطِيعًا مِن الغَنَمِ، فقال: باسْمِ اللهِ. ثمَّ أخَذَ شاةً فذَبَحَها بغيرِ تَسْمِيَةٍ، لم تَحِلَّ. فإن جَهِلَ كونَ ذلك لا يُجْزِئُ، لم يَجْرِ مَجْرَى النِّسْيانِ، لأنَّ النِّسْيانَ يُسْقِطُ المُؤاخَذَةَ، والجاهِلُ مُؤاخَذٌ، ولذلك يُفْطِرُ الجاهِلُ بالأكْلِ في الصَّوْمِ دونَ النّاسِي. وإن أضْجَعَ شاةً ليَذْبَحَها، وسَمَّى، ثم ألْقَى السِّكِّينَ، وأخَذَ أُخْرَى، أو رَدَّ سَلامًا، أو كَلَّمَ إنْسانًا، أو اسْتَسْقَى ماء [وذَبَح](2)، حَلَّ، لأنَّه سَمَّى على تلك الشّاةِ
(1) في م: «في» .
(2)
سقط من: م.