المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأورد: أن التشكيك على دليل امتناع الدور والتسلسل مشهور، ثم ما - الفائق في أصول الفقه - جـ ٢

[الصفي الهندي]

فهرس الكتاب

- ‌التأويل

- ‌مقدمة(تفسير النص والظاهر والمؤول)

- ‌المفهوم

- ‌المسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌أدلة القائلين بالتوقف

- ‌أدلةالقائلين بالوجوب منالقرآن والسنة والإجماع والمعقول

- ‌دليلهم من المعقول

- ‌وللإباحة

- ‌مسألة

- ‌دليل القائل بالتفصيل بين العبادات

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فصل في النسخ

- ‌مسألةالفرق بين النسخ والبداء

- ‌مسألةالنسخ جائز عقلا، وواقع سمعا

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌أدلة المخالفين ومناقشتها

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌أدلة القائلين بعدم الوقوع

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌خاتمة

- ‌الإجماع

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فصلفيما لا يقطع بصدقه ولا بكذبه وهو خبر الواحد

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌‌‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فروع:

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي مراتب نقل الصحابي، وهي سبع:

- ‌مسألةفي مراتب رواية غير الصحابي:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةمن شروط حكم الأصل:

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌خاتمة:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فروع:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي تقسيم المناسب:

- ‌مسألة

- ‌مسألةالمناسبة دليل علية الوصف:

- ‌مسألةقيل في حد الشبه:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةالسبر والتقسيم:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة في النقض

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألةتقسيم العلة من وجه:

- ‌مسألة

- ‌مسألةوفي التعليل بالحكمة:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فرع:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي شرائط الفرع:

- ‌خاتمةفي تقسيم القياس

- ‌الاعتراضات

- ‌التعادل والترجيح

- ‌مسألة

- ‌فرع:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌‌‌مسألةالترجيح لا يجري في القطعية:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌الاجتهاد

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي جواز الاجتهاد في عصر الرسول

- ‌مسألة

- ‌ مسألة

- ‌مسألة

- ‌خاتمة:

- ‌المفتي والمستفتي

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌فرع:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌ مسألة

- ‌الأدلة التي اختلف فيها

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألةفي تفاريع القديم:

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

- ‌مسألة

الفصل: وأورد: أن التشكيك على دليل امتناع الدور والتسلسل مشهور، ثم ما

وأورد:

أن التشكيك على دليل امتناع الدور والتسلسل مشهور، ثم ما به صحة الإيمان غير مقتصر على العلم بوجد الصانع، بل لا بد فيه من مطالب أخر، ووجود جلي مثله فيها ممنوع.

المخالف:

التكليف بالعلم عينا عسر لكل أحد في كل واحد من المطالب، وينفي جواز تقليد المعلوم بالضرورة، وتخييرا بينه وبين ما غلب على ظنه أنه صواب مطلقا، أو بشرط المطابقة بطريق ظني، أو بهذين القسمين - عينا - يحصل الغرض، أو بشرط المطابقة جزما لقطعي، ينفي جواز التقليد، والخروج عما نحن فيه، أو لا لطريق يقتضي كونه تكليفا على عما به.

وأجيب:

بأنه في مقابلة الإجماع، فكان باطلا، وبأن عسره لا ينفيه، وجواز التقليد ممنوع على رأي، سلمناه، لكن كلف بأحدهما: وهو إما العلم أو التقليد المطابق، وهو سهل، وفيه نظر، إذ معرفة مطابقته بتقليد آخر يوجب التسلسل، أو بنظر يقتضي خروجه عن التقليد.

‌مسألة

كل مجتهد مصيب في التي لا قاطع فيها عد الأشعري والقاضي وأبي الهذيل والجبائيين، وأتباعهم، ونسب إلى الشافعي وأبي حنيفة وأحمد.

والمشهور عنهم خلافه، فلا حكم لله فيها قبل الاجتهاد، بل هو تابع ثم منهم من يقول: وجد فيها ما لو حكم الله فيها قبل الاجتهاد - لما حكم إلا: به، وهو القول بالأشبه.

وقيل: لا، وهو قول الخلص من المصوبين.

وقال الجماهير من الفقهاء والمتكلمين: المصيب واحد، أي: لله حكم قبله، والاجتهاد تابع له.

