الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتباع الأحسن، فيكون مأمورا به، ولأنه إذا جاز اتباعه، وجب اتباعهن لئلا يلزم خلاف.
(ب) قوله تعالى: {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم} [الزمر: آية 55]، {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} [الأعراف: آية 145]، فيجب اتباعه.
(ج) وقوله عليه السلام " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن"، ولو لم يكن حجة لم يكن حسنا.
وأجيب:
عن (أ) و (ب) أنه دور، لأنه إنما يكون مأمورا به لو كان أحسن في نفس الأمر، أو في ظن المكلف بطريق شرعي، فإثبات كونه كذلك يكون مأمورا به - دور، وتخص الآية الثالثة: أنه شرع من قبلنا.
وعن (ج) أنه يفيد حسن ما رآه جميع المسلمين حسنا. ونحن نقول به. ثم إنه خبر واحد. ثم إن كان المراد منه ما يكون ذلك بناء على دليل: لزم الدور المذكور، وإلا: فالحكم بمجرد ما يتسحسنه الإنسان ويميل إليه طبعه باطل بإجماع الصحابة والتابعين بالضرورة من الدين، ويؤكده: حديث معاذ.
وأنه لم ينقل عن أحد منهم الرجوع إليه عند حدوث الوقائع. والمراد من قوله: "أجتهد رأيي": القياس وفاقا، فلا يكون متناولا لغيره.
واستحسانهم دخول الحمام من غير تقدير الماء واللبث والأجرة وشرب الماء من السقاء، من غير تقديره وعوضه - لا يدل عليه، لجواز أن يكون ذلك للعادة المطردة في زمانه عليه السلام ولما سبق من الإجماع.
مسألة
وفي تجيوز قوله تعالى لنبي أو ولي: (احكم فإنك لا تحكم إلا بالحق). ثالثها: أنه يجوز
للنبي. وقيل: لم يقع. وتوقف فيه الشافعي رضي الله عنه.
الممتنع:
(أ) أنه لم يؤمن من اختيار العبد المفسدة، والأحكام للمصالح.
(ب) أنه إن كان مصلحة قبل اختيار المكلف: لزم أن يصيب بالاتفاق في الأمور الكثيرة، إذ لا فرق بين القليل والكثير إجماعا، لكنه غير جائز، وإلا: لجاز أن يقال للأمي: (اكتب المصحف فإنك لا تكتب إلا: ما طابق خطه) وللجاهل: (أخبر ما شئت فإنك لا تخبر إلا: بالصدق)، ولبطل دلالة الاتفاق على علم فاعله. ولكان تكليفا بالفعل قبل العلم أو الظن بحسنه، وهو ممتنع، إذ قصد الفعل إنما يحسن إذا حصل ذلك، وقوله افعل فإنك لا تفعل إلا الحسن)، يقتضي أن يكون المميز بين الحسن والقبيح فعله، وبعده بسقط التكليف.
ولجاز في أصول الدين وتبليغ الأحكام بلا وحي وفي تصديق الأنبياء وتكذيب المتنبئ ولجاز في حق العامي، بجامع الأمن من الوقوع في الخطأ. وإلا: فإن حصلت المصلحة باختياره - لم يكن ذلك تكليفا، إذ يصير معناه: إن شئت افعل، وإن شئت لا تفعل، ولأنه لا يمكنه الانفكاك عن الفعل والترك، والتكليف بما لا ينفك عنه غير جائز، وإلا فالتكليف به:
تكليف بما لا مصلحة فيه، ولا مفسدة، وهو غير جائز، لما سبق.
وأجيب:
عن (أ) بمنع وجوب تعليل الأحكام بالمصالح، ثم بمنع جواز الخطأ عليه، لما قيل له ذلك.
وعن (ب) ما سبق، ثم بمنع أن الاتفاقي لا يكون أكثريا، وهذا لأن جوازه مرة يفيد جوازه مرارا، لأن حكم الشيء حكم مثله. وما ذكر من الأمثلة - إن لم يكن بينها وبين المنازع فرق - منعنا الحكم فيها، وإلا: امتنع القياس، على أنه لا يفيد اليقين. ثم لا نسلم امتناع ما يكون اتفاقيا من وجه دون وجه، كما هو هنا، فإنه اتفاقي من حيث المصلحة، ومعلوم السبب من حيث إنه لا يتأتى إلا بالمصلحة، على إن الإجماع على عدم الفرق بين القليل والكثير - ممنوع.
