الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معرفتهم، وهو متعذر، لتفرقهم شرقا وغربا، ولو سلم فكيف نعلم اتفاقهم دفعة واحدة، بل غايته سماع الفتوى منهم، فلعل بعضهم أفتى به خوفا وتقية، سلمنا رضاهم لكن لا يعلم دفعة واحدة، فلعل بعضهم رجع عنه بعد ما أفتى، وقبل موافقة الباقين، ولو جمعهم سلطان في مكان واحد - مع امتناعه، لجواز شذ بعضهم - ورفعوا أصواتهم بالفتوى، لم يعلم - أيضا - لأنه ربما سكت بعضهم أو أفتى خوفا منه، أو صوت بالنفي فخفي.
ولا يبطل بما يعلم من اتفاق المسلمين على نبوة محمد عليه السلام واليهود والنصارى على الإنكار، كما سبق، ولا بما يعلم من استيلاء بعض المذاهب والملل، وعلى بعض النواحي، لأن ذلك بخبر التواتر في أكثر أهل تلك البلاد، بناء على رؤية الشعار والعلامة، وإنما في الكل فلا.
وأجيب:
إن إمكانه مع القلة كما في زمان الصحابة ظاهر، ومع الكثرة فبسماع ونقل أهل كل قطر عمن فيه من المجتهد بالتواتر وخموله - بحيث لا يعرفونه - بعيد عادة، وإفتاؤه خوفا وتقية خلاف الظاهر، وقد يعلم ذلك قطعا بالقرائن.
مسألة
وهو حجة قطعية
وقيل: ظنية
الخوارج، والنظام، والشيعة: ليس بحجة وقول الإمام أحمد: (من ادعى الإجماع فهو كاذب) استبعادا لوجوده.
لنا:
قوله: {ومن يشاقق الرسول} [النساء: آية 115] الآية. جمع بين المشاققة والاتباع في الوعيد، فلم يكن الاتباع جائزا، وحينئذ يجب اتباع سبيل المؤمنين.
فإن قيل: لا نسلم أن (من) للعموم، وسنده ما سبق في العموم، إثبات حكمه بتقدير خصوصه في حق غيره بعدم الفصل - لو سلم - إثبات الإجماع بأضعف أنواعه.
ثم: حرمته مشروطة بالمشاقة، وإنما لم يجز الجمع بينهما في الوعيد، لو كان جائزا مطلقا، والعكس غير لازم حتى يلزم من انتفاه انتفاؤه، سلمناه لكنه بشرط تبين الهدى، للعطف، وهو عام، فتناول دليل الإجماع، فسقط اعتبار الإجماع.
ثم لفظ (الغير) و (السبيل) مفرد فلا يعلم، ولو عم لم يفد، إذ حرمة الكل لا تستلزم حرمة البعض، ونحن نحرم اتباع بعض، أو كل ما غاير بعض سبيل المؤمنين، أو كل سبيلهم، وهو الكفر، وهذا التبادر الفهم إليه وسبب نزوله.
ولو قيل: ترك الإجماع كفر، فدور.
ثم حقيقة السبيل غير مراد (و) ليس بعض المجازات أولى:
ثم لا مناسبة بينها وبين الإجماع، وبينها وبين دليل أهل الإجماع مشابهة الإفضاء إلى المطلوب، فكان أولى.
ثم لا يلزم من حرمته: وجوب اتباع سبيلهم: لا من جهة المفهوم، إذ ليس مفهومه التواعد على عدم اتباع سبيل المؤمنين، بل عدم التواعد عليه، وفرق بين التوعد على العدم، وبين عدم التواعد.
ولا من جهة أنه لا واسطة بينهما، إذ عدم الاتباع واسطة، وجعل (غير) بمعنى (إلا) خلاف الأصل.
وترك اتباع سبيلهم، ليس اتباعا لغير سبيلهم، إذ هو فعل مثل فعل الغير، ولأن ذلك الغير
فعله.