ص: 394

فقيل: لا دلالة له عليه، ولا إمارة، والطالب إن عثر عليه: فمصيب وله أجران، وإلا: فمخطئ وله أجر، لتحمل المشقة. وقيل: عليه دليل، والمجتهد مأمور بطلبه، فإن أصاب فمصيب، وإلا: فمخطئ.

والمريسي: آثم يستحق العقاب. والأصم، وابن علية: لا، لخفائه وغموضه.

ثم قال الأصم: بنقض القضاء فيه. وقال غيره بعدمه.

وقيل: عليه أمارة، وهو اختيار الفقهاء والمتكلمين، كالأئمة الأربعة، والأستاذ وابن فورك. فقيل: هو غير مأمور بإصابته - عينا - لخفائه وغموضه، بل به، وبما غلب على ظنه، أنه حكمه، وإن كان مخطئا إن لم يصبه، لكنه معذور مأجور.

وقيل: مأمور بإصابته - عينا - فإن أخطأ - فما غلب على ظنه، ولا إثم ولا عقاب تحقيقا. والتي فيها نص ولم يجده المكلف بعد الطلب والبحث الشديد أو وجده ولكن لم يعثر على وجه دلالته بعد إمعان النظر فيه: فعلى الخلاف، ومتى قصر في ذلك فمخطئ وآثم

ص: 395

على الرأيين جميعا.

للمصوبة:

(أ) قوله: {وكلا آتينا حكما وعلما} [الأنبياء: آية 79] والمخطئ لا يوصف به.

(ب) (أصحابي كالنجوم

) الحديث، والاقتداء بالمخطئ ليس اهتداء.

(ج) خبر معاذ، ووجه التمسك: أنه صوبه مطلقا.

(د) الإجماع، وتقريره: أن الصحابة سوقت مخالفة بعضهم بعضا، مع اعتقاد كل منهم: بأن ما ذهب إليه حق وصواب، وإفتاء المخالفين وتوليتهم في الدماء والفروج، ولو كان المصيب واحدا لما كان كذلك.

(هـ) لو كا فيها حكم، وليس عليه دليل وأمارة: لزم تكليف ما لا يطاق، أو كان يمكن الملكف من تحصيل العلم به، أو الظن، فالحاكم بغيره: حاكم بغير ما أنزل الله، فيكون عاصيا وفاسقا وكافرا، للنصوص الدالة عليه، ولو خصت النصوص - هنا - بالنافي للحرج: لخصت في الكلام لأن أدلتها أكثر غموضا، والخطأ فيه كفر وبدعة.

(و) لو كان فيها حكم معين لكان عليه قاطع، إذ لو انتفى - بأصله - فتكليف بما لا يطاق، أو بوصفه و - حينئذ - لا بد وأن يستلزمه ظاهرا، إذ هو معناه، و - حينئذ - إن لم يتوقف استلزامه له في صورة على أمر: لزم الترجيح من غير مرجح، أو توقف: كان المجموع دليلا، إلا: ما فرض. أولا.

ثم الكلام فيه كما في الأول، ولا يتسلسل فينتهي إلى ما يستلزمه في كل الصور، وهو المعنى من القاطع، لكنه بالط وفاقا، ولأنه يقتضي عدم الوقائع الاجتهادية، وأن يكن المخالف فيها كالمخالف لما فيه النص القاطع.

وله تقرير آخر: أنه لو كان حكم لنصب عليه دليل قاطع، إزاحة للعذر، وقطعا للحجة، كما قال تعالى:{لئلا يكون للناس على الله حجة} [النساء: آية 165]، ولأنه تمكين له من الإتيان بما

ص: 396

أمر به، وهو واجب كاللطف، لما سبق.

(ز) لو كان، لكان ما عداه خطأ، إجماعا، ولامتناع أن يكون النقيضان حقين في نفس الأمر، فلا يجوز للصحابي تولية مخالفة، لأنه تمكين من العمل بالباطل، ولا تمكينه من الفتوى، لأنه ترويجه، ولزم نقض أحكامه وتفسيقه إذا كان مخالفا في الدماء والفروج، إذ لا فرق بين القتل وبين الفتوى. والإنكار عليه، واللوازم باطلة.

فإن قلت: لعل الخطأ فيه صغيرة أو كبيرة، والشبه سبب للعذر، وهو الفرق بين القتل والفتوى به، إذ التمسك بالشبه قد يكون سببا للسقوط.

قلت: أجيب:

عن (أ) بأن تركه ترك المأمور به فيستحق به النار، فيكون الخطأ فيه كبيرة، سيما في الدم، لقوله عليه السلام "من سعى في دم مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله" ونحوه من الأخبار. وهو ضعيف، إذ ليس كل ما يستحق بسببه النار كبيرة، فإن كل واجب محرم بهذه المثابة، وليس بكبيرة وفاقا، بل جواب: منع أن ما ذكر من اللوازم: من لوازم الكبائر.

وعن (ب) أن الشبيه وغموض الأدلة في الأصول أكثر، مع الخطأ فيها كفر أو فسق.

(ح) المجتهد مأمور بالعمل بما غلب على ظنه وفاقا ولا معنى لكونه حكم الله إلا: أنه أمر به، فإذا عمل به كان مصيبا.

ص: 397

(ط) لو كان مخطئا لما قطع بكون خطؤه مغفورا له، لأنه لا يحصل معه اعتقاد عدم جواز تخطئته، لكونه مضادا له، ولأنه يقتضي أن يكون الخطأ متعينا في الجانب الآخر، وهو غير متعين وفاقا.

و- حينئذ - إن لم يجز إخلاله بنظر زائد يلزمه، لم يكن مكلفا به، للغفلة عنه، فلا يكون مخطئا وهو خلف، وإن جوز: فإن علم ما يغفر له إخلاله بنظر ما بعده، فباطل، لأنه لو اقتصر على أول المراتب المغفورة له عن غيرها، ولأن تتميز تلك المرتبة عن غيرها إغراء على الخطأ، وإلا: لم يقطع بكونه خطئه مغفورا له، لكن الإجماع المستمر إلى رماننا يفيد القطع بأنه مغفور به.

وأجيب:

عن (أ) بمنع أنه وصف به فيما أخطأ فيه، إذ ليس فيه دلالة على التعميم، ولا على التعيين، فلعله في غيره، أو في الجملة. ثم بمنع أنه لا يوصف فيه إذا كان مجدا في الطلب، أو ممعنا للنظر فيه.

وعن (ب) بمنعه، فإن العامي لما وجب عليه العمل بقول الصحابي أو على المجتهد - إن قيل بحجية قوله - كان ذلك اهتداء أصاب أو أخطأ. ثم إنه معارض:(من أخطأ فله أجر واحد). ثم إنه خبر واحد، فلا يعارض القاطع وجوابه، فحمله على الرواية بعيد، فإن قولها لا يعد اهتداء.

وعن (ج) بعض ما سبق.

وعن (د) أن التلكيف يتغير عند الخطأ عندنا فيصير ما غلب على ظنه حكم الله في حقه، ثم الخطأ غير متعين في جهة، فلم يكن ثبوت ما ذكر من الأحكام في جهة معينة.

وعن (هـ) ماسبق، ويخصه ما سبق من التخصيص لنفي الحرج والنقض بالأصول مندفع، لأن المطالب الأصولية جليلة محصورة، فيناسب تغليظ الأمر فيه، حتى تتوفر الدواعي

ص: 398

على طلب أدلتها، بخلاف الفروع.

وعن (و) النقض بالأدلة الظاهرية. ثم لا نسلم أنه المعنى من القاطع، بل المعنى منه: ما لا يجوز التخلف عنه، ولا يلزم عدم وقوعه عدم جوازه.

ثم لا نسلم أن الدليل هو المجموع - حينئذ - لجواز أن يكون المتوقف عليه شرطا لاقتضاء الدليل. ثم الشعور بالمدلول بعد العلم بوجه بدلالة الدليل، إنما هو بخلف الله عندنا، فجاز أن يخلق في صورة دون أخرى، فإن الترجيح من غير مرجح غير ممتنع بالنسبة إلى المختار.

وعن التقرير الآخر: بعض ما سبق، ويخصه: أنه مبني على التحسين والتقبيح.

ثم الحكمة تقتضي ذلك، فإن طلب ظن الحكم من الأدلة الظنية أشق، فكان أكثر ثوابا.

وعن (ز) ما سبق في الجواب عن الأول.

وعن (ح) أنه لا يدل على أنه حكم الله تعالى ابتداء، بل يدل على أنه يصير - إذ ذاك - حكمة الله، ولا نزاع فيه.

وعن (ط) بمنع الملازمة، فإن المرتبة المغفورة له ما بعدها: أن يأتي ما في وسعه، بلا تقصير.

للمخطئة:

(أ) قوله: {ففهمناها سليمان} [الأنبياء: آية 79]، ولو كان كل مجتهد مصيبا لم يكن للتخصيص فائدة، وليس يدل على النفي بالمفهوم، بل بسياقها للمدح.

وأورد:

لعله على الأشبه، أو لوجد أن نص ابتداء أو ناسخ، وهو وإن كان بعيدا، لكنه محتمل.

ورد:

بأنه باطل على ما يأتي. ثم إن حمل ما بالفعل على ما بالقوة - خلاف الأصل، وحمل

ص: 399

الفهم على الوجدان غير جائز، أو خلاف الأصل. ثم إنه مدفوع بسياق الآية.

(ب) قوله: {وما يعلم تأويله إلا الله} [آل عمران: آية 7]{لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: آية 83]، {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا} [آل عمران: آية 105].

كل ما فيه نهي عن الاختلاف.

وزيف:

بأن الأول: ليس في شيء مما نحن فيه، يؤكده قراءة الوقف على قول (إلا الله) وما بعده، فإن كل ذلك غير لائق بالفروع.

والثانية: بأن العلم في الاجتهادية غير متصور، وبأن الضمير عائد إلى المذكور في صدر الآية، وهو ليس حكما شرعيا، ثم لا دلالة فيه على التخطئة، سلمناه، لكن على تخطئة من ليس أهل الاستنباط، ولا نزاع في خطئه. والنهي إنما هو في الاختلاف في أصول الدين، لأن المجتهد مأمور باتباع ظنه إجماعا، ومن ضرورته وقوع الاختلاف، إذ يمتنع الاتفاق في الظنيات عادة، فكيف ينهي عن الاختلاف فيها.

(ج) قوله عليه السلام (من اجتهد وأصاب

) الحديث وهو صريح في التخطئة. وحمل التخطئة فيه على التخطئة في الطريق، او على ما إذا وجد النص، وبالغ في طلبه ولم يجده - تقييد خلاف الأصل، على أن الخطأ في الطريق، أو على ما إذا وجد النص، وبالغ في طلبه ولم يجده - تقييد خلاف الأصل، على أن الخطأ في الطريق إن كان مع العلم بتقصيره، لم يمكن حمل النص عليه، لأنه آثم، وبدونه يمتنع عندهم، إذ مناط التكليف ليس إلا: غلبة الظن، والحمل على الأشبه متعذر، لما سبق، على أن المتبادر من الخطأ، إنما هو عدم مصادفة الواقع، لا عدم مصادفة. ما هو في تقريره.

(د) إذا جزم بالحكمين المتقابلين: فإن لم يكن ذلك الدليل، أو لدليل مساو كان ذلك خطأ، فلم يكن كل مجتهد مصيبا، وإلا: فكذلكن لأن الخطأ لازم لهما أو لأحدهما. وأورد هذا على نمط آخر، وهو: أن كل واحد من المجتهدين إذا حزم برجحان أمارته في نفس الأمر على أمارة خصمه - كان اعتقادهما أو اعتقاد أحدهما خطأ، بمعنى عدم المطابقة، وهو من صور الخلاف.

ولأن الاعتقاد الغير مطابق جهل، وأنه غير مأمور به وفاقا، فلا يكون إيتاء بما أمر به. وهو

ص: 400

ضعيف، لأنا نمنع لزوم الخطأ في أحد الاعتقادين، وإنما يصح الترديد في خلو الأمارة عن الرجحان وعدمه في نفس الأمر - أن لو كان له وجود في الخارج - وهو ممنوع، بل هو أمر اعتباري شرعي، يؤكده أن القائل به جعله من صور الخلاف، ولو كان أمرا حقيقيا لم يكن منه.

ثم هذا الاعتقاد غير لازم للحكم بها، فلم يكن الخطأ لازما، وإن أورد ذلك بالنسبة إلى الظن - فيمتنع لزوم الخطأ في الاعتقادين، أو في أحدهما، بل كل واحد منهما راجح بالنسبة إلى اعتقاده. وما يقال: إن الرجحان في الذهن: إما بنفس اعتقاد الرجحان في الخارج، أوأمر لا ثبت إلا معه، لأن العلم بالضرورة أنا إذا اعتقدنا في الشيء أن وجوده مساو لعدمه، فمعه يمتنع أن يكون اعتقاد وجوده راجحا على عدمه. ضعيف: لأنا نمنع ذلك عند اختلاف متعلقهما من الذهن والخارج. ثم ذلك فيما له وجود في الخارج.

ثم كون الشيء لا يبقى عند تعقل غيره، ولا يدل على أنه عينه، أو لا ينفك عنه، فإن الضد قد يعقل مع الذهول عن ضده، فضلا عن عدمه، مع أنه لا ينفي ذلك عند تعقل وجوده. هذا إن أريد به عدم الانفكاك في الذهن، أما في الخارج: فإنما يتأتى فيما له وجود خارجي، وهو ممنوع فيما نحن فيه.

ثم إنه معارض بما أنه لو كان نفس اعتقاد رجحانه في الخارج أو أمر لا ينفك عنه لما تصور وجوده بدونه.

(هـ) المجتهد مكلف بالحكم بطريق، إذ هو بالتشهي باطل وفاقا، وذلك الطريق: إن خلا عن المعارض- تعين العمل به، وإلا: فبالراجح إن ترجح أحدهما، وإلا فالتخيير أو التساقط، والرجوع إلى غيرهما، وعلى كل تقدير يعين الحكم: فمخالفه مخطئ.

لا يقال: إن وجد في المجتهد فيه طريق: فمخالفه مستحق للعقاب، لما سبق، وإلا: فامتناع الحكم فيه بالتشهي ممنوع. ثم إنما يجب العمل بالراجح لو علم، وعلم رجحانه، وقد يعتقد المكلف لعين المرجوح أو رجحانه، لأنه إن عنى بالطريق ما يفيد القطع لم يلزم من عدمه جواز الحكم بالتشهي، وإلا: لم يلزم العقاب لأن مخالفة الظني معتبرة لما سبق.

(و) أيضا - فالإجماع منعقد على تحريم القول في الدين بالتشهي مطلقا.

ص: 401

وأجيب عنه بإجماع الأمة على الترجيح بأمور حقيقية، وسنده ما سبق.

وعن (ب): أن مقدار الرجحان ممكن الاطلاع عليه، وإلا: لم يكلف إلا: بالمشترك بين الأمارات. و - حينئذ - لا رجحان بالنسبة إلى المكلف - هذا خلف - ثم إن لم يكلف بالوصول إلى أقصى الإمكان، لم تكن التخطئة عند بعض المراتب أولى، فكل من عمل بالظن - ولو مع ألف تقصير - مصيب - هذا خلف - فهو مكلف به، فإذا لم يصل إليه كان مخطئا.

وفيه نظر، من حيث إن المكلف به - وإن كان هو أقصى الإمكان - لكن بالنسبة إلى ظنه، لا بالنسبة إلى نفس الأمر، و - حينئذ - لا يلزم الخطأ إذا انتهى إلى أقصى الإمكان بالنسبة إلى ظنه - وإن كان لا يصل إلى أقصى الإمكان بالنسبة إلى ما في نفس الأمر - ثم إنه خطأ في الطريق، ولا نزاع فيه.

(و) المجتهد مستدل، والاستدلال بالدليل على المدلول متوقف على وجودهما، فامتنع حصول المدلول بعد الظن الحاصل بعده. فإن قلت: المطلوب ظن الحكم لا الحكم. قلت: إن كان ظن تقتضيه الأمارة: فالمحذور لازم، أو غيره: فباطل وفاقا.

(ز) المجتهد طالب، فمتوقف على مطلوب، متقدم على طلبه، فامتنع حصوله بعده، وهو كالأول.

والاستدلال عليه: بأن تصويب الكل يقتضي الجمع بين المتنافيين ضعيف جدا، فإن اتحاد النسبة معتبر فيه وفاقا، وهو غير حاصل.

(ح) أن تصويب الكل يفضي إلى منازعة لا يمكن قطعها، فإن المجتهد إذا قال لامرأته المجتهدة:(أنت بائن) ثم راجعها، لأنه يرى الرجعة بالكنايات، والمرأة تنكر ذلك، فإنهما يتنازعان في الوطء منازعة لا يمكن قطعها، وكذا نحوها من المسائل، والمنازعة التي يمكن رفعها شرعا محال، فما أفضي إليه - أيضا - كذلك.

ص: 402

وهو ضعيف، لأنه وارد على الخصم، لأنه - وإن لم يقل بتصويب الكل - لكنه يوجب العمل بما غلب على الظن، و - حينئذ - المحذور لازم، والجواب واحد. لنذكر طريق فصل الخصومة، ليعلم أنه غير مختص بأحد المذهبين.

فنقول الواقعة إن نزلت بمجتهد أو مقلد، واختصت به، وعمل باجتهاده، أو بفتوى المفتي، فإن استوت الأمارات أو المفتون في العلم والورع تخير. وإن تعلقت بغيره وأمكن الصلح فيه كالمال اصطلحا، أو رجعا إلى حاكم أو حكم، وإلا: فالرجوع إلى حاكم أو حكم.

(ط) لو كان كل مجتهد مصيبا: لم يكن للمناظرة فائدة، لأن فائدتها معرفة الصواب عن الخطأ، ليستمر صاحب الصواب عليه، ويرجع الذاهب إلى نقيضه إليه، فإذا كان الكل صوابا - لم تحصل هذه الفائدة.

وهو - أيضا - ضعيف، لأن الفائدة غير منحصرة في ذلك، فإن من فوائدها معرفة وجود الدليل القاطع، وانتفائه ليتفرع عليه جواز الاجتهاد وعدمه، والدليل الراجح، ووجوه التراجيح والدلالة، وتشحيذ الخاطر، والتمرين على طريق الاجتهاد - أيضا - كذلك.

(ي) الأصل عدم تصويب الكل، والأصل عدم الدليل عليه، سيما بعد البحث الشديد، إذ قد ظهر ضعف أدلتهم.

و- حينئذ - يلزم القضاء بالبقاء على الحكم الأصلي، ولا يتأتى مثله في تصويب واحد (غير معين، لأنه وجد الإجماع على تصويب واحد)، لأن من قال به في الكل، فقد قال به في واحد غير معين، لأنه وجد الإجماع. ثم بعينه باطل إجماعا، فهو غير معين، أو نقول: إذا حصل الإجماع على تصويب واحد، وجب أن يكون غير معين لئلا يلزم خلاف الإجماع.

(يا) الصحابة صرحوا بالتخطئة، روى ذلك عن الصديق وعمر وعلي وابن مسعود وابن عباس، وعن جماهيرهم في تخطئة ابن عباس في إنكار العول، ولم ينقل في ذلك نكير، وإلا:

ص: 403

لنقل واشتهر، فكان إجماعا.

فإن قلت: فقد نقل عنهم تولية المخالف في الدماء والفروج، ونمكنه من الفتوى فيها، وترك البراءة والتفسيق، وهو يدل على تصويبه.

قلت: التخطئة مصرح بها، والتصويب مستدل عليه لو سلم - فكان الأول أولى، ولأن الخطأ غير متعين، فلم يمكن المنع من ذلك. لا يقال. بالتوفيق أولى من الترجيح، لأنه يقتضي إعمال أحدهما. دون الآخر، بخلاف التوفيق، فتحمل التخطئة على ما إذا قصر في الاجتهاد أو لم يكن أهلا له، أو فيما نص قاطع لم يجده بعد البحث التام.

لأن التوفيق متعذر، لأن الحمل الخطأ على ما ذكرتم من الصور - خلاف الظاهر، إذ الظاهر فهم الاستقصاء فيه، حتى كان الواحد منهم يبقى فيه برهة من الزمان. وأما أهلية الاجتهاد: فقد كان ثابتا لهم بإجماع الأمة. وأما خفاء النص عليهم: فكذلك، لأنه نقلة الشريعة، والباحثون عنه، ثم عدم إظهارهم النص بعد التخطئة ينفيه.

فرع:

المصوبة: منهم من قال بالأشبه. والأشبه نفيه، لأنه إن كان هو العمل بأقوى الأمارات - وهو حاصل - كان الأمر بالعمل به واردا إجماعا، فكان الحكم معينا، وإن لم يكن حاصلا لم يكن العمل بالأشبه حاصلا.

وإلا: فإن كان مصلحة العبد - وقلنا بوجوب رعاية مصالحه. على الله تعالى - وجب أن ينص عليه، ليتمكن من الاستيفاء، فيكون الفعل وإن لم نقل به - جاز أن ينص على غيره فيبطل القول به. أو مفسدته - وهو باطل - إذ ليس في الأمة من يوجبها على الله تعالى، أو لا مصلحته ولا مفسدته: فهو كذلك، إذ القول بالوجوب على الله تعالى، مع أنه لا مصلحته ولا مفسدته باطل إجماعا.

وقدح فيه: أنه - وإن جاز أن ينص على غيره - لكنه لا ينص لا: على ما هو مصلحته،

ص: 404