الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آحادها، ولا نسلم أنه لا دليل فيه مطلقا، فإنه حديث الصديق يدل عليه مطلقا، والقول بالفصل قول لم يقل به أحد، ثم المطلوب جوازه لمن هو بحضرته مطلقا. واستدل بقوله:{وشاورههم} [آل عمران: آية 159] ولا فائدة لها، إلا: الأخذ باجتهادهم.
وهو ضعيف، لاحتمال أنها في الآراء والحروب، وفي مصالح الدنيا.
مسألة
شروط الاجتهاد: المكنة من الاستدلال: وهي بمعرفة: معنى اللفظ بالدلالات الثلاث، بالأوضاع الثلاثة، ومقتضاه: من مفهوم واقتضاء وإشارة وإيماء.
وبمعرفة: أن المخاطب بعني باللفظ ظاهره - إن تجرد عن القرينة المعينة - وإلا: فما يقتضيه معها، لأنه لا يحصل الوثوق بشيء من الأحكام والأخبار بدونه. قالت المعتزلة: يعرف ذلك بحكمة المتكلم، أو بعصمته، والأول مبني على تحسين العقل وتقبيحه.
وقال أصحابنا: قد يقطع بعدم وقوع جائزة كالعاديات، ونحن - وإن جوزنا منه تعالى فعل كل شيء - لكن نعلم بالضرورة أنه لا يعني بها غير ظواهرها، فلا لبس. ثم معرفة كونه مجردا عن القرينة، أو غير مجرد يتوقف على الطلب، فيجب ذلك على المجتهد إلى غلبة ظنه بوجودها أو عدمها.
والقرينة العقلية تميز الجواز دون الوقوع، والسمعية تميزهما، وهي تخصص العام بالأشخاص أو الأزمان المسمى (بالتخصيص)، والنسخ، ونعم الخاص المسمى بالقياس، والقرينة الخالية تميز الوقوع دون الجواز، إذ دلالة بشهادة حال المتكلم على جواز الشيء وعدمه. ثم الدلالئل السمعية وقرائتها قد تكون منقولة، وهو: إما بالتواتر أو الآحاد، فيجب معرفة هذه الأمور وشرائطها. وبمعرفة مدارك الأحكام وطرق استنباطها منها، ووجوه دلالتها وشرائطها.
ثم قال الغزالي: المدارك أربعة: الكتاب والسنة والجماع والعقل، وإنما يشترط من الكتاب والسنة معرفة ما يتعلق بالأحكام، وهو قدر خمسمائة آية من الكتاب، والعلم بمواقعه، ليطلب منها عند الحاجة ويجب العلم بمواقع الإجماع، لئلا يفتي بخلافه. وطريقة: أن لا يفتي إلا: بما يوافق قول أحد المتقدمين أو يغلب على نه عدم خوضهم فيه.
والعقل: وهو البراءة الأصلية، فيعرفها ويعرف أنا متعبدون بها، عند عدم الثلاث. ولم يذكر القياس، فإن كان ذلك لكونه مستفادا من الكتاب والسنة فالإجماع والعقل كذلك.
وإن كان لعدم كونه مدركا، فكونه حجة ينفيه، فلا بد من معرفته ومعرفة شرائطه.
ولا بد مع هذه الأربعة من أربعة أخرى. اثنان مقدمان، وهما علما الحد والبرهان المسمى: بالمنطق، والنحو واللغة والتصريف، إذ الأدلة عربية، ولا يشترط في ذلك البلوغ إلى الغاية القصوى، ولا يكتفى بأول الدرجات. بل المعتبر بالدرجة الوسطى.
واثنان متممان، وهما علما (الناسخ والمنسوخ)، و (أسباب النزول)، و (الجرح والتعديل)، وأحوال الرجال، لما تعذر ذلك في زماننا، لطول المدة، وكثرة الوسائط، اكتفي بتعديل الأئمة الذين اتفقوا على عدالتهم. ولا يشترط علم الكلام - إن اكتفي فيه بالتقليد، إذ المقلد قد يتمكن من الاجتهاد، ولا يشترط معرفة جميع مسائله تقليدا، بل ما يصح به الإسلام.
ولا يشترط معرفة تفاريع الفقه، وإلا: لزم الدور. وعند هذا ظهر أنه لا بد فيه من أصول الفقه، وما تقدم من ولوازمه، دون غيره، وكل من كان نصيبه منه أوفر كان حظه من الاجتهاد أكمل، وأما ضبط القدر الذي لا تحصل رتبة الاجتهاد بدونه فمتعذر.
ثم صفة الاجتهاد قد تحصل في فن دون فن، بل في مسألة دون أخرى. خلافا لقوم.
إذ الغالب أن أصول كل فن إنما توجد فيه، فإذا عرفها تمكن من الاجتهاد، واحتمال شذوذ شيء منه نادر، لا يقدح فيه كالمجتهد المطلق، ولأنه لو لم يتجزأ لعلم الجميع.