ثم وجوب اتباعهم في كل الأمور، يقتضي وجوب الفعل وعدمه فيما فعلوه معتقدين إباحته، وجواز الاجتهاد وعدمه، حيث أجمعوا بعده.
وجعل عدم الثاني شرطا في الأول، يوجب مثله في غيره من الإجماعات، وما يقال: إن أهل الإجماع حذفوا هذا الشرط في غيره فبين ضعفه.
ووجوب إثبات الحكم بدليل أهل الإجماع وعدم وجوبه، وفي بعضها لا يفيد:
لجواز أن يكون هو الإيمان، ويتأكد بأنه يفهم من سبيل الصالحين الصلاح، ومن قول السلطان: من يشاقق وزيري، ويتبع غير سبيل فلان، وهو متظاهر بطاعته سبيله طاعته. وبأنه حاصل في الحال، والإجماع يحصل بعد وفاته عليه السلام فيتعطل في الحال.
ثم المراد كل المؤمنين، وهم الذين يوجدون إلى يوم القيامة، وإجماعهم ممتنع، أو إن أمكن لبقاء القول للميت، لكنه لا يفيد، إذ لا تكليف بعده.
لا يقال: المعدوم ليس بمؤمن، لأنه يقتضي أن لا يكون إجماع أهل العصر الأول حجة في الثاني، إذ ليسوا مؤمنين فيه، وأن يختص النص بالصحابة، لكن مات بعضهم قبل وفاة الرسول عليه السلام وإن أريد البعض فمجاز، خلاف الأصل.
سلمنا أن المراد مؤمنو كل عصر، لكن لا كلهم لخروج غير المكلف والعوام، بل بعضهم، ولعله الإمام المعصوم، وقد جاء في الكتاب العزيز ما هو للعموم، والمراد واحد.
ثم الإيمان أمر باطن، فلا يمكن معرفة المؤمنين، فكيف يجب اتباعهم، وحمله على الصدق باللسان، كما في قوله:{حتى يؤمن} [البقرة: آية 221]- مجاز، ثم الحمل عليه ليس أولى من حمل السبيل على ما من شأنه أن يكون سبيل المؤمنين.
ثم دلالة النص ظنية، والمسألة قطعية، ولهذا كفر أو فسق مخالف حكم الإجماع.
وشنع الإمام على الفقهاء بذلك إثباتهم الإجماع بالعمومات والظنيات، واعتقادهم أن مخالفها - للتأويل - لا يكفر ولا يفسق، وهو ترجيح للفرع على الأصل.
والجواب:
عن (أ) ما سبق في العموم.
وعن (ب) وهو مشكل، وأجيب عنه بوجوه:
ف (أ) للبصري: لو كان كذلك لوجب اتباع الإجماع حال الكفر بالرسول، إذ المشاقة عبارة عنه، إذ لا يقال للفاسق: إنه مشاقق للرسول، لكنه محال، لأن العلم به يتوقف على صحة النبوة.
فإن قلت: إنه لازم عليكم، لأنه إذا كان حراما مطلقا في بعض الأحوال، كان حراما عندها، فيجب اتباع الإجماع عندها، والجواب مشترك.
قلت: التقييد أهون من التعطيل.
وأورد: (بمنع) أنه - حينئذ - يجب اتباع الإجماع، إذ لا يلزم من حرمته - إذ ذاك - وجوبه، إذ عدم الاتباع واسطة.
وبمنع أن المشاقة عبارة عن الكفر، وما ذكرتم معارض بما أنها مشتقة من كون أحد الشخصين في شق، والآخر في آخر، ويكفي فيه أصل المخالفة.
سلمناه لكن الكفر المنافي له إنما هو التكذيب، دون غيره، كشد الزناد، وحينئذ لا يمتنع ذلك، إذ بينا أن الكفار مخاطبون فروع الإسلام.
سلمناه لكن التكليف بما لا يطاق جائز.
وأجيب:
عن (أ) أنه يلزم ذلك لما سيأتي.
وعن (ب) أنه وإن لم يفده - نظر إلى الاشتقاق - لكنه يفيده عرفا، لتبادر الفهم إليه.