وبه خرج الجواب عن الملازمة الثانية، فإنه اتفاقي بجميع جهاته ولأنا لا نجوز اتفاقه، ولو مرة
واحدة.
وعن الملازمة الثالثة: بمنعها، لأن معناه: أنك إن اخترت الفعل أو الترك فحكم به على الأمة.
ثم بالنقض: بما إذا أفتى مفتيان متساويان، أحدهما: بالحظر، والآخر، بالإباحة.
وفيه نظر، إذ العامي يجب عليه العمل بما أفتى به المفتي، وإن لم يظن حسنه، مستندا إلى دليل، بخلاف المجتهد. وجوابه ظاهر، بأدنى تأمل. ثم إنما يجب تقديم المميز بين الحسن والقبيح، ليأمن فعل القبيح، وأنه حاصل - هنا - قطعا، بخلاف ما يكون مستندا إلى اجتهاده، فإنه يتبين خلافه.
وعن الملازمة الرابعة: بمنع امتناع اللوازم، ثم بالفرق إذ المطلوب في الفروع الظن، ولذلك جاز الاجتهاد فيها، بناء على الأمارات والتقليد، بخلاف الأصول، الاختلاف في الحكم يدل على الاختلاف في الحكمة.
وتخص مسألة التبليغ: بأنه لرفع إيهام الباطل، وهو الشك فيما يبلغونه.
وعن الخامسة:
بمنعها، والإجماع على عدم الفرق: ممنوع، ثم بالفرق، بأنه غير لائق بحاله، لأنه مقلد تابع، فلا يجوز أن يكون مقلدا متبوعا.
ثم بمنع القسم الثاني، ولا نسلم أنه ليس بتكليف، وسنده ما سبق، وبه خرج جواب الوجه الثاني، ثم بالنقض المذكور.
المجوز:
(أ) أنه لا يمتنع لذاته، ولا لأمر خارجي، لما سبق غير مرة.
(ب) الواجب من خصال الكفارة واحد، لما سبق في مسألة، ثم إنه تعالى فوضه إلى المكلف، لما علم أنه لا يختار إلا: ذلك الواحد، فكذا ما نحن فيه قياسا عليه.
(ج) القياس على ما إذا أفتى مفتيان متساويان، أحدهما: بالحظر، والآخر: بالإباحة، فإن المكلف يختار أيهما شاء، إذ لا فرق بين أن يقال:(اعمل ما شئت، فإنك لا تعمل إلا: الصواب) وبين أن يقال: (اعمل بأيهما شئت، فإنك لا تعمل إلا: الصواب).
(د) يعتمد في صحة التكليف: تمكنه من الخروج عن عهدته وهو حاصل في هذا التكليف.
(هـ) إذا جاز الحكم بالأمارة الظنية، مع جواز الخطأ فيها - جاز الحكم بما يختاره المكلف
من غير دليل، مع عدم جوازه بالطريق الأولى.
وأجيب:
عن (أ) أنه تمسك بالأصل، لا يفيد اليقين، سلمناه، لكنه يمتنع لكونه يتضمن النفرة، أو لإخلاله بمقصود الاجتهاد، ثم يفيد إمكانه عقلا، وهو: النافي امتناعه عادة، أو شرعا.
وعن (ب) أنه قد مر بطلان أن الواجب واحد معين فيها، ثم لا يلزم من جوازه جوازه، وإلا: لجاز في حق العامي، ضرورة جوازه في حقه، على أن الفرق بينهما قائم.
وعن (ج) بمنع عدم الفرق، فإن القولين مبنيان على الدليل بخلاف ما نحن فيه، ثم إنه ينتقض بالعامي، ثم إنه قياس يفيد الظن.
وعن (د) بعض ماسبق، ثم المعتمد في صحة التكليف تمكنه من الخروج عن عهدته، بناء على الدليل ليأمن من فعل القبيح قبل الفعل.
وعن (هـ) بعض ما سبق، ويخصه: منع عدم جواز الخطأ عليه، بل الخطأ في الطريق لازم، ثم لا يلزم من جواز العمل بالظن المستند إلى الدليل جوازه به من غير استناده إليه.
ولمن قال بعدم وقوعه
(أ) أنه لو أمر به لما نهى عن اتباع هواه، إذ لا معنى له إلا: الحكم على وفق إرادته.
ولا يقال: لما أمر عليه السلام بذلك، لم يكن ذلك ابتاعا للهوى - لأنه - حينئذ - لا يتصور ذلك في حقه، فيمتنع نهيه عنه.
(ب) ولما قيل له: {لم أذنت لهم} [التوبة: آية 34].
وأجيب:
عن (أ) أنه لو دل فإنما يدل في حقه عليه السلام فقط، والدعوى عامة، ثم بمنع امتناع النهي عن غير المتصور، ثم لعله قبل أن يقال له ذلك. وبه خرج الجواب عن (ب)، ويخصه: أنه ليس عتابا على ترك الحق، بل على ترك الأحق.
واحتج على وقوعه:
(أ) بقوله تعالى: {كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل} [آل عمران: آية 93]، أضاف
التحريم إليه، وهو يدل على أنه من جهته.
(ب) نادى منادي الرسول يوم فتح مكة: "أن اقتلوا مقبس بن حبابة وابن أبي سرح، وإن وجدا متعلقين بأستار الكعبة"، ثم عفى عن ابن أبي سرح بشفاعة عثمان رضي الله عنه.
(ج) قال يوم الفتح: "إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، لا يختلي خلاها، ولا يعضد شجرها"، فقال العباس رضي الله عنه: إلا: الإذخر، فقال:"إلا الإذخر"، ولم يكن بالوحي، لعدم ظهور علامته.
لا يقال: إنه متروك الظاهر، إذ الاستثناء المنفصل غير جائز، وليس بعض التأويل أولىمن البعض فيكون مجملا - لأن الاستدلال ليس من جهة دلالة اللفظ على المعنى، حتى يتجه ما ذكرتم، بل من جهة أنه شرع الحكم من غير وحي، لعدم علامته، فلا يقدح فيه ما ذكرتم، على أنا نمنع كونه متروك الظاهر، لأن السكوت اليسير لا يقدح فيه، فلعله عليه السلام سكت في تلك الساعة اللطيفة، فلما قال العباس ذلك أوصله عليه السلام بما قبله.
(د) نادى مناديه يوم الفتح: "لا هجرة بعد الفتح"، فأقبل مجاشع بن مسعود بالعباس شفيعا، ليجعله مهاجرا، فقال:"أشفع عمي، ولا هجرة بعد الفتح".
(هـ) لما قتل النضر، أنشدت ابنته:
أمحمد ولانت ضنؤ بخيبة
في قومه والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما
من الفتى وهو المغيظ المحنق
فقال عليه السلام: "أما إني لو كنت سمعت شعرها ما قتلته".
(و) قوله عليه السلام: "عفوت لكم عن الخيل والرقيق".
(ز) قال عليه السلام: "يا أيها الناس كتب عليكم الحج"، فقال الأقرع بن حابس: أكل عام؟ فسكت، فلما أعاد، قال:"والذي نفسي بيده لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لما قمتم بها، دعوني ما ودعتكم".
(ج) أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة، فخرج ورأسه يقطر، فقال:"لولا أشق على أمتي جعلت وقت هذه الصلاة هذا الحين"، وكذا قوله: "لأمرتهم بالسواك عند كل
صلاة".
وقال في حق ماعز - لما سمع أنه رجم - "هلا تركتموه حتى أنظر في أمره".
(ط) قوله عليه السلام "كنت نهيتكم
…
" الحديث.
(ي)"وإن عشت - إن شاء الله تعالى - أن أنهى أمتي أن تسمو نافعا وأفلح وبركة".
(يا) قوله عليه السلام: "لقد هممت أن أنهي عن الغيلة، حتى رأيت فارس والروم تفعل ذلك، فلا يضر أولادها شيئا".