الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرضيعين ولو قسم عليهما، أو منعهما لماتا.
وفيه نظر، إذ ليس الحكم بواحد بحسب متعلقه، وإن اتحد بحسب نوعه، والباقيتان من صور الواجب المخير - لا مما نحن فيه.
فرع:
التعادل: إن حصل للمجتهد في نفسه تخير، أو يرجع إلى غيرهما ويتساقطان. ونقل فيه التوقف كما في التعادل الذهني، وهو بعيد جدا. وإن استفتي خير، وقيل: عين، لدفع التخيير عنه، وهو بعيد إذ لا تخير في مقتضى التخيير، والأظهر: أنه بالخيار بين أن يخير أو يعين.
وإن حكم: عين ليقطع الخصومة. وإذ حكم بإحدى الأمارتين لم يمتنع عقلا أن يحكم بالأخرى في وقت آخر كالمصلي، ولكن منع منه قوله صلى الله عليه وسلم (لا تقض شيء واحد بحكمين مختلفين)، وما روى عن عمر في الحمارية - فهو من باب تغير الاجتهاد.
مسألة
تعادل الحكمين المتنافيين في واحد، ووقت واحد - على البدلية من مجتهد: على الخلاف والتعادل الذهني.
وإن جاز وفاقا، لكن حكمه التوقف، أو التساقط والرجوع إلى غيرهما. والتخيير فيه - بعيد، لعلمه برجحان أحدهما، وقصوره عن معفرته، فلم يمكن تخريجه عليه. ثم إذا نقل عن المجتهد قولان في كتابين، وعلم التاريخ - كان الثاني رجوعا عن الأول ظاهرا، وإلا: جب نقل القولين من غير رجوع وترجيح.
وإنما قلنا: ظاهرا - لاحتمال أن يكون الراجح عنده هو الأول، وأبدى الثاني على وجه
الاحتمال. وإن كان في كتاب واحد: فإن كان في موضعين: فهو على ما سبق. أو في واحد، فإن بذكر ما يدل على رجحان أحدهما، أو فرع عليه: فهو قوله، فإن قول المجتهد: هو ما يترجح عنده، وإلا: فإن ذكرهما في معرض الحكاية، فلايكونان له، وإلا: فهما له ظاهرا.
ثم الأمارتان إذا تعارضتا، ولم يجد المجتهد ما يرجح أحدهما بعد الطلب الشديد - فلا سبيل إلى الجزم بكونهما متعادلتين خارجا، لاحتمال إطلاعه عليه، ألعدم التنبيه لوجه دلالته عليه، بل قد يغلب على ظنه ذلك، فإن غلب كان حكمه حكم المتعادلين خارجا، وإلا كالمتعادلين ذهنا، فلا يتطرق إليه التخيير.
ثم من المعلوم: أن القولين إنما هو على البدلية، فليس له في الحقيقة إلا: قول واحد، وإنما يقال: له قولان - باعتبار البدلية تمييزا له عما له فيه قول بعينه.
وما قيل: إن إطلاق القولين يدل على التوقف، ولا قول للمتوقف فهو بناء على امتناع التعادل خارجا، وأن للتخيير ترجيحا لأمارة الإباحة بعينها. وإن نص على أحدهما دون الآخر، بل نقل عن نظريتها: فإن كان بينهما فرق يجوز أن يذهب إليه ذاهب - لم يكن قوله في تيك قوله في الأخرى، وإلا: فهو قوله فيها ظاهرا، وإنما قيد به لجواز الذهول عنها - إذاك.
وإن نقل القولان عن نظريتيهما: فالحكم فيهما على ما ذكرنا، وكذا حديث التاريخ. وأكثر أقوال الشافعي رضي الله عنه من القسم الأول.
ومما ذكر معه ما يرجع أحدهما، (وأما) على غيرهما - فلم يصح ذلك إلا: في سبع عشرة مسألة، على ما قاله الشيخ أبو حامد الأسفراييني - رحمه الله تعالى - وهما يدلان على رجحان علمه ودينه:
أما الأول: فلأنه يدل على اشتغاله بالعلم وطلبه الحق أبدا، والرجوع إليه، وترك التعصب لمهذبه.
وأما الثاني: فلأن من كان أغوص نظرا، وأدق فكرا، وأكثر إحاطة، بالأصول والفروع، وشرائط الاستدلال - كانت الإشكالات عنده أكثر، وكان التوقف به أجدر.
وأما دلالته على كمال الدين: فلأنه لما لم يظهر له في المسألة وجه الرجحان - لم يستنكف من الاعتراف بعدم العلم، ولم يشغل بالترويج والمداهنة، بل صرح بعجزه، ولهذا عد مثله من