وعن (ج) بمنعه، فإن التكفير به يتضمن التكذيب، سلمناه لكن إيجاب اتباع سبيل المؤمنين
- وإن كان فعليا - باطل لمساعدة الخصم عليه، ولأنه يتقضي عدم وجوب اتباع سبيلهم عند عدم المشاقة، ووجوبه عندها، وبطلانه بين.
وعن (د) أنه وإن كان جائزا، لكنه غير واقع، سلمناه لكن لا تفريع (عليه)، وإلا: تعذر تقرير أكثر الأدلة.
(ب) وهو ما ذكره الإمام: أن المعلق بالشرط، إن لم يكن عدما - عند عدمه حصل الغرض، وإن لم تكن حرمة اتباع غير سبيل المؤمنين مشروطة بمشاقة الرسول، وإلا: لزم جواز اتباع غير سبيل المؤمنين مطلقا، وهو باطل لأن مخالفة الإجماع وإن لم تكن خطأ فلا شك في أنها لا تكون صوابا مطلقا.
ومنع حصول الفرض من الأول لجواز أن يكون له ذلك من خصوصه، لا من القاعدة الكلية، وهو مندفع بالترديد فيه. ثم بمنع لزوم الجواز كليا إن عنى بقول:(مطلقا) ذلك، لأن نفي السالبة الكلية لا يوجب صدق الموجبة الكلية، وإن عنى به الجواز في الجملة فلا نسم امتناعه، ولا نسمل أنه ليس بصواب إن عنى به الجواز.
ثم إنه متناقض، لأنه يقتضي عدم الجواز على تقدير الجواز، وإن عنى به أمرا زائدا عليه لم يلزم من نفيه نفي الجواز.
(ج) وهو ما ذكره بعضهم أن الوعيد إذا ترتب على أمرين اقتضى ذلك ترتبه على كل واحد منهما، وعليهما بقوله تعالى:{والذين لا يدعون مع الله} [الفرقان: آية 68] الآية، إذ الإثم مرتب عليها وعلى كل واحد منها.
ومنع أنه منه، بل لمنفصل، إذ التضعيف غير مترتب على (كل) منها.
وإحالة هذا إلى منفصل ليس أولى من إحالة ما ذكرنا إليه، بل ما ذكرنا أولى لعدم اقتضائه التعارض، ثم هو منقوض بمثل: إن دخلت الدار وأكلت فأنت طالق.
(د) الوعيد مرتب على المشاقة وحدها وفاقا، فكذا على قرينة، لأن دلالة النص على ترتب الوعيد عليها على السواء.
وأجيب: بأنه لمنفصل، لا منه.
(هـ) لا خلاف في التوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فإن لم يكن لمفسدة فيه لم يجز، أو
كان لها من جهة المشاقة فذكرها كاف، أو من جهة فيترتب الوعيد عليه، وإن لم توجد المشاقة.
وأورد: بأنه لمفسدة فيه بشرط المشاقة، وما ذكره لا ينفيه.
والأولى فيه وجهان:
(أ) المشاقة من جملة غير سبيل المؤمنين، فلو كانت شرطا في حرمته لزم أن تكون حرمة الشيء مشروطا بوقوعه، (وهو مناقض لمفهوم التحريم، لأن الفعل بعد وقوعه) لم يبق متعلق التكليف.
فإن قلت: هي تحرم بخصوصها - أيضا - فلم يلزم ما ذكرتم.
قلت: حرمتها - لخصوصها - لا تنفي حرمتها لعموم الاتباع، و - حينئذ - يلزم ما تقدم.
(ب) الآية سيقت لتعظيم الرسول، ومجموع الأمة، وهو بتحريم كل منها بانفراده، لأن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بعليته، وجعل تعظيم الرسول هو المقصود - يوجب تخصيص الاتباع.
وعن (ج) بمنع أن العطف يقتضيه، سلمناه، لكن ذاك بعينه لا غير، ثم كونه مدح المؤمنين ينفيه، إذ لا ينفيه في الموافقة للدليل، على أن المتمسك به لا يكون متبعا.
