المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقيل: لا، إذ الأخبار تختلف في إفادته وعدمها، بالقرائن، وقوة - الفائق في أصول الفقه - جـ ٢

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌التأويل

- ‌مقدمة(تفسير النص والظاهر والمؤول)

- ‌المفهوم

- ‌المسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌أدلة القائلين بالتوقف

- ‌أدلةالقائلين بالوجوب منالقرآن والسنة والإجماع والمعقول

- ‌دليلهم من المعقول

- ‌وللإباحة

- ‌مسألة

- ‌دليل القائل بالتفصيل بين العبادات

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فصل في النسخ

- ‌مسألةالفرق بين النسخ والبداء

- ‌مسألةالنسخ جائز عقلا، وواقع سمعا

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌أدلة المخالفين ومناقشتها

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌أدلة القائلين بعدم الوقوع

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌خاتمة

- ‌الإجماع

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فصلفيما لا يقطع بصدقه ولا بكذبه وهو خبر الواحد

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌‌‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فروع:

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي مراتب نقل الصحابي، وهي سبع:

- ‌مسألةفي مراتب رواية غير الصحابي:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةمن شروط حكم الأصل:

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌خاتمة:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فروع:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي تقسيم المناسب:

- ‌مسألة

- ‌مسألةالمناسبة دليل علية الوصف:

- ‌مسألةقيل في حد الشبه:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةالسبر والتقسيم:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة في النقض

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألةتقسيم العلة من وجه:

- ‌مسألة

- ‌مسألةوفي التعليل بالحكمة:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فرع:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي شرائط الفرع:

- ‌خاتمةفي تقسيم القياس

- ‌الاعتراضات

- ‌التعادل والترجيح

- ‌مسألة

- ‌فرع:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألةالترجيح لا يجري في القطعية:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌الاجتهاد

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي جواز الاجتهاد في عصر الرسول

- ‌مسألة

- ‌ مسألة

- ‌مسألة

- ‌خاتمة:

- ‌المفتي والمستفتي

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فرع:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌ مسألة

- ‌الأدلة التي اختلف فيها

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي تفاريع القديم:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

الفصل: وقيل: لا، إذ الأخبار تختلف في إفادته وعدمها، بالقرائن، وقوة

وقيل: لا، إذ الأخبار تختلف في إفادته وعدمها، بالقرائن، وقوة الفهم فلا يطرد.

والحق: أنه إن حصل بمجرد الإخبار وجب، وإلا: فلا.

‌‌

‌مسألة

مهما اشتركت الأخبار الكثيرة في كلي واحد، يصير ذلك الكلي مرويا بالتواتر، لأن راوي الجزئي بالمطابقة راو للكلي بالتمضن، وهو كشجاعة علي، وسخاوة حاتم، لا يستدل عليه بعد كذب كلها، بل لا بد من صدق بعضها، ومتى ثبت ذلك لزم كونه شجاعا وسخيا، لأنا نمنع ذلك، ولو سلم فلا يلزم تواتره وسندهما بين.

مسألة

ما علم صدقه بغير التواتر أنواع.

(أ) ما علم مخبره ضرورة، أو نظرا.

(ب) خبر الله تعالى عند الملتين، لأن الكذب نقص، وهو منزه عنه باتفاق العقلاء، ولأن طبيعته عدمية، فلا يتطرق إلى واجب الوجود، لأن الواحد منا لا يكون أكمل منه تعالى بوجه ما، ولخبر الرسول عن امتناعه عليه.

وأورد: بأنه دور، لتوقف صدقه على تصديقه تعالى إياه بالمعجزة.

وأجيب: بأنه كقوله: أنت رسولي، وهو إنشاء لا يحتمل التصديق والتكذيب، فلا دور.

وقدح: بأنه - حينئذ - لا يلزم صدقه في كل ما يقوله، بل في الرسالة خاصة، فلا طريق إليه، إلا: بالتصديق، فيعود الدور.

وأجيب: بأنه مشترك الإلزام، والجواب واحد، وما ذاك إلا: أن صدقه في كل الأمور من ضرورة صدقه في الرسالة، وإلا: لما حصل مقصودها.

و- أيضا - التصديق بالمعجزة تصديق بالفعل والقرينة، وهو لا يتوقف على الصدق في

ص: 156

المقال.

