الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنه رتب الحرمة على الإسكار، فيشعر بعليته. وأن التنبيه على العلة كما في قوله تعالى:{فلا تقل لهما أف} [الإسراء: آية 23]- تعميم، فالتصريح أولى، لأن النقل خلاف الأصل.
والتناقض للقرينة لا غير، وهي ممنوعة بالنسبة إلى الشارع، وحصول العتق بالنية باطل عندكم وعندنا، فلا يخرج الصحيح عليه، وشرط الإلتزامية اللزوم، وتحريم كل مسكر غير لزم له.
والعلة العقلية: إن فسرت بما يتأتى فيه الاحتمال، فعتعميمه ممنوع، وإلا: اندفع، وإسقاطه عرفا لما سبق.
وكونه خلاف الغالب والظاهر مسلم، لكن لوجوب التعبدية والتعميم فيما ذكر ليس من جهة القياس، لعدم تمييز الفرع عن الأصل، بل لأن العلم بالعلة يوجب العلم بالمعلول، والإجماع لما دل على وقوع التعبد به دل على سقوط ذلك الاحتمال.
ولا نسلم عدم الفائدة، إذ يفيد زوال الحكم لزواله فإن كان لخصوصية الحل مناسبة، ففيه أخرى، والحرمة مرتبة على إسكارها لا على مطلقه، وتعميم التنبيه لمنفصل، وإلا: فالاحتمال آت فيه.
وللبصري:
أن من ترك أكل رمانة لحموضتها لزمه ترك أكل كل رمان حامض، ولو أكلها لحموضتها لا يلزمه أكل كل رمان حامض.
وأجيب:
بمنعه، إذ يجوز أن يكون لحموضته، ثم لا فرق بينه وبين الفعل، إنما لا يجب أكل كل رمانة، لأنه مشروط بالاشتهاء، وخلو المعدة، وعدم الظن بتضرر به.
مسألة
الفرع قد يكون أولى بالحكم من الاصل، كتحريم الضرب، وتأدية الدينار. وقد يكون مثله كالأمة والمرأة في حديثي العتق،
والإفلاس، كالبول في الكوز وصبه في الماء الدائم.
هي تسمى (القياس في معنى الأصل). وكل من الأولى والمثل ينقسم إلى:
قطعي، كما سبق في المثال منهما. وإلى ظني، كوجوب الكفارة في القتل العمد والعدوان، ويمين الغموس، لوجوبها في الخطأ، وغير الغموس. كرد شهادة الكافر، لرد شهادة الفاسق، ووجوب أخذ الجزية منغير أهل الكتاب، لوجوبه منهم.
ومن المثل: كوجوب الحد في اللواط، وتحريم شرب النبيذ لوجوبه في الزنا، وتحريم شرب الخمر، إذ ما بينهما من الفرق المتخيل يمنع من القطع بالإلحاق. وقد يكون دونه كأكثر الأقيسة، واتفقوا على أنه لا مستند للإلحاق في النوع الأخير إلا: القياس.
واختلفوا في السابقين:
فقال المحققون - منا -: إنه بالقياس - أيضا -.
وقال كثير - منا -: إنه بالدلالة اللفظية في الأول، دون الثاني.
وقالت الحنفية: إنه في الثاني بالاستدلال، دون القياس، أي هو استدلال على تحرير المناط، وحذف الخصوصية عن درجة الاعتبار، ولذا أثبتوا به الحدود والكفارات مع أنها لا تثبت بالقياس.
لنا:
(أ) أنه لا يدل عليه لغة، وهو ظاهر، والنقل خلاف الأصل.
(ب) أنه لو كان لفظيا لما توقف الإلحاق على معرفة مقصود الكلام.
ولما حسن من الملك المستولي على عدوه منع الجلاد من سبه وإهانته دون قتله.
لهم:
(أ) تبادر تعميم الحكم عند إسماع نصه.
(ب) أنهم يفرعون على صيغته عند إرادة التاعبير عنه، فقالوا: في الفرس السبيق: لا يلحق غباره، وفي الفقير: لا سبد له ولا لبدا، ولا يملك النقير ولا القطمير، فهي مفيدة.
(ج) أنه قال به من لم يقل بالقياس.
(د) أنه معلوم الثبوت، ولو منع الشارع من القياس.
(هـ) أنه لا يشترط في القياس أن تكون العلة أشد مناسبة للحكم في الفرع، والفرع في القياس غير مشتمل على الأصل، ولا الأصل جزء منه.
(و) قولهم: فلان مؤتمن على القنطار، ولا يملك حبة، يفيد أنه مؤتمن مطلقا، وأنه لا يملك شيئا. فكذا غيرهما، إذ الأصل الحقيقة الواحدة.
وأجيب:
عن (أ) و (ب) بأنه للمعنى والقصد، لا اللفظ، وستعرف سنده.
وعن (ج) أن الخلاف ليس في القياس اليقيني.
وعن (د) منع أنه معلوم، بتقدير المنع عن اليقيني، وبتقدير المنع عن الظني لا يضر تسليمه.
وعن (هـ) و (و) أن ذلك في مطلق القياس، وما نحن فيه قياس خاص، فإن ادعى ذلك في كل فرد منه: منعناه.
وعن (ز) بمنعه، إذ يمنع إفادته لما فوقه ودونها، ثم النقل خلاف الأصل، فيقتصر في محل الضرورة.
والحق: أن يقال: إنه إن أريد بدلالته لفظا أنه يدل عليه مطابقة أو تضمينا فباطل، لما سبق، وإن أريد به أنه يدل عليه بفحواه فحق، والوجوه الثالثة لا تنفيه.
وهو لا ينافي كونه قياسا، إذ الخاص لا ينافي العام