وعن (د) أن نحوه يفيد العموم، للإضافة، ولصحة الاستثناء، ولدفع الإجمال، ولأن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية، والحمل على العموم إنما لا يفيد لو حمل على الكل، لا على كل واحد، والمفهوم من مثله الثاني، ولو حمل على الكفر لزم التكرار، لإرادته من المشاقة، على أن التبادر ممنوع، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وعن (هـ) بمنع أن حقيقة غير مرادة، وهو حقيقة للمشترك بين ما يمشي فيه، وبين ما يختاره الإنسان لنفسه من طريق الدين والمذاهب، لاستعمال القرآن.
سلمناه، لكن عدم الأولوية ممنوع، فإن ما ذكرناه مجازا، والأصل عدم غيره، والمناسبة ظاهرة.
وقوله: (بينه وبين دليل الإجماع مشابهة الإفضاء). قلنا: لكن وجد ما يمنع من حمله عليه، إذ المشترك ليس يمتنع، سلمناه لكنه يقتضي حقيقة كل ما أجمعوا عليه.
وعن (و) أنه يلزم ذلك، إذ يفهم من قول القائل:(لا تتبع غير سبيل الصالحين): الأمر بمتابعة سبيلهم، حتى لو نهى عنه عد مناقضا، نعم: لا يفهم ذلك لو قدم (السبيل) على (غير)، حتى لا يعد بالنهي عنه مناقضا، إذ النهي في الأول: عما هو غير سبيلهم، والتوقف غير، وفي الثاني: عن (سبيل) موصوف بأنه: غير، والتوقف ليس بسبيل ولأن (غير) بمعنى (إلا)، وإلا: لزم الإضمار، وهو مجاز خير منه، و- حينئذ - يفيد وجوب اتباعه.
وعن (ز) أنه يفيد الوجوب في كل الأمور، لصحة الاستثناء، ولما ثبت من عمومحرمة اتباع غير سبيلهم، إلا: ما خصه الدليل، وما ذكرتم خصه ما ذكرتم، ولا نسلم أنه يفهم منه الصلاح، إذ هو جزء الصالح، وسبيله خارج عنه، ولأنه يذم على ترك سيرهم المرضية، والصلاح بفعل الواجبات وترك المنهيات، وسلمناه لكن لا يمكن الحمل على (الإيمان) لأنه لا يحصل تقليدا، وللتكرار كما سبق، وفهمه من قول السلطان لقرينة عرفية، واتباع اللفظ أولى وكونه حاصلا في الحال - وإن أوجب حمله عليه - لكنه ممتنع لما سبق.
و(ح) المراد: كل المؤمنين - قوله: (الكل من يوجد إلى يوم القيامة) ممنوع (لما سبق، و -أيضا- وروده زجرا عن مخالفتهم، وترغيبا في الأخذ بقولهم يمنع منه).
قوله: (كون المعدوم ليس بمؤمن يقتضي أن لا يكون إجماع أهل العصر الأول حجة في الثاني).
قلنا: إذا اتفقوا على حكم لم يجز لأحد في عصر ما مخالفتهم فيه، لكونه حقا في ذلك العصر، وكون الحق في عصر حقا في غيره.
قوله: (وأن يختص بالصحابة).
قوله: لما امتنع ذلك - لما سبق غير مرة - وجب حمله على مؤمني كل عصر دفعا للتعطيل.
وعن (ط) المراد: كل مؤمني كل عصر، إلا: ما خصه الدليل، وحمله على الإمام تخصيص
للجمع إلى واحد، وهو غير جائز، سلمناه لكنه خلافا الأصل، ووروده لا ينفي ذلك.
وعن (ي): يمنع أنه لا يمكن معرفتهم - حينئذ - إذ يجوز أن عرف بالقرائن، كالحب والبغض، ثم بمنع أنه مجاز فيه، سلمناه لكن يحمل عليه لتعذر حمله على حقيقته، وحمله عليه أولى مما ذكروه، لعدوله عن الظاهر بلا ضرورة ولما سبق.
