الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
يجوز النسخ قبل مضي مقدار الفعل من وقته خلافا للمعتزلة، والصيرفي وكثير - منا -، ومن الحنفية والحنابلة.
وعن الكرخي: لا يجوز قبل فعله.
فعلى هذا يترجم بالنسخ قبل الفعل، كما وقع في كلام إمام الحرمين وغيره.
تنبيه
من قال: المأمور لا يعلم كونه مأمورا قبل التمكن - لزمه عدم جواز النسخ قبل وقته، إذ لا يمكن قبل الوقت، فلا أمر، والنسخ يستدعي تحققه.
ومن لا يقول بذلك: جاز أن يقول به، وأن لا يقول فليست هذه فرع تلك مطلقا، كما أشعر به كلام الغزالي - (رحمه الله تعالى) -.
واستدل:
(أ) بقوله تعالى: {يمحوا الله ما يشاء} [الرعد: آية 39]، وهو دور، لتوقف مشيئته على جوازه.
(ب) قصة إسماعيل، فإن إبراهيم عليه السلام أمر بذبحه: - للنص، فإن رؤيتهم - فيما يتعلق بالفعل والترك - وحي معمول به.
ولأنه لو لم يكن كذلك لما جاز له العزم على ذبحه، وإذعانه بإظهار مقدماته.
ولقوله: {افعل ما تؤمر} [الصافات: آية 102] إذ حمله على غيره يوجب ركاكة النظم.
ولقوله: {وفديناه بذبح عظيم} [الصافات: آية 103]، لأن المقدمات قد حصلت بتمامها، فلا يحتاج إلى الفدا، ولما سمى به. وجعله فدا عما يتوقعه من الأمر به بعيد، إذ هو عدم صرف،
والفدا يشعر بوجوده، ولأنه غير مناسب ونفس المتوقع وإن كان موجودا لكن لا يحسن جعله فدا منه، لما سبق.
ولقوله: {إن هذا لهو البلاء المبين} [الصافات: آية 106]، والمقدمات مع الظن الغالب يكون الذبح مأمورا به، وإن كان كذلك، لكنه بناء على الظن، لا في نفسه، والذبح أشد بلاء منه مطلقا، فكان الحمل عليه أولى.
لا يقال: قوله: {قد صدقت الرءيا} [الصافات: آية 105]، ينفي كونه مأمورا به - لأنا نمنع ذلك، إذ تصديقه يجعلها صادقة، ويكفي في ذلك العزم والتصميم عليه، سملناه، لكن العازم على الشيء كالفعل له، فيحمل عليه جمعا بين الدليلين.
ثم إنه نسخه قبل وقت فعله.
فإن قلت: بمنع نسخه:
لما روى: (أنه كلما قطع موضعا، وتعداه إلى غيره، وأوصاه الله تعالى)، وبطلان الحياة ليس جزءا من مسمى الذبح، لصحة قوله:"ذبح الحيوان"، وإن لم تبطل حياته بعد.
ولما روى: (أنه تعالى جعل (على) عنقه صفحة من حديد أو نحاس مانعة من تأثيره)، والمقدور منه إنما هو إمرار السكين، دون غيره.
سلمناه، لكن نمنع أنه قبل وقته، فلعله بعد مضي زمان يمكن فعله فيه.
قلت: الدليل عليه: أنه زال التكليف به وفاقا، فإن كان قبل فعله: فهو بالنسخ قطعا، وإن كان بعد فعله: لما احتيج إلى الفدا، ولما سمي الذبح به.
وما ذكر من السندين: فضعيف، لأنه لو وقع لنقل متواترا لإعجازه، ولأن ظاهر قوله:
{فلما أسلما} [الصافات: آية 103] الآية، ينفيه، ولأنه لو وقع لحكاه الله تعالى كغيره، ويختص الثاني. بأنه غير جائز عندهم، لأنه تكليف ما لا يطاق.
وفيه نظر:
وعن (ب) أن مطلق الأمر: إن اقتضى الفور لم يجز التأخيرن وإن لم يقتضه - فإنه وإن جاز التأخير - لكن الظاهر من حالهم المسارعة إلى الامتثال بعد دخول الوقت، والسهو والنسيان بعيد، والمسألة ظنية، فيجوز التعويل على الظاهر.
(ج) أوجب خمسين صلاة ليلة الإسراء، ثم نسخ وأورد: بأنه خبر واحد.
وجوابه سهل.
وأنه نسخ قبل علم المكلف بالأمر، وهو غيرجائز وفاقا ومنع في حقه عليه السلام وهو يفيد المطلوب.
قيل عليه: إنه غير مقتصر عليه، والجواز لا يستلزم ما لا يجوز، و - أيضا - لعله دخل وقت بعضها، ومثله جائز، كقوله:(واصلوا الفعل سنة)، ثم ينسخه بعد شهر.
والأستاذ بالغ وقال: كل نسخ قبل الفعل.
وضعفه بين.
وأجيب: بأنه (في) غير المختلف، أما هو فمنفصل، فدخول وقت البعض غير مؤثر في الآخر، والفرق بينهما واضح.
(د) قد بينا في الأمر أن التمكن من الامتثال ليس من شرط تحقق الأمر، والنسخ لا يعتمد
إلا عليه فيجوز.
والتمسك (بنسخ وجوب تقديم الصدقة) وبنسخ وجوب رد المهاجرات إلى المشركين وفاء بالشرط.
ضعيف:
لأنا نمنع أنه قبل حضور وقت العمل، إذ روى أن عليا عمل بمقتضاه.
وبمنع أنه قبل مجيئهن، وزمان يمكن ردهن فيه، سلمنا أنه قبل مجيئهن (لكن المعتبر مقدار زمان المجيء والرد، لا مجيئهن) وردهن، لأن ذلك قد لا يتفق، واعتباره يوجب عدم جواز نسخ الأمر المعلق على شرط قبول حصوله.
(هـ) وهو عقلي: أنه يحسن مثله شاهدا، كما في امتحان السيد عبده، فيحسن غائبا، الحديث.
لهم:
(أ) أنه يقتضي الأمر بالقبيح، أو النهي عن الحسن، أو البداء.
(ب) أنه يقتضي كون الشخص الواحد في الوقت الواحد مأمورا ومنهيا عن فعل واحد، من وجه واحد، إذ الكلام مفروض فيه.
(ج) إذا قالوا: (صلوا)، أو (لا تصلوا)، لا يصح وفاقا، فكذا ما نحن فيه، بجامع استلزام