الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يمكن ذلك كما فعله الشافعي ههنا.
[باب الرخصة في السجود على الثوب]
.
قوله [سجدنا على ثيابنا] أي التي كنا لابسيها، إذ جواز السجدة على غيرها كان (1) معلومًا [اتقاء الحر] يمكن أن يكون في غير موضع مسقف ولا يبعد بلوغ الحر إلى ذلك الحد في مسجده صلى الله عليه وسلم إذ لم يك سقفه إذ ذاك حاجزًا وحصينًا يمنع وصول أثر الشمس إلى الأرض وكان قريبًا، وأما السجود على كور العمامة فإن كان مانعًا وصول الجبهة التي على الأرض فغير جائز وإلا فحكمه حكم غيره من الثياب الملبوسة.
[باب ما ذكر مما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح إلخ]
في وضع الباب إشارة إلى دفع ما يتوهم من عدم جواز الجلوس فيه نظرًا إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم للتطوع في البيت، وما يتوهم من عدم الأجر في القعود في المسجد بعد صلاة الصبح لأن الأجر موقوف على كون الجلوس بانتظار الصلاة ولا صلاة بعد الصبح ينتظرها، بأن الأجر في الجلوس بعد الصبح مأمول وانتظار الصلاة عام للفريضة والنافلة، وأداء النافلة في المسجد مشروع.
قوله [كانت له كأجر حجة وعمرة] الواو إما لأصل معناه وهو الجمع فيكون وعدًا بإيتاء ثواب هذين لكل جالس أو بمعنى أو، فيكون تفاوت الأجر بتفاوت حال الأجير في إخلاص نيته وصفاء طويته، والمناسبة بين هذين والجلوس في المسجد غير خفية فإن الحاج المعتمر حابس نفسه في ضيافة الله وبيته الشريف كما أن الحابس في مسجده حابس نفسه في بيته فيضاف ضيافته، وههنا نكتة لطيفة ينحل بها كثير من المشكلات الواردة في الأحاديث وهو أن لكل عمل من
(1) وأما جواز السجدة على الثوب المتصل فمختلف فيه، أباحه الحنفية والجمهور خلافًا للشافعي، كما حكاه الحافظ عن النووي.
أعمال الخير ثوابًا عند الله وأجرًا عينه لذلك العمل، ولنفرض لذلك مثالاً في عرفنا وهو أن ثواب الحج نفسه مثلاً الذي عينه للحج ألف قنطار من الثواب ثم إن لكل عمل فضلاً وإنعامًا عند الله عينه منة منه على العباد وإحسانًا وهو للحج مثلاً ألف ألف قنطار مثلاً، إذ ليس تضعيف الحسنات عند الله واقفًا عند حد، فقد ورد في ذلك أن الحسنة بعشرة أمثالها وقد ورد مثل {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} وهكذا في غير الصدقة من الأعمال، فعلى هذا كان مقدار الأنعام على كل حسنة كثيرًا من كثير، ولقد تبين بذلك أن ثواب العمل (1) نفسه، وهو الأجر الحاصل بذلك العمل أكثر بكثير من ثواب نفس العمل، وهو ما عين له علاوة من الأنعام، فبناء على هذا ثواب نفس الحج من غير أن ينعم عليه يساويها ثواب الركعتين عند الطلوع، وأما إذا حج فثوابه (2) أزيد بكثير من ذلك، وبذلك يستنبط المراد من قوله {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} يساوي ثلث القرآن، وقراءة يس يساوي قراءة القرآن عشر مرات إلى غير ذلك، فإن هذا كله يساوي ثواب القرآن الذي كان أجر نفس القرآن، وأما إذا قرأ القرآن نفسه فثوابه يشمل كل ذلك ويفضل عليه كثيرًا، والله الهادي إلى سواء السبيل.
قوله [تامة تامة تامة] لما كان هذا الثواب الكثير يستبعد على هذا العمل القليل، كان لمتوهم أن يتوهم أن هذه الحجة والعمرة لعلهما ناقصتان وليستا باللتين ورد في فضلهما ما ورد، دفع هذا بقوله تامة تامة تامة، قوله [وسألت محمدًا إلخ] هذا أيضًا بناء على الاستبعاد، فلعل الرواة نسوا في ذلك شيئًا فدفعه، فلذلك أقر
(1) وهو الذي يسميه المشايخ في تقاريرهم بالأجر الأنعامي.
(2)
أي ثواب نفس الحج، وأما ملحقاته من النفقة والمشي والنظر إلى بيت الله والصلوات في المسجد الحرام وغير ذلك مما لا تعد، فلا تحصى أجورها.