وعن (يا): بمنع أنها عملية، سلمناه لكن المقصود إثبات القطع منه، ومن غيره، ومنه يعرف اندفاع التشنيع.
(ب){وكذلك جعلناكم أمة وسطا} [البقرة: آية 143] أي: عدولا، وقال تعالى:{قال أوسطهم} [القلم: آية 28]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسط قريش نسبا، و (عليكم بالنمط الأوسط)، وقيل:
هم وسط يرضى الأنام بحكمهم
…
وهو ينفي إتيانهم بالمحرم.
فإن قلت: (أ) ظاهره متروك، وليس البعض أولى من البعض فيبقى مجملا، سلمناه لكنه الإمام المعصوم.
(ب) ثم لا نسلم: أن الوسط العدل، إذ كونهم وسطا فعل الله تعالى، وعدالتهم (من) فعلهم.
(ج) ولأنه ما يتوسط بين الشيئين، فجعله حقيقة في العدالة يوجب الاشتراك.
(د) ثم إن الصغائر لا تقدح فيها، كما في عدول القضاة، فالخطأ أولى.
(هـ) ثم إنه للشهادة على الناس في الآخرة في تبليغ الرسالة إليهم فيقتضي عدالتهم فيه لا غير.
(و) ثم إنه يقتضيها فيها، لاشتراط العدالة حالة الأداء.
(ز) ثم إنه خطاب مشافهة، فيختص بالحاضرين، ولم يعلم بقاؤهم بعد الرسول
وأجيب:
وعن (أ) منعه، إذ هو ظاهر في الكل، كما هو في كل واحد، ثم بمنع الثاني، إذ حمله على الكل أولى، للزومه إياه، والحمل على الإمام المعصوم: مرجوا به.
وعن (ب) بمنع أن العدالة بفعلهم، ولو قيل: هي من كسبهم، وكونهم وسطا ليس كذلك، منعنا الثانية، إذ لا يمتنع كونه من جعل الله: أن يكون من كسبهم.
وعن (ج) أنه حقيقة فيهما بحسب مشترك بينهما.
وعن (د) أنه قيل: لا صغيرة إلا: بالنسبة، ومن سلمها قال: الله - تعالى - يعلم الظاهر والباطن، فحكمه بالعدالة يقتضي المطابقة بخلاف شهود الحاكم، إذ لا تعلم الباطن.
وهو مصادرة على المطلوب، إذ هو مبني على أن الصغائر تنافيها، ثم لو كانت كذلك لما بقي فرق بينها وبين العصمة. والفرق لجواز الوقوع وعدمه: ضعيف، فإن ما يجوز لم يلزم من فرض وقوعه محال، و - حينئذ - يبطل قوله:(لا يقع)، وإن جاز أن يقع.
والأقوى: أن وحدها يقتضي ملازمة التقوى والصغائر تخل (بها)، وعلى التقديرين لا ينفي الخطأ والسهو، لأنه لا يخل بالتقوى.
وعن (هـ) أنه تقييد ثم إن العدالة لا تتجزأ، وقوله:{جعلناكم} [البقرة: آية 143] بنفيه، ولأن الأمم عدول في الآخرة، وإن صدر من بعضهم الكذب، كقوله:{والله ربنا ما كنا مشركين} [الأنعام: آية 23] لعدم التكليف.
وعن (و)، و (ز) سبق.
و (ح){كنتم خير أمة} [آل عمران: آية 110] الآية، واللام للعموم، ولأن عدمه إجمال، إذ لا عهد، والحمل على أركان الدين أو الماهية، أو بعض ما يلغي فائدة التخصيص بهذه الأمة، فيمتنع إجماعهم على الخطأ.
فإن قيل: إنه مبني على أنه للمدح على وجه الاختصاص، وهو ممنوع، بل المراد: الإخبارية، وإن شاركهم فيه غيرهم.
ثم هو في الماضي، أو إن كان في الحال لكنه باعتباره، ثم لا يجب تحققه في الاستقبال، والتمسك بعدم الفصل، دور.
