الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أدى تمام المعنى فقد أدى كما سمع، وإن اختلف اللفظ، ولذلك يوصف المترجم والشاهد به.
وفيه نظر، لأنا نسلم ذلك لو لم يكن في الخبر ما يدل على تعيين اللفظ.
وعن (ب) ما سبق في شرطه، واحتمال ظهور الخطأ فيما يجزم به الإنسان، يوجب عدم الوثوق باليقينيات.
وعن (ج) أنه يتوقف على إثبات التعبد بلفظه، فإثبات التعبد بلفظه به دور.
مسألة
نقل بعض الخبر غير جائز إن تعلق المحذوف به، تعلقا لفظيا أو معنويا وفاقا، ولأنه موقع في الخطأ، ويعد تحريفا.
وإلا: فإن جوز نقله بالمعنى جاز، إذ لا محذور، كنقل أحد الخبرين، وإن لم يجوز، فالأكثر على منعه، للحديث المتقدم.
وقبل: بجوازه لعدم علة المنع.
مسألة
لا يقبل المرسل عند الشافعي والإمام أحمد في رواية خلافا لمالك وأبي حنيفة وأحمد - في أخرى - والمعتزلة وعيسى بن أبان: إن كان من الصحابي، أو أئمة النقل. وهو: أن يقول: قال فلان: وهو لم يعاصره.
فإن قال الصحابي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس بمرسل لا يقبل على الأظهر، إذ روايته عن غير الرسول ممن لا صحبة له بعيدة، وفي مثله عن غيره الخلاف مرتب، وأولى بعدم القبول.
لنا:
(أ) أن عدالته لم تعلم، إذ العدل قد يروي عمن لو سئل عنه، لسكت عنه، أو جرحه، أو جرحناه، والجهل بالشرط جهل بالمشروط.
فإن قيل: عدم العلم بعدالته بمعنى الظن ممنوع، وبغيره لا يضر، إذ روايته عن العدل أرجح، فإن عدالته تمنع من قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما لم يعلم أو يظن أنه قوله، ولا ذلك إلا: لعلمه أو ظنه بعدالته، ولأنها تمنعه من إيجاب شيء على عامة المكلفين، ما لم يعلم أو يظن ذلك.
قلنا: الدليل عليه: أنه لم يكن حاصلا قبل الرواية، ولم يوجد سواها، وهي لا تدل عليها، لما سبق.
ولأنها لو دلت عليها، لكان الجرح بعدها نقضا، وما ذكر في سند المنع ممنوع، لأنها إنما تمنع لو كان موجبا للظن، فإن بتقدير أن يكون معناه سمعت أنه قال سمعت رسول الله، لا يمنعه منه، فإثبات كونه موجبا للظن به دور، وهو جواب للثاني، فإنه إنما يكون موجبا لو ثبت عدالته، فإثباتها به دور.
(ب) قياسه على ما إذا لم يذكر الفرع شاهد الأصل بجامع عدم معرفة عدالة الأصل، التي هي شرط القبول، بل الشهادة أولى بالقبول، لأن إرساله فيها مع أنها يحتاط فيها ما لا يحتاط في الرواية يدل على جزمه أو غلبة ظنه بها. وبه يعرف اندفاع ما يذكر من الفرق بينهما، وهو: أن الشهادة تتضمن إثبات الحق على معين، فتتطرق إليها التهمة، فاحتيط فيها بما لا يحتاط به في الرواية.
ثم إنه معارض بأن الخبر يثبت شرعا عاما، فكان أجدر بالاحتياط وليس تقديم الأصل بالرجوع لازما في كل صورة، ليجب ذكره لأجله، ولأن الغالب والأصل عدم الرجوع، ولا يترتب حكم كلي بجواز طريان احتمال مرجوح للاستقراء.
واستدل:
(أ) أنه لو قيل: لم يكن لذكر أسماء الرواة والبحث عن عدالتهم معنى.
وأجيب:
بمنعه، إذ فائدته حصول ظن عدالته للراوي ليرسل وتمكن المجتهد من البحث عنها لزيادة الظن، إذ ليس البحث كالتزكية، وبأن وجود طريق لا ينفي آخر، سيما إذا كان أحوط وأولى.
(ب) قياسه على التواتر، فإنه لايثبت بقوله.
وزيف: بأن القطع لا يحصل بقول الواحد، بخلاف الظن، ولأن شرطه استواء الطرفين
والواسطة، وهو مفقود فيه.
(ج) لو قبل: لقبل في زماننا.
وأجيب:
بمنع الملازمة فيه، لكثرة الخلاف والسائط، وانتفاء اللازم إذ لم يكذبه الحفاظ والكتب الصحاح.
للمخالف:
(أ) آيتا الإنذار والتبيين.
(ب) والإجماع.
قال البراء بن عازب: (ليس كلما حدثناكم به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه، غير أنا لا نكذب)، وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم "إنما الربا في النسيئة"، ثم أسنده إلى أسامة، وروى - أيضا - "أنه ما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة"، فلما روجع فيه أسنده إلى أخيه الفضل، وروى أبو هريرة "من
أصبح جنبا فلا صوم له"، ثم أسنده إلى الفضل بن عباس، وروى ابن عمر "من صلى على جنازة فله قيراط"، فلما روجع فيه أسنده إلى أبي هريرة.
وعن الأعمش قلت لإبراهيم النخعي: إذا حدثتني (فأسنده، فقال: إذا قلت لك حدثني فلان عن عبد الله بن مسعود، فهو الذي حدثني عنه، وإذا قلت لك: حدثني عبد الله فقد حدثني) به جماعة.
وكان سعيد بن المسيب يرسل الأخبار، ومراسيله مقبولة عند أكثر المنكرين وكذلك الحسن البصري، وروجع في بعض مراسيله، فقال: أخبرني به سبعون بدريا، ونحوه عن الشعبي، وغيرهم من غير نكير، فكان إجماعا.