الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الكوكب الدري
مقدمة المحشى
الحمد لله الذي آتانا من لدنه رحمة فهيأ لنا من أمرنا رشدًا، وأنزل لنا من أمره روحًا يحيى به قلوب السعداء ويصير للأشقياء شهابًا رصدًا، أرسل سيد الرسل بالرشد والفلاح فالعاضون بالنواجذ على سننه هم الأحباء لله وأولياؤه ونشر به الحكم والمعارف فالمبلغون لمقالاته بعد سماعها هم الناضرون وجوهًا يوم القيامة وأصفياؤه، وعلى آله وصحبه وأتباعه الذين أراد الله بهم الخير ففقهم في الدين والشرائع، وجعلهم أئمة وهداة يخرجون الناس من غياهب الشكوك والأوهام إلى أنوار الحجج والسواطع، أفاض عليهم من العلوم الدنية ما خلت عنه الدواوين والأسفار، وكلت دون إدراكها إذهان ذوي الألباب الذكية والأبصار، غرسهم بأيدي الكرامة فالمقتطفون من ثمار جهدهم هم النجباء الفائزون، وجدد بهم الدين القويم فالمتبعون لآثارهم هم السعداء الناجحون.
أما بعد: فمن أعظم ما من الله به على هذه الملة البيضاء أن بعث لها مجددين مثل حضرة قطب الأقطاب، رئيس ذوي الفضل والألباب، إمام الأئمة، مقتدي الآجلة، مقدام الحكماء، مفتخر النجباء، من بأنفاسه الشذية تحي النفوس والأرواح وبهمته القدسية تتجلى القلوب وتتزكى الأشباح، ملأ أطباق الأرض شرقًا وغربًا بالمعارف والإيقان، ونشر في أرجاء الغبراء فوائح السنة والإحسان، أبي حنيفة
الزمان، وشبلى الدوران، أمير المؤمنين في الحديث حجة الله على العالمين، العارف بالله، شمس العلماء مولانا أبي مسعود رشيد أحمد الأنصاري الأيوبي الكنكوهي الحنفي الجشتي النقشبندي القادرون السهروردي -قدس الله سره العزيز- فإنه رحمه الله تعالى ترعرع مجدًا في العلوم الدينية وارتحل لها إلى البلدان القصية، وحضر حلق أفاضل مشايخ الزمان، فتفقه وسمع وخاض بحار العلوم وأسفار الفنون لدى الكمل من أساتذة الدوران.
ولم يزل هذا دأبه حتى مهر في سائر العلوم سيما علوم السنن والأحاديث النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية، فما أنفك مرتقيًا قللها الشامخة حتى أشير إليه بالبنان، بأنه هو السابق في الميدان، وضربت إليه إكباد الإبل من كل فج عميق من الهند والسند وآفاق الصين والخراسان، فهرعت إليه عطشى السنن يغترفون من بحار حديثه ويصدرون بالارتواء، فمن مستكثر ومقل ومنهوم لا يكاد ينقطع له العيش والظمأ هذا وإن من لم تساعده المقادير لم يزل أيضًا مذعنًا بجناته، ومقرًا بلسانه، إنه هو المتوحد في زمانه، والمتفرد في أوانه، وكيف لا؟ فإن القوة الاجتهادية وحافظة الحديث وملكة الاستنباط وإجادة وجوه التطبيق بين الأحاديث المختلفة، وإظهار محاسن الارتباط بين المضامين المتنافرة، وكمال العدالة والتقدس والتبحر في العلوم العقلية والنقلية والبراعة في الفقه والأصول والحيازة في الآلات والمقاصد والارتقاء على قلل المعارف الإلهية، والاكتساب بوجوه الحضور الدائم مع الاستقامة الشرعية لم توجد بمثابة لدى أحد في زمانه، لا منفردة ولا مجتمعة.