وكونه متروك الظاهر، وخطاب مشافهة، وحجة ظنية، قد عرف جوابها ويخص الأول: بأن تسمية الواحد أمة مجاز، وكل واحد لا يكون خيرا من صاحبه.
وأجيب:
وعن (أ) أنه معلوم من صراحة الآية، وسياقها.
وعن (ب) أن (كان) زائدة أو تامة، سلمناه، لكن تأمرون يتناول الحال والاستقبال، فيثبت مدلولهما، إذ لا منافاة، ولا مفهوم لكان، سلمناه لكن لا يعار من المنطوق، وهو جواب الثالث.
وعن (ج) أنه إن قيل بجواز الاستعمال في مختلفين، أو هو كالعام بالنسبة إلى الحال والاستقبال - فظاهر، وإلا: فيتمسك بالاستصحاب.
(د) قوله تعالى: {وكونوا مع الصادقين} [التوبة: آية 119] أي: في كل الأمور. لئلا يلزم (الأمر) بموافقة كلا الخصمين، وبموافقة كل منهما للآخر، ثم المراد: مجموع الأمة في كل الأمور دفعا لتكليف ما لا يطاق، والإجمال.
وزيف بأنه إنما يجب الكون معهم لو علم صدقهم، فلو استفيد صدقهم بذلك لزم الدور، ثم المراد (فيما صدقوا) فيه، فلم قلت: إنهم صادقون في كل الأمور؟ .
(هـ) قوله تعالى: {فإن تنازعتم} [النساء: آية 59] الآية، شرط في إيجاب الرد إلى الله (تعالى) والرسول: التنازع، فعند عدمه لا يجب، بل اكتفى فيه بالاتفاق.
وزيف:
بأنه متناقض، إذ الاكتفاء به رد إلى الله والرسول وبأنه لا مفهوم للشرط إذا كان للعادة والغلبة، والعادة أن الدليل إنما يطلب عند التنازع، ثم إن التنازع قد يتصور برجوع بعضهم، أو بمخالفة من بعدهم.
(و) قوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} [آل عمران: آية 103].
التفرق منهي عنه، خص عنه ما قبل الاتفاق، فيبقى غيره على الأصل.
وتقييده بالتفرق في الاعتصام خلاف الأصل، والتأكيد والتأسيس أولى، وتبادر الفهم في مثله إلى مثله في بعض الصور للقرينة، واعتبار اللفظ أولى.
ومنع أنه منهي عنه مطلقا، بل بغير دليل، لئلا يلزم تخصيصه كما قبل الاتفاق، و - حينئذ - إن بين أن لا دليل مع مخالفة الإجماع فدور، وإلا: فلا يتم.
(ز) التمسك بالسنة، وهو المعتمد، قوله:(لا تجتمع أمتي على خطأ).
فقيل: معنى هذا متواتر، إذ نقل بألفاظ مختلفة بلغت التواتر:
في (أ)(لا تجتمع أمتي على ضلالة).
(ب)(سألت الله أن لا تجتمع أمتي على خطأ فأعطانيه).
(ج)(لم يكن الله بالذي يجمع أمتي على الضلالة)، وروي
…
(على الخطأ)، وهو من مراسيل الحسن.
(د)(يد الله مع الجماعة، ولا يبالي بشذوذ من شذ).
(هـ)(ما رآه المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن).
(و)(من سره بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن دعوتهم لتحيط من ورائهم، وأن الشيطان (مع الواحد)، وهو من الاثنين أبعد).
(ز)(عليكم بالسواد الأعظم)، ونهى عن الشذوذ.
(ح)(من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه).
(ط)(من فارق الجماعة ومات، مات ميتة جاهلية).
(ي)(ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن: إخلاص العمل لله، والنصح لأئمة المسلمين، ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم).
(يا)(ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة) قيل: يا رسول الله ومن تلك الفرقة؟ قال: (هي الجماعة).
(يب)(لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، حتى يقاتلوا الدجال).
(يج)(لا تزال طائفة من أمتي على الحق، حتى أتي أمر الله).
(يد)(لا تزال طائفة من أمتي على الحق، لا يضرهم من ناوأهم إلى يوم القيامة).
(به)(من شذ شذ في النار).
لا يقال: بلوغ مجموع رواتها حد التواتر منموع، ثم المنقول بالتواتر إن كان نفس أن الإجماع حجة لزم العلم (به) متواترا كغزوة (بدر)، وشجاعة (علي)، وسخاوة (حاتم)، ووقوع الخلاف فيه ينفيه، أو ملزومه، لزم بيانه، وبيان استلزامه والقطع بكون الكل لم ينقل كذبا لم يفد، إلا: إذا كان كل واحد منها يفيد المطلوب، أو لازمه - قطعا، وهو ممنوع.
واستدلالكم - بعد تصحيح المتن - بواحد منها، ينفيه لأنه ليس للتواتر عدد معين يقطع به عنده.
وإن عنى به أنه ليس عددا يمكن حصول العلم بذواتهم - فباطل، إذ ليس فيه عدد معين فيما زاد على الأربعة وفاقا، و - حينئذ - المرجع فيه إلى العلم، ومن خالط اهل الأخبار، وتتبع كتب الأحاديث - علم أن مجموعها يفيد عصمة كل الأمة عن المعصية والخطأ، ووقوع الخلاف فيه من قليل - مع الاشتراك في سببه لو سلم ذلك لا يقدح فيه، كما في المحسنات، وهو الجواب عن (ب).
وعن (ج): أن كل واحد منها يفيد تعظيم الأمة تعظيما ينافي جواز إقدامهم على المعصية والخطأ.
والاستدلال بواحد منها: إما على غير هذه الطريقة، أو لإزالة إشكال على لظفه، لا أن العلم يتوقف عليه.
وقيل: بالاستدلال بها: بأن التابعين أجمعوا على موجبها، مستدلين بها، وقد علم من عادتهم: أنهم لا يجمعون على موجب خبر لم يقطعوا بصحته.
وهذا ضعيف، غذ مقدماتها ممنوعة.
وقيل: يجعلها آحادا، والتمسك بها، أو بأحدها كالحديث الأول وهذا لا يفيد إلا: الظن.
وأورد: المراد من الأمة: من يؤمن إلى يوم القيامة، وإن اختص بالموجود فالمراد الصحابة، فلا يحصل الغرض، لما سبق.
ثم المراد م الخطأ، أو كبيرة، إذ روى: (على ضلالة
…
).
أو السهو، إذ هو ممتنع على الجمع العظيم، بل لعله نهي، فاشتبه على الراوي أو هو خبر بمعنى: النهي، ثم لا يلزم من إصابتهم: وجوب اتباعهم.
وأجيب:
عن (أ) بما سبق، وبأنه مدفوع بمثل قوله:(لا تزال طائفة من أمتي على الحق).
وعن (ب): أنه عدول عن ظاهره من غير دليل، وحمل المطلق أو العام على المقيد أو الخاص بدونه لا يجوز، ثم الضلالة لا يقتضي الكفر، للآية، وحمله على السهو ينفي مدحهم به.
وعن (ج) أن عدالة الراوي تنفيه وبقية الأحاديث، ولأن فتح هذا الباب يسد باب
الاستدلال بأكثر النصوص.
وعن (د) أنه خلاف الأصل، ومدفوع بأحاديث أخر.
وعن (هـ) أن كل من ثبت إصابته بدليل يخصه، أو من غير معارضة مثله يجب اتباعه، كالنبي خرج عنه المجتهد، إذ ليس إصابته كذلك، وبأن الأمة أجمعت على أن الإجماع ليس صوابا تجوز مخالفته، فلو جاز ذلك لأجمعت الأمة على الخطأ، والحديث ينفيه.
(ح) صدوره عن دلالة، يقتضي منع مخالفته، وعن أمارة كذلك، إذ التابعون أجمعوا على المنع من مخالفته، (قاطعين به، وذلك كاشف عن دلالة مانعة من مخالفته).
أولا عنهما: فممتنع عادة من الجمع العظيم.
وهذه إن صحت اقتضت أن لا يختص الإجماع بأمتنا، لأن حاصله يرجع إلى أنه كاشف - عن قطع - على نفس الحكم، أو على المنع من مخالفته، وأن يكون عددهم عدد التواتر.
وأورد: أنه يجوز أن يكون لشبهة، كإجماع المبطلين مع كثرتهم، ثم جاز أن يكون الثاني لإمارة، كالأول، فهذا لو سلم إجماعهم عليه.
الأول: قادح.
والثاني: مندفع، إذ هو معلوم بعد البحث والاستقراء.
وكذا الثالث بعد فهم القطع، بالمنع من مخالفة الحكم الصادر عن الأمارة دون غيره.
وقيل: لا يرد الأول، لو جوز الدليل هكذا: بأن العادة تحيل إجماع العدد الكثير - من العلماء المحققين - على قطع في شرعي، من غير قاطع.
وهو دور، إن عنى به كونهم مصيبين في كل الأمور، وإلا: فممنوع، ثم هو منقوض بإجماعهم على أخذ الجزية من المجوس، و (أن لا تنكح المرأة على عمتها وخالتها)، مع أن دليلهما ظني.
(ط) أجمعوا على تقديمه على القاطع، فدل أنه قاطع.
وأورد: بأنه إن عنى به قاطع المتن والدلالة، فممتنع، أو المتن فمسلم، لكنه لا يدل عليه، إذ خبر الواحد يقدم على عموم الكتاب.
(ي) كونه عليه السلام خاتم الأنبياء يقتضي ذلكن وإلا: لجاز أن يتفقوا على الباطل، والكفر، فيحتاج إلى البعثة.
للمنكر:
قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} [البقرة: آية 188]، {فإن تنازعتم} [النساء: آية 59] الآية، أوجب الرد إلى الكتاب والسنة، وهو يدل على عدم اعتبار الإجماع، وإلا: لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وقوله:{تبيانا لكل شيء} [النحل: آية 89] تدل على عدم الحاجة إليه. وحديث معاذ، وقوله:(لا ترجعوا بعدي كفار).
وقوله: (لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة
…
). و (لا تقوم الساعة إلا على شرار أمتي
…
) و"إن الله لا يقبض العلم انتزاعا
…
" الحديث
"تعلموا الفرائض .. " الحديث و (من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويكثر
الجهل) وقوله: (بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا).
فهذه الأحاديث ونحوها، تدل على خلو الزمان عمن يقوم بالحق و- أيضا - أن كل واحد غير معصوم، فكذا الكل، وأن كل واحد من الزنج لما كان أسود كان الكل كذلك.
ولأنه لا لدلالة وإمارة باطل، ولدلالة (يوجب) اشتهارها، لكونها واقعة عظيمة ولإمارة ممتنع، لامتناع اتفاق الخلق العظيم، لما يختلف مقتضاه، ولأنه اختلف في حجتها.
وأجيب:
عن (أ): أنه نهي لكل واحد، لتبادر الفهم إليه، ثم إنه لا يقتضي إمكان المنهي عنه مطلقا، بدليل:{ولا تكونن من المشركين} [الأنعام: آية 14، والقصص: آية 87]، سلمناه لكنه لا يقع، لما ذكرنان فيجمع بينهما إذ لا منافاة.
وعن (ب): أنه لا يدل على وجوب الرد إليهما عند التنازع، بل يدل على عدمه بمفهومه، ولا نزاع فيما اتفق عليه، سلمناه، لكن الرد إلى الإجماع رد إليهما.
وعن (ج): أن ما يبينه الإجماع يبينه الكتاب بواسطته.
وعن (د) أن عدم ذكره في حديث معاذ، لعدم حجيته إذ ذاك.
وعن (هـ) ما سبق في جواب الآية، ثم لعله خطاب مع معينين، ثم المدعي عصمتهم عند بقائهم بصفة الإيمان، وهو الجواب عند بقية الأحاديث، ثم هي محمولة على غلبة الشر والجهل