ولأن كلامه نفسي، ويمتنع الكذب منه على من يمتنع عليه الجهل.

وأورد: بأنه لا يلزم منه صدق الملفوظ، ثم ما الدليل على الكبرى.

وأجيب:

عن (أ) بأنه مطابق له، ويعرف ذلك بمنفصل.

وعن (ب) أن الكذب في النفسي يستلزم الجهل.

وقالت المعتزلة: الكذب قبيح، وهو عليه محال، إما لعدم القدرة عليه كمذهب النظام، أو لعدم الداعي لعلمه به، واستغنائه عنه.

وأورد: بأنه لا خبر يخالف المخبر عنه في الظاهر، إلا: ويصح بإضمار أو تغيير، ومثله لا يقبح منه تعالى، إذ أكثر العمومات كذلك، و- حينئذ - يرتفع الوثوق عن الظواهر.

لا يقال: لو كان غيره مرادا (لبين إزالة) للتلبيس والعبث، لأنه إنما يكون كذلك لو لم يحتمل غيره، ولم يكن له غرض غيره، فإما معه فلا، بل تقصير من المكلف كما في المتشابهات.

فإن قلت: إنزالها مشروط بقيام ما يدل على امتناع ظواهرها.

قلت: نعم، لكن لا يشترط على سامعها به، فكذا - هاهنا - فلعله وجد ولم يعلم، ولا يلزم من عدم العلم بالشيء - ولو بعد البحث الشديد - العلم بعدمه، و - حينئذ - يرتفع الوثوق.

وهو غير مختص بالقائلين بالتحسين والتقبيح.

وقدح: بأنه وارد على الطرق كلها، والجواب واحد، ثم الكذب: هو الخبر الذي لا يطابق المخبر عنه ظاهرا، مع عدم إرادة غير الظاهر تجوزا.

(ج) خبر الرسول، وصدقه متفق عليه بين الملتين، قال الغزالي:(دليل صدقه المعجزة، إذ يمتنع ظهورها على يد الكاذب، وإلا: يعجز الله عن تصديق رسوله).

ص: 157

وهو ممنوع، إذ لا يلزم من إمكانه عجزة تعالى عن التصديق، إذ قد يجزم بانتفائه مع إمكانه، و-حينئذ- لا يقع اللبس، فلا يلزم العجز.

وأورد الإمام:

- أن تصديق الرسول على ذلك التقدير إن أمكن الملازمة، وإلا: لم يلزم العجز، إذ لا يتحقق بالنسبة إلى المستحيل.

وإن كان عجزا: فامتناع إظهار المعجزة على يد الكاذب عجز أيضا، فلم كان أحدهما أولى؟

-وأيضا- إذا كانت قدرته على تصديق الرسول فرع عدم قدرته على إظهار المعجزة على يد الكاذب - لم يصح الاستدلال بالأول على الثاني.

ثم لا نسلم امتناعه إذا كان ممكنا في نفسه، فلم ينقلب ممتنعا عند دعوى الكاذب.

وأجيب:

عن (أ) بمنع عدم تحققه بالنسبة إلى ما هو ممكن في نفسه، ممتنع لتقدير مستحيل، ثم المستحيل جاز أن يستلزم المستحيل.

وعن (ب) بمنع أن إظهار المعجزة على يد الكاذب عجز، إذ هو مستحيل عندنا من حيث هو هو، لا لتقدير مستحيل.

وعن (ج) أنه لو سلم (العجز)، لكن العجز عن المراد (أو) ما هو من لوازمه أشد محذورا مما ليس كذلك.

وعن (د) بمنعه، إذ يستدل بنقيض اللازم على نقيض الملزوم، وإن كان فرعا.

وعن (هـ) الممكن في نفسه قد يمتنع لغيره.

(د) خبر كل الأمة لعصمتهم عن الخطأ.

(هـ) من صدقه الله أو رسوله، أو مجموع الأمة.

(و) أخبار أهل التواتر المختلفة عن الوجدانيات أو غيرها يوجب صدق بعضها بالضرورة، ولذا انقطع أن بعض ما روي عنه عليه السلام بطريق الآحاد صدق.

ص: 158

(ز) خبر من لم يصدق - قط -: (أنا كاذب) فإنه صدق قطعا، إذ لا يجوز أن يكون هذا الخبر (داخلا) في المخبر عنه، وإلا: لزم تقدم الشيء على نفسه، وفيه بحث سيأتي.

