الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جوازه بعده، لحقية الكرامات بعده، على ما سلمه أبو الحسين.
ولو سلم امتناعها فإنما يعرف بالبرهان، فكان يجب أن لا يعلم بالتواتر من لم يعلمه، ولا نسلم امتناعه عادة من جمع كثير، وسنده يعرف مما تقدم.
وادعاء إخبار كل لاحق عن أهلية السابق للتواتر في كله بهت صريح، إذ العوام لا يتصورون هذه الدعوى، فكيف يعملون بها.
ولا نسلم أن ما ظهر قعد خفاء، وقوي بعد ضعف: يجب اشتهار حدوثه ووقته، والمثال والمثالين يصحح الدعوى.
ثم إنه منقوض بالأراجيف، ووقائع الأنبياء، مع كونها من الأصول.
وإحالته إلى تطاول الزمان، وعدم الداعي يقدح في تواتر الأمور الماضية ولو سلم صحة الدليل، لكنه لا يعلمه الصبيان والعوام، مع حصول العلم بالتواتر (لهم).
سلمناه، لكنه أضعف من علمنا بوجود بغداد، وبناء الواضح على الخفي غير جائز.
تبنيه:
إن قيل: العلم به نظري، فهو بطريق التولد عند القائلين به، وإلا: ففيه خلاف عندهم، لترتبه على فعل اختياري، ووجه الآخر: القياس على سائر الضروريات.
مسألة
في شروطه:
(أ) علم المخبرين به حسا، لأن غيره يحتمل الغلط.
وقال إمام الحرمين، والإمام: ضرورة، فلو علموا بالقرائن كفى.
(ب) بلوغهم في الكثرة إلى حد يمتنع تواطؤهم على الكذب، فلا بد من عدد، لكنه غير معين، لا نفيا ولا إثباتا، بل المرجع فيه إلى حصول العلم للسامع، فإن علم قطع بحصوله
وغيره، وإلا: قطع بانتفائه أو غيره خلافا للقاضي أبي بكر رحمه الله نفيا، وإذ قطع بأنه لا يحصل بقول الأربعة، وما دونه، وتوقف في الخمسة.
واستدل عليه: بأنه لو أفاد قول أربعة صادقين، لأفاد قول كل أربعة صادقين، وإلا: لزم الترجيح من غير مرجح، ولجاز مثله فيما كثر، فلزم استغناء القاضي عن التزكية في شهادة الزنا، لأنه إن علم بصدقهم. وإلا: بكذبهم، وهذه الدلالة لا تتأتى في الخمسة، إذ لا يلزم من كذبهم كذب الأربعة، فجاز طلب التزكية.
فإن قلت: الملازمة ممنوعة، فإن حصول العلم فيه بخلق الله تعالى، فجاز أن يرجح من غير مرجح، لأنه مختار، وجاز أن يطرد في الكثير، ويختلف في غيره، كحفظ البيت، عقيب التكرار الكثير والقليل، ثم لو لزم فإنما يلزم في لفظ الخبر دون الشهادة، كيف والشهادة مظنة الإجماع، وهو يوهم الاتفاق على الكذب.
ثم هو منقوض بعدد أهل القسامة.
قلت: الأول قوي، والثاني مندفع، إذ يقطع بأن تغاير اللفظ غير قادح فيه.
وأيضا - يلزم مثله في الكثير، والإيهام زائل، إذ فرض أن الذين شهدوا هم الذين أخبروا مع اتحاد الأحوال، من التفرق وغيره، إذ ليس من شرط الشهادة الاجتماع، والنقض مندفع لعد اتحاد المخبر عنه.
واعلم أنه إن عني بالتوقف في الخمسة التوقف في حصول العلم وعدمه، مع جواز حصوله فحق، لكن لا يختص بها، وإن عنى به التوقف في جوازه وعدمه فباطل، إذ الدليل غير آت فيها، فهي كغيرها.
ويمكن - أيضا - مع قوله: (فلزم استغناء القاضي عن التزكية) على قولنا: (القاضي لا يحكم بعلمه).
وخلافا للآخرين إثباتا:
فقيل: اثنا عشر لقوله تعالى: {وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} [المائدة: آية 12] أبو الهذيل: عشرون، لوقهل تعالى:{إن يكن منكم عشرون} وقيل: أربعون، لقوله:{ومن اتبعك من المؤمنين} [الأنفال: آية 64] وكانوا أربعين، لاعتباره في الجمعة.
وقيل: سبعون، لقوله:{واختار موسى قومه سبعين رجلا} [الأعراف: آية 155].
وقيل: عدد بيعة الرضوان.
وقيل: عدد أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر.
والاستدلال بها أنه إنما خصوا بذلك لحصول العلم بخبرهم.
وسقوطه بين، فعلى هذا يتعذر الاستدلال بالتواتر على من لم يعترف به.
(ج) استواء الطرفين والواسطة في الكثرة، وحصول العلم إن كان الخبر من غير المشاهدين.
(د) أن لا يعلم السامع المخبر به ضرورة، لأن تحصيل الحاصل محال، وكذا تقوية الضرورية محال.
(هـ) قال المرتضى: أن لا يكون السامع معتقدا نقيضه لشبهة أو تقليد، إذ النص على إمامة علي رضي الله عنه متواتر .. عنده، وإنما لم يحصل للمخالف لاعتقاده نفيه لشبهة.
واحتج عليه: بأن إفادته للعلم بالعادة، فجاز أن يختلف باختلاف الاعتقاد، بخلاف الإخبار عن البلدان، والحوادث العظيمة، إذ لا شبهة في نفيها ولا داعي يدعو العقلاء إلى اعتقاد نفيها.
ولا يشترط في المخبرين أن لا يحصرهم عدد، ولا يحويهم بلد، إذ خبر أهل الجامع عن سقوط المؤذن من المنارة - قد يفيد العلم.
ولا اختلاف أديانهم وأنسابهم وأوطانهم، لأن إخبار القبيلة المتفقة في ذلك قد يفيد العلم، خلافا: لقوم، لتهمة الاتفاق، وهو باطل، إذ لو حصلت لم يحصل العلم مطلقا، وإلا: حصل مطلقا.
ولا وجود المعصوم فيهم، لأنه مبني على وجوده في كل زمن، ولأن المفيد قوله، لا خبر التواتر.
خلافا للشيعة، وابن الراوندي، كيلا يتفقوا على الكذب.
وجوابه: قد سبق.
ولا إسلامهم، ولا عدالتهم، (لحصول العلم ببعض أخبار الكفرة والفسقة).
خلافا: لقوم، لعدم حصوله بما نقلته اليهود والنصارى، ولكون الكفر والفسق مظنة