وليس على الله بمستنكر
…
أن يجمع العالم واحد
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والحقيقة التي لا تنكر أن الله سبحانه وتعالى قد تفضل عليه برابطة روحانية قوية بسيد الرسل عليه أكمل الصلوات وأفضل التحيات، والفنائية فيه حتى صارت
العلوم والمعارف تنعكس على قلبه الأطهر من مشكاته عليه السلام فإذا خاض في بحار معاني الحديث والآيات تشاهد كأن الكلمات والجمل تصدر من حضرة الرسالة عليه الصلاة والسلام وذلك فضل الله ليس يجحد، ومن ههنا كان الحضار لمجلس التحديث يزدادون شغفًا ومحوًا لدى تكلمه وإفادته فلم يكادوا أن يقنعوا بسكوته في تلك المجالس الذكية وكانوا يشتاقون إلى جريانه في أساليب الكلام وتقدير السنن وتحقيق المسائل، ولعل هذا السر هو الذي أحدث وجود جذبات العمل بالسنة في تلاميذه فوق ما يوجد في عامة طلبة العلم وكان رحمه الله تعالى يهتم جدًا لتطبيق الأحاديث المختلفة بادي الرأي، وجل توجهه إنما كان إلى الدراية وفقه الروايات لأسرد متون الروايات فقط، كما هو دأب عامة المحدثين في الأزمنة المتأخرة وكانت الأنوار والبركات المعنوية والسكينة القلبية تسكب هطالة على قلوب المسترشدين والتلامذة يشاهدها أرباب البصائر والقلوب، وكان رحمه الله تعالى في ابتداء الأمر يشتغل بتدريس الفقه والأصول والتفسير أيضًا علاوة على الحديث، ولكنه اقتصر في أواخر عمره، على تدريس الحديث فقط، وكانت الأمهات الست تبتدئ عليه في أوائل شوال، وتختم إلى أواخر شعبان، فجرت هذه الوتيرة نحوًا من عشرين سنة وتخرج عليه في هذه المدة ما ينوف من ثمان مائة رجل من الفضلاء والأذكياء.
ثم عاقه رحمه الله تعالى عن هذا الاشتغال تواتر الآلام والبلايا، كما هو سنة الله في المقربين، فإن أشد الناس بلاءًا الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وكذلك تكاثرت عليه الفتاوى من سائر الأقطار والبلاد وهجمت على أعتابه العلية ظمأي المعارف الروحانية وعطشى شراب القرب والمرضاة الربانية وقصاد النسبة الإلهية فأشغلته عما كان بصدده من عنفوان شبابه فقصد أن يترك الاشتغال بالتدريس والأسماع ورأى أن الأهم حينئذ غيره مما ذكر آنفًا، وكان سيدي الوالد حضرة مولاي وسندي وملجائي وملاذي ووسيلتي في الدارين مولانا محمد يحيى الكاندهلوي -قدس الله سره العزيز- بعد فراغه عن سائر الكتب الدراسية النظامية مجتنبًا عن
قراءة الحديث ظنًا منه أن الاشتغال به عند غير الماهر المتقن المتضلع بالعلوم العقلية والنقلية المتكمل للآلات والمقاصد مقدمة لسوء الظن بالأئمة المجتهدين بل مرادف لترك تقليد هؤلاء الكرام، شموس الهدى ومصابيح الظلام.
فقد جرب غير مرة أن أهل الزمان لم يستفيدوا بمثل هذا إلا اللعن على أوائل الأمة، والطعن عن منار الهدى والأئمة، والسب والشتم للأخلاف، والعناد والبغض بالأسلاف، فالأحرى أن لا يشتغل والحالة هذه بعلم الحديث وحديث إنه رحمه الله تعالى كان قرأ سائر الفنون والكتب في مدرسة حسين بخش المرحوم الواقعة بدهلي، المشهورة إذ ذاك بحسن التعليم والتدريس وكمال النظام، فلما حان اختتام بعض السنين أعلن أراكين المدرسة بأسامي من يعطي له حسب العادة سند الفراغ والعمامة في تلك السنة بعد الامتحان في الكتب الانتهائية، فأعلنوا اسم سيدي الوالد المرحوم في جملة من يمتحن في صحيح البخاري، وحيث إن سيدي الوالد المرحوم كان مصرًا على عزمه المذكور آنفًا، فلم يحضر في شيء من كتب الحديث بالمدرسة ولا غيرها، ولم يقرأ منها إلى تلك الساعة ولا سطرًا فشدد النكير على أراكين المدرسة على إعلان اسمه وأبي كل الآباء عن قراءة الحديث والامتحان في كتبها وأولئك كانوا يصرون على امتحانه والقراءة لما يعرفون من ذكاوته فقالوا إن المدة الواقعة بين الإعلان والامتحان طويلة تنوف عن خمسة أشهر فيسهل لك فيها أن تفرغ عن قراءة الجامع الصحيح البخاري، بل وعن سائر الصحاح الستة فلم يلق بالاً لمقترحهم.
ولما رأوا أنه لا يواتيهم على مقصودهم رفعوا الأمر إلى سيدي الجد المرحوم أعنى مولائي الحافظ محمد إسماعيل -قدس الله سره العزيز- وألحوا عليه إلحاحًا غير معتاد وطلبوا منه أن يأمر ولده سيدي الوالد المؤمى إليه آنفًا أمر إيجاب بإسعاف ما يراد فقبل حضرة الجد المرحوم بغيتهم وحكم على سيد الوالدي المرحوم
حكمًا باتًا بإتيان ما يطلبون فلم يجد بدًا عن الإسعاف فأراد أن يشترك الامتحان بالمطالعة فقط، بدون أن يقرأ الكتاب لدى أحد من مدرسي المدرسة ففرغ نفسه لمطالعة صحيح البخاري وحواشيه والشروح، واختلى عن الناس في حجرة ذات بابين بمسجد سلطان نظام الدين المرحوم، وكان أحد البابين ينفتح إلى مسجد، والآخر إلى الصحراء، فأما الأول فكان يغلقه على نفسه دائمًا، ويفتحه للصلوات لدى تكبيرة الافتتاح، ويحضر الجماعة ثم يغلق ولا يأتي بالرواتب وغيرها إلا بالحجرة، وأما الثاني: فكان مفتوحًا دائمًا لتلاميذ الجد المرحوم، الذين كانوا موظفين بإحضار الطعام والحوائج الآخر، فكانوا يضعونها في أمكنتها المعينة فمضى على هذه الحالة زمان طويل لا يدري أهل المحلة بوجوده هناك.
ومن غرائب ما وقع في تلك الأيام، أنه جاء التلغراف من كاندهلة، طلبًا لقدومه إليها للنكاح، فردوه قائلين: إنه ليس بموجود ههنا منذ مدة مديدة، وكان -رحمه الله تعالى- لدى مطالعة صحيح البخاري وحواشيه وشروحه، يطالع ((سيرة ابن هشام، و ((معاني الآثار)) للطحاوي، و ((الهداية)) و ((فتح القدير)) فاستوعبها، بغاية الدقة والإمعان، فلم يأت أيام الامتحان، إلا وقد فرغ من هذه الكتب جملتها، وعلق في صدره سائر المضامين المندرجة فيها بغاية الإتقان، فكان من ثمرات ذلك أن حضرة الممتحن أعنى صدر الأفاضل، فخر الأكابر والأماثل، مولانا خليل أحمد الأنصاري صدر المدرسين بمظاهر العلوم، وشارح أبي داؤد، لما امتحنه واطلع على أجوبته فرح جدًا، وقال: إن كثيرًا من علماء الزمان والمدرسين لا يقدرون أن يكتبوا مثل هذه الأجوبة، وأطرى في مدحه بين الناس جدًا.
ثم ذهب إلى أمير المؤمنين في الحديث حضرة القطب الكنكوهي قدس سره المؤمى إليه سابقًا، فمدح الوالد لدى حضرته وأبدى أن حسن قابليته للعلوم الدينية حفظًا وفهمًا من عجائب الزمن، فمثله لا ينهر عن الأنهار، ولا يزجر عن
اغتراف البحار، فلا بد من فتح دورة الحديث وتدريسه له خاصة، فإنه لم يأت على أعتابك تلميذ يتوسم فيه ما يتوسم في المولوي محمد يحيى ولم يزل يمدحه ويشفعه ويظهر كمال قابليته إلى أن رضى حضرة القطب الكنكوهي -قدس الله سره العزيز- بتدريس دورة الحديث فشرع فيها بغاية الطمأنينة والتحقيق فلولا تزول الماء في عيني حضرته -قدس الله سره العزيز- الذي اضطره إلى ختم الدورة تيك في مقدار سنتين لأدى الأمر إلى مدة طويلة تنوف عن أربع أو خمس سنوات، ولما فاز حضرة الوالد المرحوم بمرامه الذس كان مضطربًا له منذ مدة مديدة سر جدًا وبذل غاية جده في سائر ما يلزم لطالب العلم عمومًا، ولطالب الحديث خصوصًا، فكان يقول إنه لم يفتني شيء من روايات الصحاح الستة، وكتب الدورة عن السماع أو القراءة لدى حضرة الأستاذ -قدس الله سره العزيز-.
وكان رحمه الله تعالى بعد الفراغ عن الدرس يكتب سائر ما يسمع من حضرة الأستاذ باللغة العربية، فهذه المجموعة المهداة إلى أرباب البصائر هي تلك المضامين التي جمعها حضرة سيدي الوالد -قدس الله سره العزيز- حتى ينتفع بها العامة من أرباب العلم والكمال، وكان يقول إني كنت في أيام كتابة التقريرات لا اشتغل بعمل ما ما لم أفرغ من الكتابة المذكورة، ثم كنت أعطي من طلبها من الشركاء فيكتبون تقاريرهم بالهندية بالاستعانة منها وهي وإن كانت قليلة الحجم والمبنى، ولكن الفطن الممعن لن يتوقف في أنها بحر زاخر أحرز في كوز، فاحتوت على كثير من المباحث العلية والنكات العلمية والفوائد العظيمة التي خلت عنها الشروح والحواشي، ولأجل ذلك صرف عدة من فضلاء العصر مبلغًا جسيمًا لاستنساخ هذه المجموعة فاستفاد بها لدى تدريس الحديث، وكثيرًا ما كنت اشتهي أن تطبع هذه التقارير فتحفظ عن الضياع ويعم نفعها لأرباب العلم.
ثم قوى هذا العزم إصرار بعض الأكابر على ذلك فوق العادة لكنه كان يعوقني عن الإقدام إلى ذلك أن جامعها وإن كان صاحب صفات كاملة من التبحر
العلمي والذكاوة وقدرة التحرير ومهارة الأدب، وقد اهتم بكتابته جدًا لكنها لا تفوق عن درجة المسودات اللاتي لم تفز بالنظر الثاني من المؤلف ولا تبييضها فكنت اشتهي أن يتوجه إليه أحد من المهرة أصحاب الفن فينظر إليه ثانيًا فإن وجد فيه زيادة أو نقصًا أزال منه ما لا بد من إزالته وأصلح فيه ما يحتاج إلى ذلك، ولكني رأيت أن الكمل الذين هم أهل الفن حقيقة لا يتفرغون لذلك، فإن المشاغل قد أحاطت بهم إحاطة الهالة بالقمر ومن ليس في درجتهم لا اعتداد بهم وهذا الذي حيرني وأخرني إلى هذه المدة.
فلما رأيت أن أناسًا يريدون أن يستنسخوها مني، ثم يطبعوها خفية ووجدت أناسًا طبعوا بعض الأجزاء مما استنسخوها عن نسخة نقلت عن الأصل فمسخوها وحرفوها وصحفوها، فرأيت أن طبعها بالحالة الراهنة أولى وأفيد من هذه الطباعات الممسوخة فتوكلت على الله وشمرت عن ساق الجد، ثم وجدت تأييدات غيبية حركتني إلى ذلك وأزعجتني، فإن تقارير بعض المجلد الثاني من الترمذي ضاعت في حياة سيدي الوالد المرحوم لغفلة بعض الناسخين فسعى حضرته لتحصيلها، فلم يفز ثم سعيت جدًا فلم أصل لا إلى الأصل ولا إلى نقله، وكنا في غاية القنوط واليأس من جهتها إذ فزت بنقل ذلك من مكتبة مولانا فتح محمد المرحوم التهانوي نسخ من الأصل في سنة 1313 هـ، فوصل إلى بتأييد بعض طلاب الحديث فوجدته تأييدًا غيبيًا وأمرًا إلهيًا حضني على الإسراع والتعجيل وزجرني عن التوقف والتأخير، وكذلك ظهرت محركات عديدة وتأييدات متواترة من غير ما ذكر أفهمتني أنه قد جاء أوان طبعها فاعتصمت بالله سبحانه فنظرت إلى الأصل، ثم طبعتها وقدمتها للناظرين.
وحيث إني لست من فرسان هذا الميدان ولا لي فراغ من أجل تسويد أوجز المسالك في شرح الموطأ للإمام مالك والمشاغل التدريسية وغيرها مما يتعلق بالمدرسة، لم يتيسر لي النظر إلى الأصل بالإتقان والتدبر التام، فإنه يحتاج إلى ملكة قوية وفراغ تام فحيثما ظهر لي في بادئ الرأي شيء من سبق قلم أو إجمال مخل
أو غير ذلك أشرت له في الحاشية إحالة إلى أنظار أرباب الفضل والنهي فيحققوا هنالك وليصلوا إلى ما هو الصحيح المحكم بآرائهم الثاقبة وأفكارهم الثابتة بيد أني أصلحت بنفسي سبق قلم كان في غاية الوضوح وزدت في بعض الأمكنة ترجمة الباب قبل القول، وقد كان بعض الأحباب يرغبني منذ مدة أن ألخص هذه التقارير وأخذف منها المباحث المشكلة والمجملة، وأسميها بخلاصة التقارير، فعاقني عن ذلك أمران، الأول: عدم الاعتماد على بصيرة نفسي. والثاني: لما تأملت فيما استشكله بعض الأعلام وكتب ذلك على الهوامش مع الإصلاح منه وجدت بعض الإمعان والإتقان الأصل صحيحًا معتمدًا عليه وما أورد عليه ناشئًا من ضعف الرأي، ولنعم ما قيل:
وكم من عائب قولاً صحيحًا
…
وآفته من الفهم السقيم
فلا اعتمد على نفسي أن المحلات التي استشكلها هل هي في الواقع كذلك أم لا وهل يستشكلها ذوو الآراء والأنظار أيضًا أم لا فأني على يقين بأني ذو بضاعة مزجاة من العلم والفهم وغيرهما فاستحسنت أن أشيع هذه التقارير، كما هي عليها بلا مخافة لومة اللائمين ولا أغير الأصل بشيء فإنه لاحق لأمثالي في ذلك، نعم أكتب على الهوامش ما أراه من الإضافة أو التوضيح.
وحيث إن حضرة أمير المؤمنين في الحديث قطب الأقطاب -قدس الله سره العزيز- كان يقدم تعليم جامع الترمذي على سائر كتب الحديث ويزيد البحث فيه ما لا يزيده في غيره قدمت إشاعة تقارير الترمذي قبل غيره وسميته ((بالكوكب الدري على جامع الترمذي، فإن وفقني الله تعالى بعد ذلك للتقارير الآخر فإنشاء الله تعالى أهديها أيضًا للناظرين، وعلى الله التكلان وهو الجواد المستعان، وما توفيقي (1) إلا بالله.
(1) كتبه شيخ الإسلام العلامة السيد حسين أحمد المدني، المتوفى لإحدى عشرة خلون من جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وثلاث مائة وألف، ولم يصرح الكاتب العلام باسمه تواضعًا منه (نور الله مرقده).
وكانت الإجازات مطبوعة عند الشيخ -قدس سره- على ورقة صغيرة لوزية غير ثمينة عند أهل الدنيا غالية الأثمان ذات اللآلي عند أهل الدين ترك فيها من الطباعة موضع الاسم والتاريخ فإذا أعطاها الشيخ -قدس سره- أحدًا يكتب فيها بيده الشريفة اسم الطالب والتاريخ وهذه صورته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد سيد الأنبياء والمرسلين، وآله وأصحابه وأتباعه أجمعين إلى يوم الدين.
أما بعد فيقول المفتقر إلى رحمة ربه الصمد الفقير الأحقر المدعو برشيد أحمد الأنصاري نسبًا، والكنكوهي موطنًا، تجاوز الله عن زلله ومعائبه ورضي عنه وعن مشايخه، أن المولوي قد قرأ علي واستمع عندي الأمهات الست المشهورة عند المحدثين المحتوية للصحاح والحسان من أحاديث الرسول السيد الأمين الصحيحين للشيخين، والجامع المسند للترمذي، والسنن لأبي داؤد السجستاني، والسنن للنسائي، والسنن لابن ماجة القزويني، رضي الله عنهم وأفاض علينا من بركاتهم، وجمعنا معهم يوم الدين، وأنا أجيزه أن يرويها عني بشرط الضبط والإتقان، في الألفاظ والمعاني والتيقظ والتثبت في المقاصد والمباني بشرط استقامة العقائد والأعمال على طريقة الصحابة والتابعين، وحسن التأدب بحضرة العلماء المحدثين والمجتهدين، وأوصيه بتقوى الله تعالى، والاعتصام بسنة سيد المرسلين، وبالاجتناب عن البدع المخترعة في الدين، والتبعد عن صحبة المبتدعين، وبالاشتغال بإشاعة العلوم السنية الدينية، والاحتراز عن التدنس برذائل الفلسفة وحطام الدنيا الدنية، وأسأل الله لي وله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يجعل آخرتنا خيرًا من الأولى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد نبيه الكريم، وآله وأصحابه وأتباعه وناصري طريقة القويم فقط.
حررته ..... من الشهر .... المنتظم في سنة ألف وثلاث مائة و ..... من الهجرة، على صاحبها ألوف الصلوات والتسليمات والتحية، انتهى.
وكان قدس سره يختم عليه بخاتمه وهذه صورته.
رشيد أحمد 1301