(ح) المحتف بالقرائن، وهو اختيار إمام الحرمين، والغزالي، والإمام والنظام: لأنا إذا سمعنا أنه غضب السلطان على الوزير، ثم رأيناه خرج من داره في أنحس تقويم مع الترسيم عليه، وتولى عمله غيره، فإنا نقطع بصدقه، ونحوه كثير.

المخالف:

(أ) أن القرينة - وحدها - تفيد حيث يفيد الخبر معها، فلم يكن المجموع مفيدا.

(ب) أنه معها قد يكذب، كما إذا سمع موت إنسان ثم شوهدت قرائنه، ثم تبين أنه مسبوت، أو مغمى عليه، أو أظهر خوف السلطان.

(ج) لو أفاد، لأفاد في دعوى النبوة، فيستغني عن المعجز.

(د) لو جاز ذلك في خبر الواحد لجاز في المتواتر.

(هـ) ولاطرد كالخبر المتواتر.

(و) لو أفاد، فلو فرض مثله مضادا له، وأفاد - لزم اجتماع الضدين، وإلا: الترجيح من غير مرجح.

وأجيب:

عن (أ) بمنعه إذ الأثر إذ أوجد عقيب مجموع أضيف إليه، وإن كان بعض أجزائه مستقلا، لو وجد وحده.

و-أيضا- أنا نمنع أن القرينة وحدها تفيد ما يفيده الخبر المحتف بها، إذ القرينة لا تعين نوعا من جنس، وجزءا من نوع وصنف، بخلاف الخبر المحتف بها.

ولأنه يفيد أجلى مما تفيده القرينة وحدها.

ص: 159

وعن (ب) أن القدح في البعض لايقدح في كل من صورها.

وعن (ج) بمنع الاستغناء عنه، إذ يجوز أن تختص به قرينة خاصة، وهي المعجزة.

وعن (د) أنه يفيد، وغيره يفيد، كيف والنظام يقول به - أيضا - في المتواتر.

وعن (هـ) بمنعه، إذ العلم فيه بالعادة، فجاز أن يختلف في بعض الصور دون البعض، سلمناه، لكن لا نسلم عدم اطراد ما يفيده.

وعن (و) أنه فرض محال.

(ط) سكوت جمع عظيم عن تكذيب خبر عن أمر محسوس، يدل على صدقه.

خلافا لقوم.

إذا يمتنع سكوتهم مع علمهم بكذبه، لقيام الداعي إليه، إذ الصبر عنه مشق، وزوال الصارف، إذ لا يجمعهم رغبة ولا رهبة على كتمانه، لما سبق، ومع علمهم به، إذ يمتنع عادة أن لا يعلمه واحد.

وأورد: بمنع امتناع عدم العلم به عادة، إذ لا بعد في ذهول سكان أحد شقي المدينة عما وقع في الآخر، سيما مما لا يحتفل به، ثم العادة لا توجب علم الكل، فلعل بعضهم علم، ولا امتناع في سكوته عنه لرغبة أو رهبة. سلمناه، لكن قد يسكت عنه لشره: من سفاهة، أو سعاية، أو تقول، أو اكتفاء بما سيظهر كذبه.

وأجيب:

بأنا ندعي العلم العادي فيما لا يخفى ذلك عادة على مثلهم، فلا يقدح الاحتمالات العقلية.

وأما سكوت الرسول عن تكذيب خبر ذكر بين يديه صلى الله عليه وسلم وعلم عدم ذهوله عنه عليه السلام فثالثها: إن كان في ديني - لم يتقدم بيانه - أو إن تقدم لكن يجوز

ص: 160

نسخه، وأن لا يعرف مخبره بمعاندته.

أو دنيوي فيشترط أن يعلم علمه به، وأن يستشهد به.

وفيه نظر.

وأن لا يعلم من المخبر أن لاينفعه الإنكار، وهو تفريع على عدم جواز الذنب عليه.

(ي) الإجماع على موجب الخبر:

يدل على صدقه عند الكرخي وأبي هاشم، وأبي عبد الله البصري، لأنه علم من عادتهم أنهم لا يجمعون بما لم يقطعوا بصحته.

وأباه الجماهير، لجواز أن يكون لدليل آخر، أو لوجوب العمل بالمظنون.

وأجابوا عما تمسكوا: بمنع عادتهم، وسنده الاتفاق على خبر عبد الرحمن، وخبر الصديق (الأنبياء يدفنون حيث يموتون)، (الأئمة من قريش).

وعمل شطر الأمة بالخبر أو تمسكه به، وتأويل الشطر الآخر.

يدل على صدقه - قطعا - عند كثير من الفقهاء، والمتكلمين، لأنه اتفاق على قبوله وصدقه.

والحق خلافه، إذ يقبل ما لا يقطع بصحته، كخبر الواحد.

ولو قيل: إنه في العمليات، فيقول من أوله، ولم يحج به: طعن فيه بأنه من الآحاد، ثم قد قيل: في العملية خبر الواحد، حيث لم تكن الدلالة منحصرة فيه.

وقال بعض الشيعة: بقاء النقل مع توفر الدواعي على إبطاله يدل على صحته، كخبر الغدير، والمنزلة، فإنه سلم نقلهما في زمن بني

ص: 161

أمية، مع توفر دواعيهم على إبطاهلما.

وزيف: بأن، الآحاد قد تشتهر بحيث يعجز الخصم عن إخفائها، ولأن صوارفهم عارضها دواعي الشيعة، كيف الإنسان حريص على ما منع، واتفاق الفريقين على قبوله لا يدل على صحته - قطعا - لما سبق.

فيما يقطع بكذبه:

(أ) ما علم عدم مخبره ضرورة، أو نظرا.

(ب) خبر من لم يكذب قط: (أنا كاذب).

قيل: إنه مبني على أنه لا يجوز اتحاد الخبر والمخبر عنه بكذبه، وكذا في الصدق، وهو ممنوع، فإن قول من لم يتكلم في يوم قط:(أنا كاذب في هذا اليوم) خبر، اتحد المخبر عنه بكذبه.

وأجيب: بأنه ممتنع، لأن المخبر عنه متقدم بالرتبة، لمصلحة دخول (فاء) التعقيب على الخبر، وامتناع دخول ما يقتضي المعية عليهما، و - حينئذ - نمنع الاتحاد.

وما ذكر في سنده مكذبه - لأنه لم يوجد منه خبر كاذب متقدم عليه، وذلك قد يكون بانتفاء أصل الخبر، ومنه كل إخبار أتى كاذب، لأنه (إن) صدق خبر ما: كذب هذا، وإلا: كذب هذا - أيضا - وهو مبني على (إن) هذا الخبر من جملة المخبر عنه به.

(ج) ما نقل آحادا مما لو وجد لتوفرت الدواعي على نقله، لتعلق الدين به كأصول الشرع، أو لغرابته كسقوط المؤذن من المنارة، أو لهما كالمعجزات.

ص: 162

وجوزت الشيعة في مثله أن لا يظهر لخوف وتقية، كالنص على إمامة علي رضي الله عنه فإنه لم يظهر لمانع.

لنا:

أن تجويزه تجويز لأن يوجد بين بغداد والبصرة مدينة أكبر منهما، ولم تنقل، وأن القرآن عورض ولم ينقل، وأن بعض ما فرض علينا لم ينقل.

فإن قلت:

(أ) لا رغبة، ولا رهبة، فيما ذكرتم، بخلاف النص على إمامته، فإن المنازعين له فيها مستوليون على الناس وهم راجون منهم، وخائفون منهم.

(ب) ثم العلم بعدم تلك الأمور، إن لم يتوقف على تلك المقدمة، فقد تساقط، وإلا: لم يكن ضروريا.

(ج) ثم المثال لا يفيد الكلي، والقياس عليه لا يفيد القطعي، ولا الظن، للفرق المذكور.

(د) ثم إنه منقوض بكيفية الإقامة، وهيئات الصلاة، وبمعجزات الرسول غير القرآن، ونقل القرآن لا يغني عن نقلها، لأن إعجازه نظري، بخلاف انشقاق القمر، وتسبيح

ص: 163

الحصى.

ولو جاز أن يكون اشتهاره موجبا لفتور غيره جاز أن يكون دلالة قوله تعالى: {إنما وليكم الله} [المائدة: آية 55] الآية، وخبر الغدير والمنزلة على إمامة علي رضي الله عنه موجبة لفتور نقل النصل الجلي، على إمامته، ودخوله مكة عنوة، أو صلحا، وكلام المسيح في المهد، والنصارى مع كثرتهم ومحبتهم له عليه السلام لم ينقلوا ذلك نقلا، متواترا، وكذا معجزات أكثر الأنبياء، ووقائع الملوك المتقدمين.

قلت: أجيب:

عن (أ) أنه وإن كان كذلك، لكن يستحيل عادة أن تعم الرغبة والرهبة والجمع العظيم، على كتمان ما يعلمونه سيما إذا كان في إظهاره الثواب وفي كتمانه العقاب، والناقلون السلف الصالح.

وعن (ب) أنه ضروري: (بمعنى: أن العلم به لا يحتاج إلى اكتساب الواسطة، وتشكلها، وغير ضروري، بمعنى: أنه يحتاج إليها.

وعن (ج) أن المثال للتنبيه لاللاستدلال.

وعن (د) أنه لاختلاف فعل المؤذن في التثنية والإفراد، وفعله عليه السلام في الجهر بالتسمية، ورفع اليدين أو لتساهلهم في النقل، لعلمهم أن تركه لا يوجب كفرا، ولا

ص: 164

بدعة، واشتغالهم بالقتال أنساهم، وسائر معجزات الرسول، لم يشاهد كل واحد منها أهل التواتر، ودخوله عليه السلام مكة عنوة، وهو مشهور وخولف فيه لشبهة، ولا يبعد ذلك من آحاد الناس، كما في الضروريات، وكلام المسيح عليه السلام إنما لم ينقل متواترا.

لأنه - حين جرى - لم يكن عدد أهل التواتر حاضرا، وهو الجواب عن معجزات الأنبياء، ولتطاول المدة فترت الدواعي في النقل، وهو الجواب الأخير، ولأنه لا يتعلق بها أصل شرعي، بخلاف النص على إمامته رضي الله عنه.

(د) ما نقل بعد استقرار الأخبار، ثم فتش فلم يوجد في صدور الرواة وكتبهم: فأما قبله فلا.

(هـ) بعض ما روي عنه آحادا، يقطع بكذبه.

لقوله: (سيكذب علي)، فإن كذبه أو غيره لازم.

وأورد: لعل المراد منه: نسبته إلى ما ليس فيه، كالجنون والسحر، ثم إنه خبر واحد، فلا يفيد القطع بوجود مدلوله.

وأجيب:

عن (أ) أنه حاصل في زمانه، بل هو في زمانه، بل هو في زمانه أكثر، فلا معنى لتعليقه بالاستقبال.

وعن (ب) أن الكذب عليه لازم على التقديرين، فكان قطعيا.

ص: 165

ولأنه وقع فيما نسب إليه ما يقطع بكذبه، ولأنه قيل:(نصف الحديث كذب)، وهو لا يفيد القطع.

ثم الكذب من السلف ليس تعمدهم له لنزاهتهم عنه، بل بتبديل لفظ بآخر يعتقده في معناه، أن نسيان لفظ الرسول عليه السلام واعتقاد غيره أنه هو، أو نسيان ما يصح به الخبر، أو اعتقاد أنه من كلامه، وليس كذلك، ومنه "الشؤم في ثلاث: المرأة والفرس والدار"، قالت عائشة رضي الله عنها إنما قاله الرسول حكاية عن الغير، أو ترك سبب الحديث الذي لا يصح بدونه، ومنه (التاجر فاجر)، إذ قيل: أنه ورد في تاجر دلس، أو اشتباه كلامه بكلام غيره.

ومن الخلف ما تقدم، وتعمد الكذب:

لتنفير العقلاء عنه، كما فعلت الملاحدة.

وللرغبة في حطام الدنيا، كما وضعوا في ابتداء دولة (بني) العباس أخبارا تدل على إمامة العباس وبنيه.

ولترويج المذهب، كمذهب الكرامية، وللترغيب في العبادة كمذهب جمع من الزهاد، كما في (الكذب) للإصلاح.

أو لاعتقاد أن قول غيره كقوله، كاعتقاد الأمامية:

إنما صح عن أئمتهم يجوز أن يسند إليه عليه السلام لزعمهم: أن جعفر الصادق قال